( ما ح ندقس )

:: رضيع، طفل، صبي، مراهق، شاب، كهل .. هكذا مراحل الأسوياء، ولكل مرحلة صفات تتناسب مع ( العمر)..ولكن لغير الأسوياء مرحلة يسميها علم النفس بمرحلة (المراهقة المتأخرة)..وهي المرحلة التي تأتي – لغير الأسوياء فقط – عند أو بعد مرحلة الكهولة.. يكون فيها الكهل معجباً بنفسه لحد الغباء.. يصبغ شعره ويرتدي التيشيرتات والبرمودة، ويقف أمام المرآة نصف ساعات النهار ليتزيًن ويتجمل، ثم يطارد صبايا في عمر حفيداته بالغزل والتحرش..فالمراهقة المتأخرة ( وهمة كبرى)، وهي ترغم الكهل المبتلى بها على تصرفات غريبة ليبدو أمام الناس أنه أجمل شباب الحي وأكثرهم حيوية ..!!

:: وبعض الأنظمة أيضاً، أي كما بعض الرجال، تُصاب بداء المراهقة المتأخرة..ومن علامات هذه المراهقة، على سبيل المثال فقط لاغير، ما شهدتها الساحة الخضراء نهار أمس من تصرفات حكومية (غريبة شوية).. حشد جماهيري وخطب حماسية وأخرى رصينة، ثم إحتفال رقصاً وطرباً، وكل هذا ليس بمناسبة تحرير كاوده ولا إحتفاء بذكرى 30 يونيو الفائت، ولكن بمناسبة شراء و توزيع معدات طبية وأدوية لبعض مشافى ومرضى الكلى، شفاهم الله .. شفاهم الله جميعاً، أي مرضى الكلى و مرضى المراهقة المتأخرة ..ومنهم وزارة الصحة ( شخصياً)..!!

:: والتفاصيل، (134 مايكنة غسيل كلى)، وفرت منها وزارة الصحة ( 50)، ومنظمة الإغاثة العالمية (43)، ومنظمة الدعوة الإسلامية (40)، وأطباء السودان بايرلندا (5)، وشركة أسمنت عطبرة (4)، ومعاوية البرير (2)..ثم مائة كرسياً، وبعض القساطر والأدوية.. شكراً لهم، وجزاهم الله بالخيرات والبركات، هذا من حيث المبدأ القائل لمن أحسن ( أحسنت)..ولكن جمعها في الساحة الخضراء منذ عصر السبت، وأن تحرسها وزيرة الدولة بالصحة طوال ساعات ليلة السبت، ثم الإحتفال بها – ضحى الأحد – قبل توزيعها للمشافي تبدو من غرائب الأشياء..وكذلك توزيع القساطر والأدوية للجمهور مباشرة – بطريقة علينا جاي، عندنا قساطر وأدوية – يبدو من غرائب الطب في بلادنا ..إنها السياسة، وليست الصحة وطبها وطبيبها..!!

:: وعلما بأن التكلفة الكلية لهذه الأجهزة والقساطر المحتفى بها رسميا وشعبياً في الساحة الخضراء – بدون كسور وبواقي – حوالي (15 مليون جنيه)، ونصيب الحكومة فيها ( 10 مليون جنيه)، أي مليون دولار تقريبا..قيمة أقل من أن تحتفي بها حكومة بلد في أكبر ساحات البلد، ولكن يبدو أن ( الطشاش في بلد العمى شوف)، ولهذا يسعدنا مثل هذا العمل لحد الرقص والطرب في الساحات وكأن الحدث إفتتاح مصنع أجهزة ومعدات طبية.. وبمناسبة الساحة الخضراء، نجتر ذكرى أرض المعارض المؤلمة، والتي إحتفلت قبل سنوات بأجهزة مشروع توطين العلاج بالداخل والمقدرة قيمتها أكثر من ( 20 مليون دولار)، ثم كان الحصاد فساد وإهدار مال عام .. !!

