المقالات والآراء

كم من الأرواح البريئة كان يمكن إنقاذها لو وافق الجيش على حضور مباحثات جنيف؟

 

معلوم أن الجيش واقع تحت اسر الحركة الإسلامية، يقوده رجل يحترف المراوغة، حين قفز الى المنصب في غفلة زمان، ذهب الى مصر وأدى التحية العسكرية أمام رئيسها، لم يكن تصرفه نابعا فقط من فرحه بوصوله للمنصب الذي حلم به والده، لكنه كان يعي تماما أنه يفتقد لأية شرعية وأنه يجب عليه وهو سيواجه حتما الثورة التي ركب على ظهرها، يجب عليه البحث عن ما يدعم شرعيته من خارج الحدود، فذهب والتقي نتنياهو، أملا في رضاء أمريكا، فالتنظيم الذي يدعمه لم يشأ تكرار تجربة عداء أمريكا له، أمريكا التي سعى التنظيم لاسترضائها طوال ثلاثة عقود دون جدوى رغم انبطاحهم وتسليمهم كل ملفات الحركات الإسلامية التي ربطتهم بها أواصر علاقات قوية في بادئ عهدهم.

ولاحقا حين يئسوا من استمالة قلب الامريكان أعلن رئيس نظامهم انّ الأمريكان خدعونا، ففصلنا الجنوب ولم نحصل منهم على شيء ولم يلتزموا حتى بوعدهم في رفع العقوبات! إن لم تكن تلك الخيانة فكيف تكون؟ ورغم ذلك يوزعون اتهامات الخيانة على كل المدنيين المحسوبين على الثورة ويعلنون في الوقت نفسه استعدادهم للصلح مع المليشيا التي صنعوها لإرهاب شعبنا، وصنعوا منها عدوا في حربهم على شعبنا وثورته.

كم من الأرواح كان يمكن انقاذها لو تنازل الرجل وأعلن لتنظيمه (مخالف يا شيخنا) وأرسل وفدا الى جنيف! يحترف الرجل اهدار كل الفرص التي تنفتح له لدخول التاريخ، يركلها بقدمه ويثابر على رفض كل اتجاه لحقن دماء الابرياء، والغريب انه رغم الخراب ورغم هروبه من عاصمته الى البحر، لكنه لا يزال يعيش وهم تحقُق حلم والده، يترك مواطنيه غرقى في السيول ويطير لحضور احتفالات تنصيب الرؤساء، يترك المواطنين موتى ومرضى تحصدهم الانتهاكات والدانات وقنابل الطائرات والكوليرا، ويطير لحضور قمة المناخ! وكل ذلك لإثبات شرعية مستحيلة سقطت يوم بدأ تآمره على الثورة من لحظة وصوله للمنصب، بدعمه لكل جهود دولة الكيزان العميقة لإفشال جهود الحكومة الانتقالية، مرورا بإغلاقه للميناء (في واقعة لم يشهد لها التاريخ مثلا) تمهيدا لانقلابه مع شريكه قائد الدعم السريع وشركائه في الحركة اسلامية.

الحرب التي يدفع اثمان تكلفتها الباهظة مواطن برئ، هي حرب الحركة الإسلامية للعودة الى السلطة. حزب حكم ثلاثة عقود ارتكب فيها من الجرائم ما يندي له جبين البشرية، قتل الناس وعذبهم في بيوت اشباحه، شن الحرب في الجنوب ودفع أهلنا هناك دفعا لخيار الانفصال، حرم المواطن من حقوقه في دعم الدولة للصحة والتعليم في بلد غالب اهله من الفقراء ووجه الدعم لجيوب منسوبيه ولمجهوده في إشاعة الحروب والفتن، أيقظ نعرات القبيلة، رغم علمه ان اللعب بنار العصبيات لن يقود الا الى تفتيت الوطن! (من قال ان بقاء ووحدة الوطن تقع ضمن اهتمامات التنظيم الاسلاموي) نهب المال العام وباع كل مؤسسات الدولة الى منسوبيه، حتى الهواء قاموا ببيعه، حين أقدموا على بيع خط هيثرو الذي كانت تمتلكه الدولة، ودمروا معه الناقل الوطني، وباعوا ممتلكات وطننا في لندن وغيرها ووضعوا الأموال في جيوبهم، مؤسسات الدولة التي ضحى شعبنا لإنشائها وتأهيل العاملين فيها، باعوها الى أنفسهم بتراب المال وحولوها الى شركات محسوبة على منسوبي الحزب اللصوصي. وحين جاءت لجنة التفكيك بعد الثورة لتكشف الغطاء عن جرائم نهب ونصب واحتيال لم يشهد لها التاريخ مثيلا، اوعزوا الى لجنتهم الأمنية للقيام بالانقلاب!

