أخبار مختارة

موازنة 2020م المعدلة… الإستجارة من النار بالرمضاء!

د. التجاني الطيب إبراهيم

    مدخل: في تحليلنا لموازنة العام المالي 2020م، خلصنا إلى أن: “القراءة التحليلية للموازنة تؤشر إلى خلوها وبعدها عن فكر وروح الثورة، خاصة إعتمادها المفرط وغير المسبوق على توقع تمويل المنظمات الدولية والإقليمية لأكثر من نصف إيراهداتها الكلية المقدرة. لذلك، فهي هشة في تقديراتها، ضعيفة في أسبقياتها، وشبه خالية من منظومة أهداف كمية وسياسات وإجراءات مفصلة يمكن الإعتماد عليها في تقييم أدائها” ، (أنظر للكاتب: “موازنة العام المالي 2020م… شجرة عيد الميلاد!”. بالتالي، لم يكن مستغرباً إستحالة إنزالها على أرض الواقع. فعدم تحقيق أي تحسن ملموس حتى الآن في خلق فرص للعمل، خاصة للشباب، والأوضاع المعيشية المذرية، رفع من وتيرة الحراك السياسي والإجتماعي، كما أن النكسات التي ظلت تتعرض لها عملية التحول السياسي وتنفيذ الإصلاحات الإقتصادية والسياسية المطلوبة بالإضافة إلى ظهور وباء الكورونا وتداعياته الإقتصادية والإجتماعية وقفت عائقاً أمام أي تعافي إقتصادي. في ظل هذه البيئة المحفوفة بالتحديات والمخاطر كان لابد من إعادة النظر في موازنة 2020م، لكن ، للأسف، أتت الموازنة المعدلة أشبه بحال “المستجير من النار بالرمضاء” لبعدها عن قراءة وإستصحاتب الدروس والعبر من التحديات التي حالت دون إنزال الموازنة المجازة على أرض الواقع بصورة صحيحة كما سنرى فيما يلي.

مؤشرات الإقتصاد الكلي: بخصوص النمو الإقتصادي، بالأسعار الثابتة (أسعار السوق ناقص التضخم)، تتوقع الموازنة تراجع نمو إجمالي الناتج المحلي (جملة قيمة السلع والخدمات المنتجة في العام) من 3,1 إلى ناقص 3,1 بنهاية العام 2020م ، (جدول1)،  رغم بقاء مساهمات قطاعات الزراعة (23%)، والصناعة (19%)، والخدمات (58%) كما هي تقريباً في الموازنة الأصلية، ما لا يتماشى مع معدل النمو المتوقع! أما معدل النمو الكلي لإجمالي الناتج المحلي بالأسعار الجارية، أي أسعار السوق، فمن المتوقع أن يتراجع إلى ناقص 7% من 41% بنهاية 2020م، حسب تضريباتنا (جدول1)، ما يؤشر إلى أن تراجع النمو الحقيقي المقدر لعام 2020م، قد يفوق كثيراً تقديرات الموازنة المعدلة إذا طبقنا القاعدة المتعارف عليها أن النمو الحقيقي يساوي النمو الكلي بالأسعار الجارية ناقص التضخم. أما إذا نظرنا إلى وتيرة نمو الكلتلة النقدية (عرض النقود)، فواضح أنها أسرع بكثير من حركة نمو الإقتصاد الكلي، ما يعني أن تقديرات الموازنة المعدلة تتوقع ضمنياً معدل تضخم أعلى مما هو مقدر، ما يعني المزيد من تراجع النمو. لذلك، فالقول بأنه “… من المنتظر أن تكون الأوضاع مواتية للنمو الإقتصادي في الربع الأخير لسنة 2020م…” (الموازنة المعدلة.. صفحة 14)، ليس هناك ما يسنده، علماً بأن معدل نمو الإستثمار العام ظل سالباً خلاص الأربعة أعوام الماضية (الموازنة المعدلة، صفحة 15). هنا تجدر الإشارة إلى أن مؤشر الإقتصاد الكلي، وعلى رأسها النمو، تمثل القاعدة الأساسية لتقديرات الموازنة، وخطأ تقديرها وعدم تناسقها يقلل من مصداقية الموازنة ونوعية أرقامها وأهدافها والسياسات التي تبنى عليها.

