مقالات، وأعمدة، وآراء

الله أحقُّ أن نخشاه

أحمد يوسف التاي

نبض للوطن

(1)
غداة مسيرة 16 أكتوبر التي انتهت باعتصام القصر، يوم أن حُشر طلاب الخلاوي في صعيد واحد مع أنصار النظام المخلوع واسترهبوا الناس بحشد عظيم ، يومها قلنا إن تصحيح مسار الثورة لن يتم بهذه الطريقة المشبوهة التي فتحت الباب واسعاً أمام سيول من علامات الإستفهام… رفضنا التصحيح بالوسائل المشبوهة والإجراءات الخاطئة، والنهج الإستقطابي الهتافي القديم مع إقرارنا التام بأن هناك أوضاعاً بحاجة ماسة للتصحيح والتصويب… لكن قطعاً فإن وسائل التصحيح وإجراءاته التي تعيد النظام المخلوع إلى المشهد بشكل أو آخر فإنها تظل إجراءات مشبوهة ومرفوضة لأنها تعمد إلى تصحيح الخطأ بالخطأ الأكبر… الآن بذات المنطق الحاسم والقاطع نقول إن تصحيح مسار الثورة لن يكون بأي حال من الأحوال بفرض الأمر الواقع وإقصاء الشركاء وخرق المواثيق وفقاً لمنطق القوة، لا منطق القانون والوثيقة الدستورية…
(2)
غداة الانقلاب على الشركاء المدنيين استمعتُ عبر إذاعة أم درمان إلى د. ناجي مصطفى الخبير القانوني الذي بدا مدافعاً عن الوضع الجديد وهو يقول إن هذه الإجراءات أعادت المجلس العسكري السابق كجسم قانوني يمكنه إصدار القرارات ويمكن للبرهان أن يتخذ أي إجراء بوصفه رئيساً للمجلس العسكري، ورغم هذه (الوصفة السحرية) التي سوَّقها له د. ناجي إلا أنه ـ أي الفريق البرهان ـ ظل يصدر القرارات ويقيل المسؤولين في حكومة الثورة بوصفه قائداً عاماً للجيش السوداني، علماً بأن هذه الصفة لا تخول له إصدار هذه القرارات لا بالوثيقة الدستورية ولا غيرها مما يعني بطلان كل تلك القرارات… هذا بالطبع يقودنا أيضاً إلى النقطة التي استهللتُ بها هذا المقال وهي التصحيح “الخطأ” بخطأ أكبر منه ، مثل الذي يريد تصحيح الخطأ بالخطيئة، والانحراف بـ “الانزلاق”…
(3)
في المؤتمر الصحافي الذي عقده بعد الإطاحة بحكومة حمدوك، اسهب البرهان في ذكر تشكيل المجلس التشريعي ومجلس القضاء العالي والمحكمة الدستورية، لكني على ثقة تامة أنه ـ أي الفريق البرهان ـ إذا مضى في تلك الإجراءات ووصل إلى محطة تشكيل المحكمة الدستورية، فإن بطلان وإلغاء القرارات التي جاءت بعد الخامس والعشرين من أكتوبر سيكون أول حكم ستصدره المحكمة الدستورية وهو أمر لن يكلفها طرفة عين لعدم وجود اختصاص وصلاحيات دستورية تخوِّل للقائد العام للجيش إقالة وتعيين مسؤولين بالدولة…
(4)
مهما كانت المبررات لما جرى في الخامس والعشرين من اكتوبر تظل القضية برمتها أزمة سياسية بين شركاء الحكم الانتقالي، ولا سبيل لحلها إلا بوسائل سياسية عبر الحوار والتفاوض وتغليب المصلحة الوطنية بعيداً عن ردود الفعل والانتصار للذات… قلنا من قبل إن هناك أحزاباً محددة حاولت فرض نفسها على المشهد السياسي واختطافه، وأن عملية إعادتها إلى جادة الطريق يجب أن تكون بالحوار والوسائل السياسية حتى إجبارها على توسيع قاعدة المشاركة باستيعاب زملاء النضال لا بالانقلاب عليها وإبعادها كلياً واعتقال قياداتها طالما أنها شريكة في الحكم، فإذا هي قد أخطأت وانساقت وراء أطماعها وطموحاتها السياسية، وأقصت آخرين فليس من المعقول أن تكون المعالجة بإقصائها هي الأخرى على غرار (وداويني بالتي كانت هي الداءُ).
(5)
ناصرنا ثورة الشعب السوداني لأننا جزء منه، ودافعنا عن شعاراتها وأهدافها ومبادئها، ولم ولن ندافع عن أحزاب سياسية ولا عن رموزها… وقفنا في وجه المنحرفين عن شعارات الثورة وأهدافها، وواجهنا المختطفين الذين سعوا وراء قطف ثمار الثورة قبل “تنظيفها” من دماء الشهداء، ووقفنا في وجه الذين ساروا على نهج المؤتمر الوطني بعد ان آلت إليهم مقاليد السلطة واستيقنتها أنفسهم عدواناً وظلماً ،وركنوا لنشوتها وسكرتها، ووقفنا في وجه الاصطفاف القبلي الذي احتمى به المكون العسكري بعد فض الاعتصام ومحاولات إجهاض الثورة، ومن هذا المنطلق نقف اليوم في وجه الإنقلاب على الشركاء المدنيين… ذلك لأننا لن نصفق لباطل ولن نزينه والله وحده أحق أن نخشاه… اللهم هذا قسمي فيما أملك.
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائمًا في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق أنه يراك في كل حين.

