مقالات سياسية

أنا النبي لا كذب (14) حقوق الفقراء، و الربا يأكله الأغنياء الجشعين فقط…

يروي عمر بن الخطاب رضي الله عنه انه دخل ذات مرة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فوجده مضجعا على حصير، وأثر الحصير يبدو على جنبه الطاهر، فبكى عمر إشفاقا وعطفا وقال: “ألا تتخذ لك فراشا لينا يا رسول الله؟”. فأجابه النبي قائلا: (ماذا يا عمر… أتظنها كسراوية؟ إنها نبوة لا ملك). وأضاف: (إذا ذهب كسرى فلا كسراوية بعده…وإذا ذهب قيصر فلا قيصرية بعده…ولقد أظلكم من الله خير جديد..نبوة ورحمة).
الإمبراطورية الإسلاموية باب الفقر..

ولم يدري رسول الله ما أحدث من جاء من بعده؟. فقد كافح وناضل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم و أوذي في الله أذى شديدا ليقضي على الكسراوية والقيصرية الغاشمة ليحل محلها نظاما عادلا رحيما. فقد حقق بالفعل و بتوفيق من الله عز وجل العدالة الإجتماعية في المجتمع الجاهلي بتحرير العبيد وتقليص الفارق الطبقي بين الأغنياء والفقراء بفرض الإنفاق على الأغنياء، وإعطاء النموذج المثالي والأسوة الحسنة للمجتمع المثالى والأمة الخيرة للناس.
ولكن سرعان ما رجع الوضع أعقابه القهقري و أضل سبيلا بإعادة أمجاد كسرى وقيصر بعدما تولى السلاطين والأمراء زمام الحكم على الناس بل أضافوا للكسراوية والقيصرية من تفتق عبقرياتهم، وحموها بإسم الدين فكانت الإسلاموية. وقد كان كسرى يعبد النار وينهب أموال شعبه، بينما السلطان او الخليفة كما يحلو أن يسمي نفسه، يقول انه يعبد الله، ولكنه ينهب أموالهم وثروات أرضهم أيضا.

و قلنا من قبل إنهم أسموا تلك الحروب “حروب الردة” لتقنين الإستيلاء والسيطرة وسبي النساء وجمع أموال الناس بالقوة و ب “سيف المعز وذهبه”. فبدأ السلاطين والأمراء منذ عهد بني أمية بناء القصور والبيوت ونهب أموال الناس بالجبايات والتمتع الشهواني، وشراء الذمم للولاءت والترضيات الخاصة في سبيل تحصين عروشهم. ومن ثم إتخاذ بعض الرجال لإيجاد منافذ في الدين تقنن لهم ما يفعلون. فمهمة هؤلاء المأفونين تخدير الناس بالصبر وربط البطون وإيهامهم بأن طاعة الله من طاعة السلطان وان الدين والدولة شئ واحد لذلك المفارق للجماعة ضال. فكانوا يدفعون لرجال الدين وفقهاء السلاطين مبالغ مالية طائلة بسخاء من حر مال الناس مع رمى الفضلات هنا وهناك للوعاظ الأخرين. فتجدهم يكيلون للناس بمكيالين. فعندما يأتي ذكر السلطان والحاكم يثنى عليه وأن يمد الله في عمره وأن يعينه في حفظ الله ورعايته وأن يحفظ البلاد. وعندما يلتفت الى الرعية يأخذ بالتهديد والوعيد والصبر على البلاء، مصورا بذلك مشهدا مزيفا في مخيلة الناس. فكأن الحاكم هو المظلوم والرعية هم الظالمون.

يحكى ان مغنيا كان يغني للأمين بعض أبيات من الشعر النواسي الرقيق في التغزل بالغلمان، فطرب الامين طربا شديدا حتى وثب عليه وركب على المغني واخذ يقبل رأسه ثم امر له بجائزة. فقال المغني مندهشا: “يا سيدي قد أجزتني لهذه الغاية بعشرين ألف ألف درهم!”. فأبدى الأمين إجازته وإستصغاره مبلغ عشرون مليون درهم وقال: “وهل ذلك إلا من خراج بعض الكور- أي قرية صغيرة-“. والأمين لا يبالي أن يصرف هذا المبلغ من المال لإثارة شهوته الخبيثة. ولك أن تتخيل كم يعاني أهالي تلك القرية في سبيل جمع تلك الجباية من حر أموالهم وشعورهم بالقهر والذل عندما يروا أين تذهب أموالهم.
وفي مشهد آخر، يحكي أبو الفرج الأصفهاني في كتابه “مقاتل الطالبيين” عن محمد بن ابراهيم الحسني: “..فينما هو يمشي في طريق الكوفة نظر الى عجوز تتبع احمال الرطب فتلطقت ما يسقط منها فتجمعه في كساء رث. فسألها ما تصنع: فقالت: اني امرأة لا رجل لي يقوم بمؤنتي ولي بنات لا يعدن على انفسهن بشئ، فأنا اتبع هذا الطريق واتقوته انا وولدي. فبكى بكاء شديدا وقال: انت واشباهك تخرجونني غدا حتى يسفك دمي..”.
والآن يمكنك أن تقارن بين هذين المشهدين السرياليين.

إستطاع السلاطين قهر شعوبهم وبطشهم وتأليفهم على الخضوع والذل والإستكانة وتطويعهم على الرضوخ بسياسية الحق الإلهي والأمر الواقع والقضاء والقدر ليتطبعوا على الإستبداد. ومن ثم ضعفت عقول الأمة لتعيش في فقر مدقع، مادى ومعنوي ونفسي. بل وحدث تزعزع في شخصيتهم كأفراد عندما يروا أمير المؤمنين ينهب أموال الناس ويبذرها على شهواته وملذاته. وساهم في ذلك رجال الدين من فقهاء السلاطين والوعاظ الذين يصورون الناهب معذورا والمنهوب معاقبا. فليس مهما للناس أن ينهب السلطان/الخليفة من أموالهم ما يشاء ما دام انه يبني المساجد ويرعى رجال الدين ويغدق عليه النعم ليحافظ على دين الله، ومن ثم يرى الناس عيناه تفيض بالدموع من خشية الله، وفي المسجد الذي بناه من عرق الناس وألصق به إسمه- يحفظه الله.

الفقر نقمة وليس نعمة..

وبالتأكيد منذ الإمبراطورية الإسلاموية ظهر الفارق الطبقي من جديد بين الأغنياء والفقراء وحل البلاء والفساد بسبب عدم تطبيق أوامر الله سبحانه لأن المال لم يصبح دولة بين الناس جميعا بل أصبح دولة بين الأغنياء منهم فقط. وطفق فقهاء السلطان يروجون بأن الفقر نعمة والقناعة كنز لا يفنى. فمتى كان الفقر نعمة وهو وعد من الشيطان الرجيم والعياذ بالله من قوله جل من قائل: ((الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلا والله واسع عليم)) [البقرة: 268]. فالفقر ليس نعمة بل نقمة كبيرة تسبب التأخر والتخلف. فالفقراء يمثلون الطبقة الدنيا و إتساعها يعني إختفاء الطبقة المتوسطة التي تمثل المحرك الرئيسي للإقتصاد. فبدون تحرك الإقتصاد ونموه لا تحدث التنمية ولا تزدهر الشعوب ولا تبنى الحضارات. وبالتالي فإن الفقر جريمة إجتماعية ووطنية. ولكن من المسؤول عنها؟.

لقد توصل الفلاسفة العالميون لهذه الحقيقة بعد مدة. والفقر عواقبه وخيمة ونتائجه كارثية على المجتمعات، بحيث يشكل عاملا يهدد الأمن الإجتماعي في المقام الأول. فالفقير يمكن أن يبيع نفسه للحوجة أحيانا. وقد قال الفيلسوف جان جاك روسو (1712- 1778) “إذا أردتم أن تمنحوا الدولة ثباتاً فقربوا بين الطرفيين الأقصيين ما استطعتم، ولا تحتملوا وجود أناس أغنياء وفقراء، فهذان الحالان اللذان لا يمكن فصل أحدهما عن الآخر بحكم الطبيعة هما كذلك شؤم على الخير العام، فمن أحدهما يظهر أعوان الطغيان، ومن الآخر يظهر الطغاة، وبينهما تقع معاملة الحرية العامة، فأحدهما يشترى والآخر يبيع”.
والفيلسوف الفرنسي أوجست كونت (1798-1857) ألقى بالمسؤولية على الأغنياء فقال بأن: ” الغنى وظيفة اجتماعية تتمثل بمساعدة السائلين والمحرومين”. وكتاب الله الذي يتلى ترد فيه هذه الحقيقة بوضوح. والله تعالى يلقي بالمسؤولية أيضا على عاتق الأغنياء. فيشجع الحق جل وعلا الأغنياء على إنفاق أموالهم بل يعتبره إقراض لله سبحانه ذاتيا بسؤاله جل وعلا: ((من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له؟)) [البقرة: 245]. وترد كلمة ((و أنفقوا)) في مواضع كثيرة جدا. بل سمى هذا مالهم “ما جعلكم مستخلفين فيه”.

ثبت في علم الإجتماع بأن الإجرام يكثر بين الفقراء والمعوزين من الناس أكثر من المرفهين. فالفقير يضطر منذ طفولته الباكرة للعمل في البرد والحر، ليلا ونهارا، ويجتهد ويكدح ليعين أبويه على قوت أسرته. وقد تضطره، أو تضطرها، الظروف أحيانا لحوجة ماسة بمرض الوالدين مثلا، لفعل أشياء لا يريدون فعلها بتاتا كالسرقة أو الإحتيال، أو بيع الشرف أوالكرامة أو الذمة، و حتى لحوم وأعضاء أجسادهم.
يقول المفكر توماس بين (1737-1809) الذي عاش فقيرا ردحا من الزمن: “إن الفقر ليتحدى كل فضيلة وسلام، لانه يورث صاحبه درجة من الإنحطاط والتذمر تكتسح أمامها كل شئ، ولا يبقى قائما مستمعا لنصيحة: كن، أو لا تكن، وأفعل ولا تفعل”.
فالفقراء بشر وهم لم يولدوا سيئين ولكن قدرهم أن يكونوا في هذا الظرف. والبشر طبيعتهم واحدة، فإذا كان الأغنياء فقراء لفعلوا مثل ما يفعلون والعكس صحيح.

لقد توصل الفاروق في آخر أيامه لحل بقوله: “لو إستدركت من امري ما إستدبرت لأعطين الفقراء عطاء سنة كاملة- أو أخذت فضول أموال الأغنياء ورددتها على الفقراء”. فقد كان يصرف على الفقراء رواتب شهرية، ولكن بالعطاء السنوي كان يمكنه أن يستثمرها في مشروع يدر عليه دخلا لا يجعله يحتاج للعطاء. فتعليم الصيد أفضل من عطاء سمكة.
بينما جاء معاوية وقال: ” إنما المال مالنا والفيء فيئنا، فمن شئنا أعطيناه ومن شئنا منعناه”، ولم يتغير وضع الفقراء منذ حينها. وجاء بالقول المأثور عن رسول الله (اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد) ليفرضه على المسلمين لقوله بعد دبر كل صلاة. فقد أصبح كسنة مؤكدة إلى يومنا هذا لينطبع في عقل الناس الباطن الإستسلام لأمر الله، ولكنه في حقيقة المراد الإستسلام لأمر السلطان.

إن العامل الثاني المهم الذي تتطور به الأمم و يساعد في نمو كل الدول المتقدمة، بعد الحرية والسلم والامان، كأمريكا مثلا وغيرها هو: حركة المال وجعله دولة بين الناس، بالإستثمارات والأعمال التجارية خصوصا المتوسطة أو بما يسمونه بال Business. فهذا التحرك الإقتصادي بتوفر الأموال، كفيل لأن يطرق الناس كل أبواب الإستثمار في مختلف المجالات كالعلمية، والزراعية، والطبية، والفلكية، وغيرها، مما يحقق التفاعل الذي يأتي بالتطور الفعلي. وليس كأن يحصر جل الناس أنفسهم في أعمال تجارية بسيطة تدر عليهم “رزق اليوم باليوم” أو ما يعرف ب”النقاطة”. وحراك الأموال الفعلي يحقق أيضا توفير مختلف وظائف العمل وتقليص نسبة العطالة وبالتالي الدفع بالبلدان نحو التطور والتقدم والرقي بإتساع رقعة الطبقة المتوسطة، والتي تسطيع حكم الأسعار وتحطيم شبح الغلاء لوحدها فيما بعد. ولكن إذا كان الغلاء مسيطرا ومستفحلا في مجتمع ما، فذلك يدل على أن فيه كثير من الأغنياء الغلاة المترفين الذين لا يبسطون أيديهم البسط المفروض، و يقبضون أيديهم كل القبض وبذلك يساهمون في بقاء الغلاء والفقر والوضع البائس التعيس كما هو عليه.

مأساة الفقراء في فقهاء السلطان..

وإذا جئنا لتعريف من هو الفقير؟. فالفقر يعني الحاجة الضرورية للشئ. والمتعارف عليه بين الناس فإن الفقراء هم المحتاجين للمال. والفقير هو الذي يحتاج للمال لحاجته الضرورية. ولقد أتى ذكر الله للمساكين للعطاء أكثر من الفقراء. والمساكين أصلا هم فقراء أساسا ولكنهم سكنوا عن الحركة والسعي فسموا مساكين وأحدهم مسكينا.
وقد عرف البعض الفقير بأنه الذي لا يملك قوت عامه والمسكين الذي لا يملك قوت يومه. وإذا اعتمدنا هذا التعريف فيعني إن غالبية الناس، حتى الموظفين فقراء، إذا أن الغالبية العظمى منهم لا تكفيهم رواتبهم حتى لعاشر يوم في الشهر. وتحديد الحد الأدنى للرواتب هو من إختصاص الدولة كي تضمن عيش الناس في طبقة متوسطة يستطيعون فيها تأدية عملهم بالكفاءة التي تحقق الإنتاجية والإتقان المطلوب.
و في أرض الواقع نجد عكس ذلك، من تردي في الخدمات والبلاء، والأنكى الأغنياء يزدادون غنى والفقراء يزدادون فقرا. ويرى بعض الأغنياء أنفسهم انهم محظوظون في هذه الحياة الدنيا بأن الله تعالى يسر لهم رزقهم فيها ولا من يعظهم بأن هذا أيضا إبتلاء لهم كما إبتلى الله الفقراء أيضا. أولا يقرأؤون: ((فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربي أكرمن*وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربي أهانن*كلا بل لا تكرمون اليتيم* ولا تحاضون على طعام المسكين* وتأكلون التراث أكلا لما*وتحبون المال حبا جما)) [الفجر: 20]. ويحث الوعاظ الأغنياء على إخراج زكاة أموالهم فقط وما عليهم من شئ بعدها إن شاء الله. ثم يلتفتون إلى الفقراء أن أصبروا وأربطوا على بطونكم وأعبدوا الله وكونوا من عبيده الشاكرين، ((وفي السماء رزقكم وما توعدون.. وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون)).
نعم إنه لحق وإن رزق كل إنسان، بل كل دابة خلقها الله على الله، ولكن هذا في مجمل الإطلاق. ومسألة الرزق مهمة لأساسيات عبادة الله سبحانه. فقد سأل نبي الله إبراهيم عليه الصلاة والسلام رب العزة بقوله: ((ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون)) [إبراهيم: 37]. ولكن في الواقع، السعي للرزق الحلال في حد ذاته عبادة، ويقول ((والله يرزق من يشاء بغير حساب))، ففي السماء “رزقكم” ولكن الله “يرزق” بالأسباب. فبمشيئة العبد وحركته يرزقه الله بالرزق المكتوب له و بدون رزق وإطعام لا تستقيم العبادة كما قال أبو الأنبياء.

