الحرب الباليستية (حرب المياه) !!

بعد الغوص والبحث الشاق عن المياه و مصادرها في الكرة الأرضية و الخوض في بعض تقارير المخابرات الأميركية التي تسخر جزءاً كبيراً جداً من إمكانياتها نحو هذا الخطر الداهم التي إستشعرته أحدي أقسامها التنبؤئية الذي تلخص في أن إمدادات المياه العذبة لن تواكب على الارجح الطلب العالمي بحلول عام 2040 الأمر الذي ينذر بالمزيد من عدم الاستقرار السياسي ويعوق النمو الاقتصادي ويعرض أسواق الغذاء العالمية للخطر.

حيث أن التقرير والدراسة البحثية التي عكفت علي إجراءها قد تطابقت في إن مناطق منها جنوب آسيا والشرق الأوسط وشمال أفريقيا ستواجه تحديات كبيرة في معالجة مشاكل المياه التي قد تعوق القدرة على إنتاج الغذاء وتوليد الطاقة.
و بعد عشر سنوات سنشهد تزايد الخطر… ذلك رهن بما تفعله كل دولة والإجراءات الفورية التي ستتخذ لحل قضايا إدارة المياه بين الدول”. و سوف تكون هناك مخاطر على بعض البلدان .
في الماضي ساهمت بعض النزاعات على المياه في التوتر بين المتنافسين بما في ذلك الهند وباكستان وإسرائيل و فلسطينيين وسوريا والعراق.

و بناء على الدراسة و التقديرات السرية للمخابرات القومية الأمريكية أن المياه الموجودة في الأحواض المشتركة ستستخدمها الدول على نحو متزايد للضغط على جيرانها.
و أن “استخدام المياه كسلاح أو لأهداف إرهابية جديدة سيصبح أيضا أكثر احتمالا” وذلك نسبة إلى أن البنية التحتية للمياه المعرضة للهجوم هدف مغر .
حيث طلبت وزارة الخارجية الأمريكية هذا التقرير كجزء من محاولة حكومة الرئيس الأميركي باراك أوباما في أواخر أيامه لتقييم إلى أي مدى قد تؤثر قضايا مثل تغير المناخ على الأمن القومي الأمريكي.

حيث أن الدراسة قد توصلت إلي أنه خلال السنوات العشر المقبلة سيشكل الإفراط في ضخ المياه الجوفية في بعض المناطق الزراعية خطرا على أسواق المواد الغذائية و سيسبب اضطرابات اجتماعية ما لم تتخذ خطوات لتخفيف اثر ذلك مثل الري بالتنقيط والتكنولوجيا الزراعية المحسنة.

و أثبتت الدراسة أنه بعد حلول عام 2040 سيتضرر جزء كبير من العالم بسبب نقص المياه وتلوثها و سيؤثر ذلك بالأداء الاقتصادي لشركاء تجاريين للولايات المتحدة عن طريق الحد من استخدام وتطوير الطاقة المائية التي تعتبر مصدر مهم للكهرباء للبلدان النامية.

وإن المحرك الرئيسي لتزايد الطلب على المياه خلال السنوات العشر المقبلة سيكون النمو السكاني والتنمية الاقتصادية رغم أن آثار تغيير المناخ ستلعب دورا متزايدا لا سيما بعد عام 2040.

فيما لا يتوفر “حل سهل” تكنولوجيا يلوح في الأفق لتحسين إدارة المياه لكن اهم خطوة لمعالجة هذه المشكلة ستكون هي الإستخدام الأكثر كفاءة لأغراض الزراعة التي تستحوذ على 70 بالمئة من استخدامات المياه العذبة عالميا.

حيث أن “الولايات المتحدة المهتمة الكبري بذلك الأمر لديها فرص للقيام بدور قيادي لكننا نرى أيضا خطرا يتمثل في أنه إذا لم تبادر هي بالاضطلاع بذلك الدور فإن دولا أخرى ستقوم بذلك”.