‫3 تعليقات

  1. يا سلام عليك يا أستاذ التاي وطبعاً من قولك هذا واضح أنك لا تقبل إطراء على ما قلت الحق ومن أجل إحقاقه لا المتاجرة به — حقاً إن هذا المدعو ناجي مصطفى هذا شخص مدعٍ وجاهل بالقانون والسياسة وحقو المؤسسة التي تستخدمه أن تبعده من حقل تدريس القانون لمجرد زعمه ذاك – ونقول له طيب لما يعود النظام الحاكم لسابقه بمجرد زوال النظام الذي خلفه – هكذا وبدون كيف خالفه نظام آخر وكيف زال! – فلماذا لا يعود الوضع بعد اسقاط النظام المباد إلى النظام الذي كان قائماً قبل 30 يونيو 1989م كما نادت به مريم الصادق رقم أن رموز ذلك النظام قد تفككت وزالت بعد أن عجزت عن استعادة حكمها مباشرة بعد خطفه منها؟
    إن هذا الجاهل المدعو ناجي مصطفى بغباوته تلك يورط أكثر من سعى للتبرير له والذي يعلم أنه ارتكب جريمة الانقلاب ويحاول بكل من حوله أن ينفي عنه ذلك وأن ما فعله ليس انقلاباً ولكنه تصحيح مسار وفعلاً جعل كل من حوله والطامعين في وظيفة منه ينطقون بصوت واحد في وسائل اعلامه بأن ما فعله البرهان ليس انقلاباً حتى يخدعوا العالم ويتجنبوا تبعة الانقلاب وعقاب المجتمع الدولي والمحاكمة على الجريمة وهم في غمرة ذلك وكادوا أن ينجحوا اذ يخرج عليهم هذا الأبله ويعيدهم للمجلس العسكري الانقلابي الذي لاخلاف على أنه كان انقلابياً مع أن صاحب الانقلاب ظل يردد ويعيد بأنه تصرف كقاعد عام وليس رئيس مجلس سيادة حتى – حتى لايقول هذا الأبله أن مجلس السيادة حل نفسه فيرجع الوضع لما قبل حله!- ولفرط بلاهة هذا الزلنطحي لم يعره الوهمان ومستشاروه أية أهمية وتجاهلوه وإلا تورطوا معه اذ يعد ذلك اقراراً بانقلابهم!
    وحمار قانوني آخر يلقب نفسه بود ابوه وقدمها على أنه خبير قانوني سبق أن قال على فضائية الجزيرة أن الانقلابي الوهمان طالما أعلن حالة الطواريء فيحق له أن يفعل أي شيء طالما هناك حالة طواريء معلنه! ونسي هذا الحمار أن إعلان حالة الطواريء نفسه يحتاج لسلطة أو تفويض وليس للفاعد العام للجيش تلك السلطة أو التفويض من أي جهة ومضى بسلامته لأن مضيفه لا يفقه في القانون ولو كان أحدهم مرر له هذه المعلومة لكان مصيره من البهدلة أمام العالم ليس أقل من مرمطة عسكوري الذي طار من شباك الفضائية بحيلة إمهاله لليوم التالي وما زال هارباً من العدالة تتندر به الكاريكاتيرات!

  2. المعتوه عامل دكتور اة في القانون ولسع ما فاهم أثر زوال أو إزالة الوضع غير القانوني أو المعيب قانوناً هو عودة الأمور إلى نصابها وليس العكس ! أي إذا كان الوضع صحيحاً أو قانونياً فانقلب أو صار غير قانوني فإن زوال الوضع غير القانوني أو زوال الصفة التي تجعله كذلك تعيد الأمر إلى وضعه القانوني الصحيح وليس العكس كما أراد يفهمنا هذا المعتوه بأن الوضع الدستوري القانوني الصحيح الذي أعقب انقلاباً مخالفاً للدستور، إذا زال (ولا يتصور زواله إلا بانقلاب آخر) فسيعود الوضع الانقلابي السابق للوضع الدستوري الذي زال!! هل هذا شخص عاقل وقانوني كمان؟؟ انه معتوه بلا شك!

  3. إنه تصحيح أكذوبة ومزيف فلا يغشكم هذا الوهم هو ومن سولوا له الأمر لمصالح شخصية لصوصية غير سوية من فاقد تربوي وتعليمي أغبياء مثل مناوي معقولة هل أمثال هؤلاء يخدعون شعباً كاملاً بثورته الشبابية؟؟

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..