أوباما لا يقدر على تحمل فقدان القاهرة ودمشق

الهجوم العسكري على سوريا رسالة واشنطن إلى كل دول الشرق الأوسط. التريث الأميركي لن يغير النتيجة.
بقلم: عمر نجيب
اختلطت مرة أخرى وأكثر من أي وقت مضى المعادلات والمعطيات المتحكمة في الصراع المتعدد الأطراف الذي كانت شرارته قد إندلعت يوم الثلاثاء 15 مارس عام 2011 على أرض الشام وتركيزا على سوريا.
خلال الأسبوع الأخير من شهر أغسطس 2013، كان عدد كبير من المحللين الغربيين يتوقعون أن تبدأ القوات الأميركية بمساندة حلفاء واشنطن وفي مقدمتهم بريطانيا وفرنسا هجوما عسكريا واسعا على سوريا وربما على مناطق في وسط وجنوب لبنان.
الأدميرال المتقاعد دينيس بلير القائد بالأساطيل البحرية الأميركية والمدير السابق للاستخبارات الأميركية قال:
“اتخذت المدمرات الأميركية الخمس الموكلة بمهمة شن الهجوم الصاروخي على سوريا تشكيلاتها القتالية شرقي المتوسط يوم السبت 31 أغسطس، على مقربة من الساحل السوري وإلى الجنوب من جزيرة قبرص حيث “أغلقت حلقة التأهب بما يعقد التراجع عنها، واستكملت تحميلات البرمجيات، وعملت البروفات الألكترونية، كما اكتملت برامج الاتصال لشن الهجمات على الأهداف السورية المبرمجة”.
في نفس الوقت ذكر خبراء الشؤون العسكرية “أن شن الضربات الصاروخية على الأهداف السورية من المرجح أن يبدأ بين الساعة 6 و7 مساء السبت 31 أغسطس توقيت واشنطن “1-2 صباح الأحد 1 سبتمبر توقيت دمشق” من أجل تحقيق الكفاءة المطلقة”.
يشار إلى أن الولايات المتحدة شنت هجماتها على الدول العربية في هذه الساعات ابتداءً من العدوان على ليبيا 1986، مروراً بـ “عاصفة الصحراء” 1991، وقصف بغداد في يونيو 1993، وعملية “ثعلب الصحراء” في 1998 وغزو العراق في 2003 وذلك لأن “هذا هو التوقيت الأفضل للقوات الأميركية بالنظر أولاً إلى أنها تمتلك الليل بتكنولوجيا عالية، ثانيا تحسبا من احتمال وقوع خسائر بين قواتها وتبديد قدرة العدو سوريا في هذه الحالة على الرد، وثالثا، الحد من الخسائر في أوساط المدنيين الذين يكونون نياما في ذلك الوقت” بحسب المؤرخ العسكري آندرو كارول.
والمدمرات الخمس الأميركية المحملة كل منها بـ 25-30 صاروخ كروز توماهوك هي: يو إس إس غرافلي، باري، راميج، ماهان وستوات. وانضمت إليها صباح السبت السفينة البرمائية “سان أنتونيو” المحملة بـ 300 من قوات مشاة البحرية وغرف عمليات جراحية وقدرات “بحث وإنقاذ”.
ويزن صاروخ توماهوك الذي يبلغ طوله 18 قدم 1300 كلغم، وسرعة 880 كيلومتر بالساعة، وتكلف صناعته 1.5 مليون دولار للصاروخ الواحد.
وتتموقع إلى الخلف حاملة الطائرات الفرنسية “شارل ديغول” المحملة بـ40 مقاتلة مسلحة بصواريخ “خيال العاصفة” الشبيهة بالتوماهوك الأميركية إلا أنها تطلق من مقاتلات بعيدا عن الأجواء السورية.
ويزن الصاروخ الفرنسي الموجه “خيال العاصفة” 1200 كلغم، وطوله 17 قدما وسرعته 1000 كيلومتر في الساعة.
ومن المتوقع أن توجه فرنسا 25 صاروخ “خيال العاصفة” على أهداف سورية.
مرجعية الكونغرس
في الوقت الذي توقع فيه الأدميرال المتقاعد دينيس بلير بداية الهجوم، أعلن الرئيس الأميركي أوباما يوم السبت 31 أغسطس في حديقة الورود بالبيت الأبيض وقد وقف بجانبه نائبه جو بايدن “بعد مداولات متأنية قررت ضرورة أن تقوم الولايات المتحدة بعمل عسكري ضد أهداف النظام السوري. “إنني أعي أيضا أنني رئيس أكبر دولة ديمقراطية دستورية في العالم.. وهذا هو السبب في اتخاذي قرارا ثانيا الا وهو انني سأسعى للحصول على اذن باستخدام القوة من نواب الشعب الأميركي في الكونغرس”.
