أخبار السودان

دُق القراف خلي الشعب يخاف

بلا حدود – هنادي الصديق

تكون قافلة معاك، تقول تخش الفيس لو ترتاح شوية، وش كدا يلاقيك فيديو الموتر، بطنك تطم ويجيك صداع، تطلع تخش تاني وش كدا تلاقيك صور الود المسكين الحرقوه أصحابه بالبنزين وهو متألم وتحس بالرغبة في البكاء والنواح، تطلع تخش تاني وش كدا يلاقيك فيديو الأم البتخنق وتعذب في أطفالها ويدخل قلبك همَ وحزن كدا يحلف ما ينزاح، يعني تخش الفيس عشان ترتاح، (تتملي عذاب وجراح)، بهذه الكلمات عبرت صديقتي أميرة عبر بوست في صفحتها على الفيس بوك، يحكي واقع حال المجتمع السوداني بعد أن تسمَم بفعل إدارة حكومة فشلت في كل شيء، حتى الحفاظ على النسيج الاجتماعي لمجتمعنا المتماسك، بل تسببت في تفتيت ما كان موجوداً أصلا، وأسهمت بشكل كبير في تواجد وتوالد أنواع جديدة وغريبة من الجرائم لم يكن يسمع بها المواطن قبلاً، ولم يكن يخطر ببال أكثر المتشائمين أن يصل مجتمعنا لهذه المرحلة في يوم من الأيام. ورغم السخط من وسائل التواصل الاجتماعي، إلا أننا لابد وأن نتقدم بالشكر للعباقرة (مارك زوكربيرج) و(جان كوم وبريان اكتوم) مؤسسو تطبيقات برامج (فيس بوك وواتس أب) الذين جعلوا من العالم غرفة صغيرة وليس قرية صغيرة كما يُقال.
الخدمة التي قدمها (الثلاثي) للعالم إيجابياتها أكثر من سلبياتها بالتأكيد لمن يُحسن إستخدامها، وفي السودان مؤكد أن الفضل يعود لهم في كشف الكثير من الجرائم والأسرار التي تتعمد الحكومة إخفائها، ولم يعد ما يحدث من فضائح وكشف فساد المسؤولين الحكوميين وأقاربهم خافياً على أحد، بل متاحاً للجميع وبالمستندات.
الحكومة البعيدة تماماً عن نبض الشارع لم تستفد من هذه الخدمة التقنية المجانية التي باتت في متناول يدها، والتي كان من الممكن جداً أن تسهل من مهمتها في الكشف عن الفساد وملاحقة المجرمين وتحقيق الأمن والعدالة في المجتمع، ولكنها وللأسف سارت في الطريق الخطأ الذي جعلها هي المجرم الكبير والفاسد الأكبر في نظر الشعب، بعد أن تركت الجاني الحقيقي وباتت تلاحق نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، الذين يقومون بنشر المستندات والفيديوهات والتسجيلات الصوتية التي تكشف ما يحدث خلف كواليس الشارع وخلف ظهر المواطن، فكان نتيجة ذلك أن قبع المئات بل الآلاف من الأبرياء والشرفاء خلف الزنازين، بل ووصل الأمر إلى خارج الحدود بإلقاء القبض على كل من يُسدي خدمة وطنية بكشف أسماء المتورطين في جرائم المال العام والخروقات الأمنية، وإحضاره للسودان مكبلاً، وتهديد كل من يسير في هذا الطريق الوطني الخالص، ولسان حالها يقول: (دُق القراف خلي الشعب يخاف).
وبالأمس خرجت معظم الصحف (الصفراء والموالية للنظام) (بفبركة) غير محبوكة ولا مهضومة بالإشارة لخبر فيديو صاحب الدراجة البخارية الذي إغتصب إمرأة في الشارع العام وفي وضح النهار تحت تهديد السلاح الأبيض، حيث جاء في الخبر (بحث السلطات عن مرتكب الجريمة، ولم يغفل الخبر الإشارة إلى (إلقاء القبض) على المواطن الذي قام بنشر هذا الفيديو الكارثي)، فهل ما يحتاجه الشارع السوداني إلقاء القبض على مواطن برئ كشف جرائم أم التستر على من قام بالجُرم؟ وهل يمكن أن يكون هذا الخبر الذي تصدر مينشيتات هذه الصحف القصد منه إرسال رسالة تهديد قوية لكل مواطن تسول له نفسه نشر مثل هذه الجرائم وتنبيه الشارع لها؟
الفيديو المعني أوضح ما وصل إليه المجتمع السوداني من تهديدات أمنية لم تعد خافية، وحقيقة إنفراط الأمن حتى داخل الأحياء، ونصيحتي لكافة المواطنين داخل وخارج السودان، المواصلة في كشف المستور وإشراك الجميع عن كل ما يقع بين أيديهم وتعرية هذا النظام الذي بات مكشوف الحال.
الجريدة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..