و حسب الدراسة و الدراسات التي صدرت حديثاً من منظمات عالمية تعنى بشؤون المياه في دول العالم، ان هناك ازمة مياه عالمية تلوح في الافق بسبب التغيرات المناخية التي شهدها العالم مؤخرا، كالاحتباس الحراري والجفاف، واوضحت الدراسات ان هناك العديد من الانهار الرئيسية قد تجف خلال الخمسين سنة القادمة، ومع تصاعد اعداد البشر ليصلوا الى تسعة مليارات في النصف قرن القادم، فأن الازمة سوف تتفاقم.

وقد دعت الامم المتحدة الدول الى التوحد وابتكار طرق علمية وحديثة من اجل مكافحة هذا النقص المائي والتقليل من الهدر في المياه وانشاء اتفاقيات مشتركة للتعاون في تقسيم نسب المياه بينها.

أسباب مخاطر الموارد المائية العربية :

تقع أغلب أراضي الوطن العربي في المنطقة الجافة . وشبه جافة ,التي يقل فيها معدل الأمطار عن 300 ملم سنوياً .
فإذا كان نجاح الزراعة بنسب 70% مرتبطاًبمعدل سقوط أمطار لا يقل عن 400 ملم سنوياً على أن يكون موزعاً بصورة منتظمة ,حسب حاجة المزروعات للإرواء من المياه الهاطلة ” مياه الأمطار” وأمور أخرى مثل رش المبيدات والسماد وتنظيفها من الأعشاب الغريبة .كي يحصل الفلاح على غلة وفيرة ونوعية جيدة .

الدول الواقعة في الأقليم الشرقي مثل العراق ــ سوريا ــ لبنان ــ فلسطين ــ الأردن قبل العقد الأخير ليس بالكثير هذه الدول كانت تصدر المحصول النوعي .من الحبوب والبقوليات والقطن الى الخارج هذه المجموعة كانت تتوفر فيها شروط الزراعة البعلية والسقي . مثال الدولة السورية وتحديداً المنطقة الشمالية محافظة الحسكة المسمات ــ بالجزيرة الخضراء ــ أو سلة الغذاء التي أشتهرت بأنتاج القمح والشعير والذرة والعدس الفول الحمص والقطن سقياً وبعلاً وكانت توصف المحصول في الخارج والأسواق العالمية بالنوعية الممتازة .

أما في الوقت الحالي المنطقة المعطاء تعاني من شح المياه والتصحر والحرارة الزائدة عن المعدل .

المنطقة تتعرض لعواصف رملية غريبة على أهاليها وهذا ما دفعهم الى الهجرة الداخلية القسرية . تحت عامل الجوع حوالي أطراف المدن الكبيرة مثل دمشق وحلب وتقرير اليونسيف يحذر المنطقة بعد التحول البيئي . بالولادات القزمة أو الغير مكتملة وهذا الحذر يسري على الحيوانات كما حدث فعلاً في ولادة الغنمة .

و أن أسباب تغيير البيئة ونزول منسوب المياه وقلة الأمطار والجفاف . تعود من الناحية العلمية والسياسية الى الأهمال والفساد الإداري وأعتدائات النظام التركي المتكررة من تحويل الأنهار الى الداخل التركي.

مياه الأنهار :

حسب المصادر , حالياً عدد الأنهار المستديمة . في الوطن العربي لا تتجاوز خمسين نهراً بما في ذلك روافد النيل ودجلة والفرات.