لا يجب أن يخلط علينا فقهاء السلطان والوعاظ الأمور، فهل تأدية الأغنياء للزكاة معناه إعفائهم من مسؤوليتهم تجاه الفقراء، كلا ورب العزة. فهذا المال مستخلفين فيه فقط، وهو إبتلاء فيؤدي أحدهم الزكاة ويقول ربي أكرمن والحمد لله على ما رزقني، فأنا محظوظ. فأين شكر النعمة؟. فشكر نعمة الغنى هو الإنفاق، غير الزكاة المفروضة. والله تعالى يقول مكررا في الكتاب الحكيم في مواقع كثيرة جدا ((أنفقوا.. أنفقوا.. أنفقوا)). وهذا الإنفاق ليس فضل ومنة من الغني على الفقير بل واجب وخدمة متبادلة، ((وهو الذي جعلكم خلائف الأرض ورفع بعضكم فوق بعض درجات ليبلوكم في ما آتاكم)) [الأنعام: 165]، و بتسخير بعضهم لبعض ((نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا، ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا ورحمت ربك خير مما يجمعون)) [الزخرف: 32]. أي أن يتبادلوا التسخير فالفقير يخدم الغني و الغني يخدم الفقير.
ولا يعني الإنفاق على الفقراء رمي الفتات بل إعطاءهم ما يمكن لأحدهم الإعتماد على نفسه به. فإذا اعطي الفقراء حاجتهم لذلك لتحقق جزء كبير من الأمن الإجتماعي ثم تحرك الإقتصاد ليتطور المجتمع.

لقد كان الصحابي الجليل أبا ذر الغفاري يناطح الطغاة ويناصر الفقراء ليسترد لهم حقوقهم و يصرخ في وجه معاوية قائلا: أغنيت الغني، وأفقرت الفقير. ويتلو الآية: ((والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم)) [التوبة: 34]. ويرد معاوية كما يردد فقهاء السلطان اليوم مثله: نزلت فى أهل الكتاب. وبذلك يدارون الحكمة من قصص بني إسرائيل الكثيرة المذكورة في القرآن والتي أتت لتذكرتنا ولكي لا نقع في نفس بلوتهم، وليس للتسلية والتقريع على أهل الكتاب.
فتجد أحدهم يريد للفقراء المستمعين لخطبه المبكية أن يقتفوا أثره رضي الله عنه ويكونوا مثله، ولا يرى كفاحهم وكدحهم في هذه الحياة الدنيا وراء لقمة العيش، وجريهم المتواصل وسعيهم الدؤوب لسد رمق جوعهم بكل السبل مما ينسيهم غالب الأحيان لقمة الزقوم وطعام الأثيم للأسف الشديد.
ويواصلوا بالوعظ الخاوي ليرموا اللوم: “كيفما تكونوا يولى عليكم”، “وغيروا أخلاقكم لتتغير ظروفكم”. فلماذا يولى علينا كيفما نكون، ولا نولي علينا كما نريد. فلو كانوا منصفين حقا أو قائمين بالقسط لقالوا: لو تغيرت ظروف الناس لتغيرت أخلاقهم بالطبع.
والأنكى من ذلك ينصحون الناس ويعظونهم بأن لا يشتكوا من الظالم ولا يثوروا عليه أبدا، للجماعة وطاعة ولي الأمر. فالظلم قد حل بالناس مما عملت أيديهم، والبلاء إستحكم بسبب فسادهم، ومنع منهم الرزق ومحقت البركة بسبب أعمالهم وسؤ نياتهم، وإنما الأعمال بالنيات والناس على نياتهم يرزقون، وكما تدين تدان، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، وأقم الصلاة…

فمعظم هؤلاء وجدوا أنفسهم موظفون اولا وفقهاء وشيوخ دين مبجلون نتيجة للظروف. فهم يصلون بالأجرة ويخطبون بالأجرة ويحجون بالأجرة ويفتون بالأجرة وتصرف لهم المكافاءات والعلاوات والبدلات ويترقون بحسب خطبهم الرنانة ومواعظهم المبكية و مداراتهم على الطاغية. ولولا سلاطين العهد الأول الذين خلقوا هذه المهن الدينية لهؤلاء المأفونين لكانوا الآن: بقالين أو قصابين أو ترزية يفصلون كما يشاؤون، ولا من يسألهم، وبالتالي تكون لديهم فائدة فعلية للمجتمع، بعكس ما يفعلون الحين.

الربا يأكله الأغنياء فقط..

و لقد دأب فقهاء السلاطين والأغنياء المترفين بتخويف الفقراء من أكل الربا!! في حين أن الفقراء لا يأكلون الربا ولكن يريدون الإستدانة لأنهم لا يسألون الناس إلحافا. وقد ورد الربا في القرآن الكريم نحو سبع مرات تقريبا، وكل الآيات تشير إلى أن الأغنياء هم المعنيون أصلا بهذا الأمر وتلقي التحذير والنذير على الأغنياء فقط.
ورد ذكر الربا في سورة البقرة أولا. ويتحدث الله تعالى في الآيات من [البقرة: 273- 283] عن هذا الأمر. والآيات التي قبلها من الآية [البقرة: 261-272] تتحدث عن أهمية الإنفاق وتحث وتشجع عليه. ((مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم)) [البقرة: 261]. ثم الآيات التي تليها تحث على عدم إتباع الإنفاق بالمن والأذي. وتحذرهم بأن لا ينفقوا إلا من طياب ما كسبوا ولا يتيمموا الخبيث منه، وأن الشيطان يعدهم الفقر بعدم الإنفاق، وإن أخفوا الصدقات وأعطوها للفقراء فهو خير لهم، إلى أن يقول الله تعالى: ((للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله لا يستطيعون ضربا في الأرض يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم لا يسألون الناس إلحافا وما تنفقوا من خير فإن الله به عليم*الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون)) [البقرة: 274].

فالله تعالى يذكر إن هناك فقراء لا يسألون الناس أبدا، حتى يظنهم “الجاهل” أغنياء من تعففهم. فهؤلاء الفقراء ماذا سيفعلون إذا؟. فلديهم ثلاث خيار: الإستدانة، أو السرقة، أو الموت جوعا. فإذا خيارهم الأول هو الإستدانة، وإن لم يجدوا فإما السرقة أو الموت جوعا. لذلك سيضطرون للإستدانة من الأغنياء إذاً. ومن بعد ترغيب الله عز وجل للأغنياء بالإنفاق تنقلب الآيات على الأغنياء الجشعين، الذين يستدين منهم الفقراء ولكنهم يستغلون ظروفهم. فيقول تعالى: ((الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا..)) [البقرة: 275]. ويشدد جل وعلا ((يمحق الله الربا ويربي الصدقات والله لا يحب كل كفار أثيم)) [البقرة: 276]. ثم يطمأن الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات، الذين يؤتون الزكاة وينفقون، فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون. ثم يخاطبهم بتقوى الله ويحذرهم بحرب منه يمحق الله بها أموالهم وأن يأخذوا من المدين مبلغ الدين أو مايعرف برأس المال فقط. ((يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين*فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون)). وإن كان الفقير معسر، فيجب التيسير عليه، وإذا جعل مبلغ الإقراض أو الدين صدقة فهو خير في اليوم الآخر والذي بالتأكيد ستوفى فيه الأجور ويجد كل أجره عن الذي لا يظلم عنده أحدا. ((وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة وأن تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون*واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون)) [البقرة: 281]. وهذا يوافق الآية ((ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو)) [البقرة: 219]، والعفو هو ما يزيد عن حاجة المال. بل ويبشر المؤمنين بأن قرض الفقراء كإقراض الله تعالى ((إن تقرضوا الله قرضاً حسناً يضاعفه لكم ويغفر لكم والله شكور حليم)). ووردت كلمة قرض دوما مقرونة ب ” قرض الله قرضاً حسنا”ً لتؤكد مكانة المقرضين لوجه الله وليس للربا.
وبعدها يختم الله تعالى آيات الربا بأطول آية في القرآن العظيم، آية الدين [البقرة: 282] ليبين حفظ الحقوق لجانب الغني والفقير.

وهناك آية أخرى في آل عمران يحذر الله تعالى الأغنياء من أكل الربا ((يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة واتقوا الله لعلكم تفلحون)) [آل عمران: 282]، وفي النساء عدم أخذ الربا لأنهم منهي عنه أصلا ((وأخذهم الربا وقد نهوا عنه وأكلهم أموال الناس بالباطل وأعتدنا للكافرين منهم عذابا أليما)) [النساء: 161].

لقد قاوم رسول الله أغنياء قريش وحارب الربا والإستغلال والإستعباد، ونجح في القضاء عليه إلى حد بعيد. فقد كان قائدا لحرب الله التي أذن بها على المرابين الجشعين. فأمر أواخر أيامه بمصادرة جميع الأموال التي أستثمرت في الربا ورد رؤوس الأموال فقط لأصحابها. فقد كان يريد بتحريم الربا القضاء على الإستغلال والجشع للمال وتكديس الثروات وإلغاء تداوله في أيد قليلة. فقضى صلوات الله وسلامه عليه لحد كبيرعلى الغنى الفاحش. فتحريم الربا كان وسيلة لا غاية. لكن فقهاء الأغنياء والسلاطين جعلوه غاية بعد ذلك، بل حوروا معناه لتخويف الفقراء من عدم الإقتراض. فظهر أغنياء من طراز جديد وإبتكروا أساليب جديدة لمضاعفة أموالهم على حساب الفقراء بطرق لم يأتي فيها تحريم، لتختل الموازين ويتسع الفارق الطبقي بين الأغنياء والفقراء من جديد ويصبح أسوأ مما كان.

إن كل تشريع عبارة عن وسيلة للوصول إلى هدف إجتماعي معين، تتحقق به مصلحة المجتمع. ولكن غالبية الناس ينسون الروح والهدف من التشريع ويهملون المقصد العام المناط به تحقيقه، ومن ثم يهتمون بالتطبيق بالحذافير متجاهلين أن الإنسان لا يغلب في إبتداع وإبتكار طرق المكر المختلفة لينمي طمعه وجشعه وحبه للمال.
عندما جاء الفاروق قال: “توفي رسول الله ولم يبين لنا في الربا كثيرا”. ولكنه الفقيه وعرف المقصد فحبس الأغنياء ومنعهم من التجول في الأمصار، وهذا تصرف لم يأتي فيه تشريع ولكنه يعرف ان المقصد هو القضاء على الجشع وتكديس الأموال والفساد بالفارق الطبقي. وقال: “إنهم يريدون أن يتخذوا مال الله معونات دون عبادة الله”. وقال في آخر أيامه: “لو استقبلت من أمري ما أستدبرت لأخذت فضول أموال الأغنياء فقسمتها على فقراء المهاجرين”.
ولكن حور مفهوم الربا لشل أيدي المحتاجين من الإقتراض وغض النظر والطرف عن آكلي الربا الأصليون. ونحسب أن بني اسرائيل لهم يد طويلة في تصوير الربا للمسلمين في كل أنواع المعاملات التجارية للبنوك وخلط مفهوم الإقتراض لحدهم من التعاطي مع الأموال لمنع تقدمهم. فهل تعلم ان البنوك السويسرية التي يدخر فيها أغلبية الأغنياء أموالهم هي بنوك برعاية يهودية ويصل عمرها ل 723 عاما. والغريب ان أثرياء المسلمين يضعون فيها أموالهم المكدسة الطائلة وشعوبهم من أكثر الشعوب فقرا في العالم، ولا نسمع أحد فقهاء السلاطين أو الوعاظ بالكاد يذكر ذلك!. بل تجدهم فالحين في شق حلوقهم وتشقيق آذان الفقراء بالصراخ من عدم الإستدانة والإقتراض من البنوك فهو ربا ونسيان الأغنياء الجشعين الذين يكدسون أموالهم بخارج أوطانهم، ولا يدينون البنوك الإستغلالية التي تفرض عليهم نسب فائدة خيالية للربا. فمن هو الذي أدخل أساسا تلك البنوك في البلاد لتستغل الفقراء؟. وهل للفقراء مصادر أخرى ليستدينوا منها غيرها؟. فأصحاب الإمبراطورية الإسلاموية أنشأوا المصارف التي أسموها إسلامية لإقراض فئات معينة أو الذين ينتمون إليهم في تنظيماتهم ليكون المال دولة بينهم. بينما تجد العراقيل كثيرة لمن يريد أن يقترض من الفقراء. ونجد نسبة الفائدة التي تحظى بها البنوك الإسلامية أعلى من البنوك الأخرى التي يسمونها ربوية. إذا هي تمارس نفس الجشع وإحتكار المال المراد النهي عنه!.

يجدر بنا هنا أن نذكر البروفيسور محمد يونس البنغالي صاحب بنك الفقراء والحائز على جائزة نوبل للسلام في 2006، والذي أفردنا له مقالا خاصا قبل ذلك ب “محمد يونس البنغالي واين انت يا مو السوداني؟!”. فهذا الرجل أعظم من أي فقيه متفيقه وعالم سلطان متشدق، وهو نسيج وحده. فحمل هم الفقراء في بلاده بنغلاديش وقد أنشأ بنكا خصيصا لإقراض الفقراء، لفتح مشاريع وأعمال تجارية صغيرة خصوصا للنساء، وبنسب فائدة ضئيلة جدا. ولا يمكن أن نقول ان تلك الفائدة ربا لتغير أسعار صرف العملات، وإختلاف نسبة التضخم، وتغير الميزان التجاري.

إن الحوجة الماسة تدفع الفقراء والمحتاجين للإقتراض لكي لا ينزلقوا في مضرة أكبر مما هم فيه. ولكن يجب عليهم عدم مساعدة الأغنياء الجشعين أو البنوك المستغلة لظروفهم في إستغلالهم. و البنوك لا تقرض الفقراء أساسا، الذين لا يسألون الناس إلحافا، بل تقرض الأغنياء ومن تكون لديهم مصالح مشتركة معهم فيصبح المال دولة بين الأغنياء منهم فقط، عكس ما ينادي به كتابنا العزيز بثورته الفكرية والإجتماعية وسار على نهجه نبينا الكريم صلوات الله وسلامه عليه ((كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله إن الله شديد العقاب)) [الحشر: 7].

التغيير يقوده الفقراء دوما ولكن يقاومه الأغنياء عادة..