وفاجأ هذا القرار مستشاريه الذين لم يقترحوا السعي طواعية للحصول على موافقة النواب وخلصوا إلى أن أوباما يملك السلطة القانونية للقيام بعمل من تلقاء نفسه. ولكن اوباما شعر انه سيكون أكثر اتساقا مع رغبته التي اعلنها في وقت سابق من عام 2013 وهو ابعاد أميركا عن”وضع الحرب الدائم” من خلال الحصول على دعم الكونغرس والمواطنين الذين يمثلهم.
وبعد تشاوره مع دينيس ماكدونو كبير موظفي البيت الابيض استدعى الرئيس سوزان رايس مستشارته للأمن القومي ونائبها توني بلينكين والمستشار الكبير دان فيفير واخرين الى البيت الابيض لاعلان خطته.
وذكر مسؤولون كبار بالادارة انهم اجروا نقاشا قويا استمر ساعتين. حيث ذكر أن اكبر خطر يواجه خطة اوباما الجديدة هي ان يصوت الكونغرس بالرفض مثل البرلمان البريطاني. وسيثير ذلك شكوكا خطيرة حول قدرة اوباما على القيادة في الشرق الأوسط حيث يتعرض بالفعل لانتقادات بسبب ما يصفه منتقدون برد مشوش على إسقاط نظام حكم الإخوان بمصر.
وتفوق المزايا هذا الخطر بالنسبة لاوباما الذي يعتقد ان النواب سيضطرون للتصويت بالموافقة على اجراء سيحمي إسرائيل حليفة الولايات المتحدة.
وفي تعزيز اكبر لفكرة التأجيل قال مستشاروه العسكريون ان الانتظار على توجيه ضربة لن يجعلها اقل فعالية. وترى الادارة أن تصويت الكونغرس بنعم لاوباما ستعطي شرعية اكبر لمهاجمة القوات السورية.
وسيشترك الكونغرس الان في تحمل مسؤولية اي قرار قد يثبت عدم شعبيته بالنسبة لاوباما، ومع ذلك فانها مجازفة. وقد تؤدي أي مناقشة حادة في الكونغرس إلى توتر العلاقات المتوترة أصلا بين البيت الأبيض والجهاز التشريعي.
وقال جون الترمان مدير برنامج الشرق الاوسط في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية ان”قرار اشراك الكونغرس في الوقت الذي لا يملك فيه قدرا كبيرا من النجاح في العمل مع الكونغرس يصدمني بوصفه مقامرة”.
واضاف ان التصويت بالرفض “قد يلقى بظلاله على باقي الادارة”.
وقال كولين كال الاستاذ في جامعة جورج تاون والمسؤول السابق بوزارة الدفاع ان اجازة القرار في مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الديمقراطيون مضمونة في الوقت الذي من المرجح فيه ان تكون موافقة مجلس النواب الذي يسيطر عليه الجمهوريون مضمونة ايضا.
واضاف “هناك بعض المتشككين في اليسار واليمين في الكونغرس ولكن اعتقد ان الادارة لديها حجة قوية الى حد ما بأننا بحاجة لان نفعل ذلك”.
“اذا بدأوا في التفكير بتأن في بعض من تأثير عدم اجازة ذلك على المصداقية ولاسيما لأنه يتعلق بقضايا أخرى سيتم تمريره في مجلس النواب”.
وبعد الادلاء ببيانه في البيت الابيض ذهب اوباما وبايدن للعب الغولف.
وقال نواب من كل من الحزبين السياسيين يؤيدون القيام بعمل ان الرئيس لم يرد بالسرعة المطلوبة.
وذكر بيل نيلسون السناتور الديمقراطي وعضو لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ “اؤيد قرار الرئيس. ولكن بالنسبة لي فإنني أرى انه يجب علينا القيام بضربة في سوريا اليوم”.
وصرح السناتور الجمهوري الكبير في لجنة المخابرات بمجلس الشيوخ ساكسباي تشامبليس ان”الزعامة تتعلق بالرد على أزمة واتخاذ القرارات الصعبة والصارمة بسرعة”. واضاف انه كان يجب على اوباما ان يطلب عودة النواب الموجودين في عطلة حتى التاسع من سبتمبر إلى واشنطن فورا.
هاري ريد زعيم الديموقراطيين في مجلس الشيوخ قال ان كلا من مجلسي النواب والشيوخ سيناقش النص الذي قدمته الرئاسة الأميركية حول العمل العسكري في جلسات عامة اعتبارا من التاسع من سبتمبر. واضاف ان “مجلس الشيوخ سيصوت على القرار خلال اسبوع التاسع من سبتمبر، كأقصى حد، كما طلبت ادارة اوباما”.
وكان اكثر من 170 برلمانيا جمهوريا وديموقراطيا قد طالبوا بالحاح بهذه المشاورة. لكن مواقفهم المؤيدة لهذه الضربة او المعارضة لها يصعب تحديدها حاليا اذ ان معظمهم يمضون عطلهم الصيفية.