على صعيد سعر صرف العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية قابلة التحويل، لم تأتي الموازنة المعدلة بجديد، حيث لم تقدم إجراءات وسياسات مفصلة لكيفية التعامل مع هذا الملف الهام غير فرضية، “حساب المنح والقروض الأجنبية بسعر 120 جنيه للدولار” (الموازنة المعدلة، صفحة 23)، بدلاً من 55 جنيه للدولار لحسابات تقديرات موازنة 2020م! للأسف، هذه الفرضية تمثل تشوهاً آخر لسعر الصرف وإتساع الفجوة بين الأسعار الرسمية وسعر السوق الموازي، لأن الهدف من الإجراء هو زيادة المكون المحلي من المنح والقروض لدعم الإيرادات وليس البدء في معالجة تعدد أ سعار الصرف الرسمية كما سنرى لاحقاً. أما الوصول إلى سعر صرف موحد حقيقي، فيتطلب العمل على تحقيق توازن إقتصادي يعمل على سعر صرف يتماشى مع سعر السوق الموازي لرفع تنافسية الصادر وجذب موارد سوداني المهجر عبر الجهاز المصرفي دون تعقيدات وإجراءات إدارية عقيمة في إطار حزمة شاملة ومتكاملة من الإجراءات والسياسات المالية والإقتصادية على مستوى الإقتصاد الكلي والقطاعي تنفذ بالتزامن. في غياب ذلك، فسيستمر السوق الموازي في السيطرة على أسواق النقد الأجنبي وسعر صرف العملة المحلية.

بخصوص التضخم (غلاء الأسعار)، تتوقع الموازنة المعدلة إرتفاع متوسط معدله الكلي/المركزي، الذي يشمل أسعار الغذاء والوقود، من 29% إلى 65% بنهاية العام المالي (جدول1). رغم ذلك، فمن الواضح أن متوسط المعدل المستهدف بعيد عن الحقائق على الأرض والتوقعات المستقبلية لحركة الأسعار. فبحسب بيانات الجهاز المركزي للإحصاء، فقد بلغ متوسط معدل التضخم في السبعة أشهر الأولى من العام 2020م، 102%، ما يفوق تقدير الموازنة المعدلة بنسبة 57%. أيضاً، من المتوقع أن يظل معدل التضخم المحلي في حالة تصاعد خلال الفترة المتبقية من العام نظراً لإستمرار: (1) آثار وتداعيات وباء الكورونا، (2) البطء في تنشيط القطاعات الحقيقية والصادر، (3) تراجع سعر صرف العملة المحلية، (4) السحب على المكشوف، كما سنرى لاحقاً، من البنك المركزي، و (5) توقع مراجعة الرسوم على الخدمات الحكومية والجمارك والضرائب وأسعار السلع المدعومة لمواجهة موقف الحكومة المالي المتأزم، خاصة بعد إكتشاف وهم زيادة المرتبات والأجور إعتماداً على دعم المانحين. للأسف، كل ذلك يؤشر إلى أن عام 2020م، قد يكون عام غلاء ووباء لم يشهد له السودان مثيلاً منذ إستقلاله (1956م). أما نمو عرض النقود (الكتلة النقدية) المتوقع (76%) في الموازنة المعدلة (جدول1)، فهو تحصيل حاصل في واقع الأمر. ففي ظل توقع إستمرار السياسات المالية التوسعية في جانب الإنفاق غير التنموي وغياب آلية سعر الفائدة للتحكم في الكتلة النقدية، وعدم الإلتزام بقوانين ولوائح البنك المركزي، التي تحكم تمويل البنك للحكومة، فإستعمال آلية عرض النقود لن يكون فعالاً في تحجيم التضخم الجامح وإستعادة الثقة في السياسات النقدية وإستقلالية البنك المركزي. بالتالي، يبقى التعويل على، “الإستمرار في الإنضباط المالي ليعضد السياسة النقدية للتحكم في الكتلة النقدية لضمان إستقرار المستوى العام للأسعار…” (الموازنة المعدلة، صفحة 8)، قليل الفائدة العملية.