الأغنياء والمترفين من مصلحتهم هو بقاء حالهم على ما هو عليه بغض النظر عن الحالة العامة للمجتمع و لا يتبدل الحال ب”كي لا يكون دولة بين الأغنياء”. فقد كان الأغنياء المترفين هم أعداء التغيير الذي أتى به الأنبياء بدين الله على مر الزمان لأنهم يريدون إستمرار حياتهم بنفس العز والجاه و الترف والغنى دون أن ينغص عليهم أحد عيشتهم الهنيئة. فتجدهم دوما في الفريق المعادي للشعب الذي يريد إسقاط النظام إلا قليلا.
لقد كان أول ما آمن بالأنبياء المرسلين هم الفقراء، وبالمقابل كان يسخر منهم وكذبوهم الأغنياء ((قال الملأ الذين كفروا من قومه ما نراك إلا بشرا مثلنا وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادي الرأي وما نرى لكم علينا من فضل بل نظنكم كاذبين)) [هود: 27]. وأول من آمن وناصر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هم العبيد والموالي والإماء، وقاومه وحاربه غالبية الأغنياء والمترفين. فكان الضعفاء والفقراء بجانبه وسنده وعضده في كل مسيرة دعوته و رسالته. فهم حملة لواء الثورة الذين مكنوا لدين الله من الحرية والمساواة وإقامة المثل العليا للدين. وقد كان معظمهم هم المهاجرين الأوائل الذين خلد الله تعالى سيرتهم بنصرة النبي والشهادة لهم بالصدق في القرآن الكريم ب ((للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون)) [الحشر: 8]. وحتى بعدما أسلم الأغنياء كان منهم أيضا كثيرا من المتعنتين الذين قعدوا خلاف رسول الله فكانوا مع الخوالف من النساء و الأطفال و العجزة.
وقد كان المترفون سببا في هلاك بعض الأمم السابقة ومن المساهمين الكبار في ضلالهم مع الطغاة. ((وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون)) [الزخرف: 23]. ((وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً* وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا)) [الإسراء: 16]. ((وما أرسلنا في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا بما أرسلتم به كافرون)) [سبأ: 34].

وضرب الله مثلا للناس بقارون. ((إن قارون كان من قوم موسى فبغى عليهم وآتيناه من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة إذ قال له قومه لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين*وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين*قال إنما أوتيته على علم عندي أولم يعلم أن الله قد أهلك من قبله من القرون من هو أشد منه قوة وأكثر جمعا ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون*فخرج على قومه في زينته قال الذين يريدون الحياة الدنيا يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون إنه لذو حظ عظيم*وقال الذين أوتوا العلم ويلكم ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحا ولا يلقاها إلا الصابرون*فخسفنا به وبداره الأرض فما كان له من فئة ينصرونه من دون الله وما كان من المنتصرين)) [القصص: 81]. فقد كان قارون غنيا مترفا ومن قوم موسى أو بني إسرائيل الذين أراد الله أن يخلصهم من ظلم طاغيتهم فرعون. ولكن قارون، ابن جلدتهم، ظلمهم وبغى عليهم بعدم إحساسه بهم، وإحسانه إليهم وتأديته حق الله فيهم، بل وكان يخرج متكبرا عليهم بزينته. وقد كان من أشد الموالين لنظام الطاغية فرعون. وبالتأكيد كان ممن يحرق له البخور ويتبرع بسخاء لتمكين سلطة فرعون على الناس. فهذا النظام يضمن له عزه وجاهه الذي فيه. ولكن الله العظيم أهلكه وذكره في كتابه الحكيم ليكون عبرة لمن يعتبر.

ولقد إبتلى البعض بهذه الظاهرة القارونية بالجري وراء إستحواذ المال بشتى السبل ومسكه وعده جيدا وإحصاءه وإدخاره. وعندما يصبح غنيا يرمي الفتات للفقراء ويبخل بالعطاء الحقيقي. ويحمدالله على حظه في الدنيا، والذي لم يحالفه الحظ يندب ويزمجر بأن فلان ياله من محظوظ. ويتباهى قارون زمانه بأنه شاطر وتعب في جمع ماله وكد فيه بعرقه والخروج على الناس في زينته. بل وبلي المجتمع الفقير بظاهرة “البوبار” فسمعنا بحكايات غريبة وعجيبة من البذخ والترف والإسراف خصوصا في المناسبات في تدل على الغنى الفاحش في وسط هذا الفقر المدقع تجعل قارون يستصغر نفسه أمام هذه المناظر. والحمد لله على الواتساب الذي يرينا العجب العجاب. ولكن علينا تذكر: ((فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون)) [الأنعام: 44]. ولولا فضل الله على الدنيا ورحمته للعالمين بنبي الرحمة وخاتم الأنبياء والمرسلين، عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، لأستمر نزول العذاب على أمم الدنيا المختلفة، بإختلاف معاصيهم، كما كان في السابق.

وهناك حديث خطير يروى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم آية في النذير لمن لا يحض على طعام المسكين، حيث قال: (أيما أهل عرصة أمسوا وفيهم جائع فقد برئت منهم ذمة الله ورسوله). العرصة تطلق في اللغة على البقعة الواسعة بين الدور. فيا ويلنا إن كان هناك إنسان يبيت جائعا بين القصور والفلل والبنايات؟. وهذا الحديث يتماشى فعلا مع القرآن الكريم في ثورته للضعفاء والمساكين ضد الأغنياء المترفين. ولكن نجد فقهاء السلطان والواعظين لا يذكرون لك مثل هذه الأحاديث لشئ في نفوسهم. فسورة الماعون والتي من أبسط السور وتتوعد مانعي إطعام المحاتجين والمساكين بالويل لهؤلاء المرآين الذين لا يؤدون حقوقهم للفقراء والمساكين بآية: ((فويل للمصلين..الذين هم عن صلاتهم ساهون))، أي وإن كانوا يصلون ولو في أوقاتهم ولكنهم يسهون عن صلاتهم في معاملاتهم فلا يحضون على طعام المسكين ويمنعون الماعون والخير على خلق الله. ولطن نجد الوعاظ يعكسون الآية بأن “فويل للمصلين. الذين هم عن صلاتهم ساهون” بأنهم الذين يسمعون الأذان ولا يأتون للمسجد لأداء الصلاة!. بذلك يريدون هؤلاء الفقراء الكادحين صم أفواههم و الذهاب للمسجد سريعا والتضرع بجعل هذا البلد آمنا مطمئنا وسائر بلاد المسلمين، والصبر على البلاء، وأن يوفق راعي الأمة لما فيه الصلاح وخير العباد.

يقول أبا ذر الغفاري: “أعجب بمن لا يجد القوت في بيته كيف لا يخرج شاهرا سيفه أمام الناس”. فلسفة هذا الصحابي الجليل الثائر ديمة بأن الله عدل ورزق العباد بقدر، ولكن هناك من طغى في الميزان. فبعد أن شبع إستأثر برزق غيره في جيبه أوخزينته فحرمه من رمق العيش ولا جعله لا يتذوق إلا شظفه. وبذلك يكون قد إعتدى وظلم والله يأمر بعدم الركون للظالمين. والغريب إن بعض العلماء فندوا وقالوا إن أبا ذر كان مثيرا للفتن ولا يعرف مصلحة الأمة. أي بمعنى آخر مغفلا. ولكن ما لا يعرفه هؤلاء المتحذلقون بأن فلسفة هذا الصحابي تتخذها البلدان المتقدمة في دفع الضرائب. فهي تزداد بإزدياد غنى الأشخاص. بيد أننا نجد أغنياؤهم أنفسهم لا يبخلون بأموالهم في العطاءات والتبرعات ويحملون هموم الفقراء في العالم كله للقضاء على الفقر فيه. فقد تبرع الملياردير بيل قيتس بنصف ثروته ويقول الهدف هو القضاء على الفقر في العالم عام 2035.
و يعتبر الإمام علي أن مسؤولية الفقر تقع على عاتق الأغنياء قائلا: “إن الله فرض على الأغنياء في أموالهم ما يكفي فقراءهم. فإذا جاعوا أو عروا أو جهدوا فبما منع أغنيائهم وحق على الله أن يحاسبهم يوم القيامة، قالوا وأن يعذبهم”.

والإنفاق هو البر من قوله تعالى: ((ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون)) [البقرة: 177]. فليس البر الصلاة في الصف الأول والحج كل عام وبناء المساجد، ولكن البر من آمن وآتى المال المال المال على حبه ” ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب”. ومن ثم لاحظ يقول الله عز وجل وأقام الصلاة وأتى الزكاة”، أي أن الزكاة هي من العبادة المفروضة أصلا وليست من البر، ليتحجج الأغنياء بأنهم أدوا الزكاة والسلام.
ويقول الله عز وجل بأن في الإمساك التهلكة: ((وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن الله يحب المحسنين)) [البقرة: 195]. فأفضل الأغنياء هم المحسنون الذين في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم، وأفضل الفقراء هم العفيفون. فالعفاف زينة الفقر، والشكر زينة الغنى كما قال الإمام علي.
والغني المادي ليس مذموما بحد ذاته، والفقر ليس عيبا قبيحا، وإنما المذموم والعيب أن يعيش المجتمع ويدع الهوة تتسع بين طرفي النقيض، فيصبح الأغنياء مرفهين مترفين ويصير الفقراء مساكين محتاجين، ولا يبالي المجتمع بالفارق الرهيب بين المتخومين والمحرومين. فهذا يعد من أحد الأسباب الرئيسية لإستشراء مختلف أنواع الفساد في المجتمات، من رشاوي وجرائم ومحسوبية لإنتشال الأقارب من الفقر وهكذا. والأمر الفصل بين ضمير الأغنياء وكرامة الفقراء.

لقد جاهد النبي صلوات الله وسلامه حق جهاده وعلم الإنسانية تحقيق العدالة الإجتماعية بإصلاحه بالفعل المجتمع الجاهلي بإحقاق الحقوق للفقراء والمساكين. ولم يعيش كالملوك ولم يكنز مالا في حياته وتوفى ولم يترك لا درهما ولا دينار. و وقف دائما في صف الفقراء والمساكين في حياته وكان يدعو: (اللهم إني أسألك فعل الخيرات، وترك المنكرات، وحب المساكين) لأنه يعلم أن الله تعالى دوما في صف كل المستضعفين والمنكسرين، وكل كتابه العزيز الذي أنزله الله على قلبه ثورة ضد المستكبرين والمفسدين والمسرفين الذين لا يحبهم الله والذين مثواهم جهنم، فلبئس مثوى المتكبرين.
ومن دعاءه المأثور أيضا: (اللهم احشرني في زمرة الفقراء والمساكين). فاليفعل أغنياؤنا مثله إذا أرادوا أن يحشروا معه صلوات الله وسلامه عليه في زمرته مع الفقراء والمساكين، يوم لا ينفع مال ولا بنون، إلا من أتى الله بقلب سليم.

*الحلقة القادمة الأربعاء بإذن الله.
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. يا هذا نعم النبي لا يكذب …وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ
    { وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى } أي: ليس نطقه صادرا عن هوى نفسه

    1/ و لكن أنت تكذب … قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع )

    2/ ماذا تعرف عن حروب الردة يا هذا // و قبل أن تتحدث عن الردة يجب أن تعرف ما هو الاسلام في المقام الأول
    الاسلام هو الاستسلام لله بالطاعة في قول الله تعالى … إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ… والإسلام في كلام العرب : الخضوع والانقياد للمستسلم .
    إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ ۖ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ
    إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ
    الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إذْ قَالَ لَهُ رَبّه أَسْلِمْ } يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِقَوْلِهِ : { إذْ قَالَ لَهُ رَبّه أَسْلِمْ } إذْ قَالَ لَهُ رَبّه : أَخْلِصْ لِي الْعِبَادَة , وَاخْضَعْ لِي بِالطَّاعَةِ , وَقَدْ دَلَّلْنَا فِيمَا مَضَى عَلَى مَعْنَى الْإِسْلَام فِي كَلَام الْعَرَب , فَأَغْنَى عَنْ إعَادَته صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
    قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ
    وَأَمَّا مَعْنَى قَوْله : { قَالَ أَسْلَمْت لِرَبِّ الْعَالَمِينَ } فَإِنَّهُ يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره : قَالَ إبْرَاهِيم مُجِيبًا لِرَبِّهِ : خَضَعْت بِالطَّاعَةِ , وَأَخْلَصْت بِالْعِبَادَةِ لِمَالِك جَمِيع الْخَلَائِق وَمُدَبِّرهَا دُون غَيْره
    و ” نعبد ” معناه نطيع ; والعبادة الطاعة والتذلل .وطريق معبد إذا كان مذللا للسالكين …. و هي الأمانه في قول الله تعالى …إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ ۖ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا
    يعظم تعالى شأن الأمانة، التي ائتمن اللّه عليها المكلفين، التي هي امتثال الأوامر، واجتناب المحارم، في حال السر والخفية، كحال العلانية، وأنه تعالى عرضها على المخلوقات العظيمة، السماوات والأرض والجبال، عرض تخيير لا تحتيم، وأنك إن قمت بها وأدَّيتِهَا على وجهها، فلك الثواب، وإن لم تقومي بها، [ولم تؤديها] فعليك العقاب.
    ابن عباس قوله (إِنَّا عَرَضْنَا الأمَانَةَ) : الطاعة عرضها عليها قبل أن يعرضها على آدم، فلم تطقها، فقال لآدم: يا آدم إني قد عرضت الأمانة على السموات والأرض والجبال، فلم تطقها، فهل أنت آخذها بما فيها؟ فقال: يا رب: وما فيها؟ قال: إن أحسنت جزيت وإن أسأت عوقبت، فأخذها آدم فتحملها فذلك قوله ( وَحَمَلَهَا الإنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولا )

    3/ الأسلام هو الطاعه المطلقة لله …في قول الله تعالى …
    قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ ۖ فَإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ
    وهذا أمر من الله تعالى لعباده بأعم الأوامر، وهو طاعته وطاعة رسوله التي يدخل بها الإيمان والتوحيد، وما هو من فروع ذلك من الأعمال والأقوال الظاهرة والباطنة، بل يدخل في طاعته وطاعة رسوله اجتناب ما نهى عنه، لأن اجتنابه امتثالا لأمر الله هو من طاعته، فمن أطاع الله ورسوله، فأولئك هم المفلحون { فإن تولوا } أي: أعرضوا عن طاعة الله ورسوله فليس ثم أمر يرجعون إليه إلا الكفر وطاعة كل شيطان مريد{ كتب عليه أنه من تولاه فأنه يضله ويهديه إلى عذاب السعير } فلهذا قال: { فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين } بل يبغضهم ويمقتهم ويعاقبهم أشد العقوبة، وكأن في هذه الآية الكريمة بيانا وتفسيرا لاتباع رسوله، وأن ذلك بطاعة الله وطاعة رسوله، هذا هو الاتباع الحقيقي، ثم قال تعالى:

    4/ و عدم الطاعه هو الكفر .. في قول الله تعالى

    فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين }
    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ
    يأمر تعالى المؤمنين بأمر به تتم أمورهم، وتحصل سعادتهم الدينية والدنيوية، وهو: طاعته وطاعة رسوله في أصول الدين وفروعه، والطاعة هي امتثال الأمر، واجتناب النهي على الوجه المأمور به بالإخلاص وتمام المتابعة.

    و قول الله تعالى … و إن تطيعوه يهتدوا …

    5/ و الردة معناها الرجوع .. و هنا بمعنى الكفر و عدم الطاعه لامر الله و رسوله بمعنى ….قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ ۖ فَإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ… و الأيات في هذا المجال كثير جدا

    6/ حروب الردة كانت انواع …. 1/ قوم ارتدوا عن الاسلام إلى كفر الجاهلية بمعنى تركوا كل شي 2/ قوم تركوا الزكاة 3/ قوم تركوا تحريم الربا في حروب الردة … أي انهم ثلاث طوائف
    كان من بين الذين حاربهم أبو بكر في الحروب التي عرفت باسم بحروب الردة من ادعى النبوة كمسيلمة الكذاب وطليحة بن خويلد الأفاك وسجاح الدجالة .

