بعد تحويل الارض إلى قضية حيازة..لا تسألوا عن الانتاج في أي مجال

بسم الله الرحمن الرحيم
لعل من كبري جرائم النظام ..هي التعامل مع قضية الأرض بصورها الشاملة والمتعددة..سواء أكانت زراعية أو رعوية أو سكنية ..حيث تم تحويلها بالكامل من عنصر إنتاج يضخ خيره في إقتصاد الدولة..إلى قضية حيازة ينتفع بها أفراد وجماعات محدودة..ولئن كانت للمشكلة جذورها منذ تخصيص الاستعمار لمساحات كبيرة لأسر بعينها في غياب الوعي بالأمر من عامة الناس..إلا أن سلطة الاسلامويين قد بلغت بها أسوأ مراحلها..ما كان له أثره المدمر في إقتصاد الدولة ومعاش سكانها.
ففي المجال السكني بدأ النظام بفرية كبري أسموها بالخطط الفئوية.. وذلك بتخصيص القطع السكنية للفئات المختلفة من العاملين بالدولة عبر النقابات التى تم تكوينها..بل وزادت الحبكة بأن التصرف بالبيع ممنوع لمحاربة السماسرة ..ولكن اتضح بعد ذلك بأن نظام الحكم ذو التكاثر الأميبي في الولايات والمحافظات لا مورد له إلا رسوم الأراضي..وعينك ما تشوف إلا النور.. كيف لا والقطعة الواحدة يتم في كل مرحلة تداولها وتضخ الرسوم إلى خزينة الولاية.. وهكذا بيعت معظم القطع جراء الحاجة في تعليم الأولاد والعلاج..ثم تبارت وزارات التخطيط العمراني في التوسع دون أي رؤية مستقبلية فتمددت المدن ..حتى جاورت خطط الإسكان أحياء ولاية الخرطوم مع ولاية شمال كردفان!!كل ذلك كان خصماً على أراض كان يمكن الانتفاع بها في مجال الانتاج الزراعي خاصة البستاني للصادر..ولا أحسبنى محتاجاً إلى التذكير بتردى الخدمات جراء التوسع الأفقي بدلاً عن التوسع الرأسي الذي تم الالتفات إليه بعد فوات الأوان.. ونفاذ المساحات ولكن في مخططات سكنية تمارس فيها نفس الأساليب..ويذهب ريعها إلى نفس الجيوب وذات الخزائن.. وهل كانت قضايا فساد مكتب والي الخرطوم وغيرها إلا من نتاج هذه الرؤية إلى الأرض؟وهكذا صارت عبر هذه العقلية البلاد أكبر مركز لغسيل الأموال ظهر إثرها ذوو مال ونفوذ من العدم..يغذون بها حروب النظام وجرائمه..
أما القطاع الزراعي والرعوي..فحدث ولا حرج..فهل حروب دارفور في أهم أوجهها إلا حروب غذتها عقلية الحيازة التي أطلق لها النظام عنانها..وانحازت بها إلى مجموعات سكانية مقابل أخرى؟ وزيدت نار حروبها حطباً بإضفاء الطابع العنصري ..فخرجت مساحات واسعة من الانتاج..وتم تدمير الريف بالكامل ..ليغادر سكانه إلى المدن الكبري ويصبحوا رصيداً مضافاً لتجارة الأرض السكنية وحيازتها لتستمر الدائرة الخبيثة والحلقة الجهنمية..كل ذلك عوض التفكير في الخطط اللازمة لادخال الحيوان في الدورة الزراعية..ولم تسلم المشاريع المروية من البيع رغم أنها أراض حكومية ..خاصة مع قضايا الورثة التي تغذي نفس العقلية التجارة فيها..فأصبحت الحواشات تتداول بين الباعة والمشترين والسماسرة بمكاتبات تتم بمكاتب المحامين!!..وانتبهت قرون استشعار النظام ..لتجني من ورائها الأرباح التجارية..فتزاد رسوم المياه وتتضاعف بين الموسم والآخر..ثم تصبح الأرض ضحية شركات البذور والأسمدة والمبيدات ..وموردي ومالكي الآلات الزراعية..ليصبح المنتج المغلوب على أمره الخاسر الأكبر..فكيف يتوقع النظام إنتاجاً من وراء هذه المعيقات..ويا للهول..تصف العامل الذي يكد كل موسمه في هذه الحقول بالكسل وعدم الانتاج ؟
والخطر القادم في هذه المشاريع يزحف حثيثاً دون أن يلحظه دارس..فتدمير المراعي جلب أصحاب الحيوانات إلى حواف ترع المشاريع المروية سكناً ..فبصرف النظر عن المضار الصحية..فإن أعداد الحيوانات في تزايد كبير..والصراع آت لا ريب فيه.
كل ذلك وما في المشاريع المطرية من إعسار وتجارة إعسار في الواقع هو تفريخ نفس العقلية.
فإذا كانت البلاد يفترض فيها بأنها زراعية..وتم تدمير الزراعة ..فهل نتوقع صناعات مزدهرة تستند على الانتاج الزراعي ؟ أم نتوقع الماثل الذي نستورد فيه لبن البودرة والخضروات المعلبة والطازجة؟ ونبكي على أبواب المصانع التي تغلق أبوابها وتتزايد خرائبها كل يوم؟
والسؤال الذي نختم به..أبعد كل ذلك يريد وزير المالية إنتاجاً.؟.ودون أن يكتفي بهذا الطلب البعيد المنال..يعمل لسانه وقلمه في الإساءة إلى المنتج السوداني ؟ كفانا الله شركم.