وتتمثل الأنهار في الوطن العربي في ــ نهر النيل أطول الأنهار العربية وأغزرها ــ و نهر الفرات الذي ينبع من تركيا لمسافة440 كم ويعبر سوريا لمسافة 675 كم و العراق لمسافة2900 كم . ويصب في الخليج كما ينضم اليه روافده من الدول الثلاث . وثم نهر دجلة الذي ينبع هو الأخر من 300 كم في تركيا . ويدخل العراق 1730 كم بعد أن يعبر في سورية لمسافة قصيرة , ويلتقي مع الفرات قبل المصب , و الذي ينبع من لبنان ويسير في سوريا ثم يدخل لواء أسكندرونة السليخ . ليصب في البحر الأبيض المتوسط . هذا النهر كان موضوع نقاش بين تركيا وسوريا . حكومات تركيا كانت تطالب بتسمية العاصي بالنهر الدولي . والغريب تركيا ترفض النهرين النابعين من أراضيها بتسمية الدولي.

نهر الأردن الذي ينبع من عيون ويتشكل من ثلاثة أنهار ــ بانياس ــ والدان من سوريا ــ والحصباني من لبنان وتتحد هذه الأنهار معاً , في الجزء الشمالي من وادي الحولة لتشكل نهر الشريعة . ويدخل لبزل بحيرة طبرية وبعد الخروج منها يرفده نهر اليرموك من سوريا ــ نهر الليطاني وطني لأنه بالكامل يقع في الأراضي اللبنانية.

المياه الجوفية :

هي تلك المياه التي نحصل عليها عن طريق حفر الآبار . وهي مياه محفوظة في بعض طبقات الصخرية . تحت الأرض وتنتج وتتجمع من خلال تسريب مياه الأمطار والثلوج الى أحواض هذه الصخور وتكون المياه الجوفية متجددة إذا كانت هناك تغذية تسريب مباشر أو غير مباشر .

والمياه الجوفية هي الأخرى تتأثر بالعامل البيئي وشح المياه وقلة الأمطار لكونها تملئ خزاناتها من سطح الأرض وهناك مثال حي من الجزيرة المنكوبة وتحديداً في منطقة رأس العين التي كانت مشبعة بالمياه الوفيرة وعيون كبريتية حارة التي كانت مقصدا لبعض المرضى والسياح عندما كانت خزائنها مليئة بالمياه وتسري مياهها بتزويد نهر الخابور أما حالياً وبعد ان تحولت المنطقة الى الضحل والجفاف ونزول المنسوب أفرغ الخزانات المائية التي تقع تحت الأرض فبدأت الخزائن الفارغة تشكل خطراً أكثر من القنبلة المزوعة لأن المنطقة أصبحت أنهدامية تنخسف وتنهدم الأرض بدون أشارات مسبقة.

هذه الكارثة وعموم أراضي الجزيرة الخصبة المنكوبة التي تتصحر هي بفعل تركيا بسبب تحويل الأنهار القادمة منها الى العمق التركي التي كانت تصل أعدادها الى المائة نهر منتشرين على طول الحدود التي تصل الي 900 كم تقريباً أدى الى هذا الوضع اليائس الى الفاقة والهجرة.

القانون الدولي للمياه :

حسب الأعراف والقانون الدولي ,والأستخلاص من أتفاقية هلسنكي1993م كل نهر يقطع الحدود الوطنية ويعبر في أراضي دولة أخرى أو يصب في شاطئها . يسمى هذه المجرى المائي , بالنهر الدولي . كيف !!

الدولةالتي ينبع منها المجرى المائي والدولة التي يعبر فيها المجرى والدولة التي يصب المجرى المائي في شاطئها, الكل لهم حقوق في هذا النهر . وذلك يحدد كميات المياه من قبل اللجان المختصة.

الحروب وأسبابها :

والخلاصة أشارة الدراسة ?المياه في عالم متغير? أنه بحلول عام 2030 سيعيش نصف سكان العالم في مناطق شحيحة بالمياه، متضمنين ما بين 75 مليون نسمة إلى 250 مليون نسمة في إفريقيا وحدها، بالإضافة إلى أن شح المياه في المناطق الجافة وشبه الجافة سيؤدي إلى نزوح ما بين 24 مليون نسمة إلى 700 مليون نسمة، وذلك نظراً لتعرض موارد المياه للجفاف والنضوب، ما سيخلق أزمة عالمية لكل إنسان على وجه الأرض، في حين يواجه حالياً ما يقارب مليار فرد، أي سدس سكان العالم، نقصاً شديداً في المياه بشكل يومي، وبالأخص في المناطق الكثيفة سكانياً، إذ ستستهلك كميات كبيرة من المياه، الأمر الذي سيؤدي إلى نضوب الإمدادات في غضون 20 عاماً.