    وكان من بينهم بعض القبائل العربية التي ارتدت عن الدين كقبيلة بني سليم وغيرها ، وقد أرسل الخليفة أبو بكر إليهم خالد بن الوليد على رأس جيش لقتالهم////
    من المعلوم إنه الاسلام هو الاستسلام بمعنى الطاعه و ألانقياد إذا فلا بد من الصلاه و الزكاه و الصيام و ذلك بحكم الطاعه و ألانقياد و هذا تجده في أكثر ايات القران …الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ
    إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ ۖ فَعَسَىٰ أُولَٰئِكَ أَن يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ
    إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ
    وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ ۚ وَذَٰلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ
    فما أمروا في سائر الشرائع إلا أن يعبدوا { اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ } أي: قاصدين بجميع عباداتهم الظاهرة والباطنة وجه الله، وطلب الزلفى لديه،{ حُنَفَاءَ } أي: معرضين [مائلين] عن سائر الأديان المخالفة لدين التوحيد. وخص الصلاة والزكاة [بالذكر] مع أنهما داخلان في قوله { لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ } لفضلهما وشرفهما، وكونهما العبادتين اللتين من قام بهما قام بجميع شرائع الدين.
    { وَذَلِكَ } أي التوحيد والإخلاص في الدين، هو { دِينُ الْقَيِّمَةِ } أي: الدين المستقيم، الموصل إلى جنات النعيم، وما سواه فطرق موصلة إلى الجحيم.
    ( وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ) هو الدين الذي بعث الله به رسوله, وشرع لنفسه, ورضي به.

    و من هذه الأيات تجد كفر من منع الصلاه و الزكاة و لذلك قاتلهم أبو بكر الصديق فهو يعلم ما هو الاسلام و ما هو الكفر و الردة

    حروب مانعي تحريم الربا في حرب الردة
    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ
    لما ذكر أكلة الربا وكان من المعلوم أنهم لو كانوا مؤمنين إيمانا ينفعهم لم يصدر منهم ما صدر ذكر حالة المؤمنين وأجرهم، وخاطبهم بالإيمان، ونهاهم عن أكل الربا إن كانوا مؤمنين، وهؤلاء هم الذين يقبلون موعظة ربهم وينقادون لأمره، وأمرهم أن يتقوه، ومن جملة تقواه أن يذروا ما بقي من الربا أي: المعاملات الحاضرة الموجودة، وأما ما سلف، فمن اتعظ عفا الله عنه ما سلف، وأما من لم ينزجر بموعظة الله ولم يقبل نصيحته فإنه مشاق لربه محارب له، وهو عاجز ضعيف ليس له يدان في محاربة العزيز الحكيم الذي يمهل للظالم ولا يهمله حتى إذا أخذه، أخذه أخذ عزيز مقتدر { وإن تبتم } عن الربا { فلكم رءوس أموالكم } أي: أنزلوا عليها { لا تظلمون } من عاملتموه بأخذ الزيادة التي هي الربا { ولا تظلمون } بنقص رءوس أموالكم.

    فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ۖ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ
    لما ذكر أكلة الربا وكان من المعلوم أنهم لو كانوا مؤمنين إيمانا ينفعهم لم يصدر منهم ما صدر ذكر حالة المؤمنين وأجرهم، وخاطبهم بالإيمان، ونهاهم عن أكل الربا إن كانوا مؤمنين، وهؤلاء هم الذين يقبلون موعظة ربهم وينقادون لأمره، وأمرهم أن يتقوه، ومن جملة تقواه أن يذروا ما بقي من الربا أي: المعاملات الحاضرة الموجودة، وأما ما سلف، فمن اتعظ عفا الله عنه ما سلف، وأما من لم ينزجر بموعظة الله ولم يقبل نصيحته فإنه مشاق لربه محارب له، وهو عاجز ضعيف ليس له يدان في محاربة العزيز الحكيم الذي يمهل للظالم ولا يهمله حتى إذا أخذه، أخذه أخذ عزيز مقتدر { وإن تبتم } عن الربا { فلكم رءوس أموالكم } أي: أنزلوا عليها { لا تظلمون } من عاملتموه بأخذ الزيادة التي هي الربا { ولا تظلمون } بنقص رءوس أموالكم.

    7/ الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاءِ ۖ وَاللَّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلًا ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ
    وإياكم أن تتبعوا عدوكم الشيطان الذي يأمركم بالإمساك، ويخوفكم بالفقر والحاجة إذا أنفقتم، وليس هذا نصحا لكم، بل هذا غاية الغش { إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير }

    القول في تأويل قوله : الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلا
    قال أبو جعفر: يعني بذلك تعالى ذكره: ” الشيطان يعدكم “، أيها الناس- بالصدقة وأدائكم الزكاة الواجبة عليكم في أموالكم (85) – أن تفتقروا=” ويأمركم بالفحشاء “، يعني: ويأمركم بمعاصي الله عز وجل، وترك طاعته= (86) ” والله يعدكم مغفرة منه ” (87) يعني أن الله عز وجل يعدكم أيها المؤمنون، أن يستر عليكم فحشاءكم، بصفحه لكم عن عقوبتكم عليها، فيغفر لكم ذنوبكم بالصدقة التي تتصدقون=” وفضلا ” يعني: ويعدكم أن يخلف عليكم من صدقتكم، فيتفضل عليكم من عطاياه ويسبغ عليكم في أرزاقكم. (88) .

    بمعنى إن الشيطان يدعو إلى عدم طاعه الله و إلى عدم دفع الزكاه و إلى الردة في آخر المطاف .. { إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير }

    8/ أما عن الوضع في أمريكا و العالم الغربي الذي تتحدث عنه يا هذا .. فوضع السودان و الدول العربية و الأفريقية كانت في أحسن حال منها في الستينات .. 60s و السبعينات
    أما عن نظام اعانة الدولة للفقراء فهذا حدث نتيجة لاثار الحرب العالمية الأولى و الثانية .. و من قاموا بهذا كانوا متدينين إلى حد ما و في قلوبهم نوع من الرحمة
    أما ألان كم عدد المشردين في أمريكا و أوربا العدد بالملايين و لا يوجد من يحن عليهم ألان … و الوضع يزداد سوا

    9/
    وَعْدَ اللَّهِ ۖ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ
    { وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ } فتيقنوا ذلك واجزموا به واعلموا أنه لا بد من وقوعه.
    فلما نزلت هذه الآيات التي فيها هذا الوعد صدق بها المسلمون، وكفر بها المشركون حتى تراهن بعض المسلمين وبعض المشركين على مدة سنين عينوها، فلما جاء الأجل الذي ضربه اللّه انتصر الروم على الفرس وأجلوهم من بلادهم التي أخذوها منهم وتحقق وعد اللّه.
    وهذا من الأمور الغيبية التي أخبر بها اللّه قبل وقوعها ووجدت في زمان من أخبرهم اللّه بها من المسلمين والمشركين. { وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ } أن ما وعد اللّه به حق فلذلك يوجد فريق منهم يكذبون بوعد الله، ويكذبون آياته.

    يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ
    وهؤلاء الذين لا يعلمون أي: لا يعلمون بواطن الأشياء وعواقبها. وإنما { يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا } فينظرون إلى الأسباب ويجزمون بوقوع الأمر الذي في رأيهم انعقدت أسباب وجوده ويتيقنون عدم الأمر الذي لم يشاهدوا له من الأسباب المقتضية لوجوده شيئا، فهم واقفون مع الأسباب غير ناظرين إلى مسببها المتصرف فيها.
    { وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ } قد توجهت قلوبهم وأهواؤهم وإراداتهم إلى الدنيا وشهواتها وحطامها فعملت لها وسعت وأقبلت بها وأدبرت وغفلت عن الآخرة، فلا الجنة تشتاق إليها ولا النار تخافها وتخشاها ولا المقام بين يدي اللّه ولقائه يروعها ويزعجها وهذا علامة الشقاء وعنوان الغفلة عن الآخرة.قوله: (يَعْلَمُونَ ظاهِرا مِنَ الحَياةِ الدُّنْيا) يعني معايشهم، متى يحصدون ومتى يغرسون.

    بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ ۖ فَمَن يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ ۖ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ

    10/
    ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ
    أي: استعلن الفساد في البر والبحر أي: فساد معايشهم ونقصها وحلول الآفات بها، وفي أنفسهم من الأمراض والوباء وغير ذلك، وذلك بسبب ما قدمت أيديهم من الأعمال الفاسدة المفسدة بطبعها.
    هذه المذكورة { لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا } أي: ليعلموا أنه المجازي على الأعمال فعجل لهم نموذجا من جزاء أعمالهم في الدنيا { لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } عن أعمالهم التي أثرت لهم من الفساد ما أثرت، فتصلح أحوالهم ويستقيم أمرهم. فسبحان من أنعم ببلائه وتفضل بعقوبته وإلا فلو أذاقهم جميع ما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة.

    ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ
    قوله عز وجل: “ظهر الفساد في البر والبحر”، يعني: قحط المطر وقلة النبات، وأراد بالبر البوادي والمفاوز، وبالبحر المدائن والقرى التي هي على المياه الجارية. قال عكرمة: العرب تسمي المصر بحراً، تقول: أجدب البر وانقطعت مادة البحر، “بما كسبت أيدي الناس”، أي: بشؤم ذنوبهم،
    القول في تأويل قوله تعالى : مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (2)
    يقول تعالى ذكره: مفاتيح الخير ومغالقه كلها بيده؛ فما يفتح الله للناس من خير فلا مُغلق له، ولا ممسك عنهم، لأن ذلك أمره لا يستطيع أمره أحد، وكذلك ما يغلق من خير عنهم فلا يبسطه عليهم ولا يفتحه لهم، فلا فاتح له سواه؛ لأن الأمور كلها إليه وله.
    وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
    * ذكر من قال ذلك:
    حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ ) أي: من خير (فَلا مُمْسِكَ لَهَا) فلا يستطيع أحد حبسها(وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ) وقال تعالى ذكره (فَلا مُمْسِكَ لَهَا) فأنث ما لذكر الرحمة من بعده وقال (وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ) فذكر للفظ ” ما ” لأن لفظه لفظ مذكر، ولو أنث في موضع التذكير للمعنى وذكر في موضع التأنيث للفظ، جاز، ولكن الأفصح من الكلام التأنيث إذا ظهر بعد ما يدل على تأنيثها والتذكير إذا لم يظهر ذلك.
    وقوله (وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) يقول: وهو العزيز في نِقمته ممن انتقم منه من خلقه بحبس رحمته عنه وخيراته، الحكيم في تدبير خلقه وفتحه لهم الرحمة إذا كان فتح ذلك صلاحًا، وإمساكه إياه عنهم إذا كان إمساكه حكمة.
    القول في تأويل قوله تعالى : يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ(3)
    يقول تعالى ذكره للمشركين به من قوم رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم من قريش: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ) التي أنعمها(عَلَيْكُمْ) بفتحه لكم من خيراته ما فتح وبسطه لكم من العيش ما بسط وفكروا فانظروا هل من خالق سوى فاطر السماوات والأرض الذي بيده مفاتيح أرزاقكم ومغالقها(يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأرْضِ) فتعبدوه دونه (لا إله إلا هو ) يقول: لا معبود تنبغي له العبادة إلا الذي فطر السماوات والأرض القادر على كل شيء، الذي بيده مفاتح الأشياء وخزائنها، ومغالق ذلك كله، فلا تعبدوا أيها الناس شيئًا سواه، فإنه لا يقدر على نفعكم وضركم سواه، فله فأخلصوا العبادة وإياه فأفردوا بالألوهة (فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ) يقول: فأي وجه عن خالقكم ورازقكم الذي بيده نفعكم وضركم تصرفون.
    كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله (فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ) يقول الرجل: إنه ليوفك عني كذا وكذا. وقد بينت معنى الإفك، وتأويل قوله (تُؤْفَكُونَ) فيما مضى بشواهده المغنية عن تكريره.

    11/
    قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ ۚ وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ ۖ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ
    وقوله تعالى: ” قل إن ربي يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر له ” أي بحسب ماله في ذلك من الحكمة يبسط على هذا من المال كثيرا ويضيق على هذا ويقتر على هذا رزقه جدا وله في ذلك من الحكمة ما لا يدركها غيره كما قال تعالى: ” انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلا ” أي كما هم متفاوتون في الدنيا هذا فقير مدقع وهذا غنى موسع عليه فكذلك هم في الآخرة هذا في الغرفات في أعلى الدرجات وهذا في الغمرات في أسفل الدرجات وأطيب الناس في الدنيا كما قال صلى الله عليه وسلم ” قد أفلح من أسلم ورزق كفافا وقنعه الله بما آتاه ” رواه مسلم من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.

    يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ ۖ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ
    يخاطب تعالى جميع الناس، ويخبرهم بحالهم ووصفهم، وأنهم فقراء إلى اللّه من جميع الوجوه:
    فقراء في إيجادهم، فلولا إيجاده إياهم، لم يوجدوا.
    فقراء في إعدادهم بالقوى والأعضاء والجوارح، التي لولا إعداده إياهم [بها]، لما استعدوا لأي عمل كان.
    فقراء في إمدادهم بالأقوات والأرزاق والنعم الظاهرة والباطنة، فلولا فضله وإحسانه وتيسيره الأمور، لما حصل [لهم] من الرزق والنعم شيء.
    فقراء في صرف النقم عنهم، ودفع المكاره، وإزالة الكروب والشدائد. فلولا دفعه عنهم، وتفريجه لكرباتهم، وإزالته لعسرهم، لاستمرت عليهم المكاره والشدائد.
    فقراء إليه في تربيتهم بأنواع التربية، وأجناس التدبير.
    فقراء إليه، في تألههم له، وحبهم له، وتعبدهم، وإخلاص العبادة له تعالى، فلو لم يوفقهم لذلك، لهلكوا، وفسدت أرواحهم، وقلوبهم وأحوالهم.
    فقراء إليه، في تعليمهم ما لا يعلمون، وعملهم بما يصلحهم، فلولا تعليمه، لم يتعلموا، ولولا توفيقه، لم يصلحوا.
    فهم فقراء بالذات إليه، بكل معنى، وبكل اعتبار، سواء شعروا ببعض أنواع الفقر أم لم يشعروا، ولكن الموفق منهم، الذي لا يزال يشاهد فقره في كل حال من أمور دينه ودنياه، ويتضرع له، ويسأله أن لا يكله إلى نفسه طرفة عين، وأن يعينه على جميع أموره، ويستصحب هذا المعنى في كل وقت، فهذا أحرى بالإعانة التامة من ربه وإلهه، الذي هو أرحم به من الوالدة بولدها.
    { وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ } أي: الذي له الغنى التام من جميع الوجوه، فلا يحتاج إلى ما يحتاج إليه خلقه، ولا يفتقر إلى شيء مما يفتقر إليه الخلق، وذلك لكمال صفاته، وكونها كلها، صفات كمال، ونعوت وجلال.
    ومن غناه تعالى، أن أغنى الخلق في الدنيا والآخرة، الحميد في ذاته، وأسمائه، لأنها حسنى، وأوصافه، لكونها عليا، وأفعاله لأنها فضل وإحسان وعدل وحكمة ورحمة، وفي أوامره ونواهيه، فهو الحميد على ما فيه، وعلى ما منه، وهو الحميد في غناه [الغني في حمده].وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ
    يخبر تعالى، أنه ما أصاب العباد من مصيبة في أبدانهم وأموالهم وأولادهم وفيما يحبون ويكون عزيزا عليهم، إلا بسبب ما قدمته أيديهم من السيئات، وأن ما يعفو اللّه عنه أكثر، فإن اللّه لا يظلم العباد، ولكن أنفسهم يظلمون { وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ } وليس إهمالا منه تعالى تأخير العقوبات ولا عجزا.
    وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ ۖ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ
    { وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ } أي: معجزين قدرة اللّه عليكم، بل أنتم عاجزون في الأرض، ليس عندكم امتناع عما ينفذه اللّه فيكم. { وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ } يتولاكم، فيحصل لكم المنافع { وَلَا نَصِيرٍ } يدفع عنكم المضار.

