مانفستو أبادماك (1969): خمسون عاماً في الذكرى.

مانفستو أبادماك (يناير 1969): نحو الذكرى الخمسين لميلاد أبادماك
في يناير 2019 تمر الذكرى الخمسين لتأسيس تجمع الكتاب والفنانين التقدميين (أبادماك لاحقاً) و(أشباله: طلائع الهدهد “حنتوب”، وطلائع النخيل “مروي”، وطلائع القندول “القضارف”). وتعاقدنا على انتهاز عام 2018 لنشر وثائقه منجمة ووثائق أشباله والذكريات عنهما للجيل الطالع حتى يوم نحتفل في ختام العام. وهذا نداء لمن بيده شيء من هذا ألأدب أن يوافينا. والراغب في عوننا تقنياً مرحباً ألف مرحب. وننشر اليوم نص مسودة مانفستو أبادماك التي ناقشها اجتماعه التمهيدي بجمعية الصداقة الألمانية (الشرقية) بالخرطوم صباح جمعة ما من يناير 1969. وقد أجازها الاجتماع بغير تعديل. ويحتاج الأمر مع ذلك الي الرجوع إلى نص الوثيقة كما نشرت بعد إجازتها في الصحف. وتظهر صورة من ذلك الاجتماع باهتة ضمت على المنصة كاتب السطور وعن يمينه طه أمير طه، وبعده عوض جاد الرب، ثم خالد المبارك. ولك أن تحدس البقة من وجوه غمّضها النقل عن صحيفة قديمة.

وثيقة للنقاش في سبيل تجمع الكتاب والفنانين التقدميين (يناير 1969)
إذا كنا نحتفل الآن بالذكري الثالثة عشر لاستقلال السودان فلابد أننا قد نلنا الاستقلال في عام 1956. وهكذا يجري الحساب: 1956، 1957، 1958، 1959، 1960، 1961، 1962، 1963، 1964، 1965، 1966، 1967، 1968. العام يساوي 12 شهراً، واالشهر يساوي معدل 30 يوماً، واليوم يساوي 24 ساعة، والساعة تساوي 60 دقيقة، والدقيقة تساوي 60 ثانية. فحصاد الإستقلال من الثواني =13 x 12 x 30x 24 x 60 x 60 = 404352000 ثانية حزن. إذاً 404352000 وحدة من الحزن في ظل الإستقلال. ولا مفر أن نعيش حياتنا ثانية بثانية، حزناً بحزن، فبين أن نموت وأن نحيا ثانية واحدة.
حسبت الطبقات الحاكمة في بلادنا، بخلفيتها الثقافية التي تعني بالاشتقاق، أن الاحتفال بذكري الاستقلال يعني سوق الذكريات واجترارها. ما جاء ذكر لدور الخريجين في الاستقلال حتى نهقوا بكلمات مستر سايمز، مدير الخرطوم، لدي افتتاح نادي الخريجيين (بأم درمان، 1919): “سيكون لهذا النادي أيما شأن في تاريخ هذه البلاد”. كلمات مقرفة تنال الرضا من لسان الطغيان بحجة أن الفضل ما شهدت به الأعداء. في مثل هذا اليوم من كل عام تتواتر ذكرياتهم مع المآمير ومساعدي مفتشي المراكز ومفتشي المراكز ومدير المديريات والسكرتير القضائي والسكرتير المالي والسكرتير الإداري ومدير المخابرات والحاكم العام. ذكريات فيها تصورات باهتة وقاصرة للعمل الوطني وفيها قدر من المخازي يندي لها الجبين.
باسم تلك الذكريات نحكم بل نلجم بل نلعن ما أراد هذا الجيل أن يضع بصمته تغييراً وإبداعاً على وجه الحياة. ولكأن الذكريات وقف على فئة معينة. يريدون بذلك أن نلقى الأبناء والأحفاد وذواكرنا فارغة إلا من الأحلام المثخنة بجراحها والطموح المعفر بالهزيمة والهواجس والمفازع.
