خارجيتنا تتزحلق على الموزة مرتين

بشفافية

خارجيتنا تتزحلق على الموزة مرتين

حيدر المكاشفي

لم ندر بأي الرأيين نأخذ حول مشاركة أو عدم مشاركة وزير خارجيتنا السيد علي كرتي في الاجتماع الوزاري غير العادي لوزراء الخارجية العرب، المفترض أن يكون قد التأم بالقاهرة مساء أمس بمقر الجامعة العربية لاختيار أمين عام جديد خلفاً للسيد عمرو موسى، الذي انتهت ولايته الثانية ولم يتطلع لثالثة تبقيه في منصب الامين العام، فطموح الرجل قد تجاوز الامانة العامة الى سدة الرئاسة باعلانه نيته الترشح لمنصب رئيس الجمهورية المصرية في الانتخابات المرتقبة، فقد جاء في إحدى صحف الأمس أن وزيرنا كرتي سيشارك في هذا الاجتماع، بينما ناقضتها صحيفة أخرى وقالت إنه لن يشارك، ولكل صحيفة بالطبع مصدرها وحيثياتها ولا ذنب لأي منها في هذا التضارب والارتباك الذي تتحمله بالكامل الوزارة واليوم سينجلي الأمر في الإعلام إن كان الوزير قد شارك أو لم يشارك وليست هذه هي القضية رغم أهمية أن يشارك السودان في هذا المحفل الهام بأعلى وأرفع تمثيل، القضية هي هذه «الجليطة المزدوجة» التي ارتكبتها الوزارة مرتين، لم تكتف بالوقوع في سوء التقدير بل أعقبته بفساد التبرير وتلك حكاية تستدعي إلى الذاكرة حكاية أحد الأغبياء الذي تزحلق على قشرة موز مرتين، لم يسقط على الأرض مرة بل مرتين، والمفارقة أن قشرة الموز التي أسقطته للمرة الثانية كانت على مرآى ناظريه ولكنه لغبائه لم يستطع تفاديها، وتقول الحكاية إن هذا الغبي سقط «على قدومه» بعد أن زلت قدمه على قشرة موز، نهض ونفض ثيابه وتحسس جبينه الذي أصيب ببعض الكدمات، ولم يكد يمضي سوى بضع خطوات رأى على البعد قشرة موز أخرى ولكنه بدلاً من أن يتفاداها تأوه قائلا «يووووه دي مصيبة شنو حأقع تاني» وفعلاً سقط مرة أخرى…
هذا بالضبط ما فعلته وزارة الخارجية، حين طلبت تأجيل اجتماع وزراء الخارجية العرب إلى موعد لاحق حتى يتسنى لوزير خارجيتنا علي كرتي المشاركة فيه بحجة أن الوزير مشغول هذه الأيام ولن يتمكن من حضور هذا الاجتماع المهم، ومرة أخرى حين اجتهدت في التماس الأعذار لأمانة الجامعة العربية عندما رفض طلبها، ولا نعرف سبباً لوزارة خارجيتنا يجعلها تستشعر في نفسها كل هذه العظمة والأبهة والكلمة النافذة والأمر المطاع لتتقدم بكل ثقة بهذا الطلب العجيب والذي يذكرني بملك العجائب العقيد «المزنوق» القذافي عندما طالب في وقت سابق وفي شطحة من شطحاته باجراء تحليل الـ «DNA» على الايطاليين لاثبات جذورهم الليبية التي كان يدعيها، وطلب القذافي العجيب هذا لم يجد حتى الاستهجان وإنما اكتفى من تلقوه أو سمعوه بالابتسام فقط، وظني أن ذلك أيضاً كان هو حال المعنيين بالجامعة العربية عندما تلقوا الطلب السوداني بالتأجيل لم يسعهم إلا الابتسام، ثم لم تكتف وزارة خارجيتنا بالزحلقة الأولى التي اسقطتها أرضاً برفض طلبها الذي يمكن أن يتنبأ به أي شخص إلا وزارة الخارجية، إذا بها تتزحلق وتسقط مرة أخرى بطوع ارادتها حين تطوعت بتبرير قرار الرفض بالقول أنه لم يكن لدوافع سياسية، أي أن أسبابه موضوعية ومنطقية، وهنا يرتد قول الخارجية عليها، وما الذي منعك أو حجب الرؤية عنك يا خارجية لتتفهمي منذ البداية هذه الأسباب الموضوعية فلا تتقدمى بهذا الطلب الذي عاد عليك بـ«الاذية»، أما أعجب ما قالته الخارجية فكان هو التحجج بانشغال الوزير بأمور طارئة لا تمكنه من الطيران إلى القاهرة لحضور الاجتماع، في الوقت الذي لم تكن هناك قضية خارجية مما تنشغل به الوزارة أهم من انتخاب أمين جديد للجامعة العربية، فبماذا إذن إنشغل الوزير، هل بالانخراط في حملة مناصرة مولانا أحمد هارون في انتخابات جنوب كردفان، أم ترى كما قال أحد الساخرين بالانهماك في ملء حوض السباحة خاصته….