    12/

    فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا ۖ إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ ۗ وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الْإِنسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا ۖ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنسَانَ كَفُورٌ
    { فَإِنْ أَعْرَضُوا } عما جئتهم به بعد البيان التام { فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا } تحفظ أعمالهم وتسأل عنها، { إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ } فإذا أديت ما عليك، فقد وجب أجرك على اللّه، سواء استجابوا أم أعرضوا، وحسابهم على اللّه الذي يحفظ عليهم صغير أعمالهم وكبيرها، وظاهرها وباطنها.
    ثم ذكر تعالى حالة الإنسان، وأنه إذا أذاقه الله رحمة، من صحة بدن، ورزق رغد، وجاه ونحوه { فَرِحَ بِهَا } أي: فرح فرحا مقصورا عليها، لا يتعداها، ويلزم من ذلك طمأنينته بها، وإعراضه عن المنعم.
    { وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ } أي: مرض أو فقر، أو نحوهما { بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ كَفُورٌ } أي: طبيعته كفران النعمة السابقة، والتسخط لما أصابه من السيئة.

    قوله تعالى “فإن أعرضوا” يعني المشركين “فما أرسلناك عليهم حفيظا” أي لست عليهم بمصيطر وقال عز وجل “ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء” وقال تعالى “فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب” وقال جل وعلا ههنا “إن عليك إلا البلاغ” أي إنما كلفناك أن تبلغهم رسالة الله اليهم ثم قال تبارك وتعالى “وإنا إذا أذقنا الإنسان منا رحمة فرح بها” أي إذا أصابه رخاء ونعمة فرح بذلك “وإن تصبهم” يعني الناس “سيئة” أي جدب ونقمة وبلاء وشدة “فإن الإنسان كفور” أي يجحد ما تقدم من النعم ولا يعرف إلا الساعة الراهنة فإن أصابته نعمة أشر وبطر وإن أصابته محنة يئس وقنط كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للنساء “يا معشر النساء تصدقن فإني رأيتكن أكثر أهل النار” فقالت امرأة ولم يا رسول الله؟ فقال صلى الله عليه وسلم “لأنكن تكثرن الشكاية وتكفرن العشير لو أحسنت إلى إحداهن الدهر ثم تركت يوما قالت ما رأيت منك خيرا قط”وهذا حال أكثر النساء إلا من هداه الله تعالى وألهمه رشده وكان من الذين آمنوا وعملوا الصالحات فالمؤمن كما قال صلى الله عليه وسلم “إن أصابته سراء فشكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن”.

  2. يا هذا نعم النبي لا يكذب …وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ
    { وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى } أي: ليس نطقه صادرا عن هوى نفسه

    1/ و لكن أنت تكذب … قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع )

    2/ ماذا تعرف عن حروب الردة يا هذا // و قبل أن تتحدث عن الردة يجب أن تعرف ما هو الاسلام في المقام الأول
    الاسلام هو الاستسلام لله بالطاعة في قول الله تعالى … إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ… والإسلام في كلام العرب : الخضوع والانقياد للمستسلم .
    إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ ۖ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ
    إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ
    الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إذْ قَالَ لَهُ رَبّه أَسْلِمْ } يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِقَوْلِهِ : { إذْ قَالَ لَهُ رَبّه أَسْلِمْ } إذْ قَالَ لَهُ رَبّه : أَخْلِصْ لِي الْعِبَادَة , وَاخْضَعْ لِي بِالطَّاعَةِ , وَقَدْ دَلَّلْنَا فِيمَا مَضَى عَلَى مَعْنَى الْإِسْلَام فِي كَلَام الْعَرَب , فَأَغْنَى عَنْ إعَادَته صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
    قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ
    وَأَمَّا مَعْنَى قَوْله : { قَالَ أَسْلَمْت لِرَبِّ الْعَالَمِينَ } فَإِنَّهُ يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره : قَالَ إبْرَاهِيم مُجِيبًا لِرَبِّهِ : خَضَعْت بِالطَّاعَةِ , وَأَخْلَصْت بِالْعِبَادَةِ لِمَالِك جَمِيع الْخَلَائِق وَمُدَبِّرهَا دُون غَيْره
    و ” نعبد ” معناه نطيع ; والعبادة الطاعة والتذلل .وطريق معبد إذا كان مذللا للسالكين …. و هي الأمانه في قول الله تعالى …إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ ۖ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا
    يعظم تعالى شأن الأمانة، التي ائتمن اللّه عليها المكلفين، التي هي امتثال الأوامر، واجتناب المحارم، في حال السر والخفية، كحال العلانية، وأنه تعالى عرضها على المخلوقات العظيمة، السماوات والأرض والجبال، عرض تخيير لا تحتيم، وأنك إن قمت بها وأدَّيتِهَا على وجهها، فلك الثواب، وإن لم تقومي بها، [ولم تؤديها] فعليك العقاب.
    ابن عباس قوله (إِنَّا عَرَضْنَا الأمَانَةَ) : الطاعة عرضها عليها قبل أن يعرضها على آدم، فلم تطقها، فقال لآدم: يا آدم إني قد عرضت الأمانة على السموات والأرض والجبال، فلم تطقها، فهل أنت آخذها بما فيها؟ فقال: يا رب: وما فيها؟ قال: إن أحسنت جزيت وإن أسأت عوقبت، فأخذها آدم فتحملها فذلك قوله ( وَحَمَلَهَا الإنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولا )

    3/ الأسلام هو الطاعه المطلقة لله …في قول الله تعالى …
    قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ ۖ فَإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ
    وهذا أمر من الله تعالى لعباده بأعم الأوامر، وهو طاعته وطاعة رسوله التي يدخل بها الإيمان والتوحيد، وما هو من فروع ذلك من الأعمال والأقوال الظاهرة والباطنة، بل يدخل في طاعته وطاعة رسوله اجتناب ما نهى عنه، لأن اجتنابه امتثالا لأمر الله هو من طاعته، فمن أطاع الله ورسوله، فأولئك هم المفلحون { فإن تولوا } أي: أعرضوا عن طاعة الله ورسوله فليس ثم أمر يرجعون إليه إلا الكفر وطاعة كل شيطان مريد{ كتب عليه أنه من تولاه فأنه يضله ويهديه إلى عذاب السعير } فلهذا قال: { فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين } بل يبغضهم ويمقتهم ويعاقبهم أشد العقوبة، وكأن في هذه الآية الكريمة بيانا وتفسيرا لاتباع رسوله، وأن ذلك بطاعة الله وطاعة رسوله، هذا هو الاتباع الحقيقي، ثم قال تعالى:

    4/ و عدم الطاعه هو الكفر .. في قول الله تعالى

    فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين }
    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ
    يأمر تعالى المؤمنين بأمر به تتم أمورهم، وتحصل سعادتهم الدينية والدنيوية، وهو: طاعته وطاعة رسوله في أصول الدين وفروعه، والطاعة هي امتثال الأمر، واجتناب النهي على الوجه المأمور به بالإخلاص وتمام المتابعة.

    و قول الله تعالى … و إن تطيعوه يهتدوا …

    5/ و الردة معناها الرجوع .. و هنا بمعنى الكفر و عدم الطاعه لامر الله و رسوله بمعنى ….قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ ۖ فَإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ… و الأيات في هذا المجال كثير جدا

    6/ حروب الردة كانت انواع …. 1/ قوم ارتدوا عن الاسلام إلى كفر الجاهلية بمعنى تركوا كل شي 2/ قوم تركوا الزكاة 3/ قوم تركوا تحريم الربا في حروب الردة … أي انهم ثلاث طوائف
    كان من بين الذين حاربهم أبو بكر في الحروب التي عرفت باسم بحروب الردة من ادعى النبوة كمسيلمة الكذاب وطليحة بن خويلد الأفاك وسجاح الدجالة .

    وكان من بينهم بعض القبائل العربية التي ارتدت عن الدين كقبيلة بني سليم وغيرها ، وقد أرسل الخليفة أبو بكر إليهم خالد بن الوليد على رأس جيش لقتالهم////
    من المعلوم إنه الاسلام هو الاستسلام بمعنى الطاعه و ألانقياد إذا فلا بد من الصلاه و الزكاه و الصيام و ذلك بحكم الطاعه و ألانقياد و هذا تجده في أكثر ايات القران …الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ
    إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ ۖ فَعَسَىٰ أُولَٰئِكَ أَن يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ
    إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ
    وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ ۚ وَذَٰلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ
    فما أمروا في سائر الشرائع إلا أن يعبدوا { اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ } أي: قاصدين بجميع عباداتهم الظاهرة والباطنة وجه الله، وطلب الزلفى لديه،{ حُنَفَاءَ } أي: معرضين [مائلين] عن سائر الأديان المخالفة لدين التوحيد. وخص الصلاة والزكاة [بالذكر] مع أنهما داخلان في قوله { لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ } لفضلهما وشرفهما، وكونهما العبادتين اللتين من قام بهما قام بجميع شرائع الدين.
    { وَذَلِكَ } أي التوحيد والإخلاص في الدين، هو { دِينُ الْقَيِّمَةِ } أي: الدين المستقيم، الموصل إلى جنات النعيم، وما سواه فطرق موصلة إلى الجحيم.
    ( وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ) هو الدين الذي بعث الله به رسوله, وشرع لنفسه, ورضي به.

    و من هذه الأيات تجد كفر من منع الصلاه و الزكاة و لذلك قاتلهم أبو بكر الصديق فهو يعلم ما هو الاسلام و ما هو الكفر و الردة

    حروب مانعي تحريم الربا في حرب الردة
    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ
    لما ذكر أكلة الربا وكان من المعلوم أنهم لو كانوا مؤمنين إيمانا ينفعهم لم يصدر منهم ما صدر ذكر حالة المؤمنين وأجرهم، وخاطبهم بالإيمان، ونهاهم عن أكل الربا إن كانوا مؤمنين، وهؤلاء هم الذين يقبلون موعظة ربهم وينقادون لأمره، وأمرهم أن يتقوه، ومن جملة تقواه أن يذروا ما بقي من الربا أي: المعاملات الحاضرة الموجودة، وأما ما سلف، فمن اتعظ عفا الله عنه ما سلف، وأما من لم ينزجر بموعظة الله ولم يقبل نصيحته فإنه مشاق لربه محارب له، وهو عاجز ضعيف ليس له يدان في محاربة العزيز الحكيم الذي يمهل للظالم ولا يهمله حتى إذا أخذه، أخذه أخذ عزيز مقتدر { وإن تبتم } عن الربا { فلكم رءوس أموالكم } أي: أنزلوا عليها { لا تظلمون } من عاملتموه بأخذ الزيادة التي هي الربا { ولا تظلمون } بنقص رءوس أموالكم.

    فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ۖ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ
    لما ذكر أكلة الربا وكان من المعلوم أنهم لو كانوا مؤمنين إيمانا ينفعهم لم يصدر منهم ما صدر ذكر حالة المؤمنين وأجرهم، وخاطبهم بالإيمان، ونهاهم عن أكل الربا إن كانوا مؤمنين، وهؤلاء هم الذين يقبلون موعظة ربهم وينقادون لأمره، وأمرهم أن يتقوه، ومن جملة تقواه أن يذروا ما بقي من الربا أي: المعاملات الحاضرة الموجودة، وأما ما سلف، فمن اتعظ عفا الله عنه ما سلف، وأما من لم ينزجر بموعظة الله ولم يقبل نصيحته فإنه مشاق لربه محارب له، وهو عاجز ضعيف ليس له يدان في محاربة العزيز الحكيم الذي يمهل للظالم ولا يهمله حتى إذا أخذه، أخذه أخذ عزيز مقتدر { وإن تبتم } عن الربا { فلكم رءوس أموالكم } أي: أنزلوا عليها { لا تظلمون } من عاملتموه بأخذ الزيادة التي هي الربا { ولا تظلمون } بنقص رءوس أموالكم.

    7/ الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاءِ ۖ وَاللَّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلًا ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ
    وإياكم أن تتبعوا عدوكم الشيطان الذي يأمركم بالإمساك، ويخوفكم بالفقر والحاجة إذا أنفقتم، وليس هذا نصحا لكم، بل هذا غاية الغش { إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير }

    القول في تأويل قوله : الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلا
    قال أبو جعفر: يعني بذلك تعالى ذكره: ” الشيطان يعدكم “، أيها الناس- بالصدقة وأدائكم الزكاة الواجبة عليكم في أموالكم (85) – أن تفتقروا=” ويأمركم بالفحشاء “، يعني: ويأمركم بمعاصي الله عز وجل، وترك طاعته= (86) ” والله يعدكم مغفرة منه ” (87) يعني أن الله عز وجل يعدكم أيها المؤمنون، أن يستر عليكم فحشاءكم، بصفحه لكم عن عقوبتكم عليها، فيغفر لكم ذنوبكم بالصدقة التي تتصدقون=” وفضلا ” يعني: ويعدكم أن يخلف عليكم من صدقتكم، فيتفضل عليكم من عطاياه ويسبغ عليكم في أرزاقكم. (88) .

    بمعنى إن الشيطان يدعو إلى عدم طاعه الله و إلى عدم دفع الزكاه و إلى الردة في آخر المطاف .. { إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير }

    8/ أما عن الوضع في أمريكا و العالم الغربي الذي تتحدث عنه يا هذا .. فوضع السودان و الدول العربية و الأفريقية كانت في أحسن حال منها في الستينات .. 60s و السبعينات
    أما عن نظام اعانة الدولة للفقراء فهذا حدث نتيجة لاثار الحرب العالمية الأولى و الثانية .. و من قاموا بهذا كانوا متدينين إلى حد ما و في قلوبهم نوع من الرحمة
    أما ألان كم عدد المشردين في أمريكا و أوربا العدد بالملايين و لا يوجد من يحن عليهم ألان … و الوضع يزداد سوا

    9/
    وَعْدَ اللَّهِ ۖ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ
    { وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ } فتيقنوا ذلك واجزموا به واعلموا أنه لا بد من وقوعه.
    فلما نزلت هذه الآيات التي فيها هذا الوعد صدق بها المسلمون، وكفر بها المشركون حتى تراهن بعض المسلمين وبعض المشركين على مدة سنين عينوها، فلما جاء الأجل الذي ضربه اللّه انتصر الروم على الفرس وأجلوهم من بلادهم التي أخذوها منهم وتحقق وعد اللّه.
    وهذا من الأمور الغيبية التي أخبر بها اللّه قبل وقوعها ووجدت في زمان من أخبرهم اللّه بها من المسلمين والمشركين. { وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ } أن ما وعد اللّه به حق فلذلك يوجد فريق منهم يكذبون بوعد الله، ويكذبون آياته.

    يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ
    وهؤلاء الذين لا يعلمون أي: لا يعلمون بواطن الأشياء وعواقبها. وإنما { يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا } فينظرون إلى الأسباب ويجزمون بوقوع الأمر الذي في رأيهم انعقدت أسباب وجوده ويتيقنون عدم الأمر الذي لم يشاهدوا له من الأسباب المقتضية لوجوده شيئا، فهم واقفون مع الأسباب غير ناظرين إلى مسببها المتصرف فيها.
    { وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ } قد توجهت قلوبهم وأهواؤهم وإراداتهم إلى الدنيا وشهواتها وحطامها فعملت لها وسعت وأقبلت بها وأدبرت وغفلت عن الآخرة، فلا الجنة تشتاق إليها ولا النار تخافها وتخشاها ولا المقام بين يدي اللّه ولقائه يروعها ويزعجها وهذا علامة الشقاء وعنوان الغفلة عن الآخرة.قوله: (يَعْلَمُونَ ظاهِرا مِنَ الحَياةِ الدُّنْيا) يعني معايشهم، متى يحصدون ومتى يغرسون.

    بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ ۖ فَمَن يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ ۖ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ

    10/
    ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ
    أي: استعلن الفساد في البر والبحر أي: فساد معايشهم ونقصها وحلول الآفات بها، وفي أنفسهم من الأمراض والوباء وغير ذلك، وذلك بسبب ما قدمت أيديهم من الأعمال الفاسدة المفسدة بطبعها.
    هذه المذكورة { لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا } أي: ليعلموا أنه المجازي على الأعمال فعجل لهم نموذجا من جزاء أعمالهم في الدنيا { لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } عن أعمالهم التي أثرت لهم من الفساد ما أثرت، فتصلح أحوالهم ويستقيم أمرهم. فسبحان من أنعم ببلائه وتفضل بعقوبته وإلا فلو أذاقهم جميع ما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة.

    ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ
    قوله عز وجل: “ظهر الفساد في البر والبحر”، يعني: قحط المطر وقلة النبات، وأراد بالبر البوادي والمفاوز، وبالبحر المدائن والقرى التي هي على المياه الجارية. قال عكرمة: العرب تسمي المصر بحراً، تقول: أجدب البر وانقطعت مادة البحر، “بما كسبت أيدي الناس”، أي: بشؤم ذنوبهم،
    القول في تأويل قوله تعالى : مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (2)
    يقول تعالى ذكره: مفاتيح الخير ومغالقه كلها بيده؛ فما يفتح الله للناس من خير فلا مُغلق له، ولا ممسك عنهم، لأن ذلك أمره لا يستطيع أمره أحد، وكذلك ما يغلق من خير عنهم فلا يبسطه عليهم ولا يفتحه لهم، فلا فاتح له سواه؛ لأن الأمور كلها إليه وله.
    وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
    * ذكر من قال ذلك:
    حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ ) أي: من خير (فَلا مُمْسِكَ لَهَا) فلا يستطيع أحد حبسها(وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ) وقال تعالى ذكره (فَلا مُمْسِكَ لَهَا) فأنث ما لذكر الرحمة من بعده وقال (وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ) فذكر للفظ ” ما ” لأن لفظه لفظ مذكر، ولو أنث في موضع التذكير للمعنى وذكر في موضع التأنيث للفظ، جاز، ولكن الأفصح من الكلام التأنيث إذا ظهر بعد ما يدل على تأنيثها والتذكير إذا لم يظهر ذلك.
    وقوله (وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) يقول: وهو العزيز في نِقمته ممن انتقم منه من خلقه بحبس رحمته عنه وخيراته، الحكيم في تدبير خلقه وفتحه لهم الرحمة إذا كان فتح ذلك صلاحًا، وإمساكه إياه عنهم إذا كان إمساكه حكمة.
    القول في تأويل قوله تعالى : يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ(3)
    يقول تعالى ذكره للمشركين به من قوم رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم من قريش: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ) التي أنعمها(عَلَيْكُمْ) بفتحه لكم من خيراته ما فتح وبسطه لكم من العيش ما بسط وفكروا فانظروا هل من خالق سوى فاطر السماوات والأرض الذي بيده مفاتيح أرزاقكم ومغالقها(يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأرْضِ) فتعبدوه دونه (لا إله إلا هو ) يقول: لا معبود تنبغي له العبادة إلا الذي فطر السماوات والأرض القادر على كل شيء، الذي بيده مفاتح الأشياء وخزائنها، ومغالق ذلك كله، فلا تعبدوا أيها الناس شيئًا سواه، فإنه لا يقدر على نفعكم وضركم سواه، فله فأخلصوا العبادة وإياه فأفردوا بالألوهة (فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ) يقول: فأي وجه عن خالقكم ورازقكم الذي بيده نفعكم وضركم تصرفون.
    كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله (فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ) يقول الرجل: إنه ليوفك عني كذا وكذا. وقد بينت معنى الإفك، وتأويل قوله (تُؤْفَكُونَ) فيما مضى بشواهده المغنية عن تكريره.

    11/
    قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ ۚ وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ ۖ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ
    وقوله تعالى: ” قل إن ربي يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر له ” أي بحسب ماله في ذلك من الحكمة يبسط على هذا من المال كثيرا ويضيق على هذا ويقتر على هذا رزقه جدا وله في ذلك من الحكمة ما لا يدركها غيره كما قال تعالى: ” انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلا ” أي كما هم متفاوتون في الدنيا هذا فقير مدقع وهذا غنى موسع عليه فكذلك هم في الآخرة هذا في الغرفات في أعلى الدرجات وهذا في الغمرات في أسفل الدرجات وأطيب الناس في الدنيا كما قال صلى الله عليه وسلم ” قد أفلح من أسلم ورزق كفافا وقنعه الله بما آتاه ” رواه مسلم من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.

    يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ ۖ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ
    يخاطب تعالى جميع الناس، ويخبرهم بحالهم ووصفهم، وأنهم فقراء إلى اللّه من جميع الوجوه:
    فقراء في إيجادهم، فلولا إيجاده إياهم، لم يوجدوا.
    فقراء في إعدادهم بالقوى والأعضاء والجوارح، التي لولا إعداده إياهم [بها]، لما استعدوا لأي عمل كان.
    فقراء في إمدادهم بالأقوات والأرزاق والنعم الظاهرة والباطنة، فلولا فضله وإحسانه وتيسيره الأمور، لما حصل [لهم] من الرزق والنعم شيء.
    فقراء في صرف النقم عنهم، ودفع المكاره، وإزالة الكروب والشدائد. فلولا دفعه عنهم، وتفريجه لكرباتهم، وإزالته لعسرهم، لاستمرت عليهم المكاره والشدائد.
    فقراء إليه في تربيتهم بأنواع التربية، وأجناس التدبير.
    فقراء إليه، في تألههم له، وحبهم له، وتعبدهم، وإخلاص العبادة له تعالى، فلو لم يوفقهم لذلك، لهلكوا، وفسدت أرواحهم، وقلوبهم وأحوالهم.
    فقراء إليه، في تعليمهم ما لا يعلمون، وعملهم بما يصلحهم، فلولا تعليمه، لم يتعلموا، ولولا توفيقه، لم يصلحوا.
    فهم فقراء بالذات إليه، بكل معنى، وبكل اعتبار، سواء شعروا ببعض أنواع الفقر أم لم يشعروا، ولكن الموفق منهم، الذي لا يزال يشاهد فقره في كل حال من أمور دينه ودنياه، ويتضرع له، ويسأله أن لا يكله إلى نفسه طرفة عين، وأن يعينه على جميع أموره، ويستصحب هذا المعنى في كل وقت، فهذا أحرى بالإعانة التامة من ربه وإلهه، الذي هو أرحم به من الوالدة بولدها.
    { وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ } أي: الذي له الغنى التام من جميع الوجوه، فلا يحتاج إلى ما يحتاج إليه خلقه، ولا يفتقر إلى شيء مما يفتقر إليه الخلق، وذلك لكمال صفاته، وكونها كلها، صفات كمال، ونعوت وجلال.
    ومن غناه تعالى، أن أغنى الخلق في الدنيا والآخرة، الحميد في ذاته، وأسمائه، لأنها حسنى، وأوصافه، لكونها عليا، وأفعاله لأنها فضل وإحسان وعدل وحكمة ورحمة، وفي أوامره ونواهيه، فهو الحميد على ما فيه، وعلى ما منه، وهو الحميد في غناه [الغني في حمده].وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ
    يخبر تعالى، أنه ما أصاب العباد من مصيبة في أبدانهم وأموالهم وأولادهم وفيما يحبون ويكون عزيزا عليهم، إلا بسبب ما قدمته أيديهم من السيئات، وأن ما يعفو اللّه عنه أكثر، فإن اللّه لا يظلم العباد، ولكن أنفسهم يظلمون { وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ } وليس إهمالا منه تعالى تأخير العقوبات ولا عجزا.
    وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ ۖ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ
    { وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ } أي: معجزين قدرة اللّه عليكم، بل أنتم عاجزون في الأرض، ليس عندكم امتناع عما ينفذه اللّه فيكم. { وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ } يتولاكم، فيحصل لكم المنافع { وَلَا نَصِيرٍ } يدفع عنكم المضار.

    12/

    فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا ۖ إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ ۗ وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الْإِنسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا ۖ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنسَانَ كَفُورٌ
    { فَإِنْ أَعْرَضُوا } عما جئتهم به بعد البيان التام { فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا } تحفظ أعمالهم وتسأل عنها، { إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ } فإذا أديت ما عليك، فقد وجب أجرك على اللّه، سواء استجابوا أم أعرضوا، وحسابهم على اللّه الذي يحفظ عليهم صغير أعمالهم وكبيرها، وظاهرها وباطنها.
    ثم ذكر تعالى حالة الإنسان، وأنه إذا أذاقه الله رحمة، من صحة بدن، ورزق رغد، وجاه ونحوه { فَرِحَ بِهَا } أي: فرح فرحا مقصورا عليها، لا يتعداها، ويلزم من ذلك طمأنينته بها، وإعراضه عن المنعم.
    { وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ } أي: مرض أو فقر، أو نحوهما { بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ كَفُورٌ } أي: طبيعته كفران النعمة السابقة، والتسخط لما أصابه من السيئة.

    قوله تعالى “فإن أعرضوا” يعني المشركين “فما أرسلناك عليهم حفيظا” أي لست عليهم بمصيطر وقال عز وجل “ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء” وقال تعالى “فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب” وقال جل وعلا ههنا “إن عليك إلا البلاغ” أي إنما كلفناك أن تبلغهم رسالة الله اليهم ثم قال تبارك وتعالى “وإنا إذا أذقنا الإنسان منا رحمة فرح بها” أي إذا أصابه رخاء ونعمة فرح بذلك “وإن تصبهم” يعني الناس “سيئة” أي جدب ونقمة وبلاء وشدة “فإن الإنسان كفور” أي يجحد ما تقدم من النعم ولا يعرف إلا الساعة الراهنة فإن أصابته نعمة أشر وبطر وإن أصابته محنة يئس وقنط كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للنساء “يا معشر النساء تصدقن فإني رأيتكن أكثر أهل النار” فقالت امرأة ولم يا رسول الله؟ فقال صلى الله عليه وسلم “لأنكن تكثرن الشكاية وتكفرن العشير لو أحسنت إلى إحداهن الدهر ثم تركت يوما قالت ما رأيت منك خيرا قط”وهذا حال أكثر النساء إلا من هداه الله تعالى وألهمه رشده وكان من الذين آمنوا وعملوا الصالحات فالمؤمن كما قال صلى الله عليه وسلم “إن أصابته سراء فشكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن”.

  3. اقتباس : فمتى كان الفقر نعمة وهو وعد من الشيطان الرجيم والعياذ بالله من قوله جل من قائل: ((الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلا والله واسع عليم)) [البقرة: 268].

    تعليق : معنى يعدكم في الاية الكريمة هو يخوفكم أي أن الشيطان يخوفكم من ان تصبحوا فقراء اذا أنفقتم من أموالكم
    روي عن النبي صلى الله عليه وسلم : فوالله ما الفقر أخشى عليكم و لكن اخشى ان تفتح عليكم الدنيا فتنافسوها كما تنافسوها فتهلككم كما اهلكتهم

  4. يا هذا نعم النبي لا يكذب …وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ
    { وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى } أي: ليس نطقه صادرا عن هوى نفسه

    1/ و لكن أنت تكذب … قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع )

    13/ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ
    وهذا أيضًا، من الآداب التي على أولي الألباب، التأدب بها واستعمالها، وهو أنه إذا أخبرهم فاسق بخبر أن يتثبتوا في خبره، ولا يأخذوه مجردًا، فإن في ذلك خطرًا كبيرًا، ووقوعًا في الإثم، فإن خبره إذا جعل بمنزلة خبر الصادق العدل، حكم بموجب ذلك ومقتضاه، فحصل من تلف النفوس والأموال، بغير حق، بسبب ذلك الخبر ما يكون سببًا للندامة، بل الواجب عند خبر الفاسق، التثبت والتبين، فإن دلت الدلائل والقرائن على صدقه، عمل به وصدق، وإن دلت على كذبه، كذب، ولم يعمل به، ففيه دليل، على أن خبر الصادق مقبول، وخبر الكاذب، مردود، وخبر الفاسق متوقف فيه كما ذكرنا، ولهذا كان السلف يقبلون روايات كثير [من] الخوارج، المعروفين بالصدق، ولو كانوا فساقًا.

    14/ أما الكلام عن أبو الفرج الأصفهاني فهو من مكتبة الشيعة و من المعروف أن اصفهان معقل الشيعة و منها يخرج مهدي الشيعة … علما بان الدجال أيضا يخرج من اصفهان و يتبعه 70 ألف من يهود اصفهان
    فهل مهدي الشيعة هو المسيح الدجال حدثنا في هذا الموضوع فانت تنقل كلامك من كتب الشيعة

    15/ من المعلوم بان الزنا حرام .. و من زنا عصى .. و لكن من استحل كفر و من استحل له و و رضي اشرك بالله لان المشرع هو الله … لقول الله تعالى .. وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ
    وقوله تعالى “وإن أطعتموهم إنكم لمشركون” أي حيث عدلتم عن أمر الله لكم وشرعه إلى قول غيره فقدمتم عليه غيره فهذا هو الشرك كقوله تعالى “اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله” الآية.
    وقد روى الترمذي في تفسيرها عن عدي بن حاتم أنه قال: يا رسول الله ما عبدوهم فقال بلى إنهم أحلوا لهم الحرام وحرموا عليهم الحلال فاتبعوهم فذلك عبادتهم إياهم.

    16// ما حكم الشيعة في طاعة المولى طاعة مطلقة و معصية الله في حكم تحليل زوج ألمتعة … علما بانهم أحلوا ذلك لهم ..

