زيادة الأجور? الحقوق حزمة لا تتجزأ

أتوقع أن يتلقى العاملون والعاملات في القطاع الخاص القرار القاضي بزيادة الأجور بأملٍ ممزوج بحذر، مصدر الأمل أن تشهد أوضاعهم بعض التحسن، ومصدر الحذر أن زيادة الأجور مهما كان حجمها لن تغني عن التطلع لتحسين بيئة العمل، وضمانات حماية هذه الحقوق، مايدفعني لذلك علمي بقدرة بعض الوحدات الإنتاجية الخاصة على الإلتفاف على القرارات التي تصب في صالح العاملين والعاملات، خاصة وأن البيئة السياسية والقانونية تشجع أصحاب النفوذ والتقاطعات مع النظام الحاكم على المضي قدما في محاولاتهم أن يكون كسبهم متزايداً وإلتزاماتهم تجاه العاملين متناقصة.
الكل يعلم مدى الظروف الاقتصادية القاسية التي يعمل في ظلها القطاع الخاص المنتج، وذلك الملتزم بقانون العمل، وينفذ شروط عمل تحترم حقوق العاملين، إلا أن الخوف والقلق ينبع من استغلال البعض لحاجة العاملين للعمل، خاصة النساء اللائي تدفع بهن الظروف للقبول بأكثر الشروط قسوة رغبة في الحصول على عمل وأجر منتظم، فسوق العمل الآن يشهد مظاهر سخرة صريحة تتمثل في التمييز على أساس النوع، والمساومة على الإمتيازات الاجتماعية التي كفلها قانون العمل للعاملات، وتشهد بعض الوحدات الإنتاجية عودة نظام المشاهرة دون خوف من رقيب.
إذن بضع جنيهات زيادة على الأجور قد تمثل بارقة أمل في التغيير، لكن تفسح المجال أمام أسئلة: ماهي ضمانات الإلتزام بما يتم الاتفاق عليه؟ ولأي مدى تملك النقابات الحالية القدرة على رعاية تلك الحقوق، وتملك أن تعبر حقيقة عن رأي العاملين والعاملات؟ وماذا عن بيئة العمل والحق في التنظيم والتظلم؟ ولأي مدى يتوفر للنساء العاملات الحق في التمثيل في النقابات ولأي مدى تتمتع النقابات الحالية بحساسية تجاه حقوق العاملات واحتياجاتهن النوعية، ومطالبهن ذات الصلة بمسؤولياتهن الأسرية ولأي مدى يعي القطاع الخاص بتلك الحقوق والمسؤوليات خاصة وأن نغمة المسؤولية الاجتماعية باتت تتصاعد من داخل مؤسسات القطاع الخاص الإنتاجية والخدمية؟ الحقوق لا تتجزأ ..إلا أن تحقيقها كحزمة واحدة أمر مرهون بتماسك العاملين رجالا ونساءا وانتظامهم في نقابات ديمقراطية.
الميدان