كما تتوقع الدراسة أن تعاني 30 دولة من “ندرة المياه” في 2025 ارتفاعاً من 20 في 1990، و18 من هذه الدول في الشرق الاوسط وشمال افريقيا وأضيفت مصر وليبيا الى القائمة التي أعدت عام 2014 وتضم ايضا اسرائيل والصومال، وتعني ندرة المياه ألا يتاح للفرد سوى 1000 متر مكعب او اقل من المياه سنوياً.

ثم جاءت موريتانيا والكويت والاردن ومصر بين الدول الاقل اماناً من حيث امدادات المياه حسب التصنيف الذي اعدته مجموعة مابلكروفت البريطانية لتحليل المخاطر، وذكرت المجموعة ان نقص المياه في الشرق الاوسط وشمال افريقيا قد يسبب توترات سياسية وارتفاع أكبر لاسعار النفط، ونصحت “الدراسة” الشركات بان تضع توافر امدادات المياهفي في الحسبان عند اتخاذ قرارات استثمار نتيجة تزايد الطلب من السكان والتاثيرات الاخرى للتغيرات المناخية، وافادت أن موريتانيا في غرب افريقيا صاحبة أقل الامدادات امانا بين 160 دول شملتها الدراسة تليها الكويت والاردن ومصر واسرائيل والنيجر والعراق وسلطنة عمان والاماراتْ، حيث أكدت الدراسة ” أن المخاطر المفرطة المتعلقة بامدادات المياه في الشرق الاوسط وشمال افريقيا ستقود لزيادة اكبر في اسعار النفط العالمية وتصاعد التوترات السياسية في المستقبل.”

ومما لا شك فيه أن القرن الحادي والعشرين سيشهد نزاعات مقبلة في مناطق عدة من آسيا وإفريقيا والشرق الأوسط على وجه الخصوص، وستقترن بالخلاف على منابع المياه والأحواض المائية من أجل تأمين احتياجاتها المتزايدة، وستغذيها المشاكل السياسية والنزاعات الحدودية .

فالصراع, على الموارد الاستراتيجية, وفقا للدراسة وآراء المختصين كان ولا يزال سمة من خصائص السيكولوجية البشرية الذي اختلفت أشكاله من عصر لآخر .
ففي القرن الماضي، تبلورت أوجه تنافس وصراع لم يعهدها العالم لتأمين الموارد الطبيعية ومصادر الطاقة والسيطرة على الأسواق العالمية .

ومن المرجح أن الدول ستستخدم المياه المصدر الرئيسي للحياة كأداة وهدف لإشعال الحروب والتي من شأنها أن تؤدي إلى زعزعة الاستقرار والأمن العالميين .

فدول كمصر والسودان وأوغندا وإثيوبيا تشترك في مياه نهر النيل، والعراق وسوريا وتركيا تشترك في مياه نهري دجلة والفرات، وتعاني كل من الأردن ولبنان وسوريا والأراضي الفلسطينية المحتلة من استغلال ?إسرائيل? لمياه نهر الأردن، ونهراليرموك، ونهري الليطاني والوزاني، ونهر الجليل في الجولان المحتل .

كما تشترك عدة جمهوريات من آسيا الوسطى متضمنة قرغيزستان وكازاخستان وأوزباكستان وطاجيكستان وتركمنستان في عدد من الأنهار، وتشترك كل من الهند وباكستان وبنجلاديش والنيبال في عدد من الأنهار الصغيرة .

