مقالات وآراء

شمال كردفان فرص التنمية واحتمالات الفشل (1)

على الرغم مما صاحب تعيين الولاة المدنيين من تباين في المواقف والتوقعات، وتذمر جماهيري فيما يتعلق بكيفية اختيارهم، إلا أن كثيراً منهم قد باشر مهامه في ظروف صعبة، إما بسياسة فرض الأمر الواقع أو عبر مساومات غير معلنة بين مكونات الحرية والتغيير والجهات ذات الصلة بدولاب الحكم بطريقة مباشرة أو غير مباشرة! وأخطر ما في الأمر أن هؤلاء الولاة قد أسندت إليهم مهام لا يحكمها قانون واضح حتى الآن، وبعضهم يواجه معارضة صارخة حتى من لجان المقاومة والتنسيقيات المختلفة وبالطبع من الجمهور؛ نظراً للخطل الذي تدار به البلاد الآن! وأسوأ نتائج هذا التعيين هو ما تشهده ولاية كسلا في شرقنا الحبيب، إذ أعلن البجا الحكم الذاتي بلا مواربة.
نحن في شمال كردفان نتميز بوضع مختلف عن كثير من ولايات السودان؛ لأننا لم نحمل السلاح في وجه الدولة، ولم نقاتل ضد الجيش السوداني، ولم يشارك أبناؤنا في أي تمرد، ولا يزال مجتمعنا متماسك، ولله الحمد والمنة. ولدينا مقومات يمكن أن تحول هذه الولاية المستقرة إلى سلة غذاء، ليس للسودان فحسب، بل لكثير من دول الجوار، فأرضنا خصبة وتربتنا تتراوح بين الرملية وشبه الرملية والطينية، والمناخ مناسب لإنتاج كل ما يطرأ على البال من محصول، بشهادة الخبراء والمختصين، ولدينا إنسان قادر على العمل، وماؤنا نمير في كثير من المواقع، ومنتجاتنا متنوعة من زراعية وغيرها، وأرضنا تضم ثروة معدنية تشمل الذهب والسيلكون. أما ثروتنا الحيوانية فتمتاز بجودتها وكثرة عددها، من الأغنام والإبل! ويضاف إلى ذلك وجود طريقين يربطان المنطقة مع كافة أنحاء السودان، ولكنهما بحاجة إلى الصيانة والتوسعة!
أما الموقع الجغرافي للولاية فهو في قلب السودان. ومن ناحية ديموغرافية، فإن شمال كردفان هي سودان مصغر، يضم جميع الإثنيات والمجموعات السكانية، من مختلف أنحاء الوطن، ومن بعض دول الجوار الإفريقي. ومن الناحية الأمنية فإن شمال كردفان تكاد تخلو من جميع مظاهر التفلت الأمني، والنزاعات القبلية، مثلما يحدث في كثير من ولايات السودان، وذلك بفضل الله ونتيجة لطبيعة إنسان الولاية المسالم، مما يساعد على الاستقرار الملحوظ.
ولاية بهذه المواصفات تحتاج لحكومة ذات برنامج تنموي، وليس سياسياً، ولا حتى ثوري يخضع لأمزجة الشارع الذي يتحكم فيه الصبية والنشطاء من مختلف المشارب. ومهما أختلف الناس حول تعيين الوالي الجديد، وما اكتنف ذلك من تجاذب، وما صاحبه من مظاهر سالبة، وما لاقى من رفض حتى من الذين يقال إنهم قد دفعوا به إلى المقدمة، إلا أننا نود في هذه العجالة، الإشارة إلى بعض المرتكزات التي تجعل من الوضع القائم فرصة لانطلاق حراك ولائي من شأنه الإسهام في النهوض بهذه الولاية واضعين في الاعتبار المقومات التي تتمتع بها شمال كردفان.
إذن من الضروري أن يضع السيد الوالي خالد مصطفى تنمية الولاية نصب عينيه، وهذا يقتضي أولاً الاستفادة من خبرات أبناء الولاية والسعي لوحدة الصف في شمال كردفان “واستيعاب كافة الطاقات المتاحة وتحريك السواعد وجذب الاستثمار من الداخل والخارج”، من خلال رؤية تنموية لا ترتبط فقط بالمرحلة الانتقالية، بل تكون ذات نظرة بعيدة المدى، مع الاستفادة من الدراسات والخطط والتجارب التنموية السابقة؛ لأن الحكمة ضالة المؤمن، أين ما وجدها فهو أولى الناس بها.
وبالطبع لا مناص من الاهتمام بالخدمات الضرورية من تعليم وصحة وتوفير مستلزمات العمل من وقود ومدخلات إنتاج، حسبما هو متاح من ميزانية ومقدرات. ولماذا لا يلجأ السيد الوالي إلى الرأسمالية المحلية من أجل توفير محفظة استثمارية، بتقديم حوافز مغرية لأصحاب رأس المال بما يتفق مع النظام والشفافية في هذه المرحلة الحرجة التي يمر بها السودان.
نحن نعلم أن السيد الوالي ملزم بتنفيذ توجهات الحكومة الانتقالية، ولكنه في ذات الوقت يتمتع بسلطات تقديرية تمكنه من وضع استراتيجية ترتبط بمصلحة أهل الولاية، إن هو أراد أن يحقق نجاحاً من أي نوع حزبي أو خلاف ذلك! ومن أجل ذلك لابد له من كسب تأييد الناس، عبر انتهاج سياسة تقنع الأهالي بصدق توجهه وحرصه على تنمية الولاية وتحسين الظروف الاقتصادية والمعيشية بقدر الإمكان، ولن يتحقق ذلك إلا بالابتعاد عن سياسة الإقصاء والتشفي التي تنتهجها بعض مكونات قحت؛ لأن هذا الولاية ذات خصوصية، ولا تحتمل أدنى درجات التشرذم، فهي بحاجة لسواعد بنيها؛ خاصة في الوظائف التي تتطلب تخصصات فنية لا تخضع لهوى السياسة وتقلبات المزاج العام.
ونحن نعلم أن هنالك أشخاص يلبسون لكل حال لبوسها، وهؤلاء لا تهمهم إلا مصالحهم الشخصية، وما يدخل جيوبهم أو بطونهم بغض النظر أحلال أم حرام هو، وإذا ركن والينا الجديد لهؤلاء سوف يفسدون عليه رأيه، وستخسر الولاية فترة من عمرها، مع حاجتها لكل يوم من أجل أحداث حراك تنموي، ولو كان محدود النطاق.
عموماً لا يسعنا إلا نقول للأخ الوالي “أكرب زندك وأتقشط تب” فالمسألة ليست بالسهولة التي تبدو للعيان، وينتظرك الكثير من المسؤوليات! كما نرجو من السيد الوالي طرح رؤيته للجمهور.

محمد التجاني عمر قش
[email protected]

‫2 تعليقات

  1. يا كوز الفشل والدمار سببه انتم ياكيزان.

    يا محرري الراكوبة حرام عليكم صدعتونا بمثل مقالات هؤلاء الكيزان

  2. الوالي الجديد دا مستثمر في المدارس الخاصة وماله في الزراعة والمراعي ولا الخيران وعلاقاته كلها كانت محصورة مع الحكام الكيزان طلع منهم بمدرسة خاصة بالابيض ربما كنتم تعرفونه أكثر يا قش ولكن المحيرنا من منكم الذي فرضه على حمدوك لأنه لا علاقة له به مثل حامد البشير!

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..