أخبار السودان

«الردع» في الخرطوم!

عبدالله عبيد حسن

دخلت الخرطومَ فجأة ثلاثة ألوية من قوات الردع السريع، وزاد من حيرة الناس أن الحكومة، وهي المسؤولة عن حماية البلاد وسكانها، صمتت ولم توضح لماذا جاءت هذه القوات بدون علمها أو أمرها! وزاد من حيرة الناس وخوفهم ما قامت به قوات الردع من استعراض عسكري وهي بكامل أسلحتها الميدانية، حيث شهد سكان العاصمة وضواحيها هذه «البروفة» الاستفزازية، فشغلهم أمرها عن بقية مشاكلهم اليومية وعن «الحوار القومي» وتوابعه.

وفي مثل هذا الجو المحير تنتشر الشائعات حول مسألة دخول العميد حميدتي وقواته المرعبة، والتي يعلم الجميع ماذا فعلت في دارفور وكردفان مما وصفته تقارير الهيئات الدولية الحكومية والأهلية، وعلى رأسها بعثة الأمم المتحدة، والتي أدى تقريرها إلى استقالة المفوضة الأممية لحقوق الإنسان اعتراضاً على تقاعس الأمم المتحدة، رغم علمها بالجرائم المرتكبة بحق المدنيين مما وصفته المفوضة العليا بأنه يرقى إلى درجة التصفية العرقية.

ولا يسمح المجال بسرد الشائعات، لذلك نكتفي بما جاء على لسان العميد حميدتي في المؤتمر الصحفي الذي عقده للرد على الشائعات وما نسب له مسجلا بالصوت والصورة.

لقد أدركت السلطة الحاكمة خطورة هذا الأمر ورأت أن تقدمه للرأي العام المحلي وللمبعوثين الدبلوماسيين المقيمين في الخرطوم. في بداية مؤتمره قال حميدتي إن قواته جاءت للخرطوم تنفيذاً للأمر الذي صدر له من قيادته العليا! أما مهمته المحددة رسمياً فهي حماية الخرطوم (لم يقل ممَن أو ما هو الخطر الذي يتهدد الخرطوم)، ثم قال إن قواته تمركزت خارج العاصمة، ونفى «الشائعات الخبيثة» التي نسبت إليه تعليقات مسيئة للقوات المسلحة السودانية، قائلا إنها هي حامية السودان وشعبه! ثم هاجم الصحافة التي «قوّلته ما لم يقله»، وضمنه ما نُسب إليه حول اعتقال الصادق المهدي. وقال إن اعتقال هذا الأخير أو إطلاق سراحه أمر من مسؤولية القيادة السياسية وليس له دخل فيه!

ورغم أن فكرة المؤتمر الصحفي كان هدفها تحسين صورة حميدتي وقواته وقطع دابر الشائعات، لكنه لم ينجح في ذلك، بل ظل السؤال قائماً: لماذا جيء بحميدتي وقواته لحماية الخرطوم؟! وممن يحميها؟ ولو افترض الناس أن هنالك خطراً سيواجه الخرطوم والسلطة الحاكمة تعلمه، ألا تكفي الأجهزة العسكرية والشرطية وميليشيات «حزب المؤتمر الوطني»؟ وهل فقدت السلطة الحاكمة الثقة في كل هذه الأجهزة وأصبحت مضطرة للاستعانة بقوات الردع السريع؟

ومن أسباب حيرة الناس في فهم التصرفات الأخيرة للسلطة، اعتقال المهدي وتوجيه اتهام له قد يعرضه للإعدام. فالمهدي الذي شارك في الحوار الوطني، مما قاد حزبه لانقسام قاعدي وقيادي، اعتقلته السلطة التي تحالف معها لأنه أبدى رأياً حول قوات الردع السريع متأثراً باستغاثات أنصاره في دارفور، لكن مجرد إبداء رأي عرّضه لاتهام خطير! فهل أرادت السلطة باعتقال المهدي إرسال إشارة لكل معارضيها، والذين هرعوا للحوار، بأن هنالك خطوطاً حمراء لا مكان لتجاوزها من معارض أو حليف؟

لعل حيرة السودانيين من تصرفات السلطة غير العقلانية قد تنتهي بتحقق نبوءة قديمة حول انقلاب «الإخوان» العسكري عام 1989 مفادها أن من سيطيح بهذا الانقلاب سيخرج من صفوف «الإخوان»، والله أعلم.

الاتحاد

تعليق واحد

  1. لماذا لا نعلم مصير الرئيس البشير هل هو في غيبوبة او قتل او انتقل لمسواه الاخير .
    لذالك وجب تعمين الخرطوم من قبل الجنجويد ومليشيات الحكومة المرتزقة .
    حسب علمي ان المليشيات الان تبحث عن بديل للبشير بعد تعمين الخرطوم من الداخل .

  2. الامور على مايبدو وفقا لمنهج مدروس ومرتب تماما
    فقد كان لحوار الوثبة مخرجات استخلصت من اراء المؤتمرين حول مائدة الحوار
    وكان الاجماع سواء بصورة مباشرة او غير مباشرة في اسقاط النظام او تفكيكه عن طريق حكومة انتقالية وطرح الحريات ومحاربة الفساد ولم يدرك المؤتمرون ان تلك خطوط حمراء للكثيرين من اعضاء الحزب الحاكم لانها تعرضهم لفقدان مواقعهم والبعض قد يتعرض للمحاكمة وكل فيهم ظل يبكي ليلاه فكان لابد من ابراز العضلات مجددا امام هذه الاحزاب وطموحاتها فتراجع النظام الحاكم عن الحريات سريعا واغلق الصحف واعتقل الصحفيين والسياسيين بمن فيهم حليفهم الذي يشاركهم الحكم في القصر بابنه الامام الصادق المهدي ولو انكر ذلك ظاهريا بل وتم نشر قوات الانتشار السريع في وجه كل من تسول له نفسه الخروج في تظاهرة ولو كان الدستور ينص ويكفل له ذلك وقد كان الخطا الفادح استعجال البعض بكشف بعض جرائم الفساد من الدرجة الثالثة مما جعل بقية الفاسدين من الدرجات الاخطر الثانية والاولى يستشعرون خطرا عظيما من استمرار الحوار وترك الامور تتداعى ويتوالى كشف جرائم الفساد وكان لابد من اخراس الالسن عن الشائعات حول الفساد صحت ام كذبت لانها تثير القشعريرة لدى الكثيرين واهون منها اجهاض الحوار وكان نشر قوات الانتشار السريع والتوعد بملاحقة مطلقي الشائعات والمناداة باغلاق المواقع الاسفيرية التى من المستحيل والعسير ملاحقاتها
    والانتخابات في موعدها والى حوار الوثبة القادم في 2019م قبل موعد الانتخابات التالية وكل عام وانتم بخير

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..