الأخوان المسلمين والطرق الصوفية

إن معظم الخلاوي والطرق الصوفية التي نشأت أصلا كجهد فردي تطوعي لمحو‎ ‎الأمية ونشر ‏التعليم وسط القرويين الرعاة والمزارعين الذين كانوا يشكلون‎ ‎معظم سكان السودان في زمن ‏الإستعمار التركي والبريطاني وبذلك تحول هؤلاء‎ ‎إلى زعماء دينيين يعلمون الناس بعض علوم ‏الفقه والقرآن حسب حاجتهم له في‎ ‎حياتهم اليومية وتطور الأمر إلى تدخل في جميع منحي حياة ‏المترددين على‎ ‎خلاويهم الشخصية والمادية في العمل وكسب‎ ‎الرزق والزراعة الزواج ‏والطلاق…ألخ وحتى في الغناء والترفيه فسطى الشيوخ‎ ‎على الغناء وحولوه إلى مديح للرسول فقط ‏وصار هم شعراء كلماته أولادهم‎ ‎مطربيين يأدون هذه الأغاني لتحل محل الغناء الشعبي والحديث ‏الذي صوروه‎ ‎لأتباعهم بأنه رجز من عمل الشيطان فحرموه عليهم وهذا ما طوره الأخوان‎ ‎بالغناء ‏بإضافة الألات الحديثة وهكذا سيطر هؤلاء الشيوخ على حياة وتفكير‎ ‎معظم سكان الريف وبعض ‏سكان المدن الذين نزحوا إلى المدن الكبيرة وإنتقل‎ ‎وراءهم بعض هؤلاء الشيوخ الذين تراكمت ‏ثرواتهم الطائلة من إستغلالهم‎ ‎لأتباعهم إقتصاديا وماديا بإسم الدين ويعطل هؤلاء الشيوخ طاقات ‏عدد كبير من‎ ‎الشباب وتجميدهم أو تحيدهم خاصة إذا تناغمت السلطة الحاكمه وتوددت إليهم‎ ‎لكسبهم وكسب أتباعهم في صف السلطة وأغرتهم ببعض الإمتيازات تحت حجة (تطبيق‎ ‎الشريعة ‏ودعم التوجه الإسلامي ونشر الفضيلة) وهذا يدل على إمكانية أن يتحول‎ ‎هؤلاء من شيوخ إلى ‏زعماء سياسيين ينافسون الملوك والأمراء‎ … ‎‏ ‏

ومعنى ذلك أن للتصوف منحيين متضادين، أحدهما سلبي وهو العزلة والهروب من مواجهة الحياة ‏بحجة الزهد، (معظم متصوفة السودان مثال) والآخر أيجابي يتجلى في صورة ثورة وتمرّد على ‏الواقع ودخول في مسرح الاحداث بقوة (المقاومة الوطنية والقومية العراقية مثال)،‎ ‎وبالنتيجة يمكن ‏القول إن الذين يحق لهم إستغلال الدين بالطريقة التي تخدم هدفهم في خدمة الناس‎ ‎وليس في ‏إستغلاله لمصلحة خاصة هم المجاهدون الحقيقيون مثل المجاهد الثائر‎ ‎‏(الإمام المهدي) الذي إستغل ‏وإستخدام مقدسات الإسلام في جهاده ضد المستعمر‎ ‎التركي الأجنبي وإزكاء روح الجهاد في ‏المواطنين وكذلك (صدام حسين) ومجاهدوا‎ ‎البعث والمقاومة العراقية (هذه هي الحرب المقدسة) ‏بقيادة المجاهد (عزت‎ ‎الدوري) والمجاهدون لتحرير فلسطين وأفغانستان والأحواز المحتلة من ‏الإحتلال‎ ‎الأجنبي الغاصب ولا يحق لـ(الكيزان) إستغلال الدين مطية لمآرب دنيوية‎ ‎والوصول به ‏للسلطة السياسية وهم بهذا يدنسون الإسلام ويفقدونه قدسيته‎…

