عن الأوضاع في كردفان… حديث السنان (1)

الحكومة لن تفعل إلا ما تريده، ولن تستجيب لرغبة أحد مهماً كانت موضوعيتها، ولو وقف الشعب كله يطالب الحكومة بأن تفعل شيء هي في الأساس لا تريده ستدير له ظهرها وتتركه يجأر بالنداء حتى تتقطع حباله الصوتيه، بينما تمضي هي لأنفاذ ما تريده ولو كره الناس أجمعين. فهي لا تريد من أحد ان يشير عليها بما تفعل، او يتدخل فيما تعمل، فمن الذي يفهم أكثر من الحكومة. الحكومة تفعل ما تريده وان كان والصواب خطان متوازيان. هي فقط تفعل وعلى الشعب السمع والطاعة.. لا تعرف أدب الشورى وان تشدقت بها في شعاراتها.. تعتبر الاستجابة للشورى انهزام وحاشاها ان تنهزم.. ترفض مطالب الشعب التي تأتي بدون شروط ولكنها تستجيب لمطالب الخارج التي كالعادة تأتي بشروط مغلظة.. فهي بذلك مذلة لشعبها ذليلة عند اعدائها.. بل كل ما شعرت بالذلة من الخارج عادت لتذل شعبها اضعافاً مضاعفة.. أظنها الحكومة الوحيدة في العالم وربما على مر التاريخ التي لا تستفيد من أخطائها وتعمل على تداركها حذر الوقوع فيها مجدداً، على الرغم من ان اخطائها لا تخطئها إلا عين بها رمد، فهي مبذولة عند العامة.. يحدثك عنها البائع في الاسواق والكمساري في المواصلات، وسيدات قعدات الجبنة، والطلاب في الجامعات، والعاملون في المصانع، والرعاة في بواديهم، وكذا المزارعين في وديانهم وحقولهم.. ولكن اسمعت اذ ناديت حيا، وحقاً لا حياة لمن تنادي..
وكما العهد بها اعلنت قبيل ايام مراسيم جمهورية الغت بموجبها ولايات كردفان وانشأت أخري جديدة، كما اعفت ولاتها وعينت آخرين مكانهم.. هي في الحقيقة اعفت واحداً هو والي شمال كردفان معتصم ميرغني زاكي الدين بينما حركت أحمد هارون من جنوب كردفان الى شمال كردفان، اما الجنوب والغرب فقد تم تعيين ولاة جدد لاول مرة في تاريخهم يتسنموا اعباء مسؤلية ولاية. هذه القرارات والتعينات اتت لتؤكد ما قلناه عن الحكومة في فاتحة هذا المقال.. لن نكون دقيقين ان قلنا ان الغالبية لم تكن تتوقع ان تأتي القرارت على هذه الشاكلة، في الحقيقة انه ما من أحد كان يتوقع ذلك.. لماذا؟… ذات الحكومة التي اصدرت هذه القرارات كانت قد بعثت باللواء حقوقي حاتم الوسيلة على رأس لجنة الى المحليات المكونة لولاية غرب كردفان قبيل اعادتها مهمتها استطلاع راي مواطني تلك المناطق حول رؤيتهم لمستقبل وضعية مناطقهم، وهل يرضون بالرجوع مرة اخري الى ولاية غرب كردفان بذات وضعيتها السابقة قبل زبحها قرابناً للسلام الموهوم، ام لديهم خيارات أخرى بخلاف ما تراه الدولة والتي بعثت لهم بهذه اللجنة لاجل ان تسمع تلك الخيارات لتعمل على تحقيقها لهم ان كانت الغالبة اعمالاً لمبدأ الشورى. حسناً انهت اللجنة اعمالها بعد ان طافت على كل محليات الولاية ولكن ماذا سمعت؟.. ببساطة الذي سمعته كان عكس هذه القرارات التي صدرت من قيادة الدولة بخصوص ولايات كردفان.
لم تكن تتوقع المحليات الست بدارحمر ان الامر سيكون بهذا الشكل، خصوصاً بعد رفضها القاطع العودة الى غرب كردفان بوضعها السابق، اضافة الى الوعد المغلظ الذي قطعته قيادات عليا بالدولة على ممثلي تلك المحليات بعدم اتخاذ اي قرار لا يرضي تطلعات أهل المنطقة. ولكن متى صدقت الحكومة في وعد قطعته حتي وان كان اتفاقاً متكوباً.. ترى هل أخطاء المتمردون على هذه الحكومة ذات السياسات الأحادية بحملهم السلاح وجعله لغة التخاطب الوحيدة بينهم والحكومة؟. لو أنها ارخت اذانها لمطالبهم وصيحات إحتجاجهم وارائهم ثم قابلتها بالإيجاب، هل يمكن ان يصلوا الى ما وصلوا اليه، وهل كانت ستكون النتيجة ما آل اليه الحال؟. ذلك ما لم ولن يكون. بل الذي سيكون مزيداً من صمم وعمى الحكومة تجاه مطالب الشعب مقابل المشي هرولة من قطاعات واسعة نحو الغابات الى حيث اللغة التي تفهمها الحكومة وتستجيب لها مرغمة. فبشراك لن تسمع اذانك مجدداً حديث اللسان، ولكنها ستسمع حديث السنان. فأبشري.
[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..