الصحافة

تعليق واحد

  1. لن يتمكن من المشاركة لانه مشغول
    مشغول بى موية برى المقطوعة ويعمل على ارجاعها حتى يتمكن من تغيير موية حوض السباحة.
    وكيف يجد وقتا للسباحة فى حوضه ولا يجد وقتا لحضور اجتماعات جامعة الدول العربية؟
    ام ان زعله وغضبه من الفقى انتقاما لاذلاله لولى نعمته هو الذى منعه من المشاركة؟

  2. لأستاذ الفاضل حيدر
    أحييك وأشيد بعمودك الجرئ وقلمك المغموس في هموم الوطن وأوجاع المواطن وأناته وهن كثر . كأني بك تحسن الظن بحكومة الإنقاذ وتعتقد انها دولة مؤسسات ، انها يأستاذي مقطوعيات وكانتونات كل وزير فيها يتصرف بالوزارة وكأنها مزرعته الخاصة وماينطبق على الخارجية في عهد كرتي ينطبق عليها في عهد مصطفي اسماعيل وعوض الجاز في الطاقة وعبدالرحيم في الدفاع وهلم جرا . لذلك اجزم ان على كرتي لم يستشير احدا في حضوره او تغيبه ولذلك جاءت هذه التبريرات الفطيرة . اذ ان تغيب الوزير ليس بالمبرر الداعي لطلب اللتأجيل و يمكن للدولة ايفاد من ترى لتمثيلها في كل المؤتمرات حتى مؤتمرات االقمة التي يمكن المشاركة فيها على مستوى المندوب الدائم ، وفي القاهرة الفريق المدهش الذي يمثل بنا خير تمثيل . ولكن كيف لمؤسسة أسها وسنامها من غير المؤهلين لحمل هذه الأمانة العاطلين عن كل موهبة سوى الولاء والحظوة ان تكون قادرة ومؤهلة لحماية مصالح الدولة ورعاية مواطنيها ولتنظر لقائمة العاملين فيها لترى عجبا . وهذا مصداقا لقول الصادق المصدوق رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يجيب رجلا من المسلمين على تساؤله عن موعد قيام الساعة وكان الرجل يريد معرفة علامات الساعة ، في رواية للبخاري، قال : قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة ، قال : كيف إضاعتها يا رسول الله؟ قال: إذا أسند الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة . فالشرط هنا إسناد الأمر إلى غير أهله والمعنى تولية غير المؤهل أو المؤهلة مناصب ومهام هو أو هي غير كفء لها وغير مؤهل للقيام بها على الوجه الأكمل وقد يسند الأمر أو المهمة أو المنصب لسبب من الأسباب التي لا تخدم في شيء أهداف المهمة لذلك جاء جواب الشرط قويا منبها لخطورة الوضع مؤكدا أن هذه علامة من علامات الساعة .

  3. وهل وزارة (خارجيتهم) قد قامت بذلك ، بالجّد ، والله اعتقد انها مزحه .. كيف ذلك يا المكاشفي ؟؟ والله لم نسمع بذلك من قبل وطبعاً من بعد ..
    ولكن لا عجب مادمنا في (دويلة الانقاذ) .. كل شئ جايز ..
    ولكن يا المكاشفي ..ألم تكن (النهاهه) موجودة في ذاك الاجتماع العروبي ؟؟

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..