مقالات سياسية

نصر أكيد، و تراكم حاسم و مهام عاجلة !!! 

د. أحمد عثمان عمر

****

و الحشود المارقة من كبري الحديد
جينا من رحم البسالات
جونا من بره الأجاويد
خلينا بالنا علي البلاد
ختولنا في الجرح المراويد
جات كلاكلات إيد علي إيد
بري شمبات المسيد
جبره وأمدر
والحشود المارقة من كبري الحديد
إنت بتكيد والشعب يفعل ما يريد
يحيا الكفاح وينبغي
وتسقط كتائب الجنجويد

****

فعلها شعبنا مجددا في الذكرى الثالثه لثورة ديسمبر المجيدة. في التاسع عشر من ديسمبر ٢٠٢١م ، أكد شعبنا العظيم بأنه سيد نفسه و القادر دائماً على امتلاك زمام المبادرة و صنع الحدث. مهيب الحضور و رفيع القوام ، اندفاع حشوده من الحاج يوسف و شرق النيل لتعبر كبري المنشية، و جموع ام درمان الهادرة التي تمكنت في النهاية من عبور كبري الحديد، و حشود بحري التي قاتلت و صمدت لتعبر كبري المك نمر، جميعها أسقطت قرار إغلاق الكباري و التحمت ببقية الثوار لتصل هدفها و تقتحم القصر. حراك الجماهير الذي تطور منذ الحادي و العشرين من اكتوبر ليصل الذروة اليوم، تحول نوعيا من حيث التنظيم و التحاق المدن الإقليمية به، ليس من مواقع الدعم بل من مواقع المشاركة في قلب الخرطوم ، بعد تسيير مسيرات فاعلة حتى الوصول، رمزيتها عالية و اضافتها مؤكدة لمدى تلاحم لجان المقاومة و تقدمها من حيث التشبيك التنظيمي و التنسيق. 

عمق الحراك و تاثيره المتدحرج، يمكن رصده من  ملاحظة أن منسوبي القوات المسلحة اليوم،  عادوا للالتحام بالثوار و التعاون معهم، و كان مشهد ذرفهم للدموع أمام الكبري في ام درمان و معانقة الجماهير مؤثراً.  و هؤلاء بالحتم هم من شرفاء الجيش من صغار الضباط و الجنود، و هذا يؤكد أن الجيش ليس كتلة واحدة. لكن هذا الأمر ليس حاسما في المعادلة داخل هذه المؤسسة. فقد يكون ما تم هو تمرد من هؤلاء العسكريين الذين هم في تماس مباشر مع الحشود، أو قرار من القيادة بعد تقدير الموقف و التأكد من استحالة منع هذه الحشود غير المسبوقة من الوصول إلى هدفها. 

الحاسم هو انحياز قطاع اكبر منظم من داخل الجيش للشارع، و هذا يستلزم انحيازا من الأسلحة الضاربة بحجم معقول يشكل تهديدا للجنرالات. 

و لكن هل يستلزم الأمر انتظار العسكريين لاعلان موقف بديل أو انحياز للشارع حقيقي و غير مزيف؟ و الإجابة حتما لا. فالمطلوب أن تعلن لجان المقاومة و تجمع المهنيين معا، أن السلطة غير الشرعية للجنرالات سقطت، و الا اعتراف باي فعل سلطوي تقوم به منذ هذه اللحظة، و انهما معا بصفتهما التمثيلية، سوف يعلنان وثيقة دستورية جديدة تؤسس لحكومة ثورية مدنية خالصة، مع اعتبار وكلاء الوزارات الذين عينهم حمدوك سلطة مؤقتة لحين إعلان حكومة الثورة. يواكب ذلك الاعلان بالالتزام بأهداف الثورة، و تبني البرنامج الإسعافي الذي ألقى به د. حمدوك في سلة المهملات، مع التزام بإعادة هيكلة القوات المسلحة لخلق جيش واحد بعقيدة جديدة، و معالجة وضع الجنجويد من خلال الترتيبات الأمنية و العدالة الانتقالية، مع حل جهاز أمن الإنقاذ لتكوين جهاز أمن لدولة السودان ، لا جهاز للحركة الإسلامية. 

و على القانونيين الثوريين، أن يقوموا فورا بصياغة وثيقة دستورية بديلة لدولة انتقالية مدنية، حتى تتمكن لجان المقاومة و تجمع المهنيين و منظمات المجتمع المدني من مناقشتها و تبنيها، على أن تشرك قوى التحالف السياسي الفوقي للأحزاب في التشاور حولها قبل إصدارها. 

و الواجب هو عدم الوقوع في حبائل من لديهم خلط مريع بين دستور المنحة و الدستور الديمقراطي، و بين دستور المرحلة الانتقالية و دستور الدولة الديمقراطية. فدستور الدولة الانتقالية دستور منحة شرعيته ثورية و يشتمل على حماية تفكيك و تصفية الدولة الشمولية و من الممكن أن يشتمل على نصوص غير ديمقراطية تقصي مكونات الفترة الشمولية و تحمي الإجراءات الاستثنائية اللازمة، كما يشتمل على أسس بناء الدولة الديمقراطية و فتح الطريق أمام التحول الديموقراطي.

اما دستور الدولة الديمقراطية فيأتي في نهاية الانتقال و بعد عقد المؤتمر الدستوري و القيام بواجب التشاور الشعبي ليسن بشرعية ديمقراطية ( عبر جمعية تأسيسية أو استفتاء أو الاثنين معاً)، مع وجوب احتوائه على كل مبادئ الدولة الديمقراطية القائمة على سيادة حكم القانون.

التعامل مع دستور المرحلة الانتقالية على أساس أنه دستور ديمقراطي لدولة ديمقراطية، يمنع الانتقال لانه يغير من طبيعة دولته، و يمكن القوى المضادة للثورة من استخدام مبادئ الدولة الديمقراطية لمنع الانتقال، و كمثال لذلك استخدام مبدأ استقلال القضاء لمنع إعادة هيكلة قضاء الإنقاذ غير المستقل.

الواجبات و المهام الملحة أعلاه لا تحتمل التأجيل، و على الثوار القيام بها و فوراً. فالنصر الذي تحقق يجب البناء عليه و عدم تضييع الفرصة مجدداً.

و قوموا إلى ثورتكم يرحمكم الله!!! 

١٩/١٢/٢٠٢١

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..