محمد ضياء الدين: نرفض البدائل “الزائفة” المطروحة… وخلاص الشعب بيد الشعب نفسه

الخرطوم – الزين عثمان،
** الثانية عشرة منتصف النهار، على بعد خطوات قليلة من مستشفى التجاني الماحي.. جل الأمراض النفسية في هذه البلاد مصدرها السياسة، لكن العقلانية عند العروبي في قلب أم درمان هي أن ينتفض الشعب وينفض عنه أوجاع ربع قرن من الزمان، لا نهوض سوداني يرتجى ما لم تغادر الجبهة سفينة إدارة البلاد؛ لا حوار ولا تسوية ولا مساومة.. ثلاثية البعث التي لن يجد لسان نطقه غيرها، وإن حاول كابتن منتخب السودان لكرة السلة في ثمانينيات القرن الماضي، أن يرسم أطروحة رفاقه العروبية على الكرة، ويطلق ثلاثياته مهاجما سياسات المؤتمر الوطني ومعترفا بعجز المعارضة، لكن يقول إنه ليس ذلك العجز الذي تقول به بعض الجهات في سعيها لدق إسفين بين الشعب والقوى الحزبية، يقول كذلك، الرجل، وهو يجلس في منزله بالعباسية، باقتراب تحقيق الانتفاضة الشعبية، ولا يخفي أنهم كبعثيين سيستغلون الشعب لتحقيق الأهداف المشتركة، ويضيف بأن تحقيق المشروع العروبي مؤجل الآن لصالح تحالف الحد الأدنى، لكن محمد يظل مؤقنا بإضاءة الشوارع السودانية بالحلم العربي، حين يؤكد على تطبيق حزبه المشروع العربي إن اختارته الصناديق، “لو جابتنا الانتخابات حنطبق مشروعنا فيكم”. بالنسبة للناطق الرسمي لحزب البعث المستقيل من موقعه كناطق بلسان قوى الإجماع عقب نداء السودان، فإن الحوار مع الوطني مرفوض والتسوية الدولية لا تعنيهم من بعيد أو قريب، والمبعوث أمبيكي لا يعدو سوى كونه سمسارا أفريقيا لتحقيق التطلعات الأمريكية، وهو مثل الآخرين يؤكد على المواقف العظيمة التي قام بها فاروق أبوعيسى، وأن قرار تنحيه لا يمكن التعليق عليه قبل اجتماع هيئة الرؤساء. الجد محمد ضياء الدين، وهو يلج عامه السابع والخمسين، يبشر السودانيين بمستقبل مشرق في حال غادرهم ظلام الرأسمالية الإسلامية، ولا ينسى بالطبع أن ينفي عن حزبه تهمة معارضة المعارضة، ويقول إنهم يقيسون مواقفهم بمسطرة ما يطلبه الشعب السوداني، وهو ما يحركهم في الأوقات كافة، يكشف ضياء الدين رفضه المشاركة في مجلس نادي الهلال مكتفيا بسكرتارية اتحاد السلة السوداني، يبرر رفضه بخوفه من أقلام الإعلام الرياضي. نهاية الأمر فإن الناطق الرسمي باسم حزب البعث العربي الاشتراكي، يواصل معركة حزبه ضد النظام الحاكم وهذه المرة بعيدا عن جدران الشوارع، وعلى حائط اليوم التالي.
* أين يقف حزب البعث من المعادلة السياسية الآن؟
– نحن نقف في المحطة التي أعلنا الوقوف فيها منذ تولي الجبهة الإسلامية للسلطة في العام 1989، وطالبنا القوى المدنية بضرورة العمل على إسقاطها وتفعيل ميثاق الدفاع عن الديمقراطية الموقع بينها، نحن كبعثيين ليس من خيار أمامنا لنطرحه غير خيار إسقاط النظام عبر الانتفاضة الشعبية.
* يعني ذلك أنكم تراهنون فقط على الانتفاضة دون البدائل الأخرى؟
– ليس هناك أي بديل يمكن أن يؤتي ثماره في تحقيق تطلعات الشعب السوداني في ظل هذا النظام الذي يمثل أكبر عقبة في تحقيق أهدافه، وإذا أردنا أن نعيش حياة كريمة شأننا شأن بقية الشعوب، لابد أن يسقط النظام وأن تقوم على أنقاضه سلطة وطنية تعبر عن الإرادة الجامعة لأهل السودان، وبتوافقات تم التوصل إليها.
