مقالات وآراء

في وديعة.. لا ما في!!

حديث المدينة
لو كانتْ كلمة (وديعة) حسب قاموس اللغة العربية تعني (رضيع النملة).. عمر يوم أو يومين.. لكان مفهوماً أن نبحث عن (الوديعة) بالمنظار المُكبر.. ولو كانت كلمة (وديعة) في القاموس الاقتصادي تعني مبلغ ألف جنيه.. عشرة آلاف.. بل قلْ مليون جنيه.. لجاز أن تخطئها العين ويصبح البحثُ عن الوديعة كالبحثِ عن إبرة في كومة القش..
لكن – سيداتي سادتي- الوديعة التي يتحدثُ عنها الإعلام الحكومي الآن.. هي مليار دولار عداً نقداً.. مليار دولار محمولة جواً في حقائب أو ما شابه.. لأنَّ النظام المصرفي في ظل وجود السودان في القائمة السوداء لا يسمح بتمرير مبالغ ضخمة مثل هذه.. بالله عليكم كيف لا ترى العين المجردة (وديعة مليارية)؟
أمس الأول محافظ بنك السودان المركزي الدكتور محمد خير الزبير نفى علمه بأية ودائع أجنبية من أية دولة وصلت أو في طريقها إلى السودان.. سبقه في القول ثم تبعه أيضاً الأستاذ أسامة فيصل وزير الدولة بالخارجية الذي نفى علمه بأية وديعة، وعلل ذلك أنَّها ليستْ من اختصاص وزارة الخارجية..
حسناً.. أين ذهبتْ (الوديعة)؟
وزير الدولة بالخارجية قال إنَّ عدة دول لديها الرغبة في مساعدة السودان.. وسمها، الهند، الصين، روسيا، تركيا، قطر، مصر، السعودية، لكنه لم يحدد شكل المساعدة أو زمانها ومكانها.. فقط مساعدة.. غير معلومة الصفات.. وقد تكون مساعدة معنوية أو حتى بالدعوات الصالحات.. لكنَّها بالضرورة ليستْ بـ(الوديعة) تلك الكلمة المحببة للمستمعين بالسودان..
في تقديري أنَّ حكاية انتظار وديعة من مُحسنين أجانب أمر لم يعدْ يليق لا بكرامتنا ولا بواقعنا.. نحن لسنا في حاجة للصدقات أو الهبات أو الإغاثات الاقتصادية… نحن في حاجة ماسة لإشهار شعار قوي ومتحدي (أعطني دولاراً.. أرجعه لك خمسة).. وفي عام واحد.. نقدر شعور الدول التي ترغبُ في مساعدتنا لكننا من مبدأ (الندية) والكرامة الوطنية السودانية.. ومن إيماننا بأنَّ وطننا مترف بالخيرات ونحن أثرياء مع وقف التنفيذ.. فإننا نرفع شعار (الدولار بخمسة).. نفتحُ بلادنا للاستثمار الأجنبي بكل صدر مفتوح.. ونجعل التشريعات وسلوك الخدمة المدنية جاذباً لثقة المستثمرين.. ونطلبُ من العالم الخارجي أن يخوض معنا مباراة بمبدأ (فوز- فوز) نربح كلنا.. ونقتسم الأرباح بمنتهى الثقة.. شراكة ليس في مشروعاتٍ تجارية مباشرة بل حتى في تشييد البنى التحتية.. الطرق والمطارات والصرف الصحي والسطحي والموانئ والطاقة المتجددة (الشمسية والرياح).. شراكة مفتوحة بلا عقد أو روتين حكومي أو فساد إداري..
ونسدلُ الستار على حكاية (الوديعة) جات.. أملوا الباغات.

عثمان ميرغني

التيار

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..