وبإسم تلك الذكريات يتورد خد طلائع المتعلمين بالعافية والرونق والبهاء. تتحدث عنهم أبواب المجتمع كوجهاء أيان حلوا لعلاج أو لصفقة أو لتهريب أو لنزوة أو لسمسرة أو شهوة. المدينة تنشأ تحت العلم المثلث الألوان، وتحبل تحت قبة البرلمان، وتلد بمصاحبة السلام الوطني المعمار المثلوم الزهو، وأفخر ما يبتاعه المال من الناس والأشياء. وتدفن (المدينة) السلاة، دمامتها الخلقية، فتنبت قري من الكرتون، وشعب من الهزال والوحشة والإرهاق. تحت قبضة الإطمئنان الوقح الجريء تتفتت بلادنا أشلاء، وسيصبح ذات يوم فإذا خانة (كل البلدان) في جوازات سفرنا شاملة ربما لجمهورية دارفور، أو حكومة أزانيا، أو دولة كسلا. وسنفقد لون العسل من عيوننا تماماَ. إزاء الخواء الروحي وجفاف شرايين الإلهام في الطبقات الحاكمة (تخرج، كلمة غير واضحة) قوي الردة الرجعية أصيلة النسب تطرح بديلاً لشعبنا حقداً، ودماً ملوكياً أزرق، ورؤى متشجنة تلوي عنق الماضي قسراً وأبتذالاً ليجيب على الأسئلة المعاصرة في عالم العصر. حديث فقير العاطفة ناقص العقل عن الدستور الإسلامي يتصيدون به حركة التقدم والمعاصرة لإغراق أمتنا ملايين الفراسخ في قاع التاريخ. أناخ بهم الكفاف، فانكفأوا على مصالحهم الممجوجة، فلجأوا إلى الأقنعة المستعارة. شحوا عن البذل الصادق والواعد للشعب فتدافعوا إلى وجدانه يخوضون في صفائه بارجلهم الملطخة بالأوبئة والجراثيم والحمى الراجعة.
تتقيأ أوربا الرأسمالية عقدها النفسية على أرضنا العربية، إسرائيل، لتصبح واجهة ليبرالية رأسمالية في دائرة النظام الغربي الرأسمالي، ولتأكيد سيادة العقل الرأسمالي على أنماطنا الحضارية العربية، وليس في جعبة التخلف والردة في بلادنا غير التوسط الدبلوماسي المزري أو النكوص إلى التاريخ هرباً من التحدي وفراراً من العصر.
بلادنا، هذه القنطرة بين حضارة أفريقيا وحضارة العرب، ما تزال ثقافة طلائع المتعلمين البرجوازيين والرجعيين تعجز أن تحل الكلمات فيها مكان الرصاصة حيث يلتقي الإنسان بالإنسان قاتلاً ومقتولا وحيث الموت المجاني. وبدلاً من مواجهة التحدي في سبيل أن نتعارف على هذه الرقعة من العالم شعوباً وقبائلاً في إحترام متبادل لموروثاتنا، تساق التبريرات للعجز وتصنف المعاذير، وتستعلي الجهالة الجوفاء، وتتمطي سدود الغباء البشري في تقليد ومحاكاة مؤسفة لسدود الطبيعة.
ظل اول يناير فجيعة كبري لجيل من الكتاب والفنانين حسبوا أن السيادة الوطنية ستثمر قطرة عافية في عيون قوي الشعب العاملة والمكدودة. فما زاد الرمد الحبيبي في عيون تلك القوي إلا صديداً.
وظل ذلك الجيل يشهد انفطار الأمة إلى أمتين، وانقسام امتدادات قطع الأراضي السكنية إلى امتدادين، أو ثلاثة، وانفلاق جمهور الشارع إلى سابلة وراكبة، وانشطار السوق إلى سوق للشمس وآخر للنيون. ظل ذلك الجيل يشهد ثقافة طلائع البرجوازيين تظلع مستغفرة إلى الحضن الرجعي القديم، إلى كنف الإدارة الأهلية، ومحاكم الشرع، ومنظمات قطاع الطرق للتقدم. ظل الجيل يشهد شعارات الإشتراكية تسرق (كلمة غير واضحة) لتوضع على واجهات الطموح الخصي والمصالح البائرة. وحين التحموا (الجيل) بالحياة عراكاً وتضحية في سبيل أكتوبر 1964 شاءت الطبقة الحاكمة إلا أن تجعل ذلك الالتحام ذكري مصبوغة بالأسي والخيانة، والنهب الصريح تصل الأبناء والأحفاد من خلال الحسرة واصطفاق الأيدي والتنهد المرير.
