مقالات وآراء

الكيزان فوضوا البرهان

المسيرة التي انطلقت اليوم الخميس بأعداد متواضعة قياسا بالمسيرات المؤيدة والمضادة التي انطلقت تباعا بعد الثورة ، لم يختلف اثنان على انطلاقها من عرين الكيزان ، وقد دللت على ذلك دعواتهم المكثفة من خلال مختلف مواقعهم الالكترونية ، والكيزان كغيرهم من قطاعات الشعب السوداني ، لهم الحق في الانتفاع بكامل الشعارات التي اطلقتها الثورة من حرية في التعبير ، وسلام عدم التّعرض لمسيراتهم أو منعها من جانب الثوار ، وعدالة محاكماتهم بمحاكم مدنية تحتكم للقانون ، فهم في نهاية المطاف مواطنون يملكون كافة حقوق المواطنة وتقع عليهم كامل واجباتها ، ومحاسبة من أخطأ منهم ستكون مثلها مثل محاسبة من أخطأ من الثوار ، تلك هي بشريات الحياة المدنية التي بدأت الثورة رغم مطبات الواقع ، في رسمها بكل صبر وإصرار وعزيمة .
من حق كل مواطن أن يفوّض من يريد ، ومن حق كل كتلة سياسية أن تنحاز للمدنية أو العسكر ، غير أن الانحياز دائما يشكّل خارطة طريق لقراءة الكثير من الروابط التي يجتهد الكثيرون في إخفائها ، ويتحاشى آخرون التّطرّق إليها ، فتفويض الكيزان للبرهان لا يمكن قراءته بسذاجة تحليل أنه تم كيدا في المدنيين ، لأن الوقائع السطحية الظاهرية تقول أن البرهان انقلب على البشير فهو إذا يجب بالمنطق أن يكون عدوا للكيزان ، ولكن ماحدث في السودان كان ولايزال أمرا محيرا ، فمثلما نعيش حياتنا الواقعية والافتراضية ، فإن السودان حاليا يعيش ذات الحياتين ، حياة واقعية تعج بالأسرار والتبعيات والفساد والخداع تمثلها النّخب السياسية مدنية كانت أو عسكرية ، وحياة أخرى متوهمة يعتقدها الشعب بسودان انتفض على نظام غاشم وملك قراره ولملم أطرافه وتأهب للانطلاق .
ومابين الحياتين الواقعية والافتراضية تكمن كل عفاريت التفاصيل ، فالبرهان تولّى زمام السلطة بتنصيب من إبنعوف الذي رفضه الثوار لانتماءاته الفكرية ، والذئاب لاتلد الأسود ، ومماحكات البرهان قبل توقيع الوثيقة الدستورية وتجرجره في الاتفاق مع المدنيين ، منح الفرصة لكل أموال وشخوص الكيزان بالهرب لخارج البلاد ، وتغوّله على السلطات المدنية في كثير من الأمور التي شكا منها المسؤولون المدنيون أمام أجهزة الإعلام واحتفاظه أو بالأصح حمايته للمؤسسات التي تمسك بمفاصل اقتصاد ونهضة البلاد هو ما أوصلها لهذه الحالة الموجعة من العجز عن مجابهة متطلبات الحياة ، والفوضى العارمة التي تجتاح البلاد وتزهق الأرواح ، تمت وهو المسؤول عن كامل الأجهزة العسكرية التي أوجدت للسيطرة على الفوضى ، فالدفاع عن شركات العسكر ، لم يقابله حزم بضرورة قيام العسكر بواجبهم على أكمل وجه حتى يستحقوا الدفاع عن ما اعتقده حقوقهم دون عامة الشعب ، ودعوته الشباب لتفويضه بالانقلاب على المدنية التي هزمت النظام السابق ماهي إلا دعوة لإعادة الكرة وإزاحة الثورة عن طريق الكيزان .
مااستعصى حتى الآن على الكثيرين فهمه هو أن البلاد مهما تعثّرت ، ومهما تجاذبتها عمالات ضعاف أبنائها من مدنيين وعسكريين ، فإنها قررت بكل عزيمة أن لاتعود إلى الوراء ، ولن يتمكن البرهان من الانقلاب على الحكومة المدنية حتى ولو تم تفويضه من كل سكان الأرض ، وأن الإنفصال بين الساسة والشعب لن يلتئم مالم يدرك أولئك الساسة بأن الشفافية مهما كانت موجعة ، هي المفتاح الوحيد لقلوب الجماهير وتأييدها .
تفويض الكيزان للبرهان في ظل تلك المعطيات لايساوي قشرة توم ، وحتى لو تحرك البرهان وحاول قلب السلطة فإنه سيتفاجأ بحائط سدّ بشري من العزيمة والاصرار والرفض التام ، فإزاحة النظام السابق الذي جاء به العسكر عبر الانقلاب تم دفع فاتورتها بدماء غالية طاهرة ، والطريق الذي تم تعبيده بتلك الدماء لن يستطيع إغلاقه أحد ، وبدلا عن مسيرات التفويض البيزنطية ، والمسيرات المضادة التي ستكون بيزنطية أيضا ، وجب على الجميع الإحتكام إلى العقل ووقف نزيف الوقت الذي استهلكناه ولانزال في صراعات لاطائل منها ، وأن يتفق الجميع على بناء بلدهم بعيدا عن التناحر والإقصاء والتشاحن الذي جربناه منذ بداية الثورة ولم نصل سوى لنتائج سلبية ، لماذا لانتخذ خطوة شجاعة بمحاولة التقارب على أسس وأرضيات مشتركة ننطلق منها جميعا ، فالبلاد لنا جميعا ولن نخسر شيئا لو اتحنا من أجل الوطن .
دعوة أخرى أقدمها من خلال هذه السطور لكل مؤمن بضرورة شق قنوات ومصارف من النيل وفق تقسيمات حصة السودان فيه ، إلى المناطق البعيدة في النيل الأبيض وكردفان ودارفور وصحراء الشمالية ، وذلك لتحقيق عدة أهداف منها السيطرة على الفيضانات السنوية للنيل بتفريغ الفائض في تلك المجاري ، ومنها توسيع الرقعة الزراعية مايسهم في إحياء الكثير من المناطق وعودة أبنائها الطوعية لها ، ووتوفير وظائف هائلة للشباب وغيرها من المنافع ، التواصل معي للانضمام إلى المجموعة حديثة التكوين ، والله من وراء القصد .
وقد بلغت

عبدالدين سلامه
[email protected]

‫2 تعليقات

  1. انا بستغرب من الكيزان الصغار المخمومين .. كبار الكيزان نهبوا البلد وما زالوا ينهبوا .. وهم واولادهم برة السودان او داخل السودان مستمتعين بالاموال التى نهبوها .. التنظيم الشيطانى فى قياداته نسابة وقرابة .. وعايزين صغار الكيزان يكونوا تابعية بس وعبيد ويعطوهم الفتات .. الديمقراطية ليست ضد الدين والحرية هى لب الدين والسلام هو غاية الدين .. والعساكر اذا كيزان غو غير كيزان شغلهم جيش ..العايز السياسة ما يدخل الجيش من الاول .. ودمتم

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..