    17/ يا هذا الأسلام مبني على أساس لا طاعة لمخلوق في معصية الله .. لان الطاعة في معصية شرك … إن الأسلام ليس كما عند الشيعة مبي على طاعة المولى
    وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا ۖ وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا ۖ وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ۚ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ
    { وَإِنْ جَاهَدَاكَ } أي: اجتهد والداك { عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا } ولا تظن أن هذا داخل في الإحسان إليهما، لأن حق اللّه، مقدم على حق كل أحد، و “لا طاعة لمخلوق، في معصية الخالق”

    18/ أما القول عن عمر بن الخطاب … فما حدث في كلامه عن الفقر و ما تبعها كان في عام الرمادة …و لكن لم نسمع بانه كان يعطي الفقراء مال عام كامل …
    /// عام الرمادة///إنه عام جدب وقحط، نتجت منه مجاعة ضربت أرض الحجاز. .. سوف أقف و لنا بغية لان الحديث يطول عن عام الرماده

    لجأ الناس إلى أمير المؤمنين فانفق فيهم من حواصل بيت المال مما فيه من الأطعمة والأموال حتى أنفذه.
    ألزم عمر نفسه أن لايأكل سمنا ولا سمينا حتى يكشف ما بالناس. فكان في زمن الخصب يبث له الخبز باللبن والسمن ثم كان عام الرمادة يبث له بالزيت والخل، وكان يستمرئ الزيت ولايشبع مع ذلك فاسود لون عمر وتغير جسمه حتى كاد يخشى عليه من الضعف.
    كذلك أكثر عمر بن الخطاب من التضرع والابتهال كما خرج لصلاة الاستسقاء
    وذكر ابن كثير في التاريخ ” أنه في عام الرماده والجوع والفقر يحاصر المسلمين كتب أمير المؤمنين عمر ابن الخطاب إلى عمرو ابن العاص في مصر ” واغوثاه ..واغوثاه .. واغوثاه ” فقال عمرو ابن العاص والله لأرسلن له قافله من الأرزاق أولها في المدينه واخرها عندي في مصر ”
    بعد أن استنفذ بيت المال ولم تنته الأزمة كاتب عمر الأمصار طالباً العون فجاءه المدد من أبي عبيدة عامر بن الجراح ومن أبي موسى الأشعري فأرسل إليه عمرو بن العاص بألف بعير تحمل الدقيق، وبعث في البحر بعشرين سفينة تحمل الدهن، وبعث إليه بخمسةِ آلاف كِساء، وأرسل إلى سعد بن أبي وقاص فأرسل له بثلاثةِ آلاف بعير تحمل الدقيق، وبعث إليه بثلاثةِ ألاف عباءة، وأرسل إلى والي الشام فبعث إليه بألفي بعير تحمل الزاد، ونحوُ ذلك مما حصل من مواساة المسلمين لبعضهم
    واستمر هذا الحال في الناس تسعة أشهر ثم تحول إلى الخصب والدعة وانتشر الناس عن المدينة إلى أماكنهم./////// قل لي يا هذا في أي مجتمع يمكن أن يحدث مثل هذا /// هذا هو الأسلام يوم كان الناس مسلمين

    19/

    بدأت هذه المجاعة من أواخر عام 17هـ إلى أول سنة 18هـ، واستمرت لمدة تسعة أشهر.
    بداية الصفحة
    لِمَ سُمِّيت بهذا الاسم؟
    رد الحافظ ابن كثير وغيره تلك التسمية لأسباب:
    1. اسوداد الأرض من قلة المطر حتى عاد لونها شبيهاً بالرماد.
    2. أوكانت الريح تسفي تراباً كالرماد.
    3. أولأن ألوان الناس أضحت مثل الرماد.
    وقد يكون العام سُمِّي بهذا الاسم لتلك الأسباب مجتمعة.
    بداية الصفحة
    الأدلة على شدة تلك المجاعة وقسوتها
    منها ما يأتي:
    1. ما أخرجه الطبري من خبر عبد الرحمن بن كعب بن مالك قال: “كانت الرمادة جوعاً شديداً أصاب الناس بالمدينة وما حولها، حتى جعلت الوحوش تأوي إلى الإنس، وحتى جعل الرجل يذبح الشاة فيعافها من قبحها، وإنه لمقفر”.2
    2. وقال الحافظ ابن كثير: “وقد روينا أن عمر عسَّ المدينة ذات ليلة عام الرمادة، فلم يجد أحداً يضحك، ولا يتحدث الناس في منازلهم على العادة، ولم ير سائلاً يسأل، فسأل عن سبب ذلك، فقيل له: يا أمير المؤمنين، إن السؤَّال سألوا فلم يعطوا، فقطعوا السؤال، والناس في هم وضيق فهم لا يتحدثون ولا يضحكون”.
    3. قال نافع مولى الزبير: سمعتُ أبا هريرة يقول: “يرحم الله ابن حنتمة3، لقد رأيته عام الرمادة، وإنه ليحمل على ظهره جرابين، وعكة زيت في يده، وإنه ليعتقب هو وأسلم4، فلما رآني قال: من أين يا أبا هريرة؟ قلت: قريباً؛ قال: فأخذت أعقبه، فحملناه حتى انتهينا إلى صرار، فإذا صرم نحو من عشرين بيتاً من محارب، فقال عمر: ما أقدمكم؟ قالوا: الجهد، قال: فأخرجوا لنا جلد الميتة مشوياً كانوا يأكلونه، ورمة العظام مسحوقة كانوا يسقونها، فرأيت عمر طرح رداءه، ثم ائتزر فما زال يطبخ لهم حتى شبعوا، وأرسل أسلم إلى المدينة فجاء بأبعرة فحملهم عليها، حتى أنزلهم الجبانة، ثم كساهم، وكان يختلف إليهم وإلى غيرهم حتى رفع الله ذلك”.5
    4. تجمع بالمدينة من غير أهلها حوالي ستين ألفاً من العرب، وبقوا عدة أشهر ليس لهم طعام إلا ما يقدم لهم من بيت مال المسلمين، ومن أهل المدينة.
    بداية الصفحة
    مواقف عمر رضي الله عنه للحد من خطر تلك المجاعة
    لقد اتخذ عمر رضي الله عنه العديد من التدبيرات الحازمة، ووقف مواقف كريمة نبيلة، لم يستطعها أحد ممن جاء بعده، فقد صدق علي رضي الله عنه عندما قال له: “لقد أتعبتَ من بعدك”، يعني من الأئمة العدول، أمثال عثمان، وعلي، وعمر بن عبد العزيز رضي الله عنهم، ومن شاكلهم، أما غيرهم من الحكام كثير فكأن الأمر بإقامة العدل لم يعنهم، وكأنهم غير مخاطبين بنحو قوله صلى الله عليه وسلم: “كلكم راعٍ، وكلكم مسؤول عن رعيته”6 الحديث.
    وقوله: “ما من عبد يسترعيه الله رعية، يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرَّم الله عليه الجنة”7.
    وقوله: “من ولاه الله شيئاً من أمور المسلمين، فاحتجب دون حاجتهم وخلتهم وفقرهم، احتجب الله دون حاجته وخلته وفقره يوم القيامة”8.
    وبوصفه صلى الله عليه وسلم للإمارة بأنها: “أمانة، وأنها يوم القيامة خزي وندامة، إلا من أخذها بحقها، وأدى الذي عليه فيها”.9
    مواقف عمر المشهودة، وقراراته الحازمة، وتصرفاته الحكيمة، التي كان لها الفضل بعد الله عز وجل في أن تمر هذه المجاعة، على الرغم من شدتها وقسوتها، من غير أن تخلف قتلى وخسائر في الأرواح، التي أصَّل فيها عمر للعمل الغوثي، كثيرة جداً، وسنشير إلى أهم تلك المواقف، وإلا فحياة عمر بعد إسلامه وخلافته كلها مواقف مشرِّفة، ولحظات مضيئة، وصفحات بيضاء ناصعة، وأيادٍ كريمة على إخوانه المسلمين.
    بداية الصفحة
    أولاً: الدعاء، والتضرع، والابتهال
    أول تلك المواقف، وأهم تلك التدبيرات، تضرعه إلى الله عز وجل، وابتهاله له، واستغاثته به وحده، لعلمه ويقينه أنه هو مسبب الأسباب، وكاشف الكرب، وميسر ومذلل الصعاب، ليرفع هذا البلاء، ويزيل تلك الضراء، ويغيث العباد والبلاد.
    البلاء والمصائب التي تحل بالعباد والبلاد قد تكون بسبب ما اقترفته الأيدي: “ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ”10، “وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ”11، والغرض تطهيرهم وتكفير سيئاتكم.
    وقد يكون نزول البلاء لرفع الدرجات، ولنيل المقامات في دار الكرامات، كحال عمر هذه.
    والجميع ليس لها من دون الله كاشف ولا مزيل ولا رافع.
    والعاقل لا يبرئ نفسه، ويمنيها، ويزكيها، بل يتهمها ويلومها: “وَمَا أُبَرِّىءُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ”12، وهكذا كان حال عمر رضي الله عنه.
    · خرج ابن سعد في طبقاته13 من خبر سليمان بن يسار قال: “خطب عمر بن الخطاب الناس في زمن الرمادة، فقال: أيها الناس اتقوا الله في أنفسكم، وفيما غاب عن الناس من أمركم، فقد ابتليت بكم وابتليتم بي، فما أدري السخطى عليَّ دونكم، أوعليكم دوني، أوقد عمتني وعمتكم، فهلموا فندع الله يصلح قلوبنا، وأن يرحمنا، وأن يرفع عنا المحل.
    قال: فرئي عمر يومئذ رافعاً يديه يدعو الله، ودعا الناس، وبكى وبكى الناس ملياً، ثم نزل”.
    · وأخرج أيضاً ابن سعد14 من خبر عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: “كان عمر بن الخطاب أحدث في عام الرمادة أمراً ما كان يفعله، لقد كان يصلي بالناس العشاء، ثم يخرج حتى يدخل بيته، فلا يزال يصلي حتى يكون آخر الليل، ثم يخرج فيأتي الأنقاب، فيطوف عليها، وإني لأسمعه ليلة في السحر وهو يقول: اللهم لا تجعل هلاك أمة محمد على يدي”.
    بداية الصفحة
    ثانياً: استسقاؤه عدة مرات
    السُّنة إذا قحطت البلاد وأجدبت أن يفزع الإمام ورعيته إلى صلاة الاستسقاء التي شرعها لنا رسولنا صلى الله عليه وسلم، وسار على طريقه خلفاؤه من بعده.
    فها هو عمر رضي الله عنه استسقى لقومه عدة مرات، ولم يياس من تكراره وإعادته إلى أن كشف الله عنهم تلك الغمة.
    · خرج عمر مرة يستسقي، فنادى في الناس فأوجز، ثم صلى ركعتين فأوجز، ثم قال: “اللهم عجزت عنا أنصارنا، وعجز عنا حولنا وقوتنا، وعجزت عنا أنفسنا، ولا حول ولا قوة إلا بك، اللهم اسقنا وأحيي العباد والبلاد”.
    · وعن خوات بن جبير قال: “خرج عمر يستسقي بهم فصلى ركعتين فقال15: اللهم إنا نستغفرك ونستسقيك؛ فما برح من مكانه حتى مطروا، فقدم أعراب، فقالوا: يا أمير المؤمنين، بينا نحن في وادينا في ساعة كذا، إذ أظلتنا غمامة، فسمعنا منها صوتاً: أتاك الغوث أبا حفص، أتاك الغوث أبا حفص”.
    · روى ابن أبي الدنيا بسنده إلى الشعبي قال: “خرج عمر يستسقي بالناس، فما زاد على الاستغفار حتى رجع، فقالوا: يا أمير المؤمنين، ما نراك استسقيت! فقال: لقد طلبت المطر بمحاديج السماء التي يُستنزل بها المطر؛ ثم قرأ: “اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا. يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا”16.
    ثم قرأ: “وَأَنِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ”17.
    · وروى الطبراني بسنده إلى أنس: “أن عمر خرج يستسقي، وخرج بالعباس معه يستسقي بقوله: اللهم إنا كنا إذا قحطنا على عهد نبينا توسلنا إليك بنبينا18 فتسقنا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا؛ قال: فيُسقون”.
    استسقاء عمر بالعباس رضي الله عنهما من أقوى الأدلة على عدم جواز الاستغاثة بذوات الأنبياء والصالحين ولا بجاههم، أحياء أوأمواتاً، إذ لو كان جائزاً لما عدل عمر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرسول الله صلى الله عليه وسلم، بأبي هو وأمي، أفضل وأكرم على الله من العباس رضي الله عنه.
    وعمر رضي الله عنه استسقى بدعاء العباس وليس بذاته وجاهه، لأن العباس قال في استسقائه: “اللهم ما نزل بلاء إلا بمصيبة، ولا رفع إلا بتوبة”، ثم دعا ودعا معه عمر ومن كان خرج معهما.
    وهذا قسم من أقسام التوسل المشروع، وهو التوسل بدعاء الحي الحاضر، هذا بجانب التوسل بأسماء الله الحسنى، وصفاته العلى، وبالأعمال الصالحة، وما سواها شرك أكبر صرف، ولهذا وجب التنبيه عليه.
    وكذلك حديث الأعمى هو من هذا القسم المشروع، لأنه توسل بدعائه صلى الله عليه وسلم.
    بداية الصفحة
    ثالثاً: اعتماده بعد الله على موارد بيت المال وما عند أهل المدينة
    من المواقف الكريمة والتدبيرات الحازمة الحكيمة اعتماد عمر رضي الله عنه في أول الأمر على موارد بيت المال، وعلى ما جادت به نفوس أهل المدينة من المهاجرين والأنصار الأطهار، حيث لم يلجأ إلى طلب الغوث من الأقاليم والأمصار إلا بعد أن نفذ كل ما بحوزته وما بحوزة أهل المدينة، فالاعتماد بعد الله على النفس وعلى الموارد المحلية من حسن التدبير، وسبب من أسباب النجاح الكبير الذي حققه عمر في هذه المحنة.
    · قال الحافظ ابن كثير رحمه الله وهو يؤرخ لعام الرمادة: “كان عام الرمادة جدب عم أرض الحجاز، وجاع الناس جوعاً شديداً.. وجفلت الأحياء19 إلى المدينة، ولم يبق عند أحد منهم زاد، فلجأوا إلى أمير المؤمنين، فأنفق فيهم من حواصل بيت المال، مما فيه من الأطعمة والأموال حتى أنفذه”.
    بداية الصفحة
    رابعاً: طلب الغوث من الأمصار – الأقاليم
    عندما نفذت موارد بيت المال، ونفذ ما عند أهل المدينة، لجأ عمر رضي الله عنه إلى طلب العون من عماله، ولم يلجأ لذلك إلا في حال الاضطرار، وهكذا ينبغي على المسلم أن يصبر على اللأواء ولا يسأل الناس، لا لنفسه ولا لغيره، إلا في حال العجز التام، فآخر العلاج الكي، ورحم الله أولئك النفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذين بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا يسألوا أحداً شيئاً أبداً، منهم أبو بكر وحكيم بن حزام.
    على الرغم من هذا الضيق لم يلجأ عمر رضي الله عنه لطلب الغوث إلا بعد رؤيا منامية رآها بلال بن الحارث المزني رضي الله عنه.
    · روى سيف بن عمر عن سهل بن يوسف السلمي عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك قال: “كان عام الرمادة في آخر سنة سبع عشرة، وأول سنة ثماني عشرة.. فكان الناس بذلك وعمر كالمحصور عن أهل الأمصار، حتى أقبل بلال بن الحارث المزني، فاستأذن على عمر، فقال: أنا رسول رسول الله إليك، يقول لك رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقد عهدتك كيساً، وما زلت على ذلك، فما شأنك؟ قال: متى رأيت هذا؟ قال: البارحة؛ فخرج فنادى في الناس: الصلاة جامعة، فصلى بهم ركعتين، ثم قال: أيها الناس، أنشدكم الله هل تعلمون مني أمـراً غيره خير منه؟ فقالـوا: اللهم لا؛ فقـال: إن بلال بن الحارث يزعم ذية وذية20؛ قالوا: صدق بلال، فاستغث بالله ثم بالمسلمين؛ فبعث إليهم ? وكان عمر عن ذلك محصوراً ? فقال عمر: الله أكبر، بلغ البلاء مدته فانكشف، ما أذن لقوم في طلب إلا وقد رفع عنهم الأذى والبلاء.
    وكتب إلى أمراء الأمصار أن أغيثوا أهل المدينة ومن حولها، فإنه قد بلغ جهدهم، وأخرج الناس إلى الاستسقاء، وخرج وخرج معه العباس بن عبد المطلب ماشياً، فخطب وأوجز، وصلى، ثم جثا لركبتيه، وقال: اللهم إياك نعبد وإياك نستعين، اللهم اغفر لنا وارحمنا، وارض عنا؛ ثم انصرف فما بلغوا المنازل راجعين حتى خاضوا الغدران، ثم كتب عمر بن الخطاب إلى عماله أبا عبيدة وأبا موسى الأشعري وغيرهما يطلب منهم الغوث”.
    · قال سيف بن عمر: “كتب عمر إلى أمراء الأمصار يستغيثهم لأهل المدينة ومن حولها، فكان أول من قدم عليه أبو عبيدة بن الجراح في أربعة آلاف راحلة من طعام، فولاه قسمتها فيمن حول المدينة، فلما فرغ ورجع إليه أمر له بأربعة آلاف درهم، فقال: لا حاجة لي فيها يا أمير المؤمنين، إنما أردت اللهَ وما قِبَله، فلا تُدْخِل علي الدنيا؛ قال: خذها فلا بأس بذلك إن لم تطلبه؛ فأبى، فقال: خذها فإني قد وليتُ لرسول الله صلى الله عليه وسلم مثل هذا، فقال لي مثل ما قلتُ لك، فقلت له كما قلتَ لي، فأعطاني؛ فقبل أبو عبيدة وانصرف إلى عمله”.
    · وروى ابن كثير21: “فكتب عمر إلى أبي موسى بالبصرة أن يا غوثاه لأمة محمد؛ وكتب إلى عمرو بن العاص بمصر: يا غوثاه لأمة محمد؛ فبعث إليه كل واحد منهما بقافلة عظيمة تحمل البر وسائر الأطعمات، ووصلت ميرة عمرو في البحر إلى جدة، ومن جدة إلى مكة”.
    · قال الحافظ ابن كثير: (هذا الأثر جيد الإسناد، لكن ذكر عمرو بن العاص في عام الرمادة مشكل، فإن مصر لم تكن فتحت في سنة ثماني عشرة، فإما أن يكون عام الرمادة بعد سنة ثماني عشرة، أويكون ذكر عمرو بن العاص في عام الرمادة وهم، والله أعلم).
    بداية الصفحة
    خامساً: تدبير عمر وإشرافه وقيامه بنفسه على غوث الملهوفين
    من المواقف الخالدة لعمر، والتدبيرات الناجحة له في عام الرمادة، جعل مشرفين وأمراء على كل ناحية من نواحي المدينة، يوافونه بحال القوم وحاجتهم، ويجتمعون عنده في كل مساء، ويشرفون على تقسيم المؤن والأطعمة، ويتفقدون أحوال كل جهة، حتى لا تتضارب الاختصاصات، ويطمع البعض في حقوق غيرهم.
    · أخرج ابن سعد22 من خبر زيد بن أسلم عن أبيه قال: “لما كان عام الرمادة تجلبت العرب من كل ناحية، فقدموا المدينة، فكان عمر بن الخطاب قد أمر رجلاً يقومون عليهم، ويقسمون عليهم أطعمتهم وإدامهم، فكان يزيد بن أخت النمر، وكان المِسْوَر بن مخرمة، وكان عبد الرحمن بن عبد القاري23، وكان عبد الله بن عتبة بن مسعود.
    فكانوا إذا أمسوا اجتمعوا عند عمر، فيخبرونه بكل ما كانوا فيه، وكان كل رجل منهم على ناحية من المدينة، وكان الأعراب حلولاً24 فيما بين رأس الثنية، إلى رابح، إلى بني حارثة، إلى بني عبد الأشهل، إلى البقيع، إلى بني قريظة، ومنهم طائفة بناحية بني سلمة، هم محدقون بالمدينة.
    فسمعتُ عمر يقول ليلة، وقد تعشى الناس عنده: أحصوا من تعشى عندنا؛ فأحصوهم من القابلة، فوجودهم سبعة آلاف رجل؛ وقال: أحصوا العيال الذين لا يأتون، والمرضى، والصبيان؛ فأحصوا فوجدوهم أربعين ألفاً.
    ثم مكثنا ليالي فزاد الناس، فأمر بهم فأحصوا، فوجد من تعشى عنده عشرة آلاف، والآخرين خمسين ألفاً، فما برحوا حتى أرسل الله السماء، فلما مطرت رأيت عمر قد وكل كل قوم من هؤء النفر بناحيتهم يخرجون إلى البادية، ويعطونهم قوتاً وحملاناً إلى باديتهم”.
    · وفي خبر أبي هريرة السابق25 أنه رأى عمر عام الرمادة يحمل على ظهره جرابين، وعكة زيت، وأنه ليعتقب هو وأسلم، قال: فلما رأيته أخذت أعقبه، فحملنا حتى انتهينا إلى صرار، فإذا صرم نحو عشرين بيتاً من محارب، فقال عمر: ما أقدمكم؟ قالوا: الجهد.. فرأيت عمر طرح رداءه ثم اتزر، فما زال يطبخ لهم حتى شبعوا، وأرسل إلى المدينة، وجاء بأبعرة فحملهم عليها حتى أنزلهم الجبانة، ثم كساهم، وكان يختلف إليهم وإلى غيرهم.
    بداية الصفحة
    سادساً: مواساته للرعية في هذه المجاعة
    هذا الموقف من أجل وأنبل المواقف التي وقفها عمر في هذا العام، إذ واسى رعيته مواساة كاملة، حيث لم يتميز عليهم بشيء قط، حتى أذهب الله عنهم ذلك الكرب، وإليك نماذج من مواساته لرعيته:
    · خرج ابن جرير الطبري بإسناده عن عدد من الشيوخ قالوا: “أصابت الناس في إمارة عمر رضي الله عنه سنة بالمدينة وحولها.. فآلى عمر ألا يذوق سمناً، ولا لبناً، ولا لحماً، حتى يحيى الناس من أول الحيا، فكان بذلك حتى أحيا الناس من أول الحيا، فقدمت السوق عُكة من سمن ووطب من لبن، فاشتراهما غلام لعمر بأربعين، ثم أتى عمر، فقال: يا أمير المؤمنين، قد أبرَّ الله يمينك، وعظم أجرك، قدم السوق وطب من لبن وعكة من سمن، فابتعتهما بأربعين؛ فقال عمر: أغليت بهما، فتصدق بهما، فإني أكره أن آكل إسرافاً؛ وقال: كيف يعنيني شأن الرعية إذا لم يمسسني ما مسهم!”26.
    · وخرج ابن سعد27 من خبر عبد الله بن زيد بن أسلم عن أبيه عن جده قال: “كان عمر يصوم الدهر28، قال: فكان زمان الرمادة إذا أمسى أتي بخبز قد سرد بالزيت، إلى أن نحروا يوماً من الأيام جزوراً فأطعمها الناس، وغرفوا له طيبها، فأتي به، فإذا فدر من سنام ومن كبد، فقال: أنى هذا؟ قالوا: يا أمير المؤمنين، من الجزور التي نحرنا اليوم؛ قال: بخ بخ، بئس الوالي أنا إن أكلت طيبها وأطعمت الناس كراديسها30، ارفع هذه الجفنة، هات لنا غير هذا الطعام؛ قال: فأتي بخبز وزيت، فجعل يكسر بيده، ويثرد ذلك الخبز، ثم قال: ويحك يا يرفأ31! احمل هذه الجفنة حتى تأتي بها أهل بيت يثمغ32، فإني لم آتهم منذ ثلاثة أيام، فأحسبهم مقفرين33، فضعها بين أيديهم”.

