أخبار السودان

بعد انسداد الأفق السياسي.. حزب الأمة القومي يطرح خريطة طريق لاستعادة الشرعية

الخرطوم: مآب ميرغني: حافظ كبير

دفع حزب الأمة القومي بخريطة طريق لاستعادة الشرعية واستكمال مهام الفترة الانتقالية، بعد شهرين من انسداد الأفق السياسي، وبعد أن استعصى على الفرقاء السياسيين الوصول لرؤية مشتركة لإنقاذ الفترة الانتقالية من المأزق الذي تمر به منذ ما قبل إجراءات قائد الجيش في 25 أكتوبر التي اعتبرتها القوى السياسية انقلاباً مكتمل الأركان. تأتي الخارطة السياسية كذلك واستقالة رئيس الوزراء ما تزال تخيم على المشهد السياسي ويكتنفها الغموض. وكان رئيس الوزراء قد اشترط لاستمراره في منصبة بضرورة إحداث توافق سياسي بين المكونات السياسية الداعمة للفترة الانتقالية.

 

وأكد رئيس حزب الأمة المكلف اللواء معاش فضل برمة ناصر أن انقلاب ٢٥ من أكتوبر أدخل البلاد في نفق مغلق وأربك المشهد الوطني وزاد من تفاقم الأزمات السياسية والأمنية والاجتماعية والاقتصادية في البلاد وأهدر فرص استعادة علاقات السودان الخارجية إلى وضعها الطبيعي، وقال برمه في المؤتمر الصحفي أمس إن الوطن يمر بمرحلة خطيرة وأنه يجب التكاتف وترك الاختلافات والتشرذم، وأضاف أن المخرج الوحيد الآمن للوطن هو الخروج من الأزمة الحالية.

وجدد الأمين العام لحزب الأمة القومي،الواثق البرير، موقف الحزب الداعم لمطالب الشعب ووقفتهم بصلابة لاسترداد حقوقهم المشروعة، وشدد على ضرورة استمرار الحراك الجماهيري حتى استرداد الحقوق كاملة مع الالتزام بسلمية المظاهرات والعمل على تفويت الفرصة علي من سماهم المتربصين بالبلاد، منوها إلى خطورة استمرار الأحداث الأمنية في دارفور والمقينص مطالبا التعامل معها بجدية لازمة.

 

وفي جانب آخر، قال رئيس المكتب السياسي لحزب الأمة القومي، محمد المهدي حسن، إن الخريطة أوجدتها الظروف التي تمر بها البلاد، لاسيما التعقيد الذي ألقى بظلاله على الوضع برمته، وهو الانقلاب الذي وصفه بـ المشؤوم والذي اطاح بالشرعية كما يقول، وأضاف المهدي إن الانقلاب أدخل البلاد في نفق مظلم، وأنه يتطلب التحرك والبحث عن مخرج يتمثل في طرح خارطة طريق تحتوى على 26 محور، يغطي كل القضايا، وكذلك صفقة جديدة لإصلاح الحرية والتغيير.

وقدم حزب الأمة القومي مقترحة لخريطة طريق لاستعادة واستكمال المرحلة الانتقالية التي يقول بأنها جاءت نتاجا لتجربة الفترة ما بين أغسطس 2019 وأكتوبر 2021، والتي يرى أنها حققت انجازات وأظهرت عيوباً تستوجب المعالجة، وأوضح الحزب أن خارطة الطريق التي تم طرحها عبارة عن خلاصة لعدة معطيات، وتحتوي الخريطة على 26 محوراً، وتستند على عدد من البنود، على رأسها “الشرعية”، والتي يقول الحزب بأنها لابد أن تقوم على التفويض الشعبي بالانتخابات أو الشرعية الثورية، وكذلك عملية “إصلاح واستكمال مؤسسات الانتقال” منها ” المجلس التشريعي”. وطالب الأمة بالاعتراف بأهميته بأعتبار أنه المؤسسة المفقودة والتي جعلت البلاد مرتبكة بهذه الصورة، مع ضرورة الإسراع في تكوينه بالتراضي بين شركاء الوثيقة الدستورية، إضافة إلى ذلك؛ عمليات إصلاح الحكم الإقليمي مع مراجعة عيوب قانون الحكم اللامركزي والعلاقات بين أجهزته لسنة 2020، ليصبح أكثر ديمقراطية ويحقق لا مركزية حقيقية تعمل بكفاءة وقدرة عالية، وطالب الحزب بالإجراء الفورى لانتخابات محلية بغرض تفكيك التمكين في المحليات، مع إصدار تشريع بإنشاء مجلس للمفوضيات يمثل فيه كافة الشركاء، ومجلسي السيادة والوزراء مع الأجهزة العدلية، والإصلاح القانوني الذي يعمل على إزالة العقبات أمام استكمال إنشاء وتعيين مجلس القضاء العالي والمحكمة الدستورية وإصلاح الأجهزة القضائية وإجراء الإصلاح القانوني.