ولا شك ان عددا كبيرا من الجمهوريين سيمتنعون عن دعم باراك اوباما سياسيا اذ ان هناك ملفات ساخنة اخرى عند استئناف عمل الكونغرس مثل الديون والميزانية والهجرة.
وحذر بعض الصقور وبينهم عضوا مجلس الشيوخ جون ماكين وليندسي غراهام من انهم سيصوتون ضد أي قرار معتدل لا يستهدف سوى زعزعة سلطة بشار الأسد.
وقال ماكين وغراهام في بيان مشترك “لا يمكننا في عقلنا وضميرنا دعم ضربات عسكرية معزولة في سوريا لا تكون جزءا من استراتيجية شاملة تهدف إلى تغيير الوضع في ميدان القتال وتحقيق هدف الرئيس أي إجبار الأسد على الرحيل ووقف النزاع”.
ويتعارض اعلانهما هذا مع الموقف المتحفظ الذي ابقاه مسؤولون جمهوريون في الاغلبية في مجلس الشيوخ غامضا عمدا. وهم يرددون منذ ايام ان موافقتهم مرتبطة بالحجج التي يقدمها اوباما لاقناع البلاد بان الضربات لا تهدف سوى إلى إرضاء ضميره.
وصرح هاورد ماكيون الرئيس الجمهوري للجنة الدفاع في مجلس النواب “اقدر قرار الرئيس”. واضاف ان “السماح باستخدام القوة سيكون مرتبطا بقدرة الرئيس على تحديد اهداف عسكرية واضحة”.
اما ماركو روبيو الذي يسعى منذ اشهر الى زيادة المساعدة العسكرية لمسلحي المعارضة فقال ان “عملا عسكريا لمجرد توجيه رسالة او انقاذ ماء الوجه” لا يخدم المصلحة القومية.
من جهته ذكر زعيم الكتلة الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل المعروف بانتقاداته الحادة لاوباما ان “دور الرئيس كقائد للجيوش تعزز دائما عندما اعتمد على دعم عبر عنه الكونغرس”.
لكنه التزم الحذر ولم يكشف نواياه في التصويت كغيره من كل زملائه تقريبا.
الا ان اوباما يتمتع بدعم ثابت من عدد كبير من البرلمانيين الديموقراطيين الذين يشكلون اغلبية في مجلس الشيوخ.
وقال السناتور الديموقراطي روبرت مينينديز، رئيس لجنة الشؤون الخارجية، ان “النظام السوري والانظمة المشابهة له يجب أن تدرك ان الخطوط الحمراء لا يمكن تجاوزها ويجب الا يشك اعداؤنا ابدا في تصميم الولايات المتحدة”.
ورأى زعيم الاغلبية في مجلس الشيوخ ان للولايات المتحدة “واجبا اخلاقيا” و”مصالح للامن القومي”.
والمسألة تتجاوز الخلافات الحزبية اذ يرتسم تحالف للرافضين للتدخل بين بعض الديموقراطيين والجمهوريين ومعهم حزب الشاي. وكان تقارب كهذا قد ظهر بشأن قضية التجسس.
وردا على سؤال عن امكانية تصويته ضد القرار، قال الديموقراطي آدم سميث لقناة ام اس ان بي سي “بالتأكيد، سنرى ما هي الخطة”.
وينبغي ان تحصل الخطة على موافقة مجلسي الكونغرس.
وقال السناتور الجمهوري بوب كوركر انه لا بد ان يقوم اوباما “ببذل كل جهوده فورا لاقناع الاميركيين”. اما نتيجة التصويت “فقد تكون مشكلة في المجلسين”، على حد قوله.
مشروع القرار وأهدافه
ينص مشروع القرار المقدم للكونغرس على أنه “يسمح للرئيس باستخدام القوات المسلحة الأميركية بما يراه ضرورياً ومناسبا فيما يتصل باستخدام أسلحة كيميائية أو أسلحة دمار شامل أخرى في النزاع السوري”. ويحدد النص هدفين لاستخدام القوة العسكرية أولهما “منع أو ردع عملية استخدام أو انتشار أي سلاح من أسلحة الدمار الشامل بما في ذلك السلاح الكيميائي بما في ذلك نقله إلى مجموعات إرهابية أو أطراف أخرى حكومية أو غير حكومية، سواء في داخل سوريا أو منها أو إليها”. أما الهدف الثاني فهو “حماية الولايات المتحدة وحلفائها وشركائها من أي تهديد تشكله هذه المسائل”. ويرمي استخدام القوة أيضاً إلى “ردع ومنع ووقف والحد من القدرة على استخدام أسلحة كيميائية أو أسلحة دمار شامل أخرى في المستقبل”.
