أخبار السودان

استمرار الأزمة السياسية.. من المستفيد؟

صديق تاور: قادة الانقلاب ومن تعاون معهم هم المستفيدون

عروة الصادق: جماعات اقتصادية ورجال أعمال ليس مصلحتهم إحداث تغيير

جعفر خضر: المستفيد من استمرار الأزمة دول إقليمية تنهب موارد البلاد

الخرطوم: محجوب عيسى

رغم الجهود الدولية والإقليمية المبذولة للحل، لم تزل الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد منذ نحو عام مستمرة، الأمر الذي خلق فراغاً دستورياً وفوضى سياسية، وبعد أن ساد التفاؤل بدأ اليأس يتسلل من جديد، وآمال الحل تتراجع إلى الخلف.

وفي غضون ذلك أكد متحدثون لـ(اليوم التالي) وجود مستفيدين من استمرار الأزمة والفوضى السياسية التي تشهدها الساحة، أبرزهم فلول النظام السابق والمكون العسكري، بجانب جماعات اقتصادية ورجال أعمال، ليس من مصلحتهم إحداث تغيير واستقرار الوضع في السودان، وقالوا إن الفوضى والفراغ لتصفية الثورة وإعادة التأريخ للوراء.

تلاعب بقرار سياسي

ويؤكد عضو مجلس السيادة السابق القيادي في حزب البعث العربي الاشتراكي، البروفسور صديق تاور أن المستفيد الأول من وضع اللادولة المستمر منذ ٢٥ أكتوبر ٢٠٢١م قادة الانقلاب أنفسهم ومن تعاون معهم بشكل أو بآخر قبل أو بعد الانقلاب، سواء بالتهيئة وخلق الظروف والذرائع أو بالسند والدعم.

وحدد تاور في تصريح خص به (اليوم التالي) أنهم تحالف الانقلابيين سواء أسميتهم ميثاق وطني أو كتلة ديمقراطية أو فلول أو خلافه.

ويرى أن غياب سلطة شرعية طيلة هذه المدة وعدم وجود حكومة فعلية على الأرض مناخ مناسب للتلاعب بالقرار السياسي وبموارد الدولة وبمصالح الشعب الكبرى، مشيراً إلى اتفاقيات وصفقات تتم مع دول ومع شركات أجنبية ومحلية دون سند شرعي أو قانوني أو مؤسسي، بالإضافة إلى العبث بالمال العام وتضييق على المواطنين في معاشهم ورزقهم لم يستثنِ حتى البسطاء منهم.

وبحسب صديق أن هذه الحالة من الفوضى لم تمر بها البلاد على مر تاريخها الطويل، وأن مسألة الوصول لاتفاق يتطلب تحديد الأطراف المعنية بالاتفاق ومضمونه.

لجهة أن البرهان عندما قام بانقلابه الغادر على السلطة المدنية الشرعية لم يكن هدفه أن يتفق مع نفس الذين يبحث عن اتفاق معهم الآن (الشريك السابق) وإنما لكي يستمر في السلطة منفرداً بالقرار  السياسي والاقتصادي في البلاد وفي هذا يحتاج لبعض الفلول من بقايا النظام البائد وبعض الانتهازيين.

استعادة دولة

ويتفق القيادي بالحرية والتغيير المحامي المعز حضرة لـ(اليوم التالي) مع تاور ويعتقد أن المستفيد من ما وصفه بالفراغ السياسي واستمرار الأزمة والفوضى في البلاد، جهتان، فلول النظام السابق الذين استعادوا دولتهم، وأصبحت كل مفاصلها بيدهم مثل عودة الأموال وفتح الحسابات التي جمدتها لجنة إزالة التمكين المحلولة، بجانب المكون العسكري الانقلابيين، موضحاً أن تأخير الحل يمكن العسكريين من البقاء في السلطة، الأمر الذي كل ما حدثت ضغوطات داخلية أو خارجية لوحوا بشعار التسوية، ويضيف: المكون العسكري لا مصداقية له ولا يريد حلاً.

فساد وإفساد

ولم يذهب القيادي بحزب الأمة القومي، عروة الصادق بعيداً، ويقول: هناك تحالف بين مكونات فساد وإفساد عسكرية مدنية تخشى المساءلة عن الدماء والأموال والمغترفة والمسروقة من قوت الشعب السوداني.

فضلاً عن جماعات اقتصادية ورجال أعمال تم منحهم عقود احتكار الوقود والقمح، وتصدير منتجات ومحاصيل بشراكة مع شركات الجيش، واستخدام بعض رجال الأعمال في تحويل كميات الذهب خارج الأطر الرسمية للخارج تحديداً إلى مصر والإمارات.

ويضيف الصادق في تصريح لـ(اليوم التالي): هؤلاء جميعهم ليس من صالحهم إحداث تغيير يتعقب أموال وموارد بلاد ساهم الانقلاب في تبديدها عبر استخدامهم وشركاتهم كواجهات، وأنهم يعيقون الوصول لنهاية منطقية للأزمة السودانية، وهو ما يبين مدى الحاجة لعمليات طوارئ سياسية، تقف حاجز صد أمامهم وتبين بصورة مستمرة خطورة بقائهم في السلطة، وأن أي عملية سياسية لا تكفل مغادرتهم مواقعهم ومساءلتهم ستفتح الباب لمواصلة استنزاف أرواح وموارد الشعب.