على تلك الرؤى الحافلة بالحزن والتمرد والغضب يقف هذا الجيل من الكتاب والفنانين مستشرفاً الإشتراكية خلاصاً ومخرجاً لأن الإنقباض في عيون العمال، والأسي على قسمات المزارعين، والخيبة في صدور المتعلمين العامرة قلوبهم بحب الأرض والشعب . . . لأن ذلك جميعاً قد استعصى على التعبير. لأن الأسي والانقباض والخيبة قد تفاقمت بدرجة أذلت الحرف، وأهانت باللون، وبصقت في وجه اللحن. وهتفت قدرات التعبير في هذا الجيل أن لا مناص من الانغماس حتى (الآذان، غير واضحة) تعبيراً وقتالاً في سبيل وعي جديد يسترشد به الشعب. توبخنا الرؤى الفنية المضمخة بالأسي والثورة إن وقفنا بها أما باب الواعظ أو القاضي أو الناظر في المظالم أو المحتسب أو الخطيب أو جماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر نبتغي الإذن والسماحة والنوال. فقد أدرنا ظهورنا نهائياً للمواعظ البليغة وللوصاية البلهاء. فشعبنا يذله الهوام ويبتزه الوالغون في شرفه والعالم يمتد رهيباً يغري بالمغامرة في اشكال التعبير ومحتواه. مغامرة تلد المغامرة في حراسة مُثل الإبداع الرصينة، وبلذة الاكتشاف المروع والمدهش. مغامرة تتجاوز اطمئنان البرجوازيين ومساوماتهم المخلة، وتجرف سدود دعاة الرجعية والتقليد الذين انتهي العالم عندهم البارحة عشاءً.
من أسي طبقات الشعب المصفد. من تطلع التطلع في عيون الناس: النساء والرجال. من مقومات مقومات التراث السوداني، وفي سبيل أمة معاصرة لا يخطب كتابها وفنانوها ود هالة القمر شعراً وتبتلاً في زمان أصبح فيه القمر بلونين رمادي وأزرق، ومناطق خالية من اللون تماماً.
وصوب الإشتراكية تنطلق مسيرة هذا القبيل من الكتاب والفنانين برصيد 404352000 وحدة من الحزن في بنك الإرتياد والمغامرة والصلابة. . . مسيرة الذكريات الجديدة لا مع مفتش المركز ومدراء المديريات والسكرتير القضائي والمالي والإداري والحاكم والمفوض المصري والإنجليزي . . . الذكريات الجديدة مع مزارعي مشروع أم دقرسي، وعمال مصنع السكر بخشم القربة، وأعراب بني هلبة والمجانين والمساكين الطوال والقصار والمسيرية الزرق والحمر، مع دينكا علياب والأشولي، النقو والفرتيت. . مع ماركس، مع لينين، مع سارتر، مع بول روبنسون، مع سان سيمون، مع فرانز فانون، مع بيكاسو، مع روسيليني، مع خالد محمد خالد، مع نايريري، مع كازنتيزاكس، مع رَسل، مع قانون فائض القيمة والديالكتيك، مع قوانين إنتشار الثقافة والعوائد والتغيير. . . مع الشمس القمر النجوم ومراكب الفضاء. . . مع التقدم. . . مع العصر . . . مع الثواني جميعاً بالفرح والحزن والفخر.