أم الدنيا تحت رحمة إثيوبيا :

عقب تلكؤ مصر في اجتماع وزراء المياه لدول حوض النيل في التوقيع على الاتفاقية الإطارية للتعاون، و عدم توقيعها مع وزراء الستة دول الحاضنة لحوض النيل على تلك الاتفاقية بعد مباركة السودان، بهدف إعادة توزيع حصص المياه بين دول المصب مصر والسودان ودول المنبع أوغندا وكينيا وإثيوبيا وتنزانيا والكونغو ورواندا وبوروندي .

وذلك بسبب الخلافات حول الأمن المائي المتعلق بالحفاظ على الحقوق التاريخية لمصر في حصة مياه النيل وإخطار القاهرة قبل الشروع في أي مشاريع وضرورة الحصول على موافقة بالإجماع أو موافقة الأغلبية التي يجب أن تضم مصر والسودان على تلك المشاريع .

إن أهم ما يلفت الانتباه في قضية الخلاف الجديد بين مصر والسودان من ناحية وثماني دول إفريقية من ناحية أخرى, هو التغيير الكبير في المناخ السياسي والاقتصادي في القارة السمراء، فمصر في الستينيات أخذت من دول إفريقيا كل الذي تريده حينما كانت مصر تقود حركة تحرير إفريقيا وكان الرئيس جمال عبد الناصر يومذاك زعيماً ليس لمصر فقط، وإنما لكل إفريقيا، ولذلك استطاع أن يبني السد العالي كما استطاع أن يأخذ مع السودان النصيب الذي يريد من المياه، أمّا اليوم فإن الأوضاع الاقتصادية والسياسية تساعد دول إفريقيا على التمرد ومراجعة الاتفاقات السابقة كافة، لأن مصر لم تعد مصرعبد الناصر، وإنما تراجع دورها السياسي ــ مع الأسف الشديد ــ حتى وصل إلى درجة الغياب التام، وأمام هذا الغياب دخلت إسرائيل التي كانت تتحين فرصة خروج مصر من القضايا الإفريقية (وأيضاً العربية) وأصبح لإسرائيل حضور قوي في إفريقيا وبالذات في إثيوبيا التي عقدت معها اتفاقية بناء “سد النهضة” بنهر النيل، يضاف إلى ذلك أن الوضع الاقتصادي في دول إفريقيا يفرض على هذه الدول المطالبة بمراجعة الاتفاقات السابقة والحصول على كامل حقوقها المائية في نهر النيل .

وإذا كان المفاوض المصري يلوح بالعامل الديمغرافي ويقول إن مصر بلغت 90 مليون نسمة، فإن بعض دول إفريقيا تجاوزت 100 مليون نسمة، ولذلك فإن ورقة العامل الديموغرافي لم تعد ورقة مقنعة في المفاوضات، بل أصبحت ورقة لمصلحة الدول التي تطالب بإعادة توزيع حصص مياه النيل.

إن المطلوب من مصر أن تسعى إلى الحوار مع هذه الدول, وأن تجعل الحوار اللغة الوحيدة في عمليات التفاوض حتى الوصول إلى اتفاق ثابت وراسخ.

بجانب تضرر مصر المائي من نشوء دولة جنوب السودان ، هناك خطر لا يمكن إغفاله يتعلق بالمخاوف من أن تتحول دولة الجنوب الي مركز متقدم للدولة الصهيونية يحاصر السودان ومصر من الجنوب ، وهي حقيقة يؤكدها العديد من المسئولين السودانيين ، فالدكتور (حجازي إدريس) المستشار الاقتصادي والمفكر السوداني ومؤلف كتاب “السودان وكارثية انفصال الجنوب”، يؤكد أن انفصال جنوب السودان ليس صناعة سودانية وإنما صناعة غربية إسرائيلية، ويؤكد أن أمن مصر القومي في خطر بعد انفصال دولة الجنوب لأن إسرائيل ستعود إلي السودان بغية تحويله إلي ساحة حرب جديدة مع العرب تدار علي أرض الغير في حالة مماثلة لما يحدث في لبنان، إضافة إلي تحويل مياه النيل إلي ورقة سياسية بطريقة غير مباشرة، مع ضمان فتح جبهة حرب ضد جنوب مصر في حال حدوث حرب مصرية إسرائيلية جديدة.