بالنسبة لميزان المدفوعات، تتوقع الموازنة المعدلة إنخفاض عجز الميزان التجاري (الفرق بين الصادرات والواردات) إلى 2,9 مليار دولار من 4,1 مليار دولار بحسب تقديرات الموازنة الأصلية نتيجة لتوقع تراجع الصادرات بمقدار 1,2 مليار دولار مقابل 1,7 مليار دولار للواردات (جدول 1). أما بالنسبة للأداء الكلي لميزان المدفوعات، فتتوقع الموازنة المعدلة إستمرار تحسن الفائض 0,3 مليار دولار إلى 0,5 مليار دولار مدفوعاً بإستمرار التحسن المتوقع في الحساب الجاري. رغم ذلك، تبقى هناك مواطن خطر لابد من التحسب لها، حيث من المتوقع إستمرار ضعف الصادرات بسبب عدم القدرة التنافسية نتيجة لسياسات سعر صرف الصادر غير المحفزة، وعدم إعادة علاقات المراسلة مع البنوك الخارجية وتقليص حجم أنشطة التمويل التجاري حتى بعد الرفع الكلي للمقاطعة الإقتصادية الأمريكية، ما يعني تباطؤ التجارة الخارجية وتحويلات سودانيي المهجر والإستثمار الأجنبي المباشر. لذلك، من المتوقع أن يظل أداء الحساب الخارجي ضعيفاً في الفترة القادمة، على عكس تقديرات الموازنة المعدلة.

المالية العامة: تتوقع الموازنة المعدلة تراجع الإيرادات (الإيرادات الذاتية والمنح الخارجية) بنسبة 30%، لتصل إلى 396 مليار جنيه بنهاية 2020م من 563 مليار جنيه المقدرة في الموازنة الأصلية (جدول 2). أما الإيرادات الضريبية المعدلة، التي تمثل 34% من إجمالي الإيرادات، فمتوقع أن تنخفض بنسبة 15%، منها 25% الضرائب على السلع والخدمات و 6% التجارة والمعاملات الدولية (الجمارك). بالنسبة للضرائب على الأرباح والمكاسب الرأسمالية، فقد تم تقديرها بحوالي 14 مليار جنيه، ما يعادل 10% من الإيرادات الضريبية (الموازنة المعدلة، جدول3، صفحة24). هذا يعني أن 90% من إيرادات الضرائب المتوقعة ستأتي من جيوب المستهلكين! فيما يتعلق بالإيرادات غير الضريبية،  فالإنخفاض الكبير في تقديراتها (59%)  يعود إلى التراجع الهائل في تقديرات مساهمة منظومة الصناعات الدفاعية (95%) ورسوم عبور نفط الجنوب (134%)، كما يوضح جدول2 المرفق. رغم ذلك، فلابد من ملاحظة هامة وهي أن تقديرات الإيرادات الكلية كان يمكن أن تكون أقل بمقدار 86 مليار جنيه لو لا الرفع غير المبرر فنياً ومهنياً لدولار حسابات  الموازنة من 55 إلى 120 جنيه للدولار بالنسبة للمنح والقروض بهدف زيادة المكون المحلي لهذين البندين بعد الفشل في الحصول على الدعم الخارجي بالحجم المقدر في الموازنة الأصلية (323 مليار جنيه). هذا يؤشر إلى إستمرار الضغوط على الضرائب على السلع والخدمات، ومبيعات المشتقات النفطية والرسوم الإدارية لتحمل عبء تحقيق الإيرادات الكلية المعدلة إذا لم يتم تكييف الإنفاق على الموارد المالية المتاحة.

