(مزاج العناد)

الطاهر ساتي

:: بعد الثورة التي ألهمت الشعب روح (التمرد النبيل)، تفاجأ أولياء أمور طلاب إحدى مدارس مدينة طنطا بأن إدارة المدرسة غيًرت الزي المدرسي للطلاب، ولم تخطرهم .. ذهبوا لإستلام زي أبناءهم، فوجدوا تغييرا في اللون و النوع والشعار..لم يشتروه، بل توجهوا إدارة المدرسة، وأبلغوها برفضهم للزي الجديد..ومن هناك، توجهوا إلى قسم شرطة طنطا ودونوا بلاغاً (ضد الإدارة).. ثم رفعوا تظلماً للمحافظ، وآخر لوكيل وزارة التربية والتعليم ..و لم يكتفوا بهذا، بل أرسلوا الأبناء الى المدرسة بملابس (البيت والرياضة)..!!

:: كان تعبيراً بطولياً يعكس دور مجلس الآباء في ( التربية والتعليم)، ولذلك إستجابت الإدارة والسلطات للرفض وأعادت للطلاب الزي الذي تميزت بهم مدرستهم منذ تأسيسها، وهكذا فرضت سلطة المجتمع إرادتها و دورها في ( التربية والتعليم).. وبالمناسبة، لم يكن الزي المرفوض هذا (زياً عسكرياً)، كما حال أزياء طلاب (مدارس بلادي). بل كان زياً مدنياً وذات ألوان هادئة، ومع ذلك رفضوها إنحيازاً للزي الذي عرفت بها مدرستهم منذ تاريخ التأسيس.. تخيلوا رد فعل أهل طنطا لو كان الزي المقترح من قبل تلك الإدارة هو (لبس الصاعقة)..!!

:: ولمن لايعلم، ملابس الصاعقة – وهي المسماة شعبياً بالمبرقعة – هي ملابس تلاميذ مدراسنا منذ عقدين ونيف رغم أنف الإستياء الشعبي، ورغم أنف الرفض المعلن من قبل التربويين، ورغم وطأة (المخاطر التربوية).. للأسف، دور المجتمع كان سلبياً وصغارهم يساقون – بلبس الصاعقة – أمام أنظارهم إلى ( ثقافة العنف)، ولم يتكرم أي مجلس من مجلس الأباء – في طول البلاد وعرضها – بأي تعبير يرفض ( تربية العنف)..ولأهل مصر حكمة شعبية مفادها ( قالو لفرعون مين اللي فرعنك؟، فقال ما لقيتش حد يقول لي لا)..وهكذا كان حال مجتمعنا أمام صغار تحاصرهم ( ثقافة الحرب)، لقد عجزوا عجز القادرين على قول ( لا )، ولذلك تم تحويل المدارس إلى ( ثكنات عسكرية)..!!

:: والمهم..أن يأتي العقل أخيراً خير من أن يبقى الجنون مدى الحياة..إعتباراً من هذا العام الدراسي، يعود الزي التربوي الذي يتناسب مع التربية و التعليم إلى مدارس الأساس والثانوي، ولكن جزئياً وليس ( كلياً)..فالتغيير الإيجابي – للزي المدرسي – يبدأ بطلاب الصف الأول بالمرحلتين، وذلك مراعاة للظروف الإقتصادية للأُسر المقبلة على الشهر الفضيل، وخاصة أن لبعض الأسر أكثر من طالب في مراحل التعليم..فالعقل كان غائباً عندما فرضوا الزي العسكري ( كُلياً وليس جزئياً)، وكان غائبا عندما إختزلوا حياة شعب ومستقبل أطفاله في ( لبس الحرب)..وكأن الحياة محض بندقية، ولا تسع مساحاتها لمعرفة أخرى ..!!

:: وعلى كل حال، شكراً لمن أعاد الزي المدرسي ليحل محل ( الزي العسكري)..وكما عاد العقل والرشد إلى ولاة أمر التربية والتعليم بعد ( كم وعشرين سنة)، نأمل أن يعود العقل والرشد أيضاً إلى من ( جرو الساعة)، وخالفوا طبيعة الجغرافية وخطوط طولها وعرضها و( غرينتشها)، أي خالفوا حقائق الكون ..فالبكور شئ، وتلك الساعة المجرورة – بالمزاج الشخصي – شئ أخر، وليس هناك ما يمنع البكور وإعادة تلك الساعة إلى وضعها الطبيعي والمتفق عليه ( علمياً).. فالإعتراف بالتجارب الفاشلة وإصلاح كوارثها خير من التمادي فيها بالمكابرة و..( مزاج العناد)..!!