وسعيا لتهيئة الأجواء لمناقشات يتوقع ان تكون حامية في الكونغرس، اثار وزير الخارجية الأميركي كيري مرارا مسألة أمن إسرائيل باعتبارها سببا رئيسيا للموافقة على عمل عسكري في سوريا. ويدرك المشرعون من الحزبين أهمية ان ينظر إليهم كمدافعين عن إسرائيل التي عادة ما يكون أمنها هو مفتاح قضايا السياسة الخارجية في الحملات الانتخابية المحلية.
في هذه الأثناء اظهرت استطلاعات الرأي ان الأميركيين الذين ضجروا من الحرب والكارثة الاقتصادية التي تسببت فيها الحرب في أفغانستان والعراق ما زالوا يعارضون تورط الولايات المتحدة في سوريا على الرغم من الدعاية القوية المبررة لشن هجوم والاتهامات الاميركية للحكومة السورية باستخدام اسلحة كيميائية في هجوم على ريف دمشق في 21 اغسطس ادى الى مقتل 1429 شخصا.
في نفس توقيت إنسحاب بريطانيا من المشاركة في الهجوم، أظهرت نتائج استطلاع للرأي، نشرت يوم السبت 31 أغسطس، أن معظم الفرنسيين لا يرغبون في مشاركة بلادهم في عمل عسكري ضد سوريا، وأن الأغلبية لا تثق في قيام الرئيس فرانسوا هولاند بهذا العمل.
وأظهر استطلاع “بي.في.إيه” الذي نشرته “لو باريزيان اوجوردوي ان فرانس” أن 64 في المئة من المشاركين يعارضون العمل العسكري، وأن 58 قي المئة لا يثقون في قيام هولاند بذلك، في حين تخشى نسبة 25 في المئة أن يشعل مثل هذا الهجوم منطقة الشرق الأوسط بأسرها.
تراجع أو تمهيد لما هو أكبر
لجوء أوباما للكونغرس إعتبره البعض تراجعا في حين رأى آخرون غير ذلك.
صحيفة “معاريف”الاسرائيلية ذكرت في عددها الصادر يوم الأحد فاتح سبتمبر: ان المسئولين الإسرائيليين اصيبوا بخيبة أمل شديدة في اعقاب قرار الرئيس اوباما تأجيل الضربة العسكرية لسوريا بإنتظار موافقة الكونغرس على ذلك.
واضافت الصحيفة ان مصادر امنية وسياسية اسرائيلية وصفت الرئيس الاميركي بالجبن حيث نقلت الصحيفة عن هؤلاء المسئولين قولهم “ان الرئيس الاميركي جبان ومن الواضح انه لا يعتزم ضرب سوريا وبأنه يبحث عن مبررات لذلك”.
واضاف هؤلاء المسئولون “من الصعب التصديق انه في اعقاب رفض الكونغرس لطلبه هذا، بأنه سيقوم بضرب سوريا وحيدا، بدون غطاء دولي، وبدون دعم شعبي اميركي او دعم من الكونغرس”.
واضافت الصحيفة ان توجه اوباما للكونغرس هو محاولة منه لشراء الوقت من اجل العثور على حلول دبلوماسية تمنع القيام بالضربة. وقد يتوفر له ذلك في قمة مجموعة العشرين التي تعقد في روسيا.
وفي ذات السياق قالت صحيفة “يديعوت احرونوت “ان المسئولين الاسرائيليين يقدرون ان اوباما تلقى “ركلة ناعمة” بعد أن فقد الدعم البريطاني، وبعد ان اظهرت استطلاعات الرأي في الولايات المتحدة معارضة الجمهور الاميركي لتوجيه مثل هذه الضربة.
ونقلت الصحيفة عن احد المسئولين الاسرائيليين قوله “لماذا لم ينتظر اوباما موافقة الكونغرس الاميركي عندما قرر قتل بن لادن، وان مطالبته بالحصول على موافقة مسبقة من الكونغرس على ضرب سوريا يعكس رغبته الحقيقية بعدم القيام بالضربة”.
ووفقا لاراء المسئولين الاسرائيليين فإن الاميركيين فقدوا التوقيت وان أي ضربة قادمة لن تكون فاعلة.
واشارت الصحيفة ان موقف اوباما خلق نوعا من سوء الفهم لدى المسئولين الاسرائيليين لطبيعة الاستراتيجية الاميركية مما يدلل على الارتباك وفقدان للقيادة في الإدارة الأميركية.
واعرب المسئولون الاسرائيليون عن مخاوفهم من ان التأجيل سيخلق صعوبات أمام الحكومة الاسرائيلية والجيش الاسرائيلي الذي سيضطر إلى تمديد الاستعدادات على الاقل لمدة اسبوعين إضافيين.
بوتين: “محض هراء”
بينما يحتدم النقاش في الغرب بشأن شن حرب على سوريا، رفض الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يوم السبت 31 أغسطس بشدة الاتهامات الاميركية الموجهة للنظام السوري باستخدام اسلحة كيميائية، معتبرا انها “محض هراء” وطالب الولايات المتحدة بتقديم أدلة.
