مكافحة الفساد .. حالة استرخاء

نبض المجالس

حينما اعلنت رئاسة الجمهورية في اوائل العام 2012 عن مولودها الشرعي الجديد وقتها تحت مسمى “آلية مكافحة الفساد” واختارت لرئاستها القانوني والاداري الفذ الطيب مصطفى ابوقناية , سخر الخصوم من هذا الاختيار لاعتقادهم بان جيوش الفساد لا يمكن ان تحارب “بقناية” وانما تحتاج الى سلاح من الطراز الثقيل اقلها ان يكون هذا السلاح سيفا بتارا بدلا من “القناية” او هكذا كانوا يظنون , ولذا كانت الفكرة وقتها ان الدولة وعلى قمة قيادتها متحمسة على مستوى خطابها السياسي لمكافحة الفساد والمفسدين وتحسين صورة الاداء المالي والدستوري في ذهنية الراي العام السوداني خصوصا ان البلاد كانت تستشرف حقبة رئاسية جديدة توجتها انتخابات 2015 .
فلم تخيب الحكومة ظن المتشائمين فسقط رهانها واجهض مشروع المكافحة ضد الفساد بعد ان تبددت الفكرة وتلاشت ثم اختفت وتنساها صناعها قبل الاخرين ولهذا ربما اسقطت من الذاكرة تماما قبل ان تقدم الى ساحة القضاء فاسدا او مجرما انتهك الحق العام , ورغم كل ذلك لم ينضب معين الدولة في انتاج الافكار والعبقريات لمكافحة الفساد حتى لو كان ذلك على المستوى النظري , فولدت ايضا فكرة مفوضية مكافحة الفساد في اعقاب تنصيب السيد رئيس الجمهورية لفترة رئاسية جديدة عبر شرعية انتخابات 2015 فتم اعلانها كمشروع جديدة لتقليص دائرة الفساد وبارادة سياسية جديدة وبصلاحيات واسعة واجيز قانونها في العام 2016 عبر البرلمان ولكنها ايضا توقفت عند هذه المحطة ولازال الناس هنا يتحدثون عن تلك الصلاحيات الواسعة لمفوضية لم تولد بعد او لم تشكل حتى الان اجهزتها وهياكلها فما الجدوى اذن من اطلاق كل هذه الصلاحيات في الفضاء دون هياكل تتكي عليها ؟ ام ان هذه المفوضية الموعودة هي مجرد احلام في الخاطر او “تلويحات” تطلقها الحكومة بين الحين والاخر للتخويف فقط ؟ .
وهذه المفوضية “الغائبة” وبمعطيات الواقع اصبحت امرا لا يحتمل التاخير ولا يقبل التسويف لان الدولة الان في اشد الحاجة الى اجراءات وقرارات حاسمة وشجاعة لاصلاح العلاقة اولا بينها وبين شعبها وثانيا هى تحتاج اكثر من اي وقت مضى الى تفعيل كافة آلياتها لايقاف مظاهر النزيف والهدر في الحق العام وهى مطالبة وبشكل عاجل الى بناء استراتيجية قومية لتفكيك معسكرات الفساد وردع عصاباته تلك هى المطالب التى نادت بها مجموعة ما يسمى بمنظمة الشفافية السودانية والتى تحدثت قبل ايام عن ضرورة استكمال منظومة مكافحة الفساد في الدولة واعتبرت ان تاخر اعلان تشكيل مفوضية مكافحة الفساد فيه انتقاص كبير لهذه الارادة , ولكن يبقى السؤال المشروع ..اين تقف الحكومة من قضية مكافحة الفساد ؟ وماهو شكل وطبيعة المشروع القادم الذى يمكن ان تتبناه الدولة لحماية الحق العام ؟

[email][email protected][/email]
زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..