* لكن ثمة من يقول إن ثمة تحولات يمكن أن تنتج تغييراً دون انتفاضة؟
– ببساطة نحن في حزب البعث العربي الاشتراكي نرفض البدائل (الزائفة) المطروحة الآن من قبل القوى المتعددة في المشهد السياسي السوداني، ونرفض الاستمرار في معادلة سيطرة الأقلية الرأسمالية العقائدية على مصير الشعب السوداني.
* ماذا تعني بالبديل الزائف؟
– أي بديل لا يستجيب لتطلعات الشعب السوداني في الخلاص هو بديل زائف، أي بديل يعمل على المحافظة على المؤتمر الوطني ويتجاوز الحق في المحاسبة ويسعى لاستبدال النظام بنظام آخر يحرف القضايا عن مجراها الموضوعي، نحن نرفض استبدال الشيطان بإبليس.
* إن كان الشيطان عند البعثيين هو الحزب الحاكم فمن هو إبليس؟
– إبليس هو المجتمع الدولي وإستراتيجياته التي يحاول تطبيقها على الحالة السودانية لتحقيق تطلعاته ومصالحه التي تناقض ما يطلبه السودانيون حقيقة، وهو أمر يمكن أن تضيف إليه بالتالي معاونيه من الداخل والخارج، في هذه الحالة فإن البعث لا يفرق بين الوطني والساعين للحاق بركبه أو وسطاء المجتمع الدولي. نحن نرفض أي تسوية مستوردة لمعالجة مشاكل السودان.
* لكن المبعوث ثابو امبيكي يبذل مجهودا من أجل إحلال السلام والاستقرار في السودان؟
– امبيكي لا يعدو سوى كونه سمسارا دوليا تحت قبعة أفريقية، وإن ما يمكن أن يقدمه لن يخرج عن الرؤية الدولية العامة التي لا تريد خيراً للسودان، الجميع يحاول الاسترزاق من القضايا السودانية، وهو الأمر الذي يؤكد على فرضية أن المعالجات الدولية يمكن أن تضع نهاية لمشكلات السودان. التاريخ السياسي للمعالجات يؤكد على صحة ما نقوله كبعثيين.
* لكنكم ما تزالون جزءا من تحالف الإجماع الوطني الذي لا يرفض التسوية الدولية.. تبدون في حزب البعث وكأنكم تستمتعون بأداء دور معارضة المعارضة؟
– الأمر لا يبدو مثلما يحاول البعض توصيفه، كل ما في الأمر أننا نمتلك فكرة نحلل من خلالها الوقائع عكس الآخرين، هذه الفكرة هي التي تحدد مساراتنا السياسية، ولسنا في موقف الباحث عن رضا الآخرين بقدر سعينا لأن تتواءم مواقفنا السياسية مع ما يطلبه شعبنا ومستعدون للمضي في هذا الطريق حتى نهاياته.
* لكن معارضتكم للمعارضة هي ما قاد لهذه النتيجة؟
– إن كنت تقصد موقفنا من نيفاشا فالظروف الآنية تخبر عن صحة موقفنا آنذاك وفي ما يتعلق بمغادرة التجمع الوطني فقد كانت بسبب نقله لنشاطه السياسي للخارج ورهن مواقفه لقوى غير سودانية، وبعد كل المماحكات انتهى الأمر بعودة التجمع الوطني مشاركاً في السلطة بعد اتفاقية القاهرة، لذلك فإننا نتمسك بحق الإضراب السياسي والانتفاضة كسبيل لتحقيق غايات السودانيين.
* تنادون بالانتفاضة وتمارسون الفشل لربع قرن؟
– وهل نجح العمل العسكري في خلق تحول؟ وهل نجحت التسويات الدولية في تحقيق تطلعات الشعب السوداني؟ إذا كانت الإجابة نعم فإننا سنستمر في طريقنا ونحن نستمع لذات اللغة التي كنا نستمع لها في نهاية الحقبة المايوية.
