مقالات سياسية

ماسي القضاء والقانون

أسماء محمد جمعة

منذ فترة تداول السودانيون بإعجاب شديد عدد من الفديوهات لقاضي أمريكي يحكم بروح القانون ،واحدة من تلك المحاكمات كانت لسيدة سرقت المحل الذي تعمل به، وهي أم لأربعة أطفال جاءت المحكمة بصحبتهم، الاكبر عمره سبع سنوات واصغرهم تسعة أشهر ، بعدما سمع القاضي قصتها واعترافها بالجرم حكم عليها بالسجن عام مع وقف التنفيذ وإرجاع المبلغ بالتقصيد ،وبرر ذلك حتى لا يضيع الاطفال فقد يتشردوا او يتعرضوا للانتهاكات أو يصابوا بمشاكل نفسيه أو تتجتمع عليهم كل هذه المصائب، وستكون خسارة كبيرة للدولة والمجتمع هكذا قال لها.

لم يتركها القاضي تمضى بل ووعدها بأن يخاطب الجهات المسئولية لمساعدتها ،وأخذ منها تعهدا بعدم تكرار الجرم ، اعتذرت له وأخبرته أنها كانت مضطرة لذلك ولم تفعلها من قبل، تمنى لها القاضي حياة مستقرة وغادرت المحكمة وهي سعيدة بعد أن شكلت القاضي الإنسان صاحب البصر والبصيرة  .

نفس القضية حدثت في السودان مع بعض الاختلاف انظرو كيف تعامل القاضي معها ، شابة لديها خمس أطفال اكبرهم تسع سنوات واصغرهم تسعة أشهر تسكن في حي طرفي في الخرطوم، ارتكب اطفالها جريمة سرقة وليست هي ، ولن اخوض في الدوافع التي جعلت الاطفال يسرقون فالامر واضح ، واظنها هي استلمت المسروقات فقد حكم عليها القاضي بسنة سجن وأصر على التنفيذ بالرغم من تنازل الشاكي متأثرا بالمشهد الإنساني الذي حدث بينها وبين الاطفال داخل قاعة المحكمة ، اما اطفالها الاربعة فلم يعرهم اهتمامه وتركهم للظروف وزج بها هي وطفلها الرضيع في السجن تخيلوا المشهد .
وحقيقية هذا امر لا يجعلنا نشك في كفاءة القضاة بل وانسانيتهم ،فهذه خسارة كبيرة يتحملها المجتمع والدولة، و كل هذا كان يمكن تجنبه أن عمل القاضي بروح القانون وأوقف التنفيذ فقط ، بل لو تركها حسب رغبة الشاكي الذي تنازل.
هذه السيدة مجرد مثال في سجن النساء الذي يعج بمن حكمن بالسجن، ومهما كانت المدة قصيرة فإن كان هناك أطفال لا محالة هم خاسرين بفقدان امهم ، فهناك من تعرض أطفالهن للاغتصاب أثناء فترة وجودهن بالسجن ، أو تركوا المدرسة وأصبحوا مشردين او اصيببو بامراض نفسية ، إحداهن أصيبت طلفتها ذات العامين بالعمى من كثرة البكاء وما زالت كل يوم تسألهم أين ماما ، واخرى اغتصبت ابنتها ذات الثلاثة عشر عاما من قبل قريبها وانجبت طفلا ما زالت امها بالسجن ولها ستة أخوة أصغر منها ،وقصص كثيرة تنفطر لها القلوب.

السادة رئيسة القضاء والنائب العام ووزير العدل ،تحركوا من اجل اصلاح المنظومة العدلية الفاشلة الفاسدة التي خلفها النظام المخلوع وما زلتم تحتفظون بها ، تحركوا من اجل تغيير مثل هؤلاء القضاة الا انسانيين الذين ينفذون القانون كما الآلات دون مشاعر ، اوقفوا الدمار الاجتماعي الذي تتسبب فيه منظومتكم الموروثة من النظام المخلوع.
يجب أن تتحرك الحكومة الانتقالية فورا لإصلاح القضاء والقوانين، يجب أن تختار قضاة بمواصفات خاصة ليحكموا بين الناس بالعدل ،فالقانون يسخر لخدمة العدالة وليس العكس ،نريد قضاة مثل هذا القاضي الأمريكي يطبق القانون بطريقة مدهشة يعاقب ويحل المشكلة ويمنع تكرار الجريمة حتى لا تخسر الدولة ،هو قاضي ولكنه يلعب دور مصلح وباحث اجتماعي واخصائي نفسي فهل لنا بمثله.

أسماء محمد جمعة
[email protected]

تعليق واحد

  1. رئيسة القضاة نعمات من نفس طينة الكيزان وتقاوم اي اصلاحات للمنظومة العدلية وهي التي قالت لن افصل اي قاضي وهي تعلم مؤسسة القضاء عبارة حزب المؤتمر الوطني بكامل اجنحته من جهاز امن ودفاع شعبي وامن شعبي ودبابين وخلافه! ولكن يبقي السؤال من رشح نعمات لرئاسة القضاء وهي كوزة معروفة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..