العودة للاقليم الشرقي مطلب تاريخي لجماهير الشرق

 تدور في الميديا تسريبات بان السلطة في الخرطوم لا تسعي لتطبيق الحكم الفيدرالي علي الشرق, بل انها تسعي لتصدير ولاة من الخرطوم الي ولايات الشرق. لو صح هذا الخبر فان اهل الشرق سيصابون بخيبة امل كبيري. ففي الشرق توجد كفاءات تصلح لهذه المناصب وبجدارة.  لقد طالبت جماهير الشرق منذ عام 1958 بالحكم الفيدرالي, وكان ذلك اثناء انعقاد المؤتمر الاول لمؤتمر البجا بقيادة د. طه بلية.

كان مؤتمر البجا اول كيان سياسي ينشأ في الاقاليم ليدافع عن اهل الاقليم.  شعر المثقفون والناشطون من ابناء البجا ان تطلعاتهم لحياة افضل لم ولن تتحقق تحت حكم الاحزاب التقليدية, هم بعد الاستقلال, ابعدوا عن المشاركة في السلطة وعن السودنة وعن التنمية والتعليم وعن التوظيف وحق العمل, وتيقن لهم ان ما يعاني منه الشرق من بؤس وسوء تغذية وامراض مستوطنة وعطالة وتهميش لن يزول تحت حكم الاحزاب التقليدية, ولذلك قرروا تكوين تنظيم سياسي ليدافع عن مطالبهم.  فكان تكوين مؤتمر البجا في عام 1958. وكانت المطالبة بالحكم الفيدرالي وحكم البجا انفسهم بانفسهم.

عندما استولت الجبهة الاسلامية علي الحكم عام 1989 وصار حلم تنمية الشرق او مشاركته  في السلطة بعيد المنال, سارع الناشطون من ابناء الشرق بتكوين جيش مؤتمر البجا عام 1994, وكان الهدف تحقيق تطلعات الجماهير في حكم فيدرالي ومشاركة في السلطة المركزية وتنمية متوازية  وانهاء حالة التخلف التي تعيشها جماهير الشرق.

خاض جيش البجا علي الجبهة الشرقية معارك جبارة, وحقق نائج باهرة, واجبر السلطة علي الجلوس معه للتفاوض مما ادي الي ابرام ما سمي باتفاقية الشرق.   اثناء المواجهات علي الجبهة الشرقية قام جيش البجا بتعطيل البايبلاين والطرق العابرة ومنع الحركة فيها وخططوا لنسف الكباري وخطوط الانترنت والمطارات.

ولكن وللاسف بعد ثورة ديسمبر المجيدة شعرت جماهير البجا ان التهميش والاذلال لا زال يتواصل, فقد ابعد الشرق عن مجلس السيادة وعن مجلس الوزراء, وعن المناصب المدنية بعد تطبيق سياسة ازالة التمكين.  ليس هذا فحسب, فقد تسربت معلومات تؤكد ان السلطة لا تنوي تعيين ولاة من شرق السودان في ولايات الشرق.

سيكون ذلك – لو صح – اكبر خطأ ترتكبه السلطة نحو الشرق. فتلك الجماهير التي رفعت صوتها عام 1959 تطالب بالفيدرالية وبالتنمية والمساواة لن تسكت علي هذا. وذلك الشباب الذي انخرط في جيش البجا وقدم الشهيد تلو الشهيد لن يسكت علي هذا الاعتداء. هؤلاء الشباب لا زالوا موجودين.

ألا تخشون ان تؤدي سياسة التهميش والاقصاء الذي يتعرض له اهل الشرق الي عودة التفكير بالقيام باعمال مسلحة؟  وباعتداءات علي البايبلاين وعلي الطرق العابرة ونسف الكباري وخطوط الانترنت والمطارات؟

الاقاليم الاخرى سيكون ولاتها من ابنائها, اما الشرق فلا !! هل سترضي جماهير جبال النوبة او جنوب النيل الازرق بولاة من مناطق اخري كشمال  السودان مثلا؟ّ!  زد علي ذلك: اعترفت السلطة باشخاص في جوبا وادعت انهم يمثلون الشرق, وفاوضتهم عن مصير الشرق, وهم لا صلة بهم بالشرق.

وهل يوجد اهمال اكثر من هذا لاهل الشرق من السكان الاصليين؟ّ!  يعتبر البجا من  اقدم من سكن في هذا الجزء من الوطن, وتاريخهم يعود الي اكثر من خمسة الف سنة, هم السكان الاصليون للشمال الشرقي من الوطن منذ القدم.     والسكان الاصليون لهم حقوق تصونها المواثيق الدولية. ومنها ان يحكموا انفسهم بانفسهم, والا يخضعوا لتهميش, او اذلال , وان تحترم ثقافتهم وتراثهم, وان يجدوا التمييز الايجابي.