المياه ? نعمةٌ آن إدراك قيمتها !

المياه ? نعمةٌ آن إدراك قيمتها !
يجب ألا تصبح مشكلة في أرض النيلين

يتناول الناس القضايا العامة لأسباب شتي ? أن يصبح الموضوع مشكلة عصية علي الحل و أن يكون لها أثر علي حياتهم و قد كانت مشكلة إنعدام المياه ،شحها أو نوعيتها من هذا النوع و لعل الجميع أدرك قيمة المياه ? لا شك في إدراكهم و لكن المرض عقب الصحة يجعل للعافية توقٌ و شوق! لتر الماء في بعض المناطق من العالم يبلغ أربعة أضعاف لتر البنزين و هنا يعلم الكثير من الناس بأن ثمن قارورة ماء مُعبأة كثمن قارورة من شراب البيبسي كولا ! شرابٌ يؤتي به من أماكن بعيدة و له أسرار لا يعلمها إلا مختارٌ أمين !
كنا لزمن طويل عند الصيف و قُبيل الخريف وفي إبانه مع تحمل المياه بالطمي ، يقل المنتج منها ? خاصة بالعاصمة و كانت تُعزي المشكلة إلي مواد التنقية ? الشب و البوليمر و العملة الصعبة و من المدهش لم نسمع عنهما الآن ! و لكن كان لأشجار الدمس الجميلة صوت جهير ! وأطلق عليها مدير مياه الخرطوم أوصاف قوية.في تقديري تصل جذور كل الأشجار للمواسير المثقوبة و المعطوبة !
مشكلة المياه الحالية لها أسباب قديمة و أُخري ماثلة ، منها:
1- إنعدام السياسات و ضعفها إن وجدت و قد سبق أن كتبتُ حول ذلك الموضوع لتأكيد ذلك ، بل و للجهل بكنه السياسات المائية حتي من العاملين عليها ? كما أقر بذلك بروفسير عباس محمد وهو خبير و مهندس في الري ضليع و قد وعد بتدريسها لطلابه !.كان ذلك في ورشة عمل لوضع سياسات للمياه بالسودان قبل سنوات خلون و في قاعة الزبير للمؤتمرات ? شارك في تلك الندوة كل المسؤلين عن المياه و أذكر منهم بروفسير/ عبد الله عبد السلام ? مدير كرسي اليونسكو للمياه و وزير الزراعة الأسبق بولاية الخرطوم و قد أقر بعدم وجود سياسة مائية أو زراعية! شارك كذلك د. سيف الدين محمد أحمد ?وزير الري الأسبق و كان وقتها مديراً تنفيذياً لوزير الري/كمال علي. وقد شاركتُ لأعرف ما أستجد لوكيل الري الأسبق د. عثمان التوم و قد جاء كخبير رئيسي في تلك الورشة ? جاء متأبطاً حاسوباً و خبرةً ثرة في السياسات المائية ! و يمكنك وضع الإطار الذي أعده لأي سياسات عامة أُخري ! ربما تكون المشكلة هنا في زامر الحي الذي لا يطرب ! و قد أعجبتني صراحة الأستاذ الكبير ! بعد أن إعترف بجهله للسياسات ! علمٌ يغيب عن مناهجنا بالجامعات !
لن تكون للمياه سياسة واحدة ? بل سياسات ، ربما سياسة منفصلة لمياه المدن و سياسة أُخري لمياه الري و أخري للصناعة و ربما رابعة لأنشطة مياه الترفيه مثل رياضات الزوارق ? الشراعية منها و غير الشراعية و أحواض السباحة ( حتي لا تكون علي حساب مياه الشرب و ربما نحتاج للإبتكار في تصميم نظم لأحواض السباحة جديدة ).
من السياسات المائية و التي سبق أن نوهتُ لأهميتها:
2- نقل المياه من مناطق الوفرة لمناطق الشح و الندرة. ( للنقل وسائله و منها خطوط الأنابيب و القنوات ? المبطن منها و غير المبطن ، سكة الحديد و العربات و السفن و غيرها.لأجل ذلك تُرسم الخطط و توضع المشاريع و تحدد الأولويات و الأموال و كل المدخلات الضرورية.
2- السعي لتوفير ما لا يقل عن 50% من مياه المدن من الأحواض الجوفية- بحفر الآبار ? كبيرها و صغيرها و آبارٌ أُخري للرصد و المتابعة أو للأبحاث ، بما في ذلك رصد الزلازل .يتغير منسوب المياه قبيل الزلازل و ربما يجف بعضها ! وهو أمرٌ معروف و مستخدم للتنبؤ بالزلازل ?شاهدنا مثل هذه الآبار في المجر.
