سارق والمدان نحن!

اصدرت محكمة امريكية قرار بالحكم في قضية سرقة ضد امراة فحكم القاضي على نفسه اولا ثم على الحضور بغرامة مالية وفى اثناء وقوف القاضي لدفع ماعليه من مال دخل الحضور بالقاعة فى نوبة بكاء هستيرية ثم قاموا بدفع ماعليهم من غرامة اعطيت للمتهمة واخلى سبيلها فورا مع الاعتذار الشديد لما وقع لها من ضرر.ويصبح المتهمان بذالك الدولة والمجتمع معآ.!
هذه الرواية قد تكون معقولة الهضم إن حدثت فى عالم غير الذي نعيشه اي العالم الاول عالم الرعاية الصحية والاجتماعية والحقوق الشرعية التى من واجب الدولة توفيرها لمواطنيها دونما تمييز بينهم
وهذا هو الفارق الذى يجعل الغرب غربا والشرق شرقا، بمعنى اخر هو الاختلاف بين العالم الراقي والهمجى. انتشرت فى الاونة الاخيرة عبر الوسائط الاسفيرية المتعددة صور وفيديوهات لشاب عشريني يحتمل فيه بانه قام بالسطو على احدى المنازل بالمناطق الفقيرة كما هو ملاحظ بالفيديو ويبدو ان هذا الشاب من ملامحه بانه يقطن تلك المناطق الطرفية والفقيرة ايضا فظاهرة السرقات هذه ليست جديدة بل هى قديمة بالمجتمع السوداني لاكن الجديد هو اسلوب التمثيل والتنكيل البشعة التي تعرض لها هذا الشخص من قبل المواطنين بالرغم من اصوات الاستغاثة والرحمة التى كان يصدرها دون فائدة وهى ليست المرة الاولى التى يشاهد فيها مثل هذه الحالة بل سبق وان شوهد ماهو ابشع منها فى الفيديو الذي كبل فيه شاب من يديه ورجليه وافرغ فيه “الشطة” فى بعض المناطق الحساسة بجسده.
إن بروز هذه الظاهرة يشكل حالة من الغرابة التى بدت تطفو على سطح المشهد الاجتماعى كما يشير إلى حالة من التراجع على مستوى القيم والاخلاق التى كانت عند السودانيين بل ويعبر اكثر عن حالة الاحتقان والغضب فى النفوس جراء الوضع الاقتصادي الطاحن الذي بات يعيشه الناس وماالسارق هنا او الشاب المنكل به إلا كبش فداء ارادوا من خلاله تنفيس غضبهم وسماع صوتهم والتعبير عن رفضهم وسوء حالهم والدولة انها السادومازوخية بابهى تجلياتها الممزوجة بالخوف من مواجهة الجلاد والاكتفاء بجلد ذواتهم بدلا عنه فالسارق والحرامى، واللص جميعها مترادفات لمعنى واحد وهى وظيفة السطو اوالتعدي على حقوق الاخرين واملاكهم بدون وجه حق.
“الحرامى” بعاميتنا السودانية يحيل الى السامع من يقوم باداء مهامه ليلا والسارق من يقوم بها نهارا اما اللص واللصوص واللصوصية ارتبطت وظائفهم بسرقة مؤسسات الدولة وليس بالضرورة ان يكون اللص خارجها بل يمكن ان يكون مسؤول رفيع باالدولة كما يمكن ان يكون رئيس الدولة نفسه ووعاظه ايضا لذا كثيرا مانسمع بان اللص الحقيقي ليس من يسلبك حقوقك بل هو من يسرق وجودك وحياتك التى يفترض ان تعيشها بكرامة!
[email][email protected][/email]