وفي تصريحات أعقبت اصدار الولايات المتحدة تقريرا استخباراتيا اتهمت فيه النظام السوري بشن هجوم باسلحة كيميائية بعد رصد اتصالات في سوريا تشير إلى ذلك، رفض بوتين قبول ذلك كدليل وقال انه لا يمكن استخدامه لاتخاذ “قرارات مهمة” مثل استخدام القوة العسكرية ضد سوريا.
وذكر بوتين للصحافيين في فلاديفوستوك ردا على سؤال حول اتهام النظام السوري باستخدام اسلحة كيميائية “علينا ان نكون منطقيين… القوات السورية تشن هجوما وحاصرت المعارضة في مناطق عدة. في هذه الظروف فإن اعطاء ورقة رابحة إلى أولئك الذين يطالبون بتدخل عسكري هو محض هراء”.
واضاف انه متأكد من ان الهجوم “ليس سوى مجرد عمل استفزازي” من قبل من يرغبون في جر دول اخرى الى الصراع السوري، مطالبا باثبات عكس ذلك.
واضاف “بالنسبة الى موقف زملائنا الاميركيين الذين يؤكدون ان القوات الحكومية استخدمت اسلحة كيميائية، ويقولون ان لديهم ادلة، حسنا، فليقدموا هذه الادلة لمفتشي الامم المتحدة ومجلس الامن.. واذا لم يقدموها فان ذلك يعني انه لا وجود لتلك الادلة”. واضاف ان القول ان مثل هذه الادلة سرية “يعد قلة احترام للشركاء واللاعبين الدوليين. اذا وجد الدليل فيجب تقديمه. واذا لم يقدموه، فهذه يعني انه لا يوجد دليل”.
واضاف “ان الحديث مرة اخرى ان هذا نوع من الرصد لنوع من الاتصالات التي لا تثبت اي شيء، لا يمكن استخدامه كأساس لاتخاذ قرارات مهمة مثل استخدام القوة ضد دولة ذات سيادة”.
رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الدوما الروسي أليكسي بوشكوف صرح أن آثار غاز السارين التي قال وزير الخارجية الأميركي إن الخبراء الأميركان وجدوها في غوطة دمشق، ليست دليلا على أن الحكومة السورية هي التي استخدمته. قد يكون المسلحون هم الذين استخدموه”.
يشار أن طائفة “أوم شنريكيو” اليابانية استخدمت غاز السارين في هجوم على شبكة قطارات المترو في طوكيو عام 1995. وقام افراد في هذه الطائفة مجهزين باكياس مليئة بالسارين السائل باستهداف مترو طوكيو، ما ادى الى سقوط 12 قتيلا واصابة الاف اخرين.
موازاة مع ذلك صرحت وزارة الخارجية الروسية يوم السبت ان السفير الاميركي في موسكو مايكل ماكفول التقى بطلب منه نائب وزير الخارجية سيرغي ريابكوف لعرض وجهة النظر الاميركية بشان الهجوم المحتمل على سوريا. وحذر ريابكوف المبعوث الاميركي من ان اي استخدام للقوة سيشكل “عملا عدوانيا”، بحسب الوزارة.
كما رحبت روسيا برفض البرلمان البريطاني يوم الجمعة 30 أغسطس بشن لندن لأي عمل عسكري ضد النظام السوري.
وقال ريابكوف: “خلال السنوات القليلة الماضي، اعتاد الجميع ومن بينهم انا على اتخاذ المجتمع الغربي قرارات دون اجراء الكثير من النقاش.. وطبقا لرغبات وموقف الشريك الرئيسي الولايات المتحدة”.
واضاف: “انا حقا متفاجئ من هذا الموقف البريطاني. الا ان ذلك يظهر ان بريطانيا رغم انها حليف جيوسياسي رئيسي للولايات المتحدة.. فان فيها اناسا تهمهم المصالح الوطنية ويعتمدون المنطق ويحترمون سيادتهم”.
وتعهدت روسيا، الحليف القوي لسوريا، بمنع اتخاذ اي عمل ضد النظام السوري في مجلس الامن الذي تشغل فيه منصب عضو دائم.
كثيرون من السياسيين إنضموا إلى الرئيس الروسي، غونتر بلويغنر سفير ألمانيا السابق لدى الأمم المتحدة عبر عن اعتقاده بأن الدلائل التي ساقتها الولايات المتحدة حول استخدام غازات سامة “غير مقنعة”، وقال “لم يتم طرح أدلة، ما تردد فقط هو أن هناك أدلة مقنعة، لكن ما هي؟ لا نعرف”، وأضاف أن هذا “يذكرنا بطبيعة الحال بالعراق حين تم طرح أدلة مزعومة لم تثبت صحتها”.