وعلى غيرهم من الشيوخ أن يكتفوا بالزعامة الدينية والعلمية فقط كما فعل‎ ‎‏(فرح ود تكتوك) وهذا ‏هو المطلوب والصحيح الإكتفاء بتعليم وتوعية الناس و‎ ‎توجيهم للمزيد من العلم من مصادره ‏المعروفة والذي يجب أن توفره الدولة وليس‎ ‎إحتكار العلم وتجهيل الناس بغية السيطرة عليهم ‏بإستغلال جهلهم وأميتهم كما‎ ‎يفعل شيوخ النظام الذين فشلوا في إقناع الناس بعلمهم وفقهم لأنهم ‏جزء من‎ ‎النظام الفاسد ويمثلون قمة الرأسمالية الطفلية المتأسلمة ولذلك شكلوا (هيئة‎ ‎لعملاء ‏المسلمين والإفتاء) لتكون جهاز رسمي يستقطبوا لها بعض الواعظ‎ ‎والفقهاء مثل الشيخ (محمد ‏أحمد حسن) الذي تفضلوا عليه بدرجة الدكتوراة فكان‎ ‎أول رد الجميل بأن أفتى لهم ( الغلاء ليس ‏بفعل الحكومة وأنه إمتحان من عند‎ ‎الله لعباده المؤمنين) وهو نفس يفعله بعض شيوخ الخلاوي ‏والصوفية الذين‎ ‎مازالوا يشكلون تحالفات مصلحة تتلاقى مع مصالح الأنظمة الديكتاتورية‎ ‎العسكرية والمدنية التي حمكت السودان ( النميري ، الأخوان ، الصادق) والآن‎ ( ‎البشير ، ‏الأخوان ، أنصار السنة ، الصادق و الميرغني) يتحالفون ضد قوى‎ ‎الشعب الثورية الوطنية ‏التقدمية الممثل الحقيقي لمصالح الشعب‎..

وبعد‎ :

قالت : لكن مش قسيت شوية على الطرق الصوفية واتباعها اصلا نحن فى السودان‎ ‎شاربين حب ‏الشيوخ امثال ابونا الشيخ البرعى عليه رضوان الله ورحماته‎..

قلت : هذه هي المشكلة هم زرعوا فينا حبهم وإحترامهم بجهلنا ولا نقدر على‎ ‎إنتقادهم والخروج ‏عليهم وهذا إستغلال منهم لجهلنا وتخلفنا وبساطتنا التي‎ ‎مكنت لهم ذلك ولذلك هم لا يحترمونا بل ‏يزيدون في إستغلالنا… أنا ضد تحويل‎ ‎الدين إلى مؤسسات وطرق وجمعيات وأحزاب خاصة لأنه ‏يفقد معناه وروحه المقدسة‎ ‎ويتحول إلى شيء جامد مادي يمكن أن تلمسه بيدك وهنا لن يكون دينا ‏بل شيء‎ ‎آخر مثل الجيش والشرطة والشركة فيها رئيس ومرؤوس وموظفين وجمهور‎..

قالت : كل رسالة لها أتباعها وكل مذهب له مريديه والكل يصب فى قالب الدين‎ ‎الاسلامى المهم ‏يكون بدون تعصب وبدون تشرذم يدعو للانفلات وينقلب للعكس‎..

قلت : ما عندنا في السودان ليسو مذاهب والرسالة وصلت لكل شخص و لا يجب أن‎ ‎يكون هناك ‏شخص مسئول عن الإسلام ويجمع الناس حوله بإسم الإسلام للوصول‎ ‎لأهداف خاصة به وبعيدة ‏عن الإسلام والمسلمين هذا الذي أنتقده وأرفضه لأن‎ ‎المجتمع فيه أيضا غير المسلمين الذين لهم ‏نفس الحقوق وهم جزء مؤثر ومهم في‎ ‎هذا الوطن‎…

الخرطوم 15/05/2015‏
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. قوى‎ ‎الشعب الثورية الوطنية ‏التقدمية؟ ما هذه القوي لماذا لم تفصح عنها و تسميها باسمائها حتي نتبين ان كانت هي فعلا الممثل الحقيقي لمصالح الشعب‎ ام هي مجرد ساعي للسلطة ليس الا؟

  2. تقييمك للصوفية والمتصوفة محدود ويفتغر للمعرفة بهم أقرأ كتبهم وتوجهاتهم لتعرف الكثير وفقك الله

  3. تقييمك للصوفية والمتصوفة محدود ويفتغر للمعرفة بهم أقرأ كتبهم وتوجهاتهم لتعرف الكثير وفقك الله

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..