أيضا انفصال السودان سيكون له أثر سيئ علي مصر؛ بسبب السعي الإسرائيلي لبناء قاعدة عسكرية في جنوب السودان بما يمكن إسرائيل من أن تعتدي علي مصر في أي وقت .

الترحيب بدولة الجنوب الوليدة التي أصبحت أمر واقع بحلول 9 يوليو 2011، قد يكون مشوبا بالتالي بمخاوف تتعلق بخطر قادم عاجلاً أم أجلاً علي ملف نقص المياه الواردة من منابع النيل لمصر، وملف الوجود الإسرائيلي في الجنوب الذي سيضر بلا شك أمن مصر القومي أو بمعني اصح يفتح جبهة تهديد جديدة لمصر !.

إسرائيل علي الخط :

طبول الحرب بسبب المياه بدأت تقرع في أكثر من مكان, بعد أن أصبحت إسرائيل تستحوذ بالقوة على النصيب الأكبر من المياه العربية المتدفقة من نهر الأردن ونهر الليطاني وبحيرة طبرية.

أن تأمين مصادر وفيرة من المياه ، كان ولايزال هدف أستراتيجي .للدولة العبرية بعد ظهور بوادر أزمة المياه منذ الستينات . وبعد الأرتفاع المطرد في الهجرة الى أسرائيل . وتصاعد عمليات التنمية لأستعاب المهاجرين الجدد . والذي كان أحد مبررات السياسة التوسعية سواءً في أحتلالها الضفة الغربية الغنية بمياهها . أو مرتفعات الجولان المعروفة بوفرة مياهها الجارية . فهناك حراك أسرائيلي في القارة الأفريقية . وتحديداً مع دولة أثيوبيا أحد أهم منابع نهر النيل بإقامة سدود كهرمائية وتخزين المياه .

إزاء التفوق العسكري الإسرائيلي بات العرب يقبلون مرغمين ومذعنين بالوضع الحالي لأزمة المياه، لكن أزمة المياه بين العرب وإسرائيل ستدخل عاجلاً أم آجلاً ــ مرحلة تستحيل معها الحياة دون ماء ، وعندئذ تكون الحرب بين العرب وإسرائيل على المياه خيارا لا مفر منه.

بلاد الشام :

بالنسبة لسوريا والعراق، فإنهما تتأذيان من مجموعة السدود التي أنشأتها تركيا للتحكم في تدفق مياه دجلة والفرات، وطبعاً يعد الانخفاض في تدفق المياه إلى نهري دجلة والفرات تهديداً مباشراً للحياة في سوريا والعراق.

حيث إتفقت الدراسة وأصحاب الأختصاص أن الحروب القادمة في المنطقة سوف تكون في الغالب لتأمين المياه ، الكافية الصالحة للشرب والزراعة . لسوء الحظ منابع مجموعة الأنهار العربية واقعة في جغرافية دول الجوار . لكون أنواع أنهار البلدان العربية أنهار عابرة (المنبع العبور المصب) على الأقل ثلاثة دول وأكثر في نهر واحد ، ولهذا تقال لهم مياه دولية أو نهر دولي .لأنه لايخضع لسيادة وطنية . وكثير من الأحيان وحسب سياسة الحكومات التركية المزاجية التي تستخدم مياه النهرين كورقة ضغط للنيل من مواقف النظامين في سوريا والعراق .

وتركيا بكل وضوح ترفض تسمية دجلة والفرات بنهري الدولي والأغرب من ذلك أنها تطالب بتسمية نهر العاصي بالنهر الدولي . الذي ينبع من جبال لبنان ويتجه الى شمال سوريا . ويصب في البحر الأبيض المتوسط .

