خروقات ‘النهضة’ الانتخابية تثير حنق التونسيين

تجمع العشرات من التونسيين قالوا إنهم يمثلون المجتمع المدني وليس لهم انتماء حزبي، أمام مقر المركز الإعلامي لانتخابات المجلس التأسيسي بقصر المؤتمرات بتونس العاصمة.

وأصر المحتجون على مطالبة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بتوضيحات حول "التجاوزات والخروقات التي قامت بها حركة النهضة يوم الأحد في العديد من مكاتب الاقتراع في عدة مناطق من البلاد".

وتدخلت قوات الأمن وحالت دون دخول المحتجين إلى المركز.

وكان "ميدل ايست اونلاين" قد عاين عددا من الخروقات في مراكز الاقتراع منها تواجد أشخاص ملتحين ويرتدون الدشداشة البيضاء ويحاولون استمالة الناخبين.

وقال مركز" شاهد" أن عددا من الأشخاص وزعوا مبالغ مالية على الناخبين لشراء أصواتهم.

وتحدث شاهد عيان في محافظة قفصة الجنوبية لقناة تلفزيونية خاصة أن رئيس مركز الاقتراع بالجهة سحب من 30 مواطنا بطاقة العريف الوطنية ليعود إليهم بعد حوالي نصف ساعة ويشعرهم أن أصواتهم "وصلت إلى صناديق الاقتراع".

وندد حمة الهمامي المنسق العام لحزب العمال الشيوعي التونسي "بتجاوزات حركة النهضة في مراكز الاقتراع".

وقال بسام البنبلي، احد الشبان المحتجين بكل تشنج أنه "من غير المعقول أن تغض الهيئة العليا المستقلة للانتخابات الطرف على التجاوزات التي تم تسجيلها في عدد من مكاتب الاقتراع وهي على علم بهذه الخروقات".

وأكدت ألفة العجيلي "أنها تملك تسجيلات بالفيديو وآلات التصوير على ما تثبت تجاوزات وخروقات قامت بها حركة النهضة " خلال انتخابات 23 أكتوبر/ تشرين الاول 2011 مشيرة إلى أن "بعض الملاحظين الذين عاينوا التجاوزات رفعوا الأمر إلى المكاتب الفرعية للهيئة التي تجاهلت الوضع ورفضت الإنصات إليهم".

وشدد محمد قلنزة على أن الممارسات التي قامت بها حركة النهضة "تذكره بما كان يقوم به حزب التجمع الدستوري الديمقراطي المنحل".

وعبرت آمال المثلوثي عن استياءها من صمت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات إزاء التجاوزات التي حصلت خلال يوم الاقتراع وما قبله من كل الأحزاب وسيما من حركة النهضة.

وأضافت قائلة "إني ككل المحتجين أطالب على الأقل بتحقيق جدي في ما حدث من تجاوزات لقانون الانتخابات".

وأوضح رضا الطرخاني عضو الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تصريحات صحفية أن "ردود الأفعال هذه سابقة لأوانها باعتبار أن الهيئة المركزية هي الوحيدة المخول لها قانونا النظر في النتائج الواردة من الهيئات الفرعية والمصادقة على نجاح القائمات أو إسقاطها" مشيرا إلى ان "أي تجاوز أو خرق للقانون يقع إثباته رسميا سيجعل الهيئة تصرح بسقوط قائمات ولو أعلن عن فوزها".

وتلقت القوى الديمقراطية والحداثية التسريبات بشأن فوز حركة النهضة بكثير من التوجس إن لم نقل الخوف ورأوا فيها زلزالا تونسيا حقيقيا سيعيد رسم خريطة سياسية لتونس.

وقال وحيد الهمامي وهو ناشط يساري "لقد حصل ما كنا نخشاها، انتهى الأمر وفازت النهضة" مضيفا "أنه بات لزاما على القوى الديمقراطية بجميع أطيافها أن تتوحد في إطار جبهة ديمقراطية أو تحالف ليمثل قوة معارضة لمشروع النهضة".

وأبلغت قيادات يسارية "ميدل ايست اونلاين" أنها "شرعت في إجراء اتصالات في ما بينها من أجل تشكيل جبهة يسارية ديمقراطية لتكون قوة سياسية قادرة على مواجهة مشروع حركة النهضة الذي يهدد المكاسب التي تحققت للتونسيين نتيجة نضالات قادها مفكرون ومصلحون وكذلك يساريون من الستينات من القرن الماضي خلال نظام الزعيم بورقيبة".