على صعيد الإنفاق، أتت الموازنة المعدلة – كسابقتها الأصلية – خالية من إجراءات وسياسات ذات أهداف كمية محددة للسيطرة على توسع الإنفاق العام غير التنموي (الجاري) وإعادة ترتيب أولوياته وأهدافه وتوجيه المزيد من الموارد نحو القطاعات الإنتاجية، ، تتماشى مع القول، “يعد ضبط أوضاع المالية العامة أمراً أساسياً لتحقيق الإستقرار في الإقتصاد .. (ما يتطلب).. تفعيل دور السياسة المالية والنقدية لتثبيت الإقتصاد الكلي وإستعادة النمو..”، (الموازنة المعدلة، صفحة20). للأٍسف، تقديرات الموازنة الإنفاقية المعدلة تؤشر إلى عكس  ذلك. فإذا نظرنا  إلى إجمالي التقديرات الإنفاقية المعدلة (جدول2)، فإننا نجد أن ثلاثة بنود فقط ممثلة في تعويضات العاملين (227 مليار جنيه)، دعم السلع الإستراتيجية (113 مليار جنيه)، وتحويلات الولايات (127 مليار جنيه)، تبتلع 87% من تلك التقديرات، مقارنة مع حوالى 2% (15 مليار جنيه) للتنمية القومية (الموازنة المعدلة، صفحة25 ، وجدول2 المرفق). بالإضافة إلى ذلك، تفترض الموازنة المعدلة زيادة الإنفاق التشغيلي (غير التنموي) بنسبة 9%، مقارنة مع ناقص 74% للصرف التنموي (جدول2). أيضاً، الملاحظ أن تقديرات البنود الثلاثة المذكورة أعلاه تساوي 143% من إجمالي الإيرادات و89% من الصرف الجاري المستهدف. لكن رغم التوسع في حجم الإنفاق الجاري، فقد خلت الموازنة المعدلة من تقديرات كزيادة حجم الحكومة المتوقعة في إطار تنفيذ مخرجات حوار السلام الجاري حالياً، ومتأخرات الحكومة للقطاع الخاص في مجال تنفيذ مشروعات التنمية وشراء السلع والخدمات. بالتالي، فإن إجمالي الإنفاق الجاري قد يفوق كثيراً تقديرات الموازنة المعدلة في نهاية العام 2020م. تضييق الحيز المالي بهذه الشدة، قد لا يدع مجالاً للمناورة لمواجهة أي إلتزامات مالية قد تطرأ خلال العام، كما أنه سيمثل تحدياً حقيقياً لإعداد موازنة العام المالي 2021م، ما يعني أن الطريق ما زال طويلاً لإعادة ترتيب أسبقيات الصرف بتوجيه الإنفاق العام نحو القطاعات المعززة للنمو وتحسين مستوى المعيشة وخلق فرص العمل ومحاربة الفقر.

في جانب الدعم، تتوقع الموازنة المعدلة إنخفاض إجمالي دعم السلع الإستراتيجية من 252 مليار جنيه في الموازنة المجازة إلى 113 مليار جنيه بنهاية 2020م، مع توقع خفض دعم الكهرباء من 17 مليار جنيه إلى 10 مليار جنيه، دعم المحروقات من 201 مليار جنيه إلى 49 مليار جنيه، وزيادة دعم القمح من 34 مليار جنيه إلى 54 مليار جنيه (الموازنة المعدلة، جدول4، صفحة 25). التراجع الكبير (55%) في إجمالي دعم السلع الإستراتيجية يعزي إلى توقع رفع الدعم عن المحروقات بنسبة 75% والكهرباء بنسبة 41%، ما يعني المزيد من الضغوط التضخمية. في مواجهة ذلك، تتوقع الموازنة المعدلة زيادة بند المنافع الإجتماعية بنسبة 60% من 45 مليار جنيه إ لى 114 مليار جنيه.