ومجرد تسمية سوريا نهر العاصي بالدولي ، يعد ذلك أعترافاً رسمياً بضم أسكندرونة الى جغرافية الدولة التركية .

وهذا ما حصلت عليه تركيا من تداعيات أتفاقية إنشاء سد الصداقة على نهر العاصي ثم تحويله الى أسكندرونة لأرواء أراضيها الخصبة , و بهذه الأتفاقية النظام السوري يفقد الأرض وجزء من شعبه والمياه . فتركيا لم تراق لها سياسة النظامين ، سوريا والعراق . وذلك منذ تخلصهم من الخلافة العثمانية . والوصاية الغربية ، هي دائماً تأخذ مكانتها ضمن . أحلاف وجبهات وصداقات الدول المعادية لمصالح الدولتين . ولهذا أتبعت الحكومات التركية ، مع سورية سياسة قطع الأرزاق والأذلال . لكون سوريا تقع بمحاذاة تركية مباشرة ، من الجنوب على طول 900 كم فقامت حكومات تركية المتعاقبة شيئاً فشيئاً علي تحويل مجرى معظم الأنهار والجداول الوافدة . الى سورية النابعة من اراضيها الى الداخل وحرمت سوريا من نعمة هذه الأنهار التي كانت تصل أعدادها الى مائة نهر عدا الفرات ودجلة. المستمرين بالتدفق, ومع ذلك فإن هذين النهرين لم يتخلصا من إساءات الدولة التركية . بعد تحويل جميع الأنهار ، وذلك لقدرتها بالتحكم في النهرين . وعدم أحترام حقوق الأخرين وهي منهمكة بأقامة السدود وأنشاء خزانات ضخمة لحبس المياه . وذلك بدون أعلام الدولتين أصولاً متى ما رأت الحكومة التركية ، الوقت المناسب تنتهز الفرصة ، وتضغط على البلدين بالأخص سوريا .

الخليج مشاكل بلا حلول :

واجهت الحكومات الخليجية شح المياه بتنفيذ أكبر مشاريع تحلية المياه في العالم، واستطاعت أن تعالج مشكلة النقص في المياه بالتحلية، لكن تحلية المياه كما أثبتها كل الخبراء في مجال المياه ــ لا تصلح للزراعة، بمعنى أن تحلية مياه البحر روت ظمأ الناس لكنها لم ترو ظمأ الأرض، وبذلك فشلت خطط الأمن الغذائي في دول الخليج التي كانت ترمي إلى توفير سلة الغذاء للمجتمع الخليجي في أي وقت وبأقل الأسعار الممكنة.

إستراتيجية المواجهة :

إن محدودية وندرة وتناقص موارد المياه في معظم الدول العربية والظروف الجغرافية والبيئية وتذبذب هطول الأمطار، وتنامي احتياجات القطاعين الزراعي والصناعي لكميات هائلة من المياه تستدعي أن تضع الدول العربية استراتيجية شاملة للمياه، وذلك من أجل المحافظة على أمنها المائي مع تضاؤل الكميات المتوفرة، لأنه يرتبط ارتباطاً وثيقاً بأمنها الغذائي، وخططها التنموية ورفاهيتها، واستخدام التقنيات الحديثة، والموارد البديلة كالطاقة الشمسية، والطاقة النووية السلمية في تحلية مياه البحر، وحفر الآبار الارتوازية، وبناء السدود، والاستفادة القصوى من مصادر المياه الجوفية والأمطار وتخزينها لضمان توفر الإمدادات عند الحاجة، ومعالجة وتدوير المياه المستهلكة، وإقامة مراكز أبحاث وتطوير الموارد المائية، وإعداد الكوادر الوطنية والاستفادة من الخبرات العالمية .

____________________
م . ياسر مصطفى – السودان
الخرطوم – 3 ديسمبر 2015
[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..