:: المهم.. شكراً لوزارة الصحة، فالحدث بمثابة (شئ)، وهذا بالتأكيد خير من ( لاشئ)..وقاعة بالوزارة ذاتها – أو بأي مستشفى – هي المكان المناسب لعقد مؤتمر صحفي ( يعلن ويوضح ويشكر)..لكن البلد ( رايحة ليها إحتفال) منذ تحرير هجليج، ولذلك إختارت الوزارة الساحة الخضراء وحشدها..ويوم إفتتاح سد مروي قال أحد الوزراء بالنص : (هذا المشروع يمثل نهاية أزمة الكهرباء في السودان)، فهتفنا وكبًرنا وهللنا، ثم ( دقسنا).. أي في الليلة الظلماء إكتشفنا أن ذاك الوزير كان يمر بمرحلة (الوهمة الكبرى)..ويوم أمس، على هامش الإحتفال، قال الدكتور محمد السابق، المدير التنفيذي لصندوق دعم مرضى الكلى، لشبكة الشروق بالنص : ( أن هذه الماكينات تمثل نهاية معاناة مرضى غسيل الكلى في السودان)..نأمل ذلك، وننتظر ونحكم، أي ..( ما ح ندقس )..!!

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. والله بصراحة كان الشعب دا ما شاف خير وللاسف الشديد السودان شاف خير منذ القدم وخير ما زي باقي البشر عشان كدا دي المشكلة لمن يمسك الحكم مستجدين نعمة

  2. على قدر اهل العزم تاتي العزائم و تاتي على قدر الكرام المكارم
    و تعظم في عين الصغير صغارها و تصغر في عين العظيم العظائم
    ساقطي الهمم يقيمون احتفالا و تهريجا حتى لكشك او يافطة مرور ….
    في مستشفى في احد مناطق السعودية شهدنا تغيير كامل الاسرة – 400 سرير – باسرة ” ذكية – و 60 سرير عناية مكثفة باحدث المواصفات و التقنية و تركيب غرف عمليات رقمية و استبدال مكائن الغسيل كلها بستين مكينة غسيل كلي باحدث المواصفات …. تم ذلك دون ان يشعر احد … لا امير و لا وزير و لا مدير عام و لا حتى مدير المستشفى ….

  3. الكاتب: نجتر ذكرى ( أرض المعارض ) المؤلمة

    أخي ساتي:
    أين ذهبت أموال عائد بيع الأراضي التابعة لأرض المعارض
    تم بيعها بالدولار في دول الخليج حوالي عامي 2005 / 2006
    بأمر رعاية عبد الرحيم حمدي رئيس مجلس إدارة هيئة المعارض

  4. منو القال ليك الشعب كلوا داقس
    بعد 4 سنوات حيكون في احتفال كبير بالساحة الخضرا المناسبة استيراد 3 مولدات كهرباء من الصين لانارة الخرطوم وامدرمان والخرطوم بحري

  5. أستاذ الطاهر… تحية طيبة

    شوف ياالطاهر… في سبيل التخلص من الكيزان… ممكن أقف مع العسكر ضدهم…

    ليس حباً في العسكر…لكن العافية درجات…و لأن مشاكل البلد سببها الكيزان…

    لا العسكر….حتى لو كان بعض هؤلاء العسكر….كيزان…

    أنت تشمت في تصرفات العسكر الآن…بعد أن أزاحوا عتاولة الكيزان…

    و الحقيقة…كل تصرفات الكيزان…من زمااااان…. تدعو للدهشة لغبائهم المفرط

    و الذي حدث بالساحة الخضراء…جزء من إرثهم… فما الجديد؟

    علي الأقل…كسبنا 134 ماكينة غسيل كلى…

    أخير من المسيرات البلا مكسب أيام سطوة الكيزان…

    فضحت كوزنتك المستترة…

  6. بكرة نسمع ان المحاليل التي تستعمل في غسيل الكلى غير متوفرة وتظل الماكينات مجرد ديكور يزين ردهات وغرف المستشفيات

  7. بكرة نسمع ان المحاليل التي تستعمل في غسيل الكلى غير متوفرة وتظل الماكينات مجرد ديكور يزين ردهات وغرف المستشفيات

  8. يا ود ساتي والله حتدقس وتدقس وتدقس

    لأن الشعب كله داقس، ومافي قانون عقاب فعال
    بل كله ماشي علي وتيرة التحلل، وخليها ماشية كده، والمسامح كريم، واللي سبقونا سووا سواتنا ما حاسبتوهم ليه، وعفا الله عما سلف.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..