أيضاً، من الملاحظات البارزة في الموازنة المعدلة التراجع الهائل في تقديرات التنمية القومية من 57 مليار جنيه إلى 15 مليار جنيه (جدول2). من جانب آخر، إذا إعتبرنا تقديرات التحويلات الرأسمالية (التنموية) للولايات، فإننا نجد أن إجمالي تقديرات التنمية القومية والولائية في إجمالي تقديرات الإنفاق، إنخفض من 119 مليار جنيه إلى 103 مليار جنيه في الموازنة المعدلة، بينما إرتفع إجمالي الإنفاق (جاري+تنموي) من 641 مليار جنيه إلى 650 مليار جنيه، ما يعني أن نسبة إجمالي الإنفاق التنموي تراجعت من 19% في الموازنة المجازة إلى 16% بحسب تقديرات الموازنة المعدلة. هذا يدحض هدف الموازنة المعدلة، “تخصيص المزيد من الموارد للتنمية، وذلك بتوجيه المساعدات التنموية مباشرة لقطاع التنمية القومية والولائية” (الموازنة المعدلة، صفحة7)، ويدعو إلى تعزيز الصرف التنموي مستقبلاً بزيادة الإهتمام بالقطاعت الإنتاجية كالزراعة والصناعة، والقطاعات الخدمية كالتعليم والصحة، والبنى التحتية لتقوية البعد الإنتاجي والإجتماعي في الإنفاق العام.

بخصوص العجز الكلي في الموازنة المعدلة (إجمالي الإيرادات العامة والمنح ناقص إجمالي الإنفاق الجاري والتنموي) فمن المتوقع أن يرتفع من 73 مليار جنيه إلى 255 مليار جنيه بنهاية 2020م)، بنسبة زيادة مقدارها 249%. يتوقع تمويل 97% (247 مليار جنيه) من العجز من صافي التمويل الداخلي، منه 81% (200 مليار جنيه) إستدانة من البنك المركزي و15% (37 مليار جنيه) من بيع أصول مصادرة. الإقتراض من البنك المركزي بالحجم المذكور يعني العودة مرة أخرى إلى تسجيل تكلفة الدعم في موازنة البنك المركزي كدين على الحكومة بدلاً من إدراجها في الموازنة العامة. بالتالي، فالإستدانة من البنك المركزي دون سداد تمثل سحباً على المكشوف (طبع نقود دون موارد حقيقية في المقابل). وهذا نهج فاشل درجت عليه الإنقاذ، يؤكد أن التمدد المستمر في الإنفاق غير التنموي هو مصدر أساسي لغلاء الأسعار وتدهور الأوضاع الإنتاجية والمعيشية. أما بيع الأصول العامة لتمويل الصرف التنموي فهو الآخر نهج خاطئ ويمثل سوء توظيف للموارد العامة.

ختاماً: القراءة التحليلية لموازنة 2020م المعدلة، تؤشر إلى خلوها وبعدها عن تجذير المشاكل والحلول لأوضاع المالية العامة، خاصة إعتمادها المفرط على توقع تمويل المنح الخارجية لحوالى 40% من إيراداتها المقدرة. لذلك، فهي – كسابقتها الموازنة المجازة – هشة في تقديراتها، ضعيفة في أسبقياتها، وشبه خالية من منظومة أهداف كمية وسياسات وإجراءات مفصلة يمكن الإعتماد عليها في تقييم أدائها. فتحقيق خفض مقدر في عجزها الهيكلي بهدف كبح جماح الإنفاق غير التنموي، وبالتالي التضخم، سيكون له مردود إيجابي لبناء حيز مالي يسمح بإتخاذ قرارات إنفاق داعم للنمو. في هذا الإطار، يمكن التركيز على الإجراءات الموجهة المتعلقة بالإيرادات – الحد من الإعفاءات الضريبية والجمركية وتعزيز التحصيل الضريبي ووقف التجنيب بشقيه الداخلي والخارجي – إلى جانب إعادة ترتيب أولويات الإنفاق بالإنتقال من الدعم المعمم إلى المساعدات الإجتماعية الموجهة دون اللجوء إلى تنفيذ برنامج الدعم النقدي الشهري المباشر قبل ضمان دعم المانحين الكامل للبرنامج في المدى المتوسط، والإستثمار الداعم للنمو بعد التأكد من السيطرة التامة على التضخم الجامح. ومن شأن زيادة مرونة سعر الصرف ليتماشي مع أسعار السوق الموازي أن تساعد في دعم تنافسية الصادر وجذب تحويلات المغتربين عبر الجهاز المصرفي. كما أن هناك حاجة ماسة أيضاً لإجراء إصلاحات هيكلية في مجالات الأعمال والتجارة وسوق العمل (قانون العمل مثالاً) لتشجيع توسع القطاع الخاص وخلق فرص عمل جديدة. ما دون ذلك، فستكون الموازنة المعدلة مجرد إستجارة من النار بالرمضاء.