دعم استراتيجي

وبحسب عروة أن مستشاري البرهان وسدنة الانقلاب يضعون العراقيل أمام عملية الحل السياسي الشامل الذي انتظم البلاد، وأن البرهان يقدم لهم الدعم الاستراتيجي المعيق في العلن ومن وراء ستار، لاستعادة الانتقال والذي سيقود لعمليات الإصلاح الأمني والسياسي والاقتصادي، علاوة على سعيهم بحرص شديد لتهديد الجهود الدولية التي تعمل لإحداث اختراق سياسي يحقق التسوية السياسية الشاملة للنزاع في السودان بأسس دستورية جديدة تحقق مدنية السلطة والدولة.

وتابع عروة: في سبيل ذلك تسعى قوى كثيرة للوصول إلى حل سياسي، وآخر أنشطتها عقد اجتماع أمس الأول بدار الأمة ضم الآلية الثلاثية وقوى الثورة وقوى الانتقال، للتباحث حول ملاحظات الجميع، ووضع التصور النهائي لإمكانية إحداث اختراق فعلي ينهي الصراع في السودان.

 

نهب مرارد

فيما يتفق رئيس حركة بلدنا جعفر خضر مع الآراء السابقة ويقول: لا أحد يستفيد من الفراغ والسيولة الماثلة سوى الانقلابيون والدول الإقليمية التي تعمل على نهب موارد البلاد.

لافتاً إلى تداول أخبار تشير إلى تورط الانقلابيين في استثمارات مثل خط السكة الحديد إلى تشاد وغيره، ويوضح أنها مشاريع الغرض منها الحصول على عروض تستفيد منها الشركات المنفذة، وأن الفراغ السياسي يعني المزيد من نهب الذهب والمحاصيل.

وإن الخيار الأمثل هو توحد القسم الأكبر من قوى الثورة لإسقاط الانقلاب وإزاحة البرهان وحميدتي والانقلابيين والمؤتمر الوطني من المشهد تماماً ومحاكمتهم.

رؤية كلية

وفي السياق ذاته أرجع المحلل السياسي عبد القادر محمود في حديثه لـ(اليوم التالي) تناقضات المشهد السياسي وتشتت الرؤى حول كيفية معالجة الأزمة إلى هندسة الواقع السياسي بما يتماشى مع فكرة تصفية الثورة وإعادة التأريخ إلى الوراء “نقطة ما قبل الثورة” ليسهل على من يقف خلف الهندسة خلق ظروف غاية في التعقيد تسمح لاحقاً بإجراءات تصحيحية أخرى، كما هو الحال في العديد من البلدان الأفريقية واللاتينية.

وأعتقد وجود عدة لاعبيين محليين وإقليميين ودوليين يستفيدون من الفراغ الدستوري للدولة ويعملون باستمرار على تكبيل وإخماد صوت الثورة والشارع حتى يتسنى لهم تمرير حزمة أجندات في كيفية إدارة الدولة، وفق الرؤية الكلية للاستراتيجية الإقليمية والدولية المتماهية مع النظام العالمي الجديد.

ويشير عبدالقادر إلى جهود تتصل بهذه الرؤية هدفها الوصول بالبلاد إلى درجة من استقرار “الاستبداد” عن طريق التسوية التي لا تخاطب في الأصل جذور أزمة الحكم وبناء الدولة بشكل يرضي ويلبي طموحات الثوار، وأن التسوية في نظر الثوار بمثابة العودة إلى أوضاع ما قبل الثورة، وكأنها اندلعت لتعيد ذات المشهد السياسي والاقتصادي والاجتماعي مع وجود التغيير الشكلي لرموز المشهد نفسه.

تضارب مصالح

وطبقاً لمحمود أن جميع القوى الثورية متضررة من أي تسوية سياسية تبقي الأوضاع كما كانت، وتعمل القوى الثورية على مزيد من التصعيد الثوري بغية الوصول إلى البناء المدني الكامل للدولة وغير ذلك سيجعل الدولة في حالتها الراهنة المتشظية وغير القابلة إلى الالتئام والوصول إلى الاستقرار الدستوري.

ويرى أن تضارب المصالح داخل المكون العسكري من ناحية، والمكون المدني من الناحية الأخرى، وما بينهما من أجندات بعض الدول في الإقليم والنظام الدولي، كلها ساهمت بشكل أو بآخر في عرقلة الجهود المؤدية إلى تسوية عرجاء مفارقة لأهداف الثورة السودانية.

ويلفت إلى أن المشهد السياسي المتشظي لن يستمر طويلاً، وربما تحدث تغييرات مفاجئة تضع حداً للتيه السياسي المصنوع لأغراض محددة، سيما وأن هذا الاتجاه تُعضِده تحذيرات وكالة الاستخبارات الأمريكية بإمكانية حدوث تغيير مفاجئ ربما يأتي عكس دوران مصالح ونفوذ بعض القوى المحلية والإقليمية والغربية، فضلاً عن أن كل الاحتمالات مفتوحة وأن الأيام القادمة ستكشف مصير هذا الفراغ المتمدد وهل سيقود البلاد إلى مزيد من الفراغ والفوضى أم إلى استقرار “الاستبداد” ولو نسبياً من خلال التسوية المرتقبة.

وعلى خلاف الآراء السابقة يرى المحلل السياسي الفاتح عثمان أن السودان بات شبه جاهز للخروج من أزمته السياسية الحالية بعد إعلان قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي عن قرب التوقيع على الاتفاق بعد حسم معظم القضايا التي تنظم عمل الحكومة الانتقالية عدا القضايا الخلافية الأربع الرئيسة وهي العدالة الانتقالية واتفاقية جوبا للسلام وهيكلة القوات النظامية وتفكيك النظام السابق.

-=-==

اليوم التالي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..