وأضافت "القوى الديمقراطية حاضرة في مفاصل المجتمع التونسي بقوة وليست مستعدة للتفريط في النظام الجمهوري وفي دولة القانون والمؤسسات ولا في الفصل بين ما هو ديني وما هو سياسي".

وتابعت المصادر نفسها "بإمكان النهضة أن تحكم إذا ما منحها الشعب شرعية الحكم ولكن عليها أن تكون على يقين بأن هناك قطاعات واسعة من المجتمع التونسي ترفض مشروع النهضة".

لكن عضو المكتب السياسي للنهضة نور الدين البحيري طمأن التونسيين في تصريحات صحفية مشيرا إلى أنه لا مبرر للتخوفات لدى الحداثيين، حركة النهضة ستحترم الجميع بقطع النظر عن النتائج وبقطع النظر عن الانتماءات السياسية والفكرية".

وقال لاذاعة خاصة ان "تونس لكل التونسيين وقدر التونسيين ان يعيشوا مع بعضهم وان يحترموا التنوع والتعدد"، مضيفا "نحن مع التوافق والعمل التجميعي وضد تقسيم المجتمع التونسي على أساس إيديولوجي لان بلادنا في حاجة لكل أبنائها وكفاءاتها" مؤكدا "نحن ضد كل إقصاء او استثناء".

لكن التيارات اليسارية لا تثق كثيرا في خطاب حركة النهضة وتؤكد أن الحركة تستعمل خطابا مزدوجا، الأول للاستهلاك السياسي خلال الاجتماعات العامة والتصريحات الصحفية، والثاني خطاب عقائدي تستعمله داخل أوساطها".

وقال الخبير القانوني كمال سعيد في اتصال هاتفي لـ "ميدل ايست اونلاين" إن "فوز حركة النهضة لن يكون إلا نسبيا إذ لا يمكنها أن تحتكر مقاعد المجلس التأسيسي وذلك لأمر بسيط وواضح وهو أن قانون "النسبية" المعتمد في الانتخابات يحول دون أن يحتكر حزب من الأحزاب مقاعد المجلس ومن ثمة الحياة السياسية".

وتابع الخبير القانوني "صحيح أن هناك تخوف من استئثار النهضة بأغلبية الأصوات خاصة في معاقلها التقليدية لكن ذلك لا يعني استئثارها بكل المقاعد ولا يعني احتكارها للحياة السياسية".

غير أن مراقبين تحدث إليهم "ميدل ايست اونلاين" أوضحوا أن المسألة ليست قانونية ولا تتعلق بالنسب المئوية بل أخطر من ذلك، ملاحظين "في حال فوز النهضة سيفرض على تونس مشروع مجتمعي إسلامي تطبق فيه الشريعة وفي أفضل الحالات سيكون على الطريقة التركية، وهذا احتمال وارد في ظل تشرذم القوى السياسية الأخرى خاصة التيارات اليسارية".

وأكد المنصف المرزوقي زعيم حزب المؤتمر من اجل الجمهورية ان "تونس بلد لا يمكن ان يحكمه الا أهل الوسط في كل القوى السياسية"، مضيفا انه "ضد التطرف يمينا او يسارا".

وأضاف انه "لا حزب يمكنه ان يحكم تونس لوحده وستقع تحالفات وفق برامج سياسية لإقامة حكومة وحدة وطنية".

وبرأي محللين سياسيين أن حركة النهضة إذا ما فازت بأغلبية الأصوات فلن تتمكن من أن تحكم تونس لوحدها مشيرين إلى أن الوضع القائم وطبيعة المجتمع التونسي ستفرض عليها تشكيل "حكومة وحدة وطنية" وهذا في صالح النهضة نفسها.

وقال المحلل السياسي مراد التركي "إذا اختارت النهضة أن تحكم تونس بمفردها تكون قد ألقت نفسها من حيث لا تدري في محرقة، إن النهضة تعوزها التجربة في تسيير دواليب الدولة وهي لا تمتلك برامج واضحة قادرة على توفير الشغل لأكثر من 700 عاطل وعلى إخراج 25 بالمئة من التونسيين من حالة الفقر".

وأضاف التركي يقول "لقد صوت التونسيون بكل حرية وربما منحوا أغلبية أصواتهم لحركة النهضة التي استفادت من مناخ الحرية بعد الثورة وخاضت حملتها الانتخابية في المساجد وفي الأحياء الشعبية مستغلة الأوضاع الاجتماعية للناس ووعدتهم بحل مشاكلهم لكن وعودها لا تعدو أن تكون شعارات حملتها الانتخابية، وعندما تمارس السلطة وتباشر الملفات المطروحة ستدرك أن فوزها محرقة".

ميدل ايست أونلاين

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..