في عيون (شعبنا) الذكاء والثورة فكيف صنعوا من بلادنا هذه الكتلة الغريبة البلهاء؟
خدود الشعب عجفاء شاحبة فكيف توردت خدودهم لمعة وسكرة وامتلاء؟
مساحة بلادنا مليون ميل مربع فكيف نبتت قري الكرتون؟
ما هذا الأسي؟
ما هذه القروح؟
كيف نكتب بدون قتال؟

سكرتارية التحضير لتجمع الكتاب والفنانين التقدميين (أبادماك)

عبد الله علي إبراهيم
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. رداً على بروف عبد الله في انتقاده للكتاب الاسود .. بقلم: إسماعيل عبدالله
    في مقال بعنوان (الكتاب الاسود : سقف برجوازية دارفور الصغيرة للنهضة) , تحامل الدكتور عبد الله علي ابراهيم كثيراً على مقاصد هذا الكتاب الذي اثار جدلاً كبيراً , فقام بانتقاد النخبة الدارفورية و اطلق عليها اوصافاً من شاكلة برجوازية دارفور , و له في ذلك حق اصيل كاكاديمي ضليع ومراقب للشأن السوداني عامة , و للأزمة في دارفور بصفة خاصة , مثلما لنا من حق الرد على ما نراه غير متسق مع الطرح الشامل , الذي جاء به الكتاب المعني , فمحاولته تسفيه ما جاء به الكتاب الذي فضح منظومات الحكم المركزية المتعاقبة , وذلك بكشفه لاعتلال و اختلال ميزان العدالة في الدولة السودانية الحديثة , وبالارقام والاحصائيات الدقيقة , فهذا امر غير موفق من رجل باحث واكاديمي يرجى منه تقديم الحلول , و المعالجات النافعة لازمات الوطن السياسية و الفكرية, بحيادية لا يشوبها الميل العاطفي لذوي القربى و الاهل في الجهة , ان حساسية قضايا الهامش السوداني الذي اهملته النظم المركزية في التنمية , تتطلب الدقة وعدم الانسياق وراء إلهامات الترف الفكري , و اتباع الطريقة التقليدية للمثقف المركزي في نظرته لازمات الوطن الشاملة , فوصفه لقيادات حركات دارفور بالبرجوازية الصغيرة وصف جانبه فيه الصواب , فالبرجوازية بحسب تعريف الفكر الذي يعتنقه كاتب المقال , هي طبقة تمتلك رؤوس الاموال وتسيطر على مؤسسات الدولة و المجتمع , وتعيش هذه الطبقة على فائض قيمة عمل العمال , ومن طرافة هذا التعريف ان كل هذه الاوصاف التي حواها تنطبق على عصبة المؤتمر الوطني التي يداهنها الكاتب , في كثير من كتاباته و احاديثه المنقولة عبر تلفاز الحكومة , اكثر من تطابقها مع حال قادة الحراك الثوري في دارفور , فالشهيد خليل ابراهيم كان ابن اسرة بسيطة من قرية (الطينة) , التحق بالمدارس الحكومية مثله مثل ابن اي مزارع , او موظف دولة صغير في ذلك الزمان , و على ذات الطريق سار الشهيد المهندس داؤود يحي بولاد , ابن الاسرة المتواضعة التي لا علاقة لها باكتناز الاموال و التجارة , ولا يشغل اعمامه و ابناء عمومته وظائف عليا في الدولة.
    يقول عبد الله :(فرهن مثل هذه الثورة بقيادات غاب عنها البعد القومي , وايقظت فتنة النعرات الاثنية و الثقافية لمآربها ) , ولكأني بالبروفسور الشهير يحاول رمي قيادات الحراك الدارفوري بداء قومه وينسل , لانه من المعلوم بداهةً لنا جميعنا , ان البعد القومي قد غاب عن منظومات الحكم المركزية في السودان منذ الاستقلال , فاكثر ما يميز كل الانظمة الحاكمة التي تعاقبت على كرسي السلطة , هو نشاز التشكيلة المسيطرة على دفة الادارة , وبين ظهرانينا نظام الانقاذ و تمكينه للممارسة الجهوية في مفاصل مؤسسات السلطة , اما فتنة النعرات الاثنية يا عزيزنا عبد الله فقد أسس لها النظام القائم اليوم , وانشأ لها قسم متخصص في جهاز امنه ومخابراته , اطلق عليه مسمى شعبة القبائل , لكي يمدد رجليه ليخطط وينفذ اوامر إشعال الحروب القبلية و النزاعات العرقية في السودان , وفي سبيل هذا النشاط الاجرامي بُذلت الاموال و الميزانيات الضخمة , وفي ذات المقال الذي نحن بصدده اليوم سطر قلم الدكتور ما بين القوسين : (فاوسع تظلماتها انتشاراً كان الكتاب الاسود الذي