مقالات وآراء

مؤتمر قحت الصحفي وتعاليم خاليوت بن بعانخي

محمود سراج 
 
في مشهد يكشف عن ازمة قوي الحرية والتغيير أطل علينا بالامس قادتها عبر مؤتمر صحفي  يعيدون ويكررون في كلام مستهلك ، لإثبات انهم لا يزالون احياء ، خوف ان تٌجري مراسم تكفينهم دون الجزم بالوفاة.
كان المشهد ينم عن ازمة يعيشها التنظيم ، فحزب الامة اكبر مكونات الحرية والتغيير يعيش صراع داخلي حيال الموقف من الإنقلاب ، فبينما يحاول صديق الصادق لعب دور اكبر من قدراته وامكانياته، لا يزال من هم في سدة الحزب يراهنون علي العسكر وإتفاق البرهان حمدوك ، الذي كان برمة والبرير ضمن تشكيلة المطبخ الذي اشرف علي تقديم الإتفاق علي دماء الشهداء ، وبلا شك ان برمة ناصر يستمد قوته من عبدالرحمن الصادق ، وانزوت مريم حتي إنجلاء العاصفة ، وتركوا جميعا الصديق  يواجه المصاعب ويحاول ان يبرر ما يحدث داخل الحزب العتيق باختلاف الرؤي ، ولكن الصديق تفضحه قدراته وربما زهده وانه اتي للمشهد مكرها لا بطل ، فاصبح يتحدث عن تعاليم خاليوت بن بعانخي التي كتبها في الكنائس بستمئة عام قبل ميلاد المسيح، مما ينم عن جهل بتاريخ البلاد والاديان ، كان الامر يدعو للشفقة والرثاء ، فالابن لم يرث عن الإمام حتي ثقافته و طلاقة لسانه وسعة إطلاعه ، لقد زٌج به في أتون السياسة وهو غريب عن دهاليزها والحصيلة جهل فاضح وارتباك مخجل.
بينما علي الجانب الآخر يغرد ياسر عرمان بعيدا ولوحده ، فزملائه في التنظيم يستمتعون بكراسي السلطة كأن شيئا لم يحدث ، وكان امره مضحكا وهو يسبق الصحفيين بان هنالك اسئلة تدور في اذهانهم بتكرر ساذهب الي السجن حبيسا وتذهب للقصر رئيسا ، نافيا مثل هذه المواقف ، وان الحركة تشارك في السلطة وفق إتفاق السلام ، متناسيا ان كل ما تم من سلام بٌني علي الوثيقة الدستورية ، ياسر يعلم ان الحركات المسلحة ومنذ ان اسقط الشارع نظام البشير كان هدفها السلطة فقط وانها لن تفرط فيها بعد ان جلست عليها علي دماء الشهداء العزل ، وهي التي ادعت اسقاط النظام بالكفاح المسلح وفشلت في مساعيها ، وعندما انطلقت الشوارع لاسقاط النظام كان قادة الحركات وفي مقدمتهم عرمان يجتمعون في فنادق اديس مع وفد  نظام البشير للإتفاق حول صيغة للمشاركة في الحكم بعد ان فقدوا كل جيوشهم في جبهات القتال واصبح بعض تلك الحركات ترتزق وهي تحارب في دول أخري.
ما لم يفصح عنه عرمان ان قادة الحركات يعتبرونه من سقط المتاع ، وان مرحلته قد تجاوزتها الجبهة الثورية ، وان حركته الشعبية قد تنفست الصعداء ، ومسألة اخراجه من المكون سواء الحركة الشعبيةاو الجبهة الثورية حدثت فعليا وستكشف عنها الأيام .
لا يزال خالد سلك اسير تناقضاته الغريبة وهو يقول ان للإنتخابات استحقاقات لن يقوم بها العسكر ، وانها استحقاقات مدنية ، متناسيا مؤتمر حزبه الشهير عن المشاركة والممانعة ، وتبريره الفطير لتيار المشاركة الذي كان يقوده مما يدل علي قصر نظره السياسي وامتلاءه بالشئ وضده.
قادتنا تناقضات سلك الي الوقوع في براثن المحاصصات ، فقبل ان تزال اصداء كلماته في ساحة القيادة عن التزامهم الكامل بعدم المشاركة في سلطات الفترة الإنتقالية ، عادوا وتكالبوا علي المناصب دون خجل او وجل وتناغموا مع العسكر حتي ظهرت نواياهم في رفض تسليم السيادي للمدنيين.
غابت عن المشهد بقية مكونات قوي الحرية والتغيير مثل التجمع الاتحادي والبعثيين والمجتمع المدني ، ويبدو ان المؤتمر السوداني هو الاكثر حرصا علي بث الروح في التنظيم ، وتكذيب آذان قادته للصراخ والعويل حولهم ، بان تنظيم قوي الحرية والتغيير قد مات.
مات يوم ان تناسيتم دماء الشهداء ووضعتم اياديكم في ايادي القتلة دون ان يرمش لكم جفن و ذرفتم دموع التماسيح في فندق كورنثيا.
مات يوم ان هرولتم لاقتسام الغنائم وتبوأتم كراسي السلطة وامتطيتم الفارهات ، بينما كان اسر الشهداء والجرحي يتجرعون كأس المهانة والذل .
مات يوم فرطتم حتي في مكتسبات الوثيقة العرجاء وتركتم حبل المقود للعسكر ، واصبح حميدتي هو نصيركم وهو من يحدد من مع الحق ومن مع الباطل قائلا : الصفوف اتمايزت ، وابراهيم الشيخ من الناس الكويسين والواقفين معانا ، واٌكلتم يوم اٌكل التور الابيض .
عودوا الي رشدكم وانتقدوا تجربتكم الفاشلة بتجرد ، واعتذروا للضحايا وللشارع السوداني، اعتذارا دون تبرير ، فحديثكم بالامس عن تشكيل لجنة لتقييم التجربة تذكرنا بلجانكم الكثيرة التي اوردتنا موارد الهلاك وفي مقدمتهم لجنة نبيل اديب.
اعتذروا دون ابطاء او تأخير ومن ثم ضعوا اياديكم مع لجان المقاومة والمهنيين والشيوعيين ، وتناسوا قوي الحرية والتغيير وابتدعوا نموذجا آخر ، فالشارع قد تخطي محطة قحت عندما كنتم سكاري بنشوة السلطة.

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..