قصة أغرب من الخيال.. أحمد بيتر الفاتح ضحية انفصال السودانيْن

الخرطوم – حسن فاروق

قصة أغرب من الخيال، اختلطت فيها السياسة مع الرياضة، وتحولت بعدها إلى قضية جنائية، وصلت المحكمة وتوقفت عند محطة النائب العام، ولا يعرف أحد كيف؟ وأين؟ ومتى؟ ستكتب النهاية، قصة لاعب متهم بالتزوير في أوراق رسمية، الشاكون يعتبرونه مداناً، والمتعاطفون معه يرونه ضحية ظروف صنعتها الأحداث السياسية التي شهدتها البلاد بانفصال الجنوب عن الشمال.

وإعلان دولة جنوب السودان، يعرف باسمين الأول جنوب سوداني هو (احمد بيتر يني جناطيز زين) ، والثاني سوداني هو ( احمد الفاتح محمد احمد)، يلعب على الورق بفريق الهلال العاصمي في وظيفة حارس المرمى والذي انتقل اليه من فريق بيت المال احد اندية الدرجة الأولى بولاية الخرطوم.

العباسية

بداية القضية مباراة تنافسية في سنتر ليق الصعود لدوري الدرجة الأولى بين فريقي العباسية وبيت المال التي تلعب بنظام الذهاب والإياب، فاز العباسية في اللقاء الأول بهدف نظيف، وفي المواجهة الثانية فاز فريق بيت المال بذات النتيجة، ليحتكم الفريقان وفقاً للوائح المنافسة لمباراة فاصلة كسبها فريق بيت المال ليصعد لدوري الدرجة الأولى.

ويبقى العباسية في دوري الدرجة الثانية، بعد المباراة تقدم نادي العباسية بشكوى في قانونية مشاركة حارس مرمى فريق بيت المال احمد الفاتح محمد احمد، فحوى الشكوى أن لدى اللاعب اسمين، الأول هو (احمد بيتر جناطيز زين)، والثاني ( احمد الفاتح محمد احمد)، وجاء في حيثيات الشكوي أن اللاعب من أبناء جنوب السودان، وسبق له المشاركة بهذا الاسم مع الفريق الرديف بنادي الموردة، والمنتخب الوطني للناشئين، وسافر معه لارتريا ورواندا بجواز سفر يحمل هذا الاسم.

الانفصال

وليد حران سكرتير نادي العباسية النادي الشاكي قال في حديثه مع (البيان) إن اللاعب ظل مسجلاً ومشاركاً ومسافراً باسم احمد بيتر طوال الفترة التي سبقت انفصال الجنوب عن الشمال، وبعد الانفصال الطبيعي تغيير هويته من لاعب وطني إلى لاعب اجنبي.

باعتبار ان جنوب السودان اصبح دولة مستقلة وهو من ابناء الجنوب، ولكن والحديث لسكرتير نادي العباسية وظيفة حارس المرمى لا يمكن ان يسجل فيها لاعب اجنبي وفقاً لقوانين الاتحاد العام، حاول اللاعب اللجوء للتجنيس، ولكن لم ينجح، حاول الانتقال بعدها لعدد من أندية الدرجة الأولى منها «العلمين» الذي رفض سكرتيره تسجيله لمعرفته انه من أبناء الجنوب.

اشهاد شرعي ورقم وطني

اكد حران ان نادي بيت المال قرر ضم اللاعب احمد بيتر، وحاول استخراج اشهاد شرعي باسم احمد الفاتح، ولكن القاضي رفض ما لم يتم ابراز المستندات التي تثبت ذلك (شهادة الميلاد أو الجنسية)، بعدها ذهبوا للاتحاد العام لاستخراج شهادة حسن سير وسلوك تفيد انه لاعب في المنتخب الوطني، ورفضها ايضاً القاضي.