الأسطول الروسي في المتوسط
قدر محللون أن أحد العوامل التي اسهمت في قرار الرئيس أوباما تأجيل الضربة العسكرية ضد سوريا، وجود أكثر من 13 سفينة وغواصة حربية روسية في شرق المتوسط أو في ميناء طرطوس السوري زيادة على وجود مئات من الخبراء العسكريين الروس في القواعد والمصانع الحربية السورية، فالإدارة الأميركية تريد ترتيبات تمنع وقوع هؤلاء في مرمى صواريخها وهو ما قد يتسبب إن حدث في مواجهة عالمية.
موسكو لم تسهل إزالة هذا القلق الأميركي حيث قالت وكالة “إنترفاكس” الروسية للأنباء، يوم الخميس 29 أغسطس، إن روسيا سترسل سفينتين حربيتين إلى شرق البحر المتوسط لتعزيز وجودها البحري بسبب “الوضع المعروف جيداً” هناك.
ونقلت الوكالة عن مصدر في هيئة الأركان بالقوات المسلحة قوله، إنه سيتم إرسال سفينة مضادة للغواصات وطراد صواريخ في الأيام القادمة، لأن الوضع “يتطلب منا بعض التعديلات” في القوة البحرية.
ومن جهة أخرى، أبلغ مساعد وزير الخارجية الروسي، غينادي غاتيلوف، الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، أن الخطط الغربية للتدخل عسكرياً في سوريا “تحد صريح” لميثاق الأمم المتحدة، وغيرها من معايير القانون الدولي”.
في مؤشر آخر على الإضطراب الذي يسود المعسكر المؤيد للتدخل العسكري الأميركي في سوريا، نفى مصدر رفيع المستوى بالأمانة العامة للجامعة العربية يوم الأحد 1 سبتمبر، أن يكون أمين عام الجامعة نبيل العربي وافق على قيام الولايات المتحدة بتوجيه ضربة عسكرية لسوريا، حسب ما صرح الرئيس الأميركي باراك أوباما ومصادر أخرى.
وقال المصدر لعدد من وسائل الاعلام إن موقف الجامعة الذي عبر عنه العربي أكثر من مرة خاصة في ضوء استخدام النظام السوري أسلحة الدمار الشامل، يتمثل في ضرورة إحالة الموضوع إلى مجلس الأمن، الذي من شأنه هو فقط أن يقر أسلوب الرد على النظام السوري، وأضاف أن مجلس الأمن سيستمع إلى تقرير المفتشين التابعين للأمم المتحدة.
وأوضح أن هناك قراراً واضحاً للجامعة لا يجيز التدخل العسكري الأجنبي في سوريا، إلا في ضوء قرار من مجلس الأمن، رغم الإدانة الواسعة والقوية لممارسات النظام السوري.
قرار الهجوم مقرر منذ مدة
الحديث عن أن واشنطن غيرت موقفها المتحفظ من التدخل مباشرة في الصراع الدائر على الأرض السورية، يجد من يقدم دلائل على وجود تمويه ومغالطات بشأنه وأن إدارة أوباما ولما وجدت أن فرص إسقاط نظام الأسد تتضاءل مع مرور الأيام قررت العمل على قلب التوازن العسكري لصالح من تناصرهم.
جاء في تقرير بعنوان “التوازن الاستراتيجي في سوريا في نقطة تحول” صدر في 12 يونيو 2013 لمركز كارنيغي للشرق الأوسط، وهو أحد المواقع التي تقدم نصائح وتوجيهات لسياسي البيت الأبيض:
دخل الصراع السوري مرحلة حرجة مع سقوط بلدة القصير في يد قوات النظام مدعومة بمقاتلي حزب الله في الساعات الأولى من صباح 5 يونيو. وعلى مدى الأشهر الستة الماضية حقق كلا طرفي الصراع مكاسب ومنيا بخسائر، ولذا ينبغي ألا يكون الاستيلاء على القصير مختلفا. بيد أن التفاوت بين جوانب القوة الكامنة في النظام ونقاط الضعف المستمرة لدى المعارضة المسلحة بدأت تظهر معالمه جليا.
وإذا ما مال التوازن الاستراتيجي الذي نشأ منذ نوفمبر 2012 أكثر، فإنه سيكون تحولا حاسما في صالح النظام. ولذا يتعين على الأجنحة السياسية والعسكرية للمعارضة معالجة أوجه القصور الأكثر خطورة فيها. وإن هي لم تفعل فستكون في حالة تقهقر إن لم يكن اندحاراً كاملاً، بحلول نهاية العام “2013.
خسارة واشنطن لنفوذها في مصر
يقول محللون أن تسريع واشنطن لمخططات تدخلها في سوريا لم يكن فقط نتيجة تضاءل فرص نجاحها في إسقاط نظام الأسد، بل كذلك محاولة لمواجهة خطر فقدانها للهيمنة على مصر بعد ثورة 30 يونيو 2013 التي أسفرت عن تدخل الجيش لإزاحة حكم حزب الحرية والعدالة والرئيس محمد مرسي. ويؤكد مؤرخون أن القاهرة ودمشق ورغم كل ما شهدته علاقاتهما من تقلب على مدى عقود كانتا مترابطتين في التعرض للتدخلات والتهديدات الخارجية.
