مقالات وآراء
الجوع يشرعن التدخل الحاسم!

خارج السياق
مديحة عبدالله
كشف البنك الدولي في بيان عن موافقته على تقديم (100) مليون دولار عبر برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، ويهدف مشروع (شبكة الأمان الطارئة) إلى تزويد مليوني سوداني بتحويلات نقدية ومواد غذائية، في واقع الأمر هذا البرنامج قد بدأ عمليًا على الارض في مناطق النزاعات، حيث قدر برنامج الأغذية العالمي أن عدد الأشخاص الذين يعانون من الأزمات ومستويات الطوارئ من الجوع نحو (18) مليون مواطن..
الانقلابيون صمتوا صمت القبور، ولم يرتفع لهم صوت هذه المرة، رغم أن التدخل الدولي لأجل تغذية الشعب يمثل قمة الفشل لهم والعار والوصمة المخزية، حيث لم يفتح الله عليهم بكلمة لكشف حقيقة أوضاع (18) مليون مواطن يواجهون الجوع، فهم درجوا على (شجب) التدخل الدولي عندما تتم إدانة القتل والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان على يد القوات النظامية ضد المواطنين السلميين وهم يطالبون بحقوقهم المشروعة.
واقع مزري بكل المقاييس عندما نصبح عالة على العالم وشعوبه، فتمويل هذا المشروع يتوفر من الاتحاد الأوروبي والسعودية وغيرهما، مع ملاحظة أن الأموال والمساعدات ستذهب للمستحقين مباشرة عبر برنامج الغذاء العالمي، حيث ما زال الموقف من السلطة الانقلابية قائمًا بعدم التعامل معها مباشرة، في ذات الوقت لا يمكن أن يقف العالم يتفرج على مأساة الجوع المهددة لحياة الملايين..
هذا الوضع البائس الحزين يجسد حقيقة الانحدار الذي وصل إليه الوضع في هذا البلد العظيم، الذي عجزنا أن نجعل يده هي العليا، وإذا لم تتحد إرادتنا وكلمتنا لإسقاط سلطة الانقلاب سيتفاقم الجوع والمرض، خاصة مع تنامي النزاعات بين المكونات الاجتماعية في مناطق الإنتاج وسنواجه خطر انهيار مجتمعي بدت معالمه تتشكل، (فالسنام) الاجتماعي و”الدخري” المحلي، والتكافل والترابط المجتمعي، بدأ يتآكل، ذلك الذي كان إلى حد كبير يشكل حائط صد من ضياع الأفراد والأسر وانفراط عقد المجتمعات المحلية، وفى الفترات العصيبة تقف الشعوب مع نفسها وقفة صادقة شجاعة مع النفس، لتطرح على ذاتها الأسئلة الصعبة، وعلينا أن نفعل ذلك، ماذا نريد؟ أين مشروعنا الوطني الذي نسعى لتحقيقه؟ ذلك الذي تشكل حدوده بسيادة الوطن وكرامة أهله وتحررهم من سجن الحاجة للطعام من العالم.
الميدان