* وهل يطلب الشعب السوداني مشروعا عروبيا في هذا التوقيت؟
– ومن قال إننا نسعى في الوقت الحالي لتطبيق مشروعنا العروبي؟ المشروع مؤجل لحين تحقيق تطلعات السودانيين في القضاء على النظام الحالي وحتى مشروعنا العربي فنحن لسنا متنازلين عنه في كل الظروف ولكن سنقوم بتطبيقة في حال اختارنا الشعب من خلال صناديق الاقتراع عندها لا يمكن لكائن أن يعترض عليه، طالما أن الشعب هو الذي اختارنا. العروبة مشروع إستراتيجي نحن الآن نسعى لتحقيق مشروع حد أدنى لو جابنا الشعب السوداني حنطبق فيكم مشروعنا العروبي.
* ماذا عن استقالة رئيس هيئة الإجماع الوطني؟
– الأستاذ فاروق سبق له التقدم باستقالته في وقت سابق وتراجع عنها بعد المشاورات.. استقالته الأخيرة تم إبلاغنا بها في اجتماع مشترك للهيئة العامة لرؤساء الأحزاب عن طريق الأستاذ ساطع الحاج.. حتى الآن لم نطلع على الاستقالة كتابة ولا عن طريق الأستاذ بشكل مباشر.. سوف تتم مناقشته في اجتماع رؤساء الأحزاب واتخاذ الأمر بشأنها.
* ألا يمثل غياب أبوعيسى في هذه الظروف خسارة فادحة لقوى الإجماع؟
– لا أحد يمكنه تجاوز رمزية وتأثير الأستاذ فاروق على مستوى العمل المعارض فقد لعب دورا كبيرا رغم عامل السن والمرض، وتصدى للمسؤولية بكل تجرد ونكران ذات واستطاع أن يعبر بالإجماع والمعارضة في ظل ظروف أمنية وسياسية بالغة التعقيد.
* ألا يفتح غيابه باب مشكلات إعادة الهيكلة من جديد؟ وبالتحديد من هو خليفة أبوعيسى في الهيئة؟
– ده سؤال سابق لأوانه ولا يمكن الفصل فيه إلا بعد حسم مسألة ابتعاد أستاذ فاروق وعندها لكل حدث حديث ولا يمكن التعليق على ما يمكن أن يحدث الآن.
* لأي مدى يمكن أن يؤثر غياب فاروق أبوعيسى على حراك قوى الإجماع الوطني؟
– يمكن الحديث عن أن هناك عدة مشكلات تتعلق بالحراك في قوى الإجماع الوطني لكنها مشكلات تم التغلب عليها أو يسعى الجميع من أجل هذا الهدف لتحقيق غاية الشعب السوداني في الخلاص.
* مثلت قضية إعادة الهيكلة واحدة من القضايا الرئيسة في خلافات قوى الإجماع؟
– نعم لحد كبير كان هذا الأمر صحيحا، كانت قضية إعادة الهيكلة واحدة من القضايا الحاضرة باعتبار أن الجميع كان يبحث له عن دور مؤثر في التحول السياسي وهو ما أدى لبروز هذا النوع من النزاعات لكن تأثيرها بدا قليلا مقارنة بعظم الاختلافات الأيديولوجية بين مكونات التحالف.
* تحالف الإجماع لا يرفض مبدأ الحوار مع النظام وهو عكس موقف البعث ما الذي يجعلكم متمسكين بالبقاء فيه؟
– لسنا أوصياء على مواقف الأحزاب الأخرين.. لكل حزب موقفه الخاص وبيننا تحالف حد أدنى في قوى الإجماع الوطني، ومن قال إن الإجماع يوافق على الحوار المطروح وفقا لرؤى المؤتمر الوطني؟ وثيقة البديل الديمقراطي المتفق حولها لا تقول بمحاورة الحزب الحاكم وإنما تؤكد على أن العملية إن وافق عليها الوطني ستكون عملية تسليم وتسلم.
* وهل سيسلمكم الوطني؟
– لن يفعل ذلك هذا مؤكد ومن المنطق بالضرورة، ولن ننتظر أن يسلمنا إياها الوطني، وما نفعله الآن هو عملية تسريع لخطوات الانتفاضة الشعبية باعتبارها طريق الخلاص الوطني.
