كيف نتعامل مع المعرفة؟

أولا يجب أن نفهم أن القراءة الجيدة هي التي تستنبط تساؤلات أكثر من حصولها على معلومات . ‏فالمعرفة أساس ‏ولكنها يجب أن تكون معطى لنظرية أو لتساؤل أيضا. كما أن من الضرورة فهم ‏نسبية النظريات حيث تظل النظرية ‏في حالة إنتظار لغريمتها الأقوى . فالنظرية الحقيقية هي تلك ‏التي تحمل في أحشائها إمكانية مزاحمتها أما تلك التي ‏لا تحتمل المزاحمة فهي لا يمكن أن تكون ‏علمية بل ميتافيزيقية أو تحصيل حاصل . وفهمنا للنسبية هو ما يمنحنا ‏القدرة على طرح ‏التساؤلات . ثانيا: الوضع داخل منظومة أو أنساق ، إذا كان التفكيك مهم فإن البنى الكلية هي ‏الجانب ‏الذي يجب الانتباه له خلال القراءة ، لنقوم بعمليات ربط بين العديد من المفاهيم التي ليس ‏بالضرورة قد جمعت من ‏قبل . ويمكننا هذا من فهم الدافع أو الأوليات التي قدحت في ذهن ‏صاحب النظرية؛ يمكننا أن نفهم بنيوية فوكو بربطها ‏بمثدولوجية بوبر الاستنباطية .رغم أن هذه ‏تنطلق من زاوية قد تبدو لا علاقة لها -ظاهريا- بتلك. يمكننا أن نربط ‏بين نظرية لابلاس للكون ‏المحدد آليا حين قال (إن المقدرة العقلية تستطيع أن تخرج صيغة واحدة تعين جميع ‏الحركات في ‏العالم فلا يعود هناك شيء غامض في العالم ويصبح المستقبل كالحاضر ) بلعبة الكريات ‏الزجاجية ‏لهيرمان هيسة ؛ وسنكتشف استفادة بوبر من نظرية أنشتاين وهكذا يحدث لنا ذلك الترابط ‏الذهني بين عديد المعطيات ‏‏. بغض النظر عن صحة أو عدم صحة هذا الربط. ونفس الشيء في ‏بنيوية القانون حين يكون علينا أن نربط واقعة ‏بعدة أنظمة وقوانين لكي نفرع عنها عدة دعاوى ‏مدنية وجنائية وإدارية . ولكي نستطيع أن نسن تشريعا في مسألة ما ‏يجب أن نوصل نقطتنا ‏المركزية (المسألة) بخطوط كثيرة لنستطيع أن نرسم أحكاما مدنية وجنائية وإدارية لها وفوق ‏هذا أن ‏نربط القانون بالنسق الكلي -أي النظام- سواء كان القانون العام ‏common law ‎أو اللاتيني أو ‏الشريعة ‏الإسلامية ؛ بل وفوق هذا كله ؛ يجب أن نربط هذا القانون بالسياسة والفلسفة التي ينهض ‏عليها نظام الدولة ككل ؛ فلا ‏يمكن أن نتجاهل الملكية العامة داخل النظام الاشتراكي ولا يمكن أن ‏نتحدث عن تدخل الدولة في الاقتصاد في النظام ‏الرأسمالي . بل ويجب ربط القانون بالأنساق ‏الاجتماعية وأعراف كل نسق .. الخ. ‏
إن روابط المعرفة لا تنتهي وتشابكاتها وتقاطعاتها لا نهاية لها . وهذا يحتاج منا إلى أن نفهم أن ‏المعرفة ليست وسيلة ‏للحصول على درجة علمية ولا لقب يثلج نرجسيتنا الخاصة . بل هي حتمية ‏تحرك وضرورة حياة ورغبة في فهم ‏أنفسنا وما حولنا لنتمكن من التعاطي معه باقتدار . وهي بهذا ‏المنطق سبيل يجب أن ينتهج لدى الدول النامية ويجب أن ‏تتبناه الشعوب لتحدث قفزاتها ‏الإقتصادية والثقافية والتكنولوجية وتعزز من تماسكها الإجتماعي لتأمين مصيرها ‏المشترك .. ‏
أمل كردفاني
‏19أبريل2014‏
الساعة 10:46‏
ستة اكتوبر
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..