مقالات سياسية

حلاقة الرؤوس وحكاية شمشون الجبار

بشفافية

حيدر المكاشفي

جاء في الأخبار ان محكمة طوارئ بولاية شرق دارفور، حكمت بموجب أوامر محلية بالغرامة على 15 شابا بسبب عدم حلاقة شعر رؤوسهم، وأمرت بترحيل بعضهم الى سجن الضعين لفشلهم في دفع مبلغ الغرامة المتراوح ما بين 300 الف الى 50 الف جنيه. وجاء حكم المحكمة بحسب موقع دارفور 24 استنادا على أمر محلي صادر من المدير التنفيذي للمحلية، يحظر ما يسمى بالظواهر السالبة واعتبر الامر المحلي عدم حلاقة الشعر ظاهرة سالبة..

يؤكد هذا الخبر العودة الارتدادية للعمل بسئ الذكر النظام العام الذي تمدد ووصل حتى المحليات والقرى القصية، فمنذ وقوع انقلاب 25 اكتوبر وقعت معه سلسلة من العمليات الارتدادية عن أهداف الثورة واعادة عجلة الزمن الى عهد النظام القديم بكل سوءاته، ومنها العودة الى قانون النظام العام، وتكشف عن هذه العودة جملة من الحملات التي استهدفت حلاقة رؤوس الشباب ومازالت مستمرة، وكانت مجموعة من الشباب سخروا بطريقتهم من الحملة وقاموا بحلق رؤوسهم (صلعة)، ونشروا صورهم على منصات التواصل الاجتماعي، تحت وسم (أحلق صلعة خلي النظام العام في خلعة)، وتكشف عن هذه العودة ايضا الضوابط الجديدة التي الزمت بها المحال السياحية والترفيهية، كما حددت سلطات ولاية الخرطوم، السادسة مساء موعدا لإغلاق محال تقديم المأكولات والمشروبات بجزيرة توتي التي تعد وجهة سياحية وترفيهية، بزعم ان الاجراء يجئ كاستجابة لنداءات الأهالي بشأن تنامي المهددات الأمنية، ويذكر في الخصوص ما حدث بجسر توتي لبعض الشباب الذين فرقتهم الشرطة، وايقاف الحفل الجماهيري لأحد الفنانين..

الغريب والمضحك (وشر البلية ما يضحك) في تبرير هذه الحملات، أنها تهدف للقضاء على الظواهر السالبة واظهار هيبة الدولة وسيادة حكم القانون، ومسكينة والله هذه الدولة التي تفرض هيبتها بمطاردة الشباب وملاحقتهم والتحديق في رؤوسهم، لحلاقة شعرهم بالطريقة التي ترغب فيها هذه الدولة، فقد غم علينا معرفة علاقة هيبة الدولة بحلاقة الرؤوس، ولم نجد لها تفسيرا سوى ان قيادات هذه الدولة العجيبة يؤمنون بأسطورة (شمشون الجبار) التي طالعناها في كتاب المطالعة الابتدائية، وتقول الاسطورة ان شمشون كان يتمتع بقوة خارقة وكانت قوته تلك تشكل مصدر خطر على اليهود، وكان سر قوته يكمن في شعر رأسه، وعندما علم اليهود بالسر من عشيقته اليهودية الخائنة (دليلة)، أوعزوا إليها باستدراجه الى معبد يهودي، وجعلوه يفرط في شرب الخمر حتى غرق في النوم، فاستطاعوا حلق شعر رأسه وقضوا على قوته، متوهمين بأنهم تخلصوا من عذابه لهم،

ومثل اولئك اليهود ظنت سلطات الدولة العجيبة ان سر قوة هؤلاء الشباب يكمن في شعر رؤوسهم ولابد من اجتثاثه لتجنب خطرهم، ولكن فات عليهم ان شمشون عندما افاق من نومه استطاع بما بقى له من قوة، أن ينتقم ممن حلقوا شعر رأسه، ويهد المعبد على رؤوس كل من كانوا فيه، بمن فيهم هو نفسه قائلا قولته التي جرت مثلا (علي وعلى أعدائي)..أما من حيث القانون فلا يوجد نص يحدد شكل شعر الرأس ولا أطواله ولا نوع التصفيف اللهم الا ان يكون من باب التطفيف..

الجريدة

 

‫3 تعليقات

  1. غريبة هذه الدولة التى تفشل فى اى شئ ثم تدعى أنها تحارب المظاهر السالبة….إن حلق رؤوس الشباب أعتداء اثم على حرية الافراد فالدولة التى تزعم بأنها وصية على رؤوس الشباب وملابس الفتيات بل وحتى ألونها لهى دولة فاشلة بحق.. الشباب فى حاجة إلى توفير فرص العمل لهم وبرامج تملأ فراغهم ثقافة وإبداعا ..غريب امر دولتنا التى تشغل بالها حلاقة شعر الشباب ..دولتنا تحتطب ليلا ماعادت تميز بين المهم والأهم وتلك هى القضية….أعيدوا للشباب حيويته واستمعوا لهمومهم وقضاياهم لا مطاردتهم وإجلاسهم على كرسى الحلاق.. والله لاشتم رائحة كيزانية منتنة تهب علينا

  2. اهلنا الهدندوة اشتهروا بإطلاق شعر الراس كجزء من ثقافتهم. هل يقوم الانقلابيين بتوجيه حملة البرهان الانتقامية شرقا؟. بعدين هل إطلاق الشعر جريمة اكبر من السرقة و نهب المال العام و القتل و التعذيب و الاغتصاب تحت حماية مليشيات الكيزان و عسعسهم و لاعقى بوتهم من حركات التوزير و شيوخ الضلال؟.

  3. “دوله” تقتل شبابها و نساءها و رجالها، بلا جريره، و تتحدث عن الظواهر السالبه.. هل هي دوله بالأصل، ام عصابه؟
    دوله يسرح فيها اللصوص على مستوى “رجال الدوله” نفسها، هل يحق لها التحدث عن المظاهر السالب، بحلق رؤوس
    الشباب؟
    دوله شيوخ الدين فيها، يسبون الدين، و يكذبون و يمارسون الأفعال الفاحشه في الخلاوي و المساجد، و العياذ بالله، و يفسدون في الأرض، هل يحق لأهلها الاستماع لهؤلاء و الانصياع لهم، ام ان الصحيح إبتلاعكم من “أرض” الدوله، لئلا يتفشى فسادهم و إنحرافهم؟

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..