 

وتضم الخريطة أيضا محور “العلاقات الخارجية” لتلافي الآثار السالبة للإنقلاب في المجال الدولي، مع الالتزام بعدم الارتهان للمحاور، وبناء علاقات استراتيجية قوية مع الدول المحبة للديمقراطية، و الالتزام بالمواطنة المتساوية في تعيينات الخدمة الدبلوماسية، والإقلاع عن بث القضايا الخلافية كالتطبيع مع إسرائيل والعمل على احتواء الصراعات في الإقليم، وعلاوة على ذلك، تطرح الخريطة محور “السلام” والتأمين على إنجازات سلام جوبا 2020، مع الوضع الأمني المتفجر في جهات عديدة وخاصة دارفور، وطالبت الخريطة أن يعقد “المؤتمر القومي للسلام” والذي يشمل كافة قوى الكفاح المسلح، مع الاهتمام بتدابير حماية المدنيين ونزح السلاح، والدمج والتسريح.

 

كما شملت الخريطة ” العدالة الانتقالية” وأكدت على الإسراع في وضع خطة مدروسة للعدالة الانتقالية، ينظمها قانون ينشئ المفوضية المختصة، يضمن عدم الافلات من العقاب، وإنصاف الضحايا، مع المصادقة على نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، وتسليم مطلوبي النظام البائد لها.

في محور “الاقتصاد” ترى الخريطة أنه يجب أن يتبع سياسة السوق الحر الاجتماعي، وقفل أبواب الفساد والتجنيب، وتأهيل البنيات الإنتاجية، وإصلاح قطاع الصادر والوارد، والعمل على تحسين الحالة المعيشية ومكافحة الفقر، وإصلاح الخدمة المدنية، وهيكلتها وإصلاحها عبر مفوضية إصلاح الخدمة المدنية، مع تفكيك التمكين، وإنصاف المفصولين تعسفياً، ومحاربة الفساد واسترداد الأموال المنهوبة وإزالة التمكين الذي يرى الحزب بأنه الاستحقاق الدستوري المطلوب، وترى الخريطة ضرورة وضع تدابير أمنية عاجلة لكبح السيولة الأمنية.

وتضمنت خارطة الطريق إجراء الانتخابات العامة الحرة في موعد لا يتجاوز يوليو 2023، بجانب إعادة مجلس الشركاء الذي يجب مراجعة لوائحه وتطويره لتحقيق هدفه في التنسيق بين مكونات الحكومة الانتقالية. إضافة إلى ذلك ترى ضرورة عقد المؤتمر القومي الدستورى قبل نهاية الفترة الانتقالية، على أن تسبقه مؤتمرات تخصصية في المجالات المختلفة تقدم توصياتها له.

وجدد الأمين العام لحزب الأمة الواثق البرير، تأكيدهم على اعلانهم سابقاً، بأن ماحدث في ٢٥ أكتوبر انقلاب مكتمل الأركان، وأن ما تلاه من إجراءات يمثل امتدادا له، وأدان البرير الانتهاكات المستمرة للسلطة الانقلابية ضد المتظاهرين السلميين، لا سيما الانتهاكات التي وقعت للنساء عقب موكب ١٩ ديسمبر، وحملة الاعتقالات الممنهجة وقطع الانترنت والاتصالات، منددا بإعادة سلطة الاعتقال ومنح الحصانة لجهاز الأمن والمخابرات، الأمر الذي اعتبره مخالفة دستورية واضحة و تهديدا لمسيرة الانتقال والتحول الديمقراطي، ونوه البرير إلى خطورة استمرار الأحداث الامنية في دارفور والمقينص، مؤكدا في الوقت ذاته على موقف الحزب الداعم لمطالب الشعب ووقفتهم بصلابة لاسترداد حقوقهم المشروعة.

ودعا البرير كل القوى السياسية والمدينة ومنظمات المجتمع المدني ولجان المقاومة للعمل بتجرد ونكران ذات، بعيدا عن الأطر الضيقة والمصالح الشخصية، من أجل خلاص الوطن.

وأكد رئيس حزب الأمة المكلف فضل الله برمة ناصر أن انقلاب ٢٥ من أكتوبر ادخل البلاد في نفق مغلق واربك المشهد الوطني وزاد من تفاقم الأزمات السياسية والأمنية والاجتماعية والاقتصادية في البلاد وأهدر فرص استعادة علاقات السودان الخارجية إلى وضعها الطبيعي، وأن الانتفاضة عليه لم تفلح في إيجاد مخرج آمن من تداعيات الانقلاب، بل تصاعدت تعقيدات المشهد الوطني باحتدام جذوة الحراك الثوري، وارتفاع وتيرة الغضب الشعبي المتزايد، نتيجة لانتهاكات المنظومة الأمنية واستخدامها لأدوات القمع والقوة المفرطة ضد الثوار، وأشار إلى أن نتيجة تطورات الأحداث هي الافتقاد الى الشرعية وانعدام الفرصة التاريخية لاستكمال مهام الفترة الانتقالية.

