لماذا لا تقلص موازنة جهاز القمع؟

حالما اندلعت التظاهرات بالعاصمة والأقاليم، واتسع نطاقها رغم القمع الوحشي، انطلقت آلة النظام الإعلامية تكيل السباب والشتائم للآلاف الذين خرجوا يحتجون على قرارات الحكومة الاقتصادية، فهم في نظر المؤتمر الوطني شذاذ آفاق ومرجفون وخونة وعملاء لابد من أن( يحسمهم) المجاهدون .

ومع سيف الإرهاب توالت القرارات الجمهورية بإعفاء تسعة مستشارين وأربعة وخمسين خبيراً ومتعاقداً من أجل ذر المزيد من الرماد في عيون الجوعى وإيهامهم بأن الحكومة ذات نفسها تقشفت، وعليهم أن يحتملوا زيادات الأسعار وضنك المعيشة إلى أمد غير مسمى.

كم كان ينال هؤلاء الخبراء والمستشارين، مقارنة مع ميزانية الدفاع والأمن التي تبتلع 70% من ميزانية الأجور و56% من مجمل الإنفاق؟

بل أين هو تقليص إنفاق القطاع السيادي و القصر الجمهوري ومجلس الوزراء عشرات الوزراء ووزراء الدولة والهيئات والمنظمات ذات الطابع الحزبي، ومن ورائهم احتياطي الموازنة المالي المتعاظم الذي نعرف أوجه صرفه !!

الحقيقة التي لا تقبل الجدل إن مشكلة الاقتصاد السوداني، وليس الموازنة وحدها ، في هذا الإنفاق الهائل على الأمن والدفاع على حساب أي شيء ، لأنه أساس استمرار النظام في الحكم ? كما يتوهمون ? وهذا يؤكده قرار البرلمان برفع قدرات الجيش القتالية وتحسين رواتبه ، مما يعني المزيد من الصرف على أجهزة القمع.

والحال هكذا فإن عدم المساس بهذا الإنفاق، بل تعظيمه سنوياً ، هو المتسبب في الأزمة الراهنة بعد أن أغلقت حكومة الجنوب إنتاج نفطها، وبالتالي أغلقت منافذ نهب بترول الجنوب.

إذن ليس أمام الطفيلية الرأسمالية سوى الاستمرار في زيادة الضرائب والأسعار لتوفير الأموال اللازمة لامتيازاتها وجهاز قمعها، وليس أمام الغالبية العظمى من خيار سوى تصعيد المواجهة حتى إسقاط النظام وإقامة البديل الديمقراطي من أجل حياة حرة كريمة .

الميدان