صلاح حاج سعيد.. حين يختزل الشعر المسافات وينسرب إلى المسامات

الخرطوم ? عثمان الأسباط
شكلت حروفه الرنانة وكلماته الصادقة المعبرة أجمل الأغنيات في بلادنا، وعلى غزارة إنتاجه الشعري، دفع صلاح حاج سعيد بسهمه الإبداعي منصلتاً ليصيب بدقة مكانة سامقة بين شعراء الغناء الكبار، ويجلس مسترخياً في مقاعد العظام. وإذ ظلت كلماته مثل سهام الحب تخترقك لتحييك، وتثقبك لتعيش ملتئماً، كلمات من معين العشق، تنسرب إلى ثنايا الألحان وتشرب من مظان ينابيعها الصافيات – تغرف بيديها ? منها زلالاً.
مطربون كبار، نهلوا من نبعه العذب، تزاحموا حوله وتنكابوا وكأنهم يرددون “والمنهل العذب كثير الزحام”، فأعادوا إنتاج ما نهلوا أغنيات أكثر عذوبة، أغنيات كاملة العناصر، ونثروهاعلى الناس فاستقرت في الأفئدة واحتلتها إلى الأبد.
(1)
وصلاح الدين حاج سعيد البدوي، ولد في الخرطوم، وتلقى تعليمه في المدرسة الأولية، ومن ثم (الخرطوم شرق)، والخرطوم الأهلية الوسطى، ثم جمال عبد الناصر المصرية الثانوية، إلى أن تخرج في جامعة القاهرة فرع الخرطوم “النيلين” كلية الحقوق 1974م. ثم التحق بالعمل في عددٍ من المؤسسات القانونية من ضمنها مؤسسة التأمينات الاجتماعية، وتدرج حتى صار “رئيسا” لها، قبل أن يتقاعد عام 1990م.
(2)
بدأ تجربته الشعرية في عام 1960م، في عمل مع الفنان محمد ميرغني بعنوان (بعد وحيد)، تقول بعض مقاطعه (كفايه الوحدة ما بقدر طريقك تاني أمشيهو/ هو أصلو العمر كم مرة عشان نهدر أمانيهو)، ثم توالت الثنائية بينهما، فقدم صلاح لمحمد ميرغني (ما قلنا ليك) و(لو كان عصيت أمرنا)، ثم اتجه ناحية (البلابل) بـ (نوّر بيتنا) وصوب عثمان مصطفى بـ(صدقني) و(نحن البينا ما ساهل).
وظهر نبوغه الشعري بسطوع عندما شكل ثنائية رائعة مع الراحل مصطفى سيد أحمد فكانت (الشجن الأليم، المسافة، الحزن النبيل، قمر الزمان، كان نفسي اقول لك من زمان، عدى فات، قلت ليها، طوريتك، عزة هوانا، الزمن الخرافي، عينيك مدن) وغيرهم من الروائع، ودفع بعدد من القصائد الجميلة للفنان الهادي الجبل مثل (عفو الخاطر) ولمحمد الأمين (نرجسة)، و(يا جميل) لحسين شندي، ولدى صلاح سعيد أغان جديدة لأحمد بركات وشموس وعصام محمد نور.
(3)
يعتقد كثير من النقاد أن صلاح كتب أجمل أغنية سودانية في الثمانينيات، وهي أغنية (المسافة) لمصطفى سيد أحمد والتي يقول مطلعها: (لسه بياناتنا المسافة والعيون/ واللهفة والخوف والسكوت/ ورنة الحزن البخافا/ تعدي بالفرحة وتفوت
وأمشي بالحسرة وأموت). إذ مثلت كلماته، ولا تزال، ملاذاً للعاشقين، منحتهم أغنيات الوجد والمحبة الدفاقة وحقنتهم بآمال المحبين المنتظره، اجتمع حول شعره الجميع من مختلف الجهات السياسية والفكرية، رموز اليمين واليسار وما بينهما، لأنه شاعر يعبر بك من صغائر السياسة إلى (كبائر) الإنسانية
اليوم التالي
البداية سنة 1960، التخرج سنة 1974، التقاعد سنة 1990، ما أظن التواريخ دى صحيحة!!