ما لم تتكاتف الجهود لوقف الحرب ومحاسبة من سعى لشنها، ومن ارتكب الجرائم ضد المدنيين اثناء هذه الحرب، وإعادة هيكلة الجيش وحل جميع المليشيات والقوات الموازية، ووقف نزيف تماسك نسيج هذه البلاد المجتمعي. فإن مصير هذه البلاد سيكون الفوضى الشاملة وتنفرط وحدتها وتصبح نهبا لكل طامع في مواردها وثرواتها.

#لا_للحرب

‫11 تعليقات

  1. مقال رصين , كل جملة فيه تعادل مقالا قائماً بحاله .بورك فيك وفى قلمك يا أحمد الملك

  2. لقد صدقت نبوة د. نصر حامد أبوزيد عندما تنبا بأن وصول الإخوان المسلمين الي الحكم سوف يتسبب في إشعال الحروب وتفكيك الدول وفي النهاية يكونوا السبب في عودة الاستعمار الغربي من جديد.

    أنظر َماذا حصل في ليبيا وسوريا واليمن والسودان كلها بسبب الإخوان المسلمين

  3. مين يفهم انو ربنا ما شافوه بالعين و لكن عرفوه بالعقل. قسم من الشعب اصبح غوغاء و لكن من لم تعلمه المواعظ تؤدبه الحوادث. و من لم يؤدبه ضميره تؤدبه الحياة حين تدور، و الحياة حياة حرب و خليكم جاريين ورا ياسر العطا و الانصرافي و باقي البعير

  4. يا راجل الموضوع كان ممكن ينتهي من زمان باتفاق جدة، لكن رؤساء المليشيا رفضوا ظنا انهم سوف يهزمون الجيش عسكريا. ابيتوها مملحة عايزين الان تاكلوها حافة.

    1. انت ولد مصر و لست ابن السودان فضلا عن الخرطوم
      السوداني بيقول بيتوها مملحة تاكلوها بي موية مش ( حافة ) يا حفيان

  5. و لماذا الذهاب إلي سيرك جنيف قبل تطبيق ما تم الاتفاق عليه في جدة ؟؟؟ سبب الذهاب إلي سيرك جنيف هو التملص من تفاهمات جدة التي تدعو إلى خروج مرتزقة جرذان و كلاب عربان الشتات الإفريقي من منازل المواطنين و المرافق الحكومية و لو تم هذا لوقفت الحرب منذ مايو من العام الماضي و لكن الذين أشعلوا الحرب ( دويلة الشر الإمارات + آل دقلو ) لا يريدونها أن تتوقف دون تحقيق أهدافهم ظناً منهم أنه إمكانهم هزيمة الشعب السوداني و قواته المسلحة…

  6. إذا لم تتجاوزوا محطة الكيزان و تنظروا للأشياء بواقعية لن يستقيم الوضع و يا اللخو الشعب أسقط الكيزان و كل قياداتهم كانوا في السجون فماذا فعلوا من كانوا في السلطة… و يا اللخو إجرام الكيزان لا يختلف فيه إثنان و لكن هل الكيزان جاءوا من كوالالمبور ولا بوركينا فاسو ما ياهم سودانيين لا فرق بينهم و بين المكونات الحزبية الأخري تخرجوا من نفس البيئة و الثقافة و نفس الحواضن الاجتماعية
    بالله عليك كم متسلق تعرفه تحول من الحزب ( X ) الي مؤتمر وطني من أجل الوظيفة أو السلطة أو الثراء الحرام؟؟ و السؤال الأهم هل الفساد المالي والإداري و الإقصاء السياسي و الانتقام السياسي و القتل خارج القانون هل هذه الجرائم بدأت بمجئ الكيزان في يونيو (89) ؟ يا اللخو العلة في العقلية السودانية بصفة عامة و عقلية النكب السياسية بصفة خاصة…

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..