اَلْدَّانَةُ ! …. وَلَاْ الإهَاْنَةَ ….!!!

الإهانة ،، تشمل كافة أوجه الحط من الكرامة ، كالقذع , والشتم , و السب , والتحقير , والإساءة المباشرة والضمنية ،، وطائفة من التعريفات الأخرى التى لا تخرج عن السياقات اللفظية ..
فمن الناس من يعتقد أنها لفظية ، وتأتى فى سياق المهاترات ، أو تمارس ممن هم أعلى يداً ، على من دونهم ..!!
فهل هى لفظية فقط ؟؟
كلا .. !!
فأكثر الناس يضعون أسساً قياسيةً إضافية ، كثيرة يُشَقُ علينا حصرُها ، وتشترك جميعها فى الإطار ، فى أن تعمد القيام بأى فعل أو قول بقصد إثارة حفيظة آخر أو الحط من شأنه ، هو إهانة .. !!
كتعمد إغضابه ، أو سرقته ، أو الكذب عليه ، أو مخادعته ، أونقض عهدٍ معه ، أو خيانته ، أو خَذلُه ، أو تهديده وإخافته ، أو التجسس عليه ، أو وفضح أسراره ، أو التشهير به ، أو إجباره على القيام بفعل دون رغبته ، أو ممارسة أى نوع من التحرش به .. إلخ ..
ومعيار آخر أرفع شأناً ، يستند على التحايل أو التعمد فى خرق العقود الإجتماعية كالقوانين والأعراف التى تم التواثق على الإلتزام بتطبيقها ، بدءا بتقاليد التحية ، والإشارات المرورية ، وإنتهاءاً بالمواثيق والعلاقات الدولية ..
وبما أن الإهانة سلوك تطاولى يتطلب التعامل معه والرد عليه ، كإمتداد طبيعى لحق الدفاع عن النفس ، فإن أشكال التعاطى والتعبير عن الردود ، تتباين بإختلاف نوع الإذلال والإستعداد النفسى لقبوله ، وقدرة من ترتكب فى حقهم هذه التعديات على إمتصاصها ، ووقع الإضطراب التى تحدثه فيهم ، ومدى الجدية والسعي لإعادة الإعتبار والتوازن ونيل الرضا أو تجاهل الأمر برمته ..
فإمّا الشتم بشتم أحط ، والتحقير بتحقير أشد ، أو الضرب بضرب أكثر قسوة وإيلاماً ، أو فضح أسرار مقابل أسرار أشد فتكاً !
وعلى مساق آخر تطبيق العقوبات الوقائية والعلاجية فى حق من يقدمون على إهانة الأفراد والمجتمع والجهات الإعتبارية ، قياسا على تعاليم العقد الإجتماعى المسنونة على شكل قوانين ، والتى تشمل الغرامة أو السجن بغرض تقويم السلوك ، والردع عن العودة لإنتهاكٍ مماثل ، أو إعادة الإعتبار لمنظومة القيم التى تعرضت للإنتهاك ، أو إعتبار المجنى عنصراً فاسداً يتطلب تحرير المجتمع منه بشكل نهائى …
إذن الإهانة تحمل مدلولات ومعان واسعة ممتدة من الألفاظ وتنتهى بالجريمة ، وتعالج بجرعات علاجية متباينة شكلا ومضمونا وتجد القبول وتجلب بالرضا لمن تعرض لها ..
الإسلامويون فى السودان لم يدعوا قذعَا , ولاشتمَا , ولا سَبا , ولا تحَقيرا , ولا إساءة مباشرة أو ضمنية إلا وقذفوا بها فى وجه الشعب السودانى محمولاً على أثير إعلام يُنفَق عليه من مال الضحية نفسها .. !!
ما تركوا جريمةً مستفزة لضمير المجتمع ومبادئه وأخلاقه ، إلا وإرتكبوها ، مع تواطؤ جماعى لضمان ألا يمس من المجرم شعرة من رأسه ، مهما بلغ هول ما إرتكبه من جناية ، فى إهانة أخرى أكثر إستفزازاً وتعمداً مما ترفع من درجات الإحساس بالغبن والقهر والغضب ..
فهل يحس الإسلامويين فعلا وحقيقة ، بالمرجل الذى أوقدوه وظلوا عليه ، على حساب القيم والأخلاق والدين ووحدة المجتمع وأمنه .. ؟! أم يلجأون للسكر وتخدير الذات منعاً لإجترار تداعيات الجريمة ؟؟
فهل من إهانة وإذلال أكثر من أن يطعم شخص ما قَاتِلهُ ، فيحفر قبره بيديه ويستقر فيه إنتظاراً لمن عليه جز رقبته ؟؟
وهل من إستفزاز أكثر من أن يخرب سفيهٌ ما مزرعتك ، فيسرق الثمار والبذور والشتول ويقطع الشجر لينشئ على أنقاضها أخرى خاصة به ؟؟
وهل من درجة أحط فى سلم الهوان ، وأكثر إستفزاز للذوق والشعور والتقاليد فى أن تؤجر موظفاً لمهمة محددة ، فيعتلى منبرك ليشتمك ويحقرك , ويسُبُك ، ويسُب دينك ، ويسرق منك ، ومن معارفك ، ويسيئ لغيرك بإسمك ، ويقتل بَنيك ويشردهم ، ثم يتوقع منك أن تصفق له وتمجده وتدفع له راتبهُ فتفعل له صاغراً ..؟؟ !!
