لغة التهكم بين السياسيين … العقرب تسعى

تقرير:علي الدالي

ضجت مواقع التواصل الاجتماعي الأيام الماضية بلغة السخرية والاستهزاء التي باتت سمة مميزة بين السياسيين، وكان آخرها حديث نائب رئيس البرلمان عائشة أحمد محمد صالح في حق الحاج آدم، ورغم أن الأولى نفت ما تم تدواله على لسانها في مواقع الخدمة الفورية واتساب، الأ أن هذه اللغة باتت أقرب إلى الظاهرة في الوسط السياسي، وقديماً لم يكن محدداً بالضبط من هو أول سودأني أدخل هذه اللغة في عالم (ساس يسوس ) لكن الثابت ظاهراً أن الرعيل الأول كان أكثر استخدماً لكلمات السخرية والتهكم من باب الكيد السياسي، ففي حالة المكايدات السياسية بين الوطني الاتحادي بقيادة الزعيم الازهري والشعب الديمقراطي بقيادة علي عبد الرحمن، ورعاية السيد علي الميرغني، فقد كان قادة الحزبيين يكيدون لبعضهم البعض، وكان القيادي بالوطني الاتحادي يحيى الفضلي قاد حملة شرسة تخللتها العديد من كلمات السخرية والاستهزاء في حق مرشد الطريقة الختمية السيد علي الميرغني، وكذلك فعل الصادق المهدي مع عمه الهادي المهدي، حيث شهدت فترة الخلافات بينهما حالة احتقان سياسي داخل حزب الأمة وقطيعة كاملة داخل عائلة المهدي .

صورة قاتمة
وتبدو الصورة أكثر قتامة خلال فترة الديمقراطية الثالثة، وكان آخر مسمار في نعش الحكم
الديمقراطي كلمات التهكم والاستهزاء التي تفوه بها القيادي الاتحادي الراحل الشريف زين العابدين الهندي داخل الجمعية التأسيسة عندما قال (ديمقراطيتكم دي لوشالها كلب ما بنقول ليه جر)، ثم حديث الراحل نقد ساخراً من تقرير الراحل عمر نور الدائم عندما كان وزير الزراعة الأسبق أمام الجمعية التاسيسة (أوعه تقول لي المطرة النازلة من السماء برضو من انجازاتكم) في وقت كانت بعض القيادات تسخر من مبارك الفاضل وتسيمه برجل الجبهة الأسلامية داخل حزب الأمة حسبما ذكر الكاتب السوداني الكبير فتحي الضوء في سفره الماتع (سقوط الأقنعة).
ليست ظاهرة
وبعيداً عن تلك الصورة الحالكة السواد بدأ المحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسية بجامعة الخرطوم الطيب زين العابدين مطمئناً لمستقبل العمل السياسي في السودان، ومقللاً من تاثير لغة التهكم والسخرية عليه، مستبعداً في حديثه لـ(آخر لحظة) أن تكون هذه اللغة قد شكلت ظاهرة تستحق الوقوف عندها، باعتبارها لغة موجودة في كل الدنيا، وقريباً قطع الرئيس الأمريكي (ترامب ) بسجن منافسته الشرسة كلنتون حال فوزه، لكنه لم يفعل، ثم إنها محلياً موجودة في أدبنا السياسي السوداني تاريخياً، فكان أحد قادة الحزب الوطني الاتحادي يسخر من راعي حزب الشعب الديمقراطي إبان المفاصلة بين الحزبين، وكان الجمهور يهتف (أحرق .. أحرق) ويلفت زين العابدين أيضاً إلى لغة الاتهامات التي تتحدث بها الحكومة تجاه خصومها السياسيين، وتوصمهم بالعمالة لإسرائيل وكثير من دول العالم، ثم تعود وتجري معهم مصالحات سياسية ويضيف (أن السخرية عندنا موجودة لكنها في حدود المعقول وبكلمات مهذبة) وقال إن هذه اللغة ربما تقود صاحبها للشهرة، وضرب مثلاً بالكاركيرست الراحل عز الدين عثمان الذي اشتهر برسومه الساخرة ضد الزعيمين الأزهري والصادق المهدي .
تحذيرات
لكن الخبير الاستراتجي سليمان عوض حذر السياسيين من مغبة التعامل بهذه اللغة، التي ربما تقضي على الحياة السياسية (المهذبة) في البلاد إذا ما تأثر الجيل الجديد باللغة الحالية واعتمدها لغة العمل السياسي الرسمية، وأضاف أنه يستغرب تدول هذه اللغة داخل أسر سياسية محافظة كأسرة المراغنة، حيث برز الحسن الميرغني بلغة خاصة لتصفية حساباته مع خصومه السياسيين من قيادات حزبه، ووصفهم بالدواعش، فيما تصدى له ابن خاله تاج السر الميرغني بلغة أكثر سخرية، وظل يعرض به في الصحف ومواقع التواصل الاجتماعي، ولم يستغرب سليمان اللغة الحالية بين أبناء العمومة في البيت المهدوي، وقال إنها لغة قديمة متجذرة عرفت في عهد الخلاف بين الصادق المهدي وعمه الهادي المهدي .
السابق التالي

اخر لحظة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..