3- الإستعانة بالأساليب العلمية لتحديد أنسب المواقع لمحطات المياه .في المناطق الأعلي مع بناء خزانات كبيرة و لتكن في أعالي الجبال ? لتنساب من بعد لكل المدينة ، بيت بيت و زنقة زنقة دونما حاجة إلي مستلزمات للرفع و التخزين في تلك البيوت و الزنقات.تكاليف نقوم بتوفيرها و من هنا تأتي دراسات إقتصاديات المياه و أبحاثها.وقد يكون من الأوفق تجربة مثل هذا المقترح في مدينة أو محلية جبل أولياء و ما أنسب موقع مشروع سندس لمحطة المياه هذه ? لتصب المياه في بحيرة كبيرة و هائلة لترفد المشروع بالمياه المتجددة و لتؤخذ منها المياه لأحواض الترسيب و التنقية و منشآت المعالجة الأخري الخاصة بالمحطة و من بعد تُرفع لأعلي جبل أولياء لتنساب إلي كل بيت كما ذكرت. و لتصبح لمشروع سندس فوائد أُخري ! لعل المغتربين لا يأسون علي دراهمهم التي ذهبت ! و لتكن هذه سياسة أخري في مشاريعنا كافةً- حيث نلجأ إلي التجربة وهو ما يُعرف بالنموذج و عند نجاحه نطبقه في مواقع أخري- دراسة و تطبيق و تقويم ثم تكرار و تلقي لما يُعرف بالتغذية المرتجعة و هو نشاطٌ في التخطيط معروف.
وهكذا تُرسم سياسات المياه بإجتماع ممثلي أصحاب المصلحة و ممثلي المستهلكين و أهل الصناعة و الخبراء و أصحاب العمل في مجال المياه و شركات حفر الآبار و تشييد الخزانات و بناء محطات المياه ? بإختصار كل من له مصلحة أو علاقة بالمياه.في زماننا هذا يمكن أن تتم الإجتماعات عبر شبكات الإنترنيت و الإتصالات.من المهم تبادل الآراء و الأفكار ليتم إختار المناسب منها لحل المشكلة.كما تتم صياغة وثيقة السياسات شاملة لكل أمر ? الإنتاج و التوزيع و الجدوي الإقتصادية و السعي لإجازتها من أعلي السلطات ليتم الإلتزام بها و تخصيص الأموال لها.و لعل الجميع لاحظ تخصيص مبلغ 9 مليون جنيه بعد إعفاء مدير المياه و هو لعمري أمرٌ غير مقبول و يكشف بأن المشكلة كانت في نقص المال ! وهنا يأتي التمويل كأحد العناصر المهمة في صناعة المياه ? من الدولة ومن البنوك و ربما من رجال الأعمال و من المواطنين في شراكات عامة أو خاصة و من الزكاة و من المنظمات الطوعية و لعل الأوقاف مهملة في وقتنا هذا و قد كان للمحسنين دور كبير حيث يوقفون الأسبلة للشرب و لغير ذلك من أغراض.علينا إستكشاف كل مصدر للتمويل مع الدعوة لتعزيز الأوقاف لهذا المرفق الهام.مع دعوة القطاع الخاص لحفر الآبار و العمل في مجال المياه كأحد الإستثمارات الواعدة و إشراف الدولة و رقابة المجتمع علي الأسعار و بربح يسير.
الآن نشاهد و نسمع آلات الحفر في كافة أنحاء العاصمة و هي تجد في العطل الإسبوعية و الإجازات لحفر آبار للصرف الصحي رغم تكلفتها العالية.إنها تنقر عميقاً في أحواض المياه دون رقيب لتصريف الفضلات البشرية و هي عملية مكلفة علي المواطنين و تهدد بتخريب الأحواض الجوفية العظيمة و تلويثها- لذلك أدعو إلي رقابة صارمة علي شركات حفر الآبار و تجميعها في مكان واحد بالعاصمة و تشغيلها لأغراض حفر الآبار للشرب و الزراعة و الصناعة ? مع السعي لإنشاء نظام للصرف الصحي مهما كلف من أموال ? ففي إستمرار الوضع الراهن خطرٌ جسيم علي المياه و هو مورد ثمين كما تؤكد الشواهد. إنتبهوا إلي إدارة الصرف الصحي ! فهي متكلسة و ستكلفنا غالياً بقعودها ?علينا السعي لتطويرها.
و نعود إلي الإدارة و أساليبها و مدارسها ? من ذلك نظام الإدارة بالأهداف مع وضع هيكل تنظيمي جيد يمكن من تحقيق الأهداف الموضوعة و من المتابعة و التطوير المستمر للموارد البشرية و تجويد الآداء.يجب أنتُخصص نسبة معتبرة للتدريب و البناء المؤسسي و تعيين أفراد موهوبين من المهندسين و العلماء و المخططين وضرورة إنشاء معهد لإقتصاديات و أبحاث المياه و إدارة للمعرفة ? حتي تتمكن سلطة المياه من التطور و متابعة المستجدات في العالم و تدخل روح الإبتكار في عملها.