هل من مهانة وراء ذلكم الهوان ؟؟ هل يحتمل المؤشر الذى بين يدينا قياس درجات أعلى من تلك ؟؟
إن كان هناك من سيبرر فعلة الإسلامويين ، عليه أن يُعرِّف جيدا مفهوم الإهانة والإذلال بمعاييره الخاصة ، وليجتهد فى أن يجعله مقنعاً ومقروءاً !!!
ستتلقون إجابات بعضها مترفة بالمقارنة بما نحن عليها ، عندما تطرحون سؤالاً على بعض من أفراد الشعوب العزيزة عن : متي يشعر الانسان بقمه الإهانة ؟ ،
وستأتيكم بعضها على شاكلة …
إذا طلبت شيئاً أنت بأمس الحاجة إليها من شخص ويرفض طلبك دون أن يبدى أسباباً ..!!
أو عندما تفعل المستحيل لشخص يعتبرك لم تفعل له شيئا ..!!
أو عندما تجتهد فى إفهام من لا يرغب فى فهمك ..!!
أو عندما تتعرض لمشكلة فى مطار دولة أجنبية ويتأخر عنك قنصل دولتك ..!!
أو عندما تتحدث مع أحد فينشغل عنك بالرد على هاتفه الجوال ..!!
هذه إجابات قد تتلقونها من بعضٍ ممن يعيشون معنا على هذا الكوكب ، ومن الخطأ الحكم عليها بالدلال ، ومن العبث أن نستخف بهم ..!
لا أحسب أننا فى حاجة لنعدد لكم المئات من المانشستات التى توثق لحالات الإهانة التى تعرض لها السودانيين ، داخل البلاد وخارجها ..! ، ولا نشرات حقوق الإنسان ، التى يعتبر الغربيون أن مجرد ورود قصة واحدة عنهم فى تقاريرها ، تعد إهانة كبيرة لهم ولبلدهم ،، !
تذكروا الإهانات التى وجهت للسودانيين خارجه ، مواطنين كانوا أم مسئولين كبار !.
وتذكروا حالات قذف جواز السفر السودانى أو إلقاءه أرضا !.
تذكروا لهث السودانيين وموتهم على الحدود الإسرائيلية فى سيناء !.
وتذكروا بيع السودانيين كالأغنام فى ليبيا !.
تذكروا أحداث ميدان مصطفى محمود بالقاهرة !.
وتذكروا إستئصال كُلَى وقرنيات أعين مهاجرين هائمين على وجوههم فى أرض الله بحثاً عن حياة كريمة ..!
وصور هياكل أطفال ، وذبابٌ عالقٌ بأعينهم ووجوههم فى معسكرات النزوح ..
ونساء يعشن كالماشية على أوراق الشجر ، فيهرولن الى الكهوف طلبا للنجاة ..
عندها سنقف على معايير الإهانة والتحقير الخاصة بنا ، تلكم المناخل التى من السعة بحيث تمرر كل هذه الحالات دون تعثر …
إنها مآسى تدفعنا للحسرة والحيرة فى أمر شعب أضاع ماضيه وباع مصيره بملاليم أهل الكهف فلا نال مجدا ، ولا جنى مالا ، ولا نال كرامة أجلسته عزيزا بين الأمم ..
ومع ذلك يطلق المسئولين عبارة ( الدانة … ولا الإهانة ) ، وهى بليغة الدلالة ، محرضة على المواجهة والإقدام ، لكنها مفرغة المحتوى ، قصدت بها الشّغل عن إجترار آلام السقوط ، والحد من موجات الهجرة اللّارَجعيّة ، التى يُقدم عليها شباب اليوم ..
أنها رحلة المتاهة ، والسراب ، والموت … موت أخلاق وقيم ، وحضارة ، وضياع أمة ، وبلدٍ قارة ..!!
أو كما عبر عنها الشاعر أبوعبد الله ..
يا حسرتا ماذا دهى أهل الحِمَى فالعيشُ ذلٌ والمصير بَوارٌ
أرأيتَ أيَّ كرامةٍ كانت لهمْ واليوم كيف إلى الإهانةِ صارُوا
سَهُلَ الهوانِ على النفوسِ فلم يعد للجُرحِ من ألمٍ وخفَّ العارُ
همدتْ عزائُمهم فلو شبَّت لَظى لتثيرَها فيهم فليسَ تُثارُ
الظالمُ الباغِيُ يُسوِّسُ أُمورَهم واللصُّ والجاسوسُ والسمْسارُ.
والسلام عليكم …..
[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..