مشروع موازنة 2020م المعدلة

جدول1: مؤشرات الإقتصاد الكلي لعامي 2019م/2020م

(مليارات الجنيهات والدولارات أو%)


  • (1) و(2) تضريبات الكاتب.

المصدر: “مشروع موازنة الحكومة القومية للعام المالي 2020م”، صفحات 13، 21، 22، و35، و” مشروع موازنة الحكومة القومية المعدلة للعام المالي 2020م” جدول 2، صفحة، صفحة 5 و5 ووزارة المالية: “تقرير العرض الإقتصادي للعام 2017م ، وتضريبات الكاتب.

مشروع موازنة 2020م المعدلة

جدول2: إجمالي تقديرات موازنة الحكومة القومية للعام المالي 2020م
(مليارات الجنيهات و% التغيير)


  • تشمل فوائض الهيئات والشركات، والرسوم الإدارية وعائدات صادر نفط الجنوب وإيرادات متنوعة.
  • صافي إقتناء الأصول غير المالية.

المصدر: ” مشروع موازنة الحكومة القومية للعام المالي 2020م، صفحات 48، 50، 73، و” مشروع موازنة الحكومة القومية المعدلة للعام المالي 2020م”، صفحات 24 – 26، وتضريبات الكاتب.

د. التجاني الطيب إبراهيم
[email protected]

 

‫6 تعليقات

  1. عنوان المقال لقد هار المقال من اساسه عنان المقال يقول ( موازنة 2020م المعدلة… الإستجارة من النار بالرمضاء!) ان الاستجارة من النار بالرمضاء شيء جيد لان النار اشد وطا من الرمضاء مهما حمى سعيرها ,

    1. يا مهداوي تعليقك اللغوي في محله و يبدو أن د. التيجاني الطيب كان يقصد المستجير من الرمضاء بالنار لأننا في نهاية موازنة 2020 سيكون حالنا صار من سيئ لأسوأ , كما يقول بيت الشعر الذي أصبح مثلا : ( المستجير بعمروٍ عند كربته ….. كالمستجير من الرمضاء بالنار )

  2. منظومة الصناعات الدفاعيه مساهمتها فى الاقتصاد -95 والبرهان يتهم المدنيين بالفشل فى ادارة الاقتصاد مع ان الجيش هو سبب فشل الاقتصاد والسودان منذ 1956, شئ محزن جدا

  3. أتفق مع “قرفان” ويحق له أن يصاب بالقرف .. ومما يجعل العنوان موغلا في الخطأ أن مرجعيته آتية من أشهر بيت شعر صار مضرب المثل المُستجيرُ بعمروٍ عِندَ كَربَتِهِ كالمُستَجيرِ مِن الرَّمضاءِ بالنارِ فالعنوان عكس فكرة الأصل وهي النار أشد ضراوة من الرمضاء !!

  4. يا مهداوي تعليقك اللغوي في محله و يبدو أن د. التيجاني الطيب كان يقصد المستجير من الرمضاء بالنار لأننا في نهاية موازنة 2020 سيكون حالنا صار من سيئ لأسوأ , كما يقول بيت الشعر الذي أصبح مثلا : ( المستجير بعمروٍ عند كربته ….. كالمستجير من الرمضاء بالنار )

  5. أريد أن أعرف ماذا حقق الدكتور كاتب المقال للسودان عندما كان يشغل منصبا في وزارة المالية وعلى ذكر الاستجارة من “النار بالرمضاء” أقول للدكتور الذي لا يعجبه العجب ولا الصيام في رجب “الأيدو في الموية ما زي الإيدو في النار”. أبراهيم البدوي و حمدوك عملوا في نفس المؤسسات الإقليمية و العالمية التي عملت فيها قبلهم، فهل وجدت تلك المؤسسات لاستيعاب الفاشلين من أبناء السودان ؟ أم أنه الحسد و الحقد والغيرة لدى ما يسمى بالنخبة السودانية.؟

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..