و لعله من المناسب التنويه إلي خطورة تلوث المياه السطحية ? الأنهار، فهي قد تؤدي إلي أزمة أشد و أوجع و ربما سمع أو قرأ البعض عن تلوث مياه أحد المزارع بالرصاص خلال الأيام الماضية ! مما أدي إلي نفوق الدواجن .و هنا تأتي أهمية وضع محطة المياه المقترحة علي مسافة متساوية من النيلين الأزرق و الأبيض أو توسيع محطة سوبا إن توفرت المساحة. حتي تتم تغية المحطة من مصدرين منفصلين ? ليتم التحويل من مصدر لآخر عند نشؤ أية مشكلة مثل التلوث أو حدوث جفاف (نتيجة لسد النهضة كما يذكر بعض الخبراء أو لأسباب طبيعية) و تشييد بحيرتين كبيرتين لضمان إمداد العاصمة بالمياه في كافة الأوقات و توفير مخزون للمياه كبير يكفي لأسابيع و ربما لشهور ! حتي تمر الأزمات و لتصبح هذه البحيرات مناطق للسياحة و لتلطيف الجو الحار و تشييد نوافير هائلة تجدد المياه و تحركها.
ينتج من قلة المياه و إنعدامها شعورٌ بعدم الرضا لإنعدام النظافة الشخصية أو نظافة الملابس و المساكن و لتوقف أجهزة تكييف الهواء التي تستخدم المياه و من هنا نذكر بضرورة تشجيع السياسة المائية لإستخدام مكيفات شحيحة في هدر المياه أو مكيفات هواء لا تستخدم المياه بتاتاً و إدخال المعمار الطبيعي الذي يوفر التهوية الطبيعية.
مععدم الرضا و الشعور بالتعاسة تتم الثورات و الإنتفاضات و ربما تنتشر أمراض لها في بيئة التخلف مكان وسيع.ربما تتوقف بعض المصانع عن العمل و يتبع ذلك فقدٌ للوقت و المال والوظائف !
أخلص بدعوتي للآتي:
1- وضع سياسات مائية رشيدة
2- الشروع في دراسة بناء محطة كبيرة للمياه في منطقة جبل الأولياء ? مشروع سندس جد مناسب مع بحيرتين كبيرتين لتخزين المياه من النيل الزرق و أخري تتغذي بمياه النيل الأبيض. يمكن إستخدام مضخات مشروع سندس لرفد البحيرة بالمياه- لتنساب من بعد للمشروع الزراعي و لمحطة المياه و بذلك نضمن سلامة المياه و تجددها.
3- حفر مزيد من آبار المياه لرفع نسبة الإنتاج من الأحواض الجوفية.
4- حفر آبار لتعمل في أوقات الطوارئ و الأزمات.
5-تجميع كل شركات حفر الآبار في موقع واحد بالعاصمة أو في ثلاث مواقع- ببحري و أم درمان و الخرطوم ?حتي تسهل السيطرة عليها و رقابتها بشكل صارم و للحد من مخاطرها علي الثروة المائية الغالية و لتصبح سوقاً لمثل هذا النشاط الهام.
6- وضع هيكل وظيفي لإدارة المياه ليسد الثغرات الحالية ? و إدخال إدارات أو أقسام للسياسات و التخطيط و إدارة للمعرفة و التطوير و أخري للبحوث الإقتصادية في مجال المياه.(الآن يتم صرف جزء من الكهرباء لضخ المياه إضافة لأموال أخري علي الخزانات و المضخات )
7- السعي لإنشاء نظام للصرف الصحي بالخرطوم للتخلص من النفايات السائلة و إستخدام فوائض المياه لإنشاء أحزمة للوقاية من الزحف الصحراوي.
8- ضرورة التخلص من النفايات الأخري بطرق آمنة و وفقاً لما جاء في الخريطة الهيكلية للعاصمة.
9- إنشاء معهد للمياه علي رأسه مجلس للمياه ليرعي و يطور إستخداماتها و يحافظ علي جودتها و سلامتها.
ودعوة للتبرع لإنشاء موقع علي الإنترنيت لمستودع التفكير المقترح .لتلقي الأفكار و للمساعدة في حل المشكلات التي تواجه البلاد .مستودعاً شعبياً و مستقلاً.
10- منع حفر آبار الصرف الصحي و تشجيع حفر آبار للزراعة و الشرب.

[email][email protected][/email]
زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..