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. واحد نفسه طويل قال والله الجماعه ديل قدموا الساعه بس عايزين يجيبوا لينا القيامه سريع،،

  2. الأخ الطاهر .
    ماذا تنتظر من حكومة جاءت بانقلاب عسكري غير تنمية ثقافة الحرب وغرس روح العنف فهم لا يعرفون غير ذلك ، أضف إلى ذلك أنهم إخوان مسلمون شعارهم العنف ( وأعدوا ) … ولكن ليس الزي المدرسي وحده ما يحتاج إلى التغيير … فالسلم التعليمي نفسه ، المناهج ، تدريب المعلمين ، توفير الكتاب ، توفير البيئة الصالحة للتعليم من فصول دراسية ومياه شرب ودورات مياه … إلخ كل هذه الأشياء تحتاج للمراجعة والتطوير …
    في الحقيقة الموضوع يقودنا إلى السؤال عن أسباب سلبية الشعب السوداني في المطالبة بحقوقه ؟؟؟ يدفع المواطن الضرائب والأتاوات عن كل شيء ولا يجد الخدمة التي دفع من أجلها المال ولا يسأل ولا يطالب بالخدمة …أين النظافة ، إنارة الشوارع ، خدمات الأمن ، صيانة الشوارع وكل المرافق العامة ؟؟؟ حتى في المرافق الخاصة ( مستشفيات ، مدارس ، مطاعم ) مستوى الخدمات فيها لا يوازي ما يدفعه المواطن لتلك الخدمة …
    إن ما نشهده من تردي في الخدمات يعود إلى عدم المحاسبة … ومن أمن العقاب أساء الأدب وصار لصاً …

  3. ” نأمل أن يعود العقل والرشد أيضاً إلى من ( جرو الساعة)، وخالفوا طبيعة الجغرافية وخطوط طولها وعرضها و( غرينتشها)، أي خالفوا حقائق الكون ..فالبكور شئ، وتلك الساعة المجرورة – بالمزاج الشخصي (شيء آخر)” أ. هـ. أوافقكم تماماً أستاذ الطاهر ساتي. يقول البعض إن الساعة تم (جرها) ليكون توقيت السودن متفقاً مع توقيت مكة المكرمة…هل سيجعل ذلك السودان مثل مكة؟؟!! تذكرني (مِحْنَة) جر الساعة هذه بما حدث في عهد مايو حيث تم اعتماد التقويم القمري بدلاً عن الشمسي (و ذلك بمعنى إستخدام التقويم الهجري بدلاً عن التقويم الميلادي… و أظنه أيضاً كان تشبهاً بالسعودية!! و لم يؤدِ ذلك إلى جعل السودان كالسعودية!!)…و معلوم أن التقويم الشمسي ثابت والقمري متغير و ذلك بالنسب للفصول المناخية..مثلاً قد يهل رمضان (شهر قمري)في سنة ما في فصل الصيف و في سنة أخرى في فصل الشتاء. و لكن لا يحدث تغيير للفصول في الشهور الشمسية.. أدى الإعتماد عل التقويم القمري في عهد مايو إلى تضارب الخطط الإقتصادية (بداية السنة المالية كمثال و التي كانت في أول يونيو في التقويم الشمسي ولكنها عدلت لشهر قمري).. وذلك لأن خطط الإقتصاد في السودان كانت ?و لاتزال- مربوطة بالمواسم الزراعية و هي بدورها مربوطة بالمناخ. و الحمد لله إقتنع القائمون على أمرنا-نيابة عنا- بالرجوع إلى التقويم الشمسي.

  4. طالما انكم نويتو تغيروا في التعليم ياريت التغيير يكون كامل بمعنى تغيير المناهج ,
    اعادة السلم الدراسي القديم وفصل الأطفال عن الكبار في المدارس واعادة الساعه الى وضعها الطبيعي.

  5. قبل مايو والمرحوم محى الدين صابر كانت المراحل الدراسية قبل الجامعة 4 + 4 + 4 وخريجو الثانوية وقتها وبالتجربة أحسن علما وفهما وإدراكا ولغة من خريجى الجامعات حاليا . ألاربعة الابتدائى تتناسب وأعمارهم . والأربعة المتوسطة تتناسب وأعمارهم وهكذا الحال بالنسبة للثانوية .
    محى الدين صابر ومايو ذهب ل 6 + 3 + 3 وهى المراحل فى معظم الدول العربية . ومايو كانت عروبية أكتر من العرب . فتم الغاء تدريس المواد باللغة الاتجليزية . وهذه اللغة كانت يتميز بها السودانيين . وسماها أساس وثانوى وثانوى عالى ( شوف الاجتهاد والشطارة والمجهود) غير المسميات المعروفة بها لأصحاب التجربة فى الدول العربية وخاصة مصر . والأغرب كل المبانى بالعون الذاتى .
    الآن رجعونا لمايو أو 4 + 4+ 4 وبالعون الذاتى والشعب ماعنده مانع بدلا عن وضع أطفال ستة وخمسة سنوات مع 14 و15 سنة والمعلم شابة . يعنى أثنى مع مراهق وطفل مع مراهق .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..