هل يُريد “العسكر” تسلُّم السُّلطة عبر بوابة الانتخابات؟

خبر داوٍ فجّر الأسافير ورد على سؤال لـ”فرانس برس” عمّا إذا كان سيكون ممكناً لأفراد الجيش والقوّات شبه العسكرية الترشّح لهذه الانتخابات، ردّ البرهان بـ”نعم”، علماً بأنّه سبق أن قال إنّه لن يترشّح شخصياً.
ولا يزال الجدل دائراً حول أحقية العسكريين في الترشح للانتخابات المقررة في يوليو 2023، بعد انتهاء الفترة التي يقودها مجلس السيادة الانتقالي، في أعقاب تصريحات مثيرة للجدل لرئيسه عبد الفتاح البرهان.
الخرطوم: بهاءالدين عيسى
ربكة في المشهد
وأوضح البرهان بحسب وكالة الصحافة الفرنسية أنّ هذه الانتخابات، الأولى الحرّة في بلاد تجاوزت عام 2019 ثلاثين عاماً من الديكتاتوريّة العسكريّة الإسلاميّة، ستكون مفتوحة “لجميع القوى التي شاركت” في المرحلة الانتقاليّة، بما يشمل العسكريّين وقوّات الدعم السريع بقيادة الفريق أوّل محمد حمدان دقل, وتابع “هناك كما ذكرت ميثاق للتوافق السياسي مطروح الآن على الساحة. عندما يتمّ وضعه بصورة نهائيّة، سيُطرَح على القوى السياسيّة، وكلّ من يرغب في الانضمام لهذا الميثاق السياسي، بخلاف المؤتمر الوطني، سيجد الباب مفتوحاً أمامه للمشاركة بالطريقة التي نصّت عليها الوثيقة الدستوريّة”.
سيناريو السيسي
البعض في منصات التواصل الاجتماعي أدار نقاشاً حول ما وراء الخبر وربط بينه وبين سيناريو تقلد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للسلطة بطريقة دراماتيكية رغم ان رئيس مجلس السيادة الفريق اول عبد الفتاح البرهان نفى مراراً ترشحه للرئاسة في انتخابات 2023, هنا يقول الباحث دكتور النور حمد في حديث أدلى به لـ(التيار) إن ما ورد أحدث ربكة باعتبار أن البرهان نفسه نفى عدة مرات رغبته في الترشح للرئاسة ويعتقد أن الأقرب لذلك قائد قوات الدعم السريع فريق اول محمد حمدان دقلو, ويعتقد ان مؤشرات السيناريو المصري بدأت تتضح جلياً بين الفينة والأخرى.
فيما يرى خبراء في الشؤون السياسية ان في عالم السياسة كل شئ ممكن وربما يريد العسكر تولي دفة الرئاسة لكنهم يحاولون من خلال ما ورد جس نبض الشارع.
فور تداول الخبر بكثافة في منصات التواصل الاجتماعي, سارع مكتب رئيس مجلس السيادة لنفي ما أوردته وكالة الأنباء الفرنسية حول مشاركة العسكريين في الانتخابات المقبلة.
تكذيب الوكالة الفرنسية
ونفى مكتب رئيس مجلس السيادة ما أوردته وكالة الأنباء الفرنسية على لسان الفريق أول ركن عبد الفتاح عبد الرحمن البرهان، ونقلت الوكالة أن السيد البرهان قال “إن الإنتخابات القادمة ستكون مفتوحة لجميع القوى التي شاركت في المرحلة الانتقالية بما فيها العسكريين”.
وشدد مكتب رئيس مجلس السيادة أن وكالة الصحافة الفرنسية أوردت حديثاً مغايراً ومناقضاً لما قاله السيد البرهان، وهو حديث مُسجّل صوتياً. الرئيس البرهان أكد بوضوح لا يساوره الشك، أن مشاركة العسكريين في الانتخابات المقبلة غير ممكنة بنص الوثيقة الدستورية.
وأبان البرهان في الحوار الذي أجرته معه الوكالة، أن اتفاق جوبا أعطى بعض الأطراف استثناءً بخصوص المشاركة في الانتخابات المقبلة وأجهزة السلطة، وذلك في إشارة للحركات المسلحة, بيد أن االبرهان لم يشر إلى أيِّ مؤسسات تابعة للجيش أو مؤسسات الدولة. وهذا ما لزم التنويه بشأنه.
تباين التصريحات
والأحد الماضي, أوضح مكتب البرهان أن “رئيس مجلس السيادة ذكّر الموقعين على اتفاق سلام جوبا”، الذي “أعطى بعض الاطراف استثناء بخصوص المشاركة في الانتخابات المقبلة”، لكنه “لم يشر إلى أي مؤسسات تابعة للجيش أو مؤسسات الدولة، وهذا ما لزم التنويه بشأنه”.
ويقول مصدر بوكالة الصحافة الفرنسية أن المقابلة التي أجريت مع رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان أصلها كتب بالعربية ومن ثم ترجم الى اللغات الأخرى.
ويشغل البرهان منصب رئيس مجلس السيادة الانتقالي منذ إطاحة نظام عمر البشير في أبريل 2019، وأزاح في 25 أكتوبر الماضي المدنيين من الحكومة وفرض حالة الطوارئ، مما قطع الفترة الانتقالية بعد انقضاء عامين على بدئها.
لكن البرهان وقع في 21 نوفمبر الماضي, اتّفاقاً سياسيّاً مع عبد الله حمدوك رئيس الوزراء الذي عزله، ليعيده إلى السلطة مرة أخرى.
وأكد البرهان في تصريحات أخرى نقلتها وكالة رويترز للأنباء أن الجيش سيترك الساحة السياسية بعد الانتخابات المقررة في 2023، واعتبر أن هناك “مؤشرات إيجابية” تتصل بعودة دعم المجتمع الدولي للخرطوم.
وقال البرهان بحسسب “رويترز” في مقابلة أجرتها معه أمس السبت: “عندما تأتي حكومة منتخبة الجيش والقوات النظامية ليست لديها مشاركة في الشأن السياسي”, مشيراً إلى أن هذا هو الوضع الطبيعي وما تم الاتفاق عليه.
قوى الثورة المضادة
ولكن لا تزال ثورة ديسمبر 2018 أشبه بأسوأ الكوابيس التي لم تكن تتوقعها قوى الثورة المضادة للربيع العربي. وبينما كانت نار الثورة تتنقل بين المدن في السودان وهي تتوسّع في حجمها ورقعتها الجغرافية، كانت أصابع تلك محاور تتحرّك وراء الكواليس وفي الظلام في محاولة لوأد ذلك التحرك الشعبي الباسل وتقديم الخطط للقضاء على الثورة.
لكن سيناريوهات المحاور فشلت في تقليم أظافر الثورة السودانية، التي حافظت على حراكها السلمي دون أن تنزلق الى مربع العنف، مما دفع تلك الدول بعدما أيقنت بعد السادس من أبريل أن البشير في طريقه الى النهاية، الى اللجوء للخطة (ب) وهي استغلال ثورة الشعب لتكرار سيناريو أشبه بصعود السيسي الى سدة السلطة في مصر.
عموماً في عالم السياسة كل شئ وارد وكل شئ متوقع, ترى هل يريد الشق العسكري حماية نفسه من خلال الانتخابات في 2023 باعتبار انه ما زال متمسكاً بالسلطة ولا يريد التفريط في المكاسب التي حققها.
التيار