    و لنا بغية باذن الله يا هذا

  5. بنك الكفار الربوى النجس ..يعطيك عشرة مليون جنيه لتشترى ركشه مقابل فائده سنويه لا تتجاوز العشرة فى المائة فى اصعب حالاتها .. بنك المؤمنين الاسلامى يدخل معك فى شراكه ..يشترى لك الركشه بمبلغ عشرة مليون وتكتب له شيكات مؤجله بمبلغ خمسة عشرة مليون والركشه لان البيع حلال وتكون مسجله باسمه حتى دفع اخر مليم . ونظام الانقاذ وبنوكه ليست على دين واقتصاد الاسلام فى شئ كما يقول ود الحجة ومسلم انا .. هناك عالم جليل اسمه سرحان ماجد طالبكم بالنسخة ( الاصليه ) السريه للحكم الاسلامى لمناقشتها معه والتحدى قائم ..

  6. يا هذا نعم النبي لا يكذب …وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ
    { وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى } أي: ليس نطقه صادرا عن هوى نفسه

    1/ و لكن أنت تكذب … قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع )

    أولا يا هذا الأسلام غير مسول عن ما يحدث ألان في الدول العربية
    … لانه غير مطبق عمليا في حياة الناس و المجتمع … القوانين غير إسلامية عادت الناس و تقاليدهم غير إسلامية // و أفكارهم غير اسلاميه / و سلوكياتهم غير إسلامية
    و لذلك ما يحدث هو ناتج عن واقع غير إسلامي و مخلفات أفكار غير اسلاميه .. و لذلك المسول هو كل تلك العادات و الأفكار و الأنظمة و السلوكيات غير الاسلاميه في هذه المجتمعات
    و الأسلام برى عن كل هذا .. الأسلام يكون مسولا عندما يكون مطبقا في حياة الناس في كل الوجوه من الناحية التشرعية .( كل القوانين يجب أن تكون إسلامية ) و الفكرية و الاجتماعيه ( كل العادات و التقاليد و القيم) و الخلقية ( كل قيم الأخلاق و الفضيلة ) بعد تطبيق كل هذا في المجتمع يكون الأسلام بعد هذا هو المسول

    فلا تنتقض الأسلام في وقع غير اسلامي .. السلام موجود في حياتهم فقط إسميا كما جاء في القران و الأحاديث الكريمة
    إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ ۚ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ
    أيضا ولا يصح رفعه والظاهر أن الآية عامة في كل من فارق دين الله وكان مخالفا له فإن الله بعث رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وشرعه واحد لا اختلاف فيه ولا افتراق فمن اختلف فيه وكانوا شيعا أي فرقا كأهل الملل والنحل والأهواء والضلالات فإن الله تعالى قد برأ رسول الله صلى الله عليه وسلم مما هم فيه وهذه الآية كقوله تعالى “شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك” الآية.
    وروى بقية بن الوليد حدثنا شعبة بن الحجاج حدثنا مجالد عن الشعبي عن شريح عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعائشة : ( إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا إنما هم أصحاب البدع وأصحاب الأهواء وأصحاب الضلالة من هذه الأمة , يا عائشة إن لكل صاحب ذنب توبة غير أصحاب البدع وأصحاب الأهواء ليس لهم توبة وأنا بريء منهم وهم منا برآء ) .

    عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
    ( يوشك أن يأتي على الناس زمان لا يبقى من الإسلام إلا اسمه ، ولا يبقى من القرآن إلا رسمه ، مساجدهم عامرة وهي خراب من الهدى ، علماؤهم شر مَن تحت أديم السماء ، مِن عندهم تخرج الفتنة وفيهم تعود )

    وعن علي رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يوشك أن يأتي على الناس زمان؛ لا يبقى من الإسلام إلا اسمه، ولا يبقى من القرآن إلا رسمه، مساجدهم يومئذ عامرة وهي خراب من الهدى، علماؤهم شر من تحت أديم السماء، من عندهم تخرج الفتنة وفيهم تعود .

    وعن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يأتي على الناس زمان: علماؤها فتنة، وحكماؤها فتنة، تكثر المساجد والقراء، لا يجدون عالمًا إلا الرجل بعد الرجل .

    مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا ۖ كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ
    قوله تعالى “منيبين إليه” قال ابن زيد وابن جريج أي راجعين إليه “واتقوه” أي خافوه وراقبوه “وأقيموا الصلاة” وهي الطاعة العظيمة “ولا تكونوا من المشركين” أي بل كونوا من الموحدين المخلصين له العبادة لا يريدون بها سواه.

    مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا ۖ كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ
    وقوله تعالى “من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون” أي لا تكونوا من المشركين الذين قد فرقوا دينهم أي بدلوه وغيروه وآمنوا ببعض وكفروا ببعض وقرأ بعضهم فارقوا دينهم أي تركوه وراء ظهورهم وهؤلاء كاليهود والنصارى والمجوس وعبدة الأوثان وسائر أهل الأديان الباطلة مما عدا أهل الإسلام كما قال تعالى “إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله “الآية فأهل الأديان قبلنا اختلفوا فيما بينهم على آراء ومثل باطلة.
    وكل فرقة منهم تزعم أنهم على شيء وهذه الأمة أيضا اختلفوا فيما بينهم على نحل كلها ضلاله إلا واحدة وهم أهل السنة والجماعة المتمسكون بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وبما كان عليه الصدر الأول من الصحابة والتابعين وأئمة المسلمين من قديم الدهر وحديثه كما رواه الحاكم في مستدركه أنه سئل صلى الله عليه وسلم عن الفرقة الناجية منهم فقال “من كان على ما أنا عليه اليوم وأصحابي”.

    عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما؛ قال: يأتي على الناس زمان يحجون ويصلون ويصومون وما فيهم مؤمن .

    وعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوشك الإسلام أن يدرس؛ فلا يبقى إلا اسمه، ويدرس القرآن؛ فلا يبقى إلا رسمه

    وعن الحسن مرسلًا: يأتي على الناس زمان يكون حديثهم في مساجدهم في أمر دنياهم؛ فلا تجالسوهم؛ فليس لله فيهم حاجة .

    ):«سيأتي زمان على أمتي لا يبقى من القرآن إلا رسمه،و لا من الاسلام إلا اسمه يسمون به،و هم أبعد الناس منه،مساجدهم عامرة،وهي خراب من الهدى،فقهاء ذلك الزمان شر فقهاء تحت ظل السماء،منهم خرجت الفتنة،و إليهم تعود»‏
    6 . عن النبي صلى الله عليه وآله قال : « يأتي على الناس زمان بطونهم آلهتهم ونساؤهم قبلتهم ، ودنانيرهم دينهم ، وشرفهم متاعهم ، لا يبقى من الايمان إلا اسمه ، ومن الاسلام إلا رسمه ، ولا من القرآن إلا درسه ، مساجدهم معمورة ، وقلوبهم خراب من الهدى ، علماؤهم أشر خلق الله على وجه الأرض . حينئذ ابتلاهم الله بأربع خصال : جور من السلطان ، وقحط من الزمان ، وظلم من الولاة والحكام ، فتعجب الصحابة وقالوا : يا رسول الله أيعبدون الأصنام ؟ قال : نعم ، كل درهم عندهم صنم » .‏

    و لنا بغية باذن الله تعالى

    /// خطاء إملاءي في الماقل السابق /// الشيعة يطيعون الملاء ..الائمة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..