مقالات سياسية

ثم ماذا بعد؟

الفاتح إبراهيم / واشنطن

من قدر هذا الشعب المعلم ان يجيب على هذا السؤال مرات ومرات .. أما بداية الحكاية فقد كانت في أكتوبر عام ١٩٦٤ ..

وذلك عندما اشعل الشعب السوداني ثورة أكتوبر المجيدة ضد الحكم العسكري .. لقد كان ذلك حدثا غير مسبوق غريبا على الأدبيات السياسية في المنطقة.. وهذا ما فات على كاتب كانت لكتاباته وتحليلاته مكانة مرموقة في المنطقة .. وبحكم  مرجعيته التي تربى عليها  فات عليه أن يستوعب الدرس الذي  يمليه شعب السودان على الأنظمة الشمولية في السودان وكل المنطقة .. كان ذلك الكاتب هو الكاتب والمحلل السياسي المصري الراحل محمد حسنين هيكل .. لقد كتب محمد حسنين هيكل – والثورة تتصاعد في السودان – افتتاحية جريدة الأهرام المصرية الشهيرة بعنوان “ثم ماذا بعد في السودان ؟” مشككا أن يستطيع شعب أعزل أن يسقط مؤسسات نظام راسخ كالنظام في السودان .. لا شك أنه ليس هيكل وحده الذي كان يستبعد مثل هذا أن يحدث وانما الكثيرين في المنطقة التي تعج بالأنظمة الشمولية المتحكمة في مصير الشعوب.. الكل لا يرى أنه من الممكن أن يسقط شعب أعزل نظام الحكم بالمظاهرات والاغنيات الوطنية الثورية .. ولكن حين سقط النظام عقدت الدهشة ألسنة الجميع وكانت سابقة لتتعلم منها الشعوب ويصيب الذعر أنظمة الحكم في المنطقة خوفا من انتقال العدوى !!.. 

وتكرر السيناريو في ثورة ابريل ١٩٨٥ التي انهت الحكم الشمولي المايوي .. وهكذا ترسخ مفهوم توق هذا الشعب للحكم المدني الديمقراطي واستعداده لدفع الغالي والنفيس من اجل هذا الهدف ..

والآن أنهى الديسمبريون الحكم الشمولي الديكتاتوري الذي جثم على انفاس الوطن ثلاثين عاما .. وثورة ديسمبر هذه المرة تختلف عن سابقتيها انها مازالت مستمرة لسنوات لا تقبل الحلول الوسط وانما إما حكم مدني كامل الدسم أو مواصلة النضال لتحقيق الهدف مهما عظمت التضحيات .. فمتى يفهم القائمون على الامر ان هذا الشعب لن يتنازل عن حقوقه المشروعة التي قدم وما زال يقدم الأرواح في سبيلها .. وطالما استمر الطغيان في العتو والعدوان تستمر الجموع شيبا وشبابا نساء ورجالا في تحد وعنفوان يشق صوتهم وهتافهم عنان سماء البلاد ممتد الى المنطقة كلها ولسان حالهم كما المتنبي:

 لِتَعلَمَ مِصرُ وَمَن بِالعِراقِ

وَمَن بِالعَواصِمِ أَنّي الفَتى

وَأَنّي وَفَيتُ وَأَنّي أَبَيتُ

وَأَنّي عَتَوتُ عَلى مَن عَتا

وَما كُلُّ مَن قالَ قَولاً وَفى

وَلا كُلُّ مَن سيمَ خَسفاً أَبى

وَلا بُدَّ لِلقَلبِ مِن آلَةٍ

وَرَأيٍ يُصَدِّعُ صُمَّ الصَفا

وَمَن يَكُ قَلبٌ كَقَلبي لَهُ

يَشُقُّ إِلى العِزِّ قَلبَ التَوى

وما النصر إلا من عند الله تعالت قدرته سحقا للظالمين ..

[email protected]

‫3 تعليقات

    1. يا أخي الوضع فعلا مقلق وصعب وخطير .. غير ان هذا الشباب الطاهر المؤمن بقضيته سيجعل له الخالق العظيم حماية ومخرجا من حيث لا يحتسب الظالم الجبان المُستدرَج ..

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..