قالت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية يوم 26 أغسطس إن الضربة الوشيكة ضد سوريا تمثل اختبارا للقيادة والمعارضة في مصر، وقد ضخت عنصرا جديد من التقلب في الشارع.
وأضافت الصحيفة قائلة إن مظاهرات الإخوان وأنصارهم استمرت في الأيام الأخيرة برغم اعتقال قياداتهم، مشيرة إلى أن قطع رأس الجماعة كقوة تنظيمية جعل من الصعب التنبؤ أو السيطرة على حركة الاحتجاجات المستمرة، بما قد يزيد من فرص العنف.
وخوفا من سيطرة الإسلاميين على المعارضة السورية، تتابع الصحيفة، فإن الحكومة المؤقتة في مصر مضت في معارضة الضربات أكثر من أي دولة أخرى في المنطقة، وقد كسرت نمط التعاون الموثوق به مع واشنطن الذي تابعه بشكل أكبر محمد مرسى.
واعتبرت نيويورك تايمز إعلان الحكومة المصرية عن معارضتها الشديد لتوجيه أي ضربة عسكرية لسوريا مؤشرا آخر على العلاقات المتوترة مع واشنطن. وتحدثت الصحيفة كذلك عن انتقادات صحيفة الأهرام للسفيرة الأميركية آن باترسون التي أنهت فترة عملها في مصر، والتي نشرت مقالا على صفحتها الأولى يتهمها بالتآمر مع الإخوان لإدخال مسلحين أجانب إلى مصر وتقسيم البلاد، على أن يكون للمسلحين دولة لهم في الجنوب عاصمتها المنيا.
مصادر غربية أفادت أن واشنطن لا يمكن أن تتحمل فقدان سوريا ومصر في آن واحد لأن ذلك يعني تدمير مشروعها للشرق الأوسط الجديد.
كل الفصائل الفلسطينية
يوم الأحد 1 سبتمبر 2013 أعلنت الفصائل الفلسطينية، بما فيها حركتا حماس وفتح، عن رفضها لشن أي ضربة عسكرية على سوريا داعية وزراء الخارجية العرب الى عدم توفير الغطاء لها. وقالت الفصائل عقب اجتماع عقدته في غزة بحضور الحركتين انها “تستنكر تصاعد التهديدات الأميركية بشن عدوان على جمهورية سوريا الشقيقة، حيث تقوم بحشد أساطيلها وحاملات الطائرات في ظل تصاعد سعيها لحشد التأييد الدولي والإقليمي لتوفير غطاء دولي لعدوانها المرفوض”. واكدت على “وقوف الشعب الفلسطيني وقواه كافة الى جانب الشعب السوري الشقيق”، رافضة في الوقت ذاته “كل أشكال التدخل الخارجي بالشأن السوري”. ودعت الفصائل الفلسطينية “المؤسسات الدولية ووزراء الخارجية العرب لعدم توفير الغطاء للعدوان المجرم الذي تخطط له الولايات المتحدة الأميركية”، مطالبة بـ”بذل كل الجهود من أجل تجنيب سوريا وشعبها مزيدا من الخسائر، وضرورة العمل على حل الأزمة السورية سياسيا دون أي تدخل خارجي”. وقد شاركت كافة الفصائل في الاجتماع الذي عقد في مقر العلاقات الخارجية لحركة الجهاد الإسلامي بمدينة غزة.
في فلسطين المحتلة رفضت الحركة العربية للتغيير وغيرها من التنظيمات الفلسطينية التي تمثل 1.8 مليون فلسطيني صمدوا في وجه محاولات تهجيرهم، أي عدوان على سوريا وذلك في تغريدة في التويتر لرئيسها النائب احمد الطيبي الذي كتب: العدوان الأطلسي المزمع على سوريا جريمة أميركية جديدة وهو حرب أخرى على دولة عربية شلت أياديكم.
من جهته قال المحامي أسامة السعدي سكرتير عام الحركة العربية للتغيير: أميركا هي ليست شرطي العالم وهي بعيدة كل البعد عن القيم التي تتشدق بها وليس لها إي حق إطلاقا بالهجوم على سوريا مهما كانت المسوغات ومهما كانت الأوضاع متردية في سوريا التي نتألم لحالتها، ووصف السعدي نية الولايات المتحدة قصف سورية رغم رفض المجتمع الدولي بأنها عربدة.
وأكد التجمع الوطني الديمقراطي رفضه للتدخل الأجنبي في سوريا وإدانته للمواقف الداعمة لمثل هذا التدخل سواء جاءت من أطراف عربية أو أجنبية.