* ألا تتفق معي أن مشكلة البلاد في حكومتها ولكن مشكلتها في معارضتها أكبر؟
– لن نقول إن المعارضة بلا مشكلات ولا أزمات لكن ليس بالحجم الذي يتم تصويره الآن من بعض الجهات التي تحاول دق إسفين بين الشعب والقوى السياسية وتوصيفها بأنها أضعف ما تكون وأقل مما يمكن الاعتماد عليه.
* لكن المعارضة هي من دقت هذا الإسفين في سبتمبر حين تركت الشباب في الشارع؟
– هذا وصف غير دقيق، سبتمبر نفسها كانت صنيعة القوى السياسية، من كانوا يقودون حراك الشباب في الشارع هم في الأصل أعضاء التيارات السياسية المختلفة، شباب الأحزاب هم من كانوا في الشارع وهم من سيعودون إليه في وقت لاحق، لكن المجموعات التي تحاول التقليل من الأنشطة الحزبية هي التي سعت لدق الإسفين بين القوى السياسية والشارع الذي سنظل جزءا منه وسنعمل على تحقيق تطلعاته.
* لكن الفشل في استغلال حراك سبتمبر هو ذاته الذي يؤكد على عدم الجدية في تبني أطروحة الانتفاضة الشعبية؟
– العكس هو الصحيح؛ ما حدث في سبتمبر يؤكد على أن الخيار الصحيح هو خيار الشارع والانتفاضة وأن ما دونه يعني التعويل على السراب وعلى أهداف لن تأتي، خلاص الشعب بيد الشعب نفسه.
* يعني هذا أنكم تنتظرون الشعب ليتحرك ومن ثم تستغلونه في تحقيق أهدافكم؟
– نعم نحن كبعثيين لا نخجل في استغلال الشعب السوداني لتحقيق الأهداف المشتركة، وظيفة الأحزاب السياسية هي تعبئة الشعب لتحقيق الأهداف وهو أمر لا غبار عليه، ونحن الآن نمضي في اتجاه تحقيقه بخطى حثيثة.
* هل تمتلكون قدرة قيادة الشارع الآن؟
– نعم نمتلك ذلك وهو الشعب السوداني نفسه الذي يرفض مجمل السياسات المطبقة الآن ويشكل تيارات اعتراضه على كل السياسات التي تعمل على إفقاره بالمستويات كافة.
* ضياء الدين له أنشطة أخرى بعيدة عن السياسة؟
– نعم أنا مارست لعبة كرة السلة في نادي الهلال بل وصلت لقيادة منتخب السودان لكرة السلة في ثمانينيات القرن الماضي.
* على ذكر لعبة السلة السياسات الحزبية الخاطئة حرمت المنتخب من نجومه الجنوبيين؟
– لا أحد ينكر التأثير الذي لعبه انفصال الجنوب على مستويات متعددة لكن على مستوى السلة لم يكن لاعبو الجنوب يملكون مهارات عالية وإن كانت أحجامهم تساعدهم في القيام بأدوار مميزة في اللعبة.
* لماذا لم يختر ضياء العمل في إدارة نادي الهلال؟
– في أوقات سابقة اتصل بي صلاح إدريس عدة مرات للمشاركة في مجلس إدارة نادي الهلال ولكني رفضت ذلك.
* لماذا؟
– (أجاب ضاحكاً): خوفا من الصحفيين الرياضيين، وربما هروباً من السيطرة الإدارية للرأسمالية
اليوم التالي
ولكن سنقوم بتطبيقة في حال اختارنا الشعب من خلال صناديق الاقتراع
بلد90% من سكانه لا يؤمنون بأنهم عرب بل يعادي البعض منهم هذه المقولة تريده ينتخب حزب ينادي بالقومية العربية ليل نهاز وأين انتخب هذا الحزب من قبل في بلاد العروبة التي أنتجته هل انتخب في العراق أم في سوريا وفي السودان لم ينل شرف الفوز بمقعد واحد في انتخابات حرة ونزيه التي أجريت خلال عهود الديمقراطية وليست أنتخابات الخج…
يا أخي احترموا عقول الشعب حتى يحترمكم