 

وأوضح برمه أنهم إزاء هذا الوضع المهدد لاستقرار ووحدة البلاد، وكذلك من واقع مسؤولياتهم الوطنية والتاريخية وانطلاقاً من مبادئهم القائمة على الحرية والديمقراطية، خاطبوا كافة مكونات المجتمع السوداني بأن السبيل إلى مستقبل الوطن، هو تجاوز هذه الاوضاع، بالتنادي والتفاهم والتراضي عبر الإجماع قدر المستطاع، والاجابة عن كيفية انجاز مهام الفترة الانتقالية، عطفا على إعداد خريطة طريق لاستعادة الشرعية عبر مائدة مستديرة عاجلة، تتم الدعوة فيها لكافة القوى السياسية، ومن ثم الدعوة لقيام مؤتمر تأسيسي لإنجاز التوافق الشامل حول استعادة الشرعية، ونوه برمة إلى أن الوطن يمر بمرحلة خطرة، وأنه يجب التكاتف وترك الاختلافات والتشرذم، مؤكداً أن المخرج الوحيد الآمن للوطن هو الخروج من الأزمة الحالية.

 

وقدم محمد المهدي شرحاً لآليات استئناف الشرعية ضمن الخارطة، والتي تتمثل في اعتماد مبدأ الحوار، والذي يشمل كل أطراف الانتقال لاستئناف الشرعية المتواثق عليها دستورياً، بالإضافة إلى عمل ميثاق شرف ملزم يوقع عليه جميع شركاء الانتقال، فضلاً عن إعادة بناء جبهة الحرية والتغيير وتطويرها إلى ميثاق، علاوة على عقد مؤتمر تأسيسي يضم كافة الشركاء لإجازة خطة استئناف الشرعية واستكمال المرحلة الانتقالية، مع تكوين لجنة قانونية متوافق عليها، إضافة إلى مخاطبة الرأى العام الإقليمي والدولي لدعم العودة الشرعية، والاتفاق على مصفوفة لتنفيذ مهام الانتقالية مع تكوين آلية للتقييم.

 

وكانت قوى الحرية والتغيير قد اعتمدت ما سمته رؤية سياسية لهزيمة الانقلاب وتحقيق سلطة مدنية كاملة تقود الانتقال وعلاقة صحية بين الشعب ومؤسساته النظامية، ويتلخص الموقف السياسي لقوى الحرية والتغيير في هزيمة إنقلاب 25 أكتوبر واستعادة الانتقال المدني الديمقراطي بقيادة سلطة مدنية حقيقية مسنودة بالجماهير في عدد من النقاط منها، تصفية ركائز تمكين نظام الثلاثين من يونيو بصورة تركز على مفاصله الرئيسية، والشروع في تنفيذ الترتيبات الأمنية وتوحيد الجيوش المتعددة تحت القوات المسلحة مع إجراء إصلاحات تضمن مهنيتها وقوميتها وكفاءتها وتنفيذ اتفاق سلام جوبا واستكمال عملية السلام بالأخص مع الحركة الشعبية لتحرير السودان قيادة الحلو وحركة تحرير السودان قيادة عبد الواحد، وكذلك تعزيز سياسات الإصلاح الاقتصادي والسير في برنامج الغاء الديون وتمتين الشراكات الدولية، وسن سياسات اقتصادية ذات محتوى اجتماعي ينحاز للفقراء والمهمشين ويرفع عنهم ضائقة المعيشة وضنكها، والشروع في عملية دستورية شاملة تتوج بالمؤتمر القومي الدستوري الذي يضع أسس الدستور الدائم للبلاد.

 

وترى الرؤية السياسية ضرورة مواصلة الانفتاح الخارجي وفق سياسة وطنية متوازنة، وإطلاق عملية شاملة للعدالة الانتقالية تكشف الجرائم وتنصف الضحايا وتضمن عدم تكرارها مرة أخرى، وتكوين مفوضية مستقلة للعدالة الانتقالية تقود هذه العملية، وإجراء إصلاحات عاجلة في جهازي الأمن والشرطة تحت اشراف كامل للسلطة المدنية، واصلاح الأجهزة العدلية والقضائية، والوصول لميثاق شامل يحكم العلاقة بين المدنيين والمؤسسة العسكرية خلال الانتقال وما بعده، بالإضافة إلى محاربة الفساد وتكوين مفوضية مختصة بهذه المهمة وولاية المالية على المال العام وسيطرة الدولة على الاقتصاد وموارد البلاد الرئيسية خصوصاً الذهب.

وتتضمن رؤية الحرية والتغيير الإصلاح المؤسسي وإصلاح الخدمة المدنية وضمان قوميتها ورفع كفاءتها وتحديثها وتطوير نظمها ولوائحها، وإقامة انتخابات حرة ونزيهة ومراقبة دولياً في أقرب فرصة متاحة عند نهاية المرحلة الانتقالية باكمال مهامها الرئيسية اللازمة لضمان نزاهة وشفافية العملية الانتقالية.

الجريدة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..