وحذر التجمع من الانزلاق وراء المخططات الهادفة إلى تدمير وتقسيم سوريا والقضاء على إمكانيات خروجها من أزمتها كدولة موحدة ومتماسكة ومتصدية للمطامع الأميركية والإسرائيلية في المنطقة. وقال التجمع إنه ينظر بقلق بالغ إلى ما يحدث في سوريا، من نزيف يومي متواصل لدماء الشعب، وتتحمل بنية النظام والقوى الإرهابية مسؤولية ذلك، ومسؤولية ما آلت إليه الأوضاع في سوريا عموما. ويدين التجمع بشدة الجرائم والفظائع اليومية المرتكبة بحق السوريين، وبالأخص مجزرة غوطة دمشق الرهيبة، التي ذهب ضحيتها المئات من الأبرياء، والتي يجب إنزال أشد العقوبة بمرتكبيها، بعد إجراء تحقيق جدي ونزيه.
حرب جديدة على العرب
كتب سليمان تقي الدين المحلل الصحفي في صحيفة السفير اللبنانية: يشن الغرب حربا جديدة على الوطن العربي من باب الأزمة السورية. ينافق الغرب مجدداً في الذرائع والأسباب تماماً كما في العراق والآن في سوريا. يضع فكرة إنسانية وأخلاقية لتغطية جريمة كبرى، كسلاح الدمار الشامل أو السلاح الكيماوي. يريدنا ان نرضخ لمنطق القوة التي حصدت الملايين من الضحايا بسبب معاقبة أنظمة. يدعي أن حربه عادلة وسلاحه نظيف وقتله وتدميره فريضة أخلاقية. هو أصلاً صانع كل أنواع الأسلحة وكل أدوات الحرب الهمجية. هو منتج النووي والكيماوي والجرثومي والنابالم المحرق والقنابل العنقودية والمتشظية الفراغية، وهو سيد الحروب والمحارق البشرية. لكن السؤال: ماذا يريد الغرب من الحرب على سوريا؟ قطعاً ليس تخليصها من الآلام ولا مساعدة شعبها لنيل حريته، ولا سيادتها واستقلالها ولا تنمية وتقوية مواردها البشرية والمادية وتطوير قدراتها. هو الآن يريد إخضاعها لشروطه ومصالحه التي رسمها وأعلنها في قيام “شرق أوسط” لا مكان فيه للاعتراض والمعارضة و”الممانعة” لسيادة الغرب العليا وفي مقدمتها الخطوط الحمر لأمن إسرائيل والنفط، كما كرر الرئيس الأميركي باراك أوباما.
قد نعجب من هذه المعادلة حين تكون إسرائيل قوية والنفط تحت سلطة الغرب وإدارته. لكن سيادة الإخضاع لا تحتمل المسايرة، فالمطلوب تغيير لغة المنطقة وثقافتها ووعيها وعواطفها حتى لا يبقى فيها جهة تلهج أو تعلن أو تفكر أو تحلم بما يخالف إرادة الغرب. وها نحن ندفع فاتورة الاعتراضات اللفظية والتحديات المجانية من غير ان نكون فعلاً قادرين على تغيير مسار الأمور.
نكتشف بعد نصف قرن من المواجهة ان المسألة لم تعد رجلاً لرجل ووجهاً لوجه، وان الإمبريالية ترمي شباكها علينا في الاقتصاد والأمن والثقافة والسياسة، وأنها داخل منظومة حياتنا العربية وأن لها شركاء ووكلاء، وهي تحاصرنا لأننا شعوب في سجون ومنافِ وولاءات وانقسامات، وإذا ما امتدت أيدينا إلى وسائل الحرية وجدت نفسها في أصفاد الاستبداد.
لن يخدعنا الغرب في الماضي والحاضر وهو طالما لم يعد مهتماً حتى لخداعنا بأنه يريد لنا الحرية والخير. لا النموذج العراقي يصلح ولا تحالفه مع الإسلام السياسي في سياق الثورات العربية يوحي بثقافة التحرر والحرية. اما انه مع إسرائيل بلا شروط ومع سلطته على النفط فحدّث ولا حرج. تصرف الغرب منذ اللحظة الأولى للأزمة السورية على أنه الشريك الأكبر في خطة استنزاف البلد، الشعب والدولة، وليس على أنه صديق للشعب السوري أو حريص على حرية الشعوب وحقها في الديموقراطية وتقرير المصير. كان موقعه في الوجه الآخر والمقابل لخيارات الحرب الأهلية أو للعنف المتبادل، ولم يكن يدعم أي حل سياسي هدفه الحرص على مقدرات الشعب السوري. وهو الآن يمضي في خطة الإنهاك الشامل والتحطيم المنظم لما بقي من قدرات يمكن ان تشكل ركيزة لنهوض هذه الدولة بالحد الأدنى من دورها وسيادتها ووحدتها.
عمر نجيب
[email][email protected][/email] ميدل ايست أونلاين