بعد ذلك تم استخراج رقم وطني والملاحظ في الرقم انه من دون امضاء من الضابط المسؤول، وتأكدنا والحديث لسكرتير نادي العباسية، من عدم وجود مستندات تخصه في أرشيف الكمبيوتر، وابدي وليد حران استغرابه من استخراج اشهاد شرعي بالرقم الوطني، مؤكدا ان الإجراء الصحيح استخراج الرقم الوطني بالاشهاد الشرعي.

تدخل الاتحاد العام

رفض اتحاد الخرطوم المحلي تسجيل اللاعب بالاشهاد الشرعي، وذهبوا به للاتحاد العام، الذي وافق على قيد اللاعب وأضاف حران ان نادي بيت المال استلم خطاباً رسمياً من سكرتير الاتحاد العام مجدي شمس الدين وجه فيه الاتحاد المحلي بقيد اللاعب، ليتم تقييده في كشوفات نادي بيت المال.

القبض على اللاعب

قام نادي العباسية بفتح بلاغ جنائي في مواجهة اللاعب، بعد فشل كل محاولات إثبات صحة الشكوى التي تقدم بها، وبعد التحري وضح انه يحمل الاسم (احمد بيتر) وتم القبض عليه وأفرج عنه بالضمان وجاء قرار النيابة على النحو التالي: (تم تحويل إجراءات البلاغ إلى نيابة أم درمان جنوب بحكم الاختصاص لإدارة أمن الوثائق والمعلومات لمواصلة إجراءات التحري في البلاغ، وتم الحصول على إفادة رسمية من سجلات الجنسية لبيانات جنسية المشتبه به باسمه الحقيقي: أحمد بيتر يني ..

بالرقم (990958 ، وبالاطلاع عليها وجدنا أن والدته اسمها (سلوى بدوي مرجان ناصر، والشاهد في الجنسية والده بيتر يني جناطيز زين، وقبيلته (دينكا) من جنوب السودان، ومكان الميلاد مدينة واو، والجنسية أصدرت بتاريخ 9/8/2008).

بالبحث في شبكة الرقم الوطني تم الحصول على بيانات الرقم الوطني المستخرج للمذكور باسم: أحمد الفاتح أحمد محمد، وتبين من خلالها أنه لا يوجد مستند مؤرشف، أي أن الرقم الوطني مستخرج بطريقة مخالفة للضوابط، وهذه الإجراءات لا تتم إلا بواسطة العاملين في الرقم الوطني عبر النظام الآلي للسجل المدني.

وبناءً على أقوال الشاكي والشهود وإفادة الجنسية بالرقم (990958) باسم المشتبه به أحمد بيتر يني جناطيز زين، وبيانات الرقم الوطني باسم أحمد الفاتح أحمد محمد تم فتح دعوى جنائية تحت المواد (26/97/123) جنائي لسنة 1991 بتأريخ 12/12/2013.

تجميد النشاط

استلم نادي العباسية تقرير النيابة وتوجه به إلى الاتحاد العام لتأكيد شكواه، إلا أن الاتحاد رفض تقرير النيابة وتعامل معه كتقرير مبدئي وطالب بقرار نهائي من القضاء، ومع ذلك أصدر قراراً بتجميد نشاط اللاعب مع ناديه لحين صدور قرار نهائي.

(البيان) وصلت الاتحاد العام وسألت المسؤول البارز علي الأمين عن صحة التصريحات الهلالية الأخيرة، فنفي مناقشة الأمر داخل أروقة الاتحاد واكتفي بالقول ( لا يوجد جديد في قضية اللاعب فمازال نشاطه مجمداً).

توقف القضية

عن أسباب توقف القضية في محطة تقرير النيابة العامة منذ العام (2013) أكد وليد حران سكرتير نادي العباسية انهم ذهبوا للنيابة مستفسرين عن تأخر الأوراق كل هذا الوقت، فعلموا من النيابة أن النائب العام طلب الأوراق ولاتزال بطرفه.

البيان