مقالات سياسية

الموضوع: مفهوم الاستعمار الوطني

نجم الدين جميل الله

الاستعمار كمفهوم هو تعريف بسيط لظاهرة السلب و النهب و تحطيم كرامة الشعوب المستضعفة و تدمير تراثها الحضاري و الثقافي بواسطة قوى متسلطة تفرض سيطرتها على الشعوب بالقوة و تفرض ثقافتها الأحادية بدعوى نقل الأمم إلى مرحلة الحضارة.
نعم هي عملية نهب و سلب باستخدام القوة و لكن يسمى استعمارا (اسم دلع) فقط للتمويه و تغييب الوعي عن حقيقة الفعل لكي لا يلصق فاعليها بالقاب الفعل الحقيقي. فترى مثلاً كل العالم الثالث اطلق لقب المستعمرين بدلاً من النهابين او السارقين للذين نهبوا ثروات بلادهم جهاراً نهاراً دون أي واعظ إنساني كان او ديني. و أصبحت تطلق على حروب السلب و النهب ( الحروب الاستعمارية) و على الدول المنهوبة ( الدول المستعمرة). هكذا دواليك
ان تقوم دولة اجنبية بنهب دولة أخرى او سرقة ثرواتها او ان يقوم شعب ما بنهب شعوب مستضعفة أخرى و يعيق تقدمها و يحطم كرامتها .. ذلك فعل يقبل شيء من المنطق من منظور الصراع الوجودي للكائنات على سطح الأرض بالرغم من كراهة الفعل و عدم إنسانيته البته.
و لكن ان تقوم امة من الناس بنهب شعبها و سرقة خيرات بلادها و تحطيم كرامة امتها بنفسها ثم لا تكتفي بما نهبت فتسعى لفرض ثقافة أحادية في وطن مكوناته الثقافية تتعدى الخمسمائة مجموعة ثقافية … ثم تستخدم قوة الدولة و أجهزتها الإعلامية و منابرها الثقافية لبث ثقافة واحدة … تلك إذاً طامة كبرى
الاستعمار الوطني كمفهوم: هو السيطرة التي تمارسها مجموعة من الناس من نفس الامة على المجموعات الأخرى مع نهب و سلب خيرات البلاد و تسخيرها لصالح رغبات شخصية او عقائدية او جهوية او إثنية و تدمير التراث الثقافي و الحضاري للمجموعات الأخرى مع فرض ثقافة أحادية و محاولة إظهارها كثقافة سامية لإعادة تشكيل المنظومة الثقافية لصالح المجموعة المسيطرة و تحطيم كرامة المجموعات المستضعفة لخلق دونية ابدية.
و قد غادر المستعمر الأجنبي ( السارق الأجنبي) البلاد المستعمرة بعد ان درب و وضع في قممها جموع غفيرة من ( السارقين الوطنيين) أي ان كل الذي تم هو استبدال سارق بسارق .. و بدا مرحلة الاستعمار الوطني بغطاء ظاهرها دول ذات سيادة لها جيشها و أجهزتها التي أسس نواتها المستعمر الأجنبي ذاته و لكن باطنها مستعمرات بأيد وكلاء مطيعون و يفعلون ما يؤمرون .. و خدعت الشعوب المسكينة بأعياد الاستقلال التي لم تكن إلا عبارة عن حفلة وداع للسارق الكبير الذي سلم مفاتيح البلاد للسارق الصغير.
و من شروط ديمومة الاستعمار الوطني هي الخنوع التام للسارق الكبير و إيداع الأموال المنهوبة في بنوك السارق الأجنبي الذي ابتدع قوانين السرية للحسابات البنكية حتى لا يعلم الشعوب كم و كيف سرق من خيرات بلاده.
ثم يأتي السارق الكبير بجلباب المنقذ ( العراق _ و ليبيا مثالا) لكي يزيح من تمرد من جنوده عن السلطة و يضع بكل عناية مستعمر وطني اخر فوق راس السلطة حتى يستمر عملية الاستعمار عبر وكيل .
خدعت الشعوب عبر عملية تغبيش الوعي و صناعة القادة التي يديرها الغرب حتى يتمكن من التحكم في مصير الاخرين و ينهب ثرواتهم و يفرض ثقافته عبر عملية بلطجة عالمية سميت بهتاناً ( عولمة).
حان الوقت للشعوب ان تستيقظ من الغيبوبة المسماة (عولمة) و تستعيد قرارها و ثرواتها المنهوبة و تقتلع المستعمرين الوطنيين حتى يتحقق الاستقلال الحقيقي . و هي ان تكون مستقلا في شأنك و مصيرك و كيفية تسخير خيراتك و ان تكون مستقلا في اختيار نظام الحكم التي ترتضاه.
حان الوقت للشعوب ان تنهض من زيف الحضارة التي انكشفت ظهرها بجرائم العنصرية في مجتمع الغرب (أمريكا و فرنسا مثالا) و ان تدير ظهرها للأبطال المصنوعين بالة المستعمر الإعلامية و تعرف ابطالها الحقيقيين الذين صوبوا البنادق لا العهود و التبعية صوب السارق الأجنبي يوم غزا.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..