الولاة .. من يغادر ومن يبقى؟

الخرطوم :أسامة عبد الماجد

بدأ عدد من رؤساء الأحزاب بالجزيرة وبعضهم وزراء في حكومة الولاية بالحديث أمام رئيس الجمهورية لدى زيارته للولاية، وذهب بعضهم في مدح الوالي محمد طاهر إيلا، بل إن بعضهم ناشد الرئيس بالإبقاء على إيلا .. فقال البشير :( لو ناس الجزيرة عاوزين
إيلا نحن سنبقي عليه ولو ما عاوزنو بنشيلو).
حسناً .. كان ذلك بالضبط ماجرى بالجزيرة، والذي حمل إلى حد كبير أن إيلا باق في منصبه، مما يعني أن قدومه للمركز قد تبدد ولا يخلو من أن يكون حديث مجالس .. لكن الأمر برمته يلقي الضو على الولاة عامة من سيبقى؟ ومن سيغادر؟ ومن سيظل في منصب الوالي ولكن بولاية جديدة ؟؟

بدء التغيير
تم تعيين الولاة الحاليون في يونيو من العام 2015م، بعد إلغاء طريقة الاختيارالقديمة، والتي كانت تتم عبر الانتخاب، وكلٌ من ولايته، ولكن ابتدع الحزب الحاكم مسألة اختيار الغالبية العظمى من الولاة من غير أبنائها، واستثنى من تلك الخطوة ولاة شمال كردفان (أحمد هارون) ، وسط دارفور (جعفر عبد الحكم) و(النيل الأزرق).
ومع قصر الفترة منذ التعيين (عام ونصف العام) فقد غادر واليان موقعهما .. خليل عبد الله (غرب دارفور)، ومحمد حامد البلة (نهر النيل) وهذا يعني إمكانية أن يلحق بهما أخرون، وإجراء جرح وتعديل وسط الموجودين.
من سيغادر ؟؟
عندما يأتي الحديث عن الولاة يقفز أول سؤال من سيغادر؟؟
بعض الولاة لم يتأقلموا بشكل كبير مع الموقع، ولعل العامل الرئيس وراء ذلك هو شغلهم للمنصب لأول مرة، وبعدهم عن الطقس السياسي وتقاطعات الموقع الجديد، ومثال لذلك والي الخرطوم عبد الرحيم حسين، والذي ظل يخدم في المؤسسة العسكرية لأكثر من أربعة عقود، فضلاً عن ذلك عمله في مؤسسات لا تخضع للجدال، كونها ذات طابع عسكري مثل الدفاع والداخلية، ولم يوقف حسين في (ضبط) إيقاع الخرطوم، والتي يطالب البعض بتقسيمها لثلاث ولايات.
وقريباً من أبواب المغادرة يقف ولاة الشمالية، القضارف، والنيل الأزرق، فعلى العوض (الشمالية) لم يوازن بين معادلة احتياجات الولاية والنهوض بها بإحداث تنمية حقيقية ملموسة، كما أن لينه في الجانب السياسي وسع الشُقة بين الحزب الحاكم والجهاز التنفيذي، فبدت الشمالية كفرقة موسيقية يعزف كل عضو فيها لحناً خاصاً به.. كما أن اختيار العوض كممثل لكسلا كان مفاجئاً، فكانت النتيجة الوضع الماثل الآن في الشمالية.
أما في القضارف ورغم صلابة الوالي ميرغني صالح، (صاحب تجربة في الشمالية)، إلا أن قضروف ود سعد لم تتحقق فيها التنمية المرجوة، والتي كان ينتظرها الكثيرون من ولاية مثل القضارف، رغم أن ميرغني وضع خطة لأكبر مشكلة تؤرق الولاية وهي المياه.
بينما لم يستثمر والي النيل الأزرق حسين يس فرصة ابقائه وسط أهله، وفي ولاية يعرف أسرار مجالسها قبل جهرها، ومع ذلك لم ينقص الولاية الكثير، ولم يستفد حسين من الظرف الاستثنائي الذي تعيشه الولاية، مثلما استفاد والي جنوب كردفان من واقع ولايته.
وربما قريباً من المذكورين، نظيرهم في سنار الضو الماحي والذي كان والياً وسط أهله بالقضارف، وذلك أن سنار استقرت سياسياً، ولكن قطار التنمية لم ينطلق بما هو متوقع، ولعل واحدة من المعوقات التي اعترضت الضو، تفكير العاملين معه بعقلية سلفه أحمد عباس الذي حكم الولاية لأكثر من عقد.
مغادرة مؤقته
من المرجح أن يغادر ولاة مواقعهم ولكن لن يتم إنزالهم من سفينة الحكم، بحيث سينتقلون إلى ولاية أخرى، على سبيل المثال: أنس عمر بشرق دارفور، وقد حقق الشاب نجاحاً منقطع النظير، قطف ثماره بشهادة نائب رئيس الجمهورية الذي زار الولاية لثلاثة أيام، دشن حزمة من المشروعات لم تنفذها حتى حكومة الخرطوم، وتفقد منشآت كبيرة ستبصر النور قريباً، فضلاً عن بسط أنس للأمن في ولاية كاتمة للأنفاس.
من الضرورة بمكان أن يغادر أنس، وذلك نتيجة للرهق الذي أصابة من هذه الولاية، فضلاً عن ذلك أنه وضع أساساً متيناً بإمكان أي والي آخر إكماله، شريطة أن يكون ذو خلفية عسكرية وصاحب تجربة سياسية، كما أن بقاء أنس احتراق لشخصيته، وهو من الأسماء التي يمكن أن يراهن بها الوطني مستقبلاً.
ومن القريبين من أنس والي البحر الأحمر على حامد، وهو الآخر قد يغادر الثغر نتيجة للتعقيدات التي تعيشها الولاية، فضلاً عن حالة القطيعة النفسية والتي بينه والمجلس التشريعي منذ قضية حجب الثقة عن وزير الشؤون الإجتماعية د. محمد بريمة، علاوة على أن الجو السياسي بالولاية خانقاً.
وهناك أيضاً والي جنوب دارفور المهندس آدم الفكي، والذي يحكم ولاية (ملولة) سرعان ما تنقلب على الوالي وتتغير الأوضاع فيها بصورة دراماتيكية، وتنفجر في أحايين كثيرة، وليس بعيد منهم والي غرب كردفان د. أبو القاسم بركة الذي أمسكت التعقيدات القبلية بتلابيبه، ولم يستطيع قيادة قطار التنمية بإطمئنان، فأهدر بركة كثير من الوقت في الملفات الأهلية، واستلذت القيادات الأهلية بالولاية بذلك، كون بركة من ذات مؤسستهم (أمير في عشيرته الرزيقات).
المحافظة على الموقع
من أكثر الولاة الذين يضمنون بقاءهم في منصبهم وبنسبة كبيرة والياً لغرب دارفور فضل المولى الهجا، ونهر النيل حاتم الوسيلة، وذلك لحداثة تعيينهما .. الأول في أغسطس الماضي والثاني عُين في أواخر يوليو المنصرم، وبالتالي الحكم عليهما لا يزال مبكراً، كما أن اختيار الوسيلة استغرق شهرين كاملين.
وقريباً منهما واليا شمال وجنوب كردفان، مولانا أحمد هارون واللواء د. عيسى، وذلك لما تحقق من تنمية من جانبهما، فضلاً عن أن عيسى بسط الأمن كذلك وجعل ولاية التلال (تتنفس بعد كتمة) ويضاف إليهما والي وسط دارفور الشرتاي جعفر عبد الحكم.
بينما يقف واليا النيل الأبيض عبد الحميد كاشا وشمال دارفور عبد الواحد يوسف بين منزلتي (البقاء والانتقال لولاية أخرى) .. ومهما يكن من أمر فإن المسألة برمتها أمام رئيس الجمهورية ولا أحد سواه.
اخر لحظة