انصرف بشكل رئيسي لبيان قلة حظ مثقفي دارفور) , وهنا افتقار للامانة العلمية و تبسيط مخل لما جاء في الكتاب الذي كشف عن خبايا الظلم المؤسس , الذي ظلت تمارسه انظمة الحكم المركزي عبر جميع حقبها , حيث ان الكتاب ابان بشكل رئيسي اختلال ميزان العدالة في جميع اقاليم السودان , وكانت الجدولة شاملة , و لم تترك اقليم الا واحصت ما له من عدد من السكان , مقابل ما يستحوذ عليه من نفوذ اداري في هرم سلطة الدولة , فرؤية الكتاب يجب ان لا تُختزل في المحور الدارفوري , لان محتوى الكتاب بمجمله يعبر عن رؤية شاملة , يمكن ان تكون قاعدة بيانات يعتمد عليها في إحقاق الحق , وحل الازمة الوطنية المستحكمة بشكل جذري , كما اعيب على الدكتور عبد الله هذه العبارة الغير دقيقة و المزيفة للحقيقة (قلة حظ مثقفي دارفور) , فحصر حقوق اهل دارفور ومثقفيهم في قدرية الحظ و معادلة القسمة والنصيب , يمثل عينة و نموذج من الكتابات المستهترة والصادرة من المثقفين المركزيين , تجاه القضايا المصيرية لسكان هامش البلاد , والتي تتعلق بالهجرة و النزوح و مواجهة الموت والتقتيل بآلة النظام , فايداع مسودة حقوق الناس في سلة الحظ و القدر و النصيب , ليس بالرأي السديد الذي يجب ان يصدر ممن يريد ان يقدم نقداً علمياً بناءً للقضية , وهي ذات النزعة السيكلوجية المحركة لحكام المركز تجاه قضايا المهمشين , والتي ادت الى استمرار المأساة زمناً طويلاً دون حل , والسبب هو هذا الشعور الخفي و الاحساس الضمني بعدم الاعتراف بالآخر و بحق هذا الآخر في ان يكون آخراً , وفي ذات سياق المقال أتانا البروف بهذه الجملة : (من ابرز عيوب الكتاب المنهجية انه لم يعتبر العاصمة كاقليم مستقل تجري عليه قسمة الوظائف و الخدمات في حد ذاته) , وانا اقول له ان العاصمة المثلثة لا يمكن النظر اليها بمعزل عن اقاليم السودان الاخرى , ولا يمكن استثنائها من شمول رؤية الكتاب المعالج لازمة اختلال ميزان العدالة في السودان , فبرغم غلبة كثافة سكان العاصمة من ذوي الاصول الكردفانية والدارفورية و الشرقاوية , الا ان ظاهرة الجعللة و الشقشقة و الدنقلة التي اشار اليها الكتاب , تجدها طاغية على وظائف مؤسسات هذه العاصمة , وهذه حقيقة واجب على كل صادق يؤمن بضرورة اعادة هيكلة مؤسسات الدولة , بما يتوافق مع التمييز الايجابي لسكان السودان ان يتبعها , اما المقاربة في صراع السلطة في ولاية الخرطوم بين بدر الدين طه والراحل مجذوب الخليفة , فهي مثل عملية ازاحة علي عثمان و تنصيب بكري حسن صالح , وهي مقاربة تثبت الحقيقة الراسخة في اطروحة جدلية المركز والهامش , وهي السيطرة الجهوية على مفاصل السلطة والوظائف العليا للدولة المركزية , وهو عكس ما اراد ان يوصله الدكتور عبد الله الى وعي القاريء.
    اخيراً يستغرب البروفسور عبد الله في مقاله هذا , في لماذا جعل الكتاب الاسود الاقليم كوحدة للقياس في تحليل ازمة الحكم و الادارة في البلاد , واستغرابه هذا ينم عن نظرة تقليدية معتادة من قبل كتاب المركز الذين يعتبر هو واحد منهم تجاه الاقاليم السودانية , فكثير منهم لا يستصحبون تاريخ هذه الاقاليم الغابر , عندما كانت ممالك وسلطنات و دول لها وجود سابق لكينونة و وجود الدولة السودانية الحديثة , فهذه الاقاليم عبارة عن كتل بشرية ذات سبق حضاري وموروث خاص بها في شئون الحكم و الادارة , ومن الصعوبة بمكان ان تتماهى مع نظام مركزي متسلط , فهب ان هذه الاقاليم السودانية كانت تحت مظلة نظام ادراي فدرالي حقيقي , لكانت حينئذ هي المساهم الاكبر في بناء دولة سودانية عظمى في المنطقة , وما تفجر الصراع في كردفان ودارفور والنيل الازرق و شرق السودان , الا لأن هذه الشعوب لها بنيان حضاري يمتاز بالاستقلالية , ويرفض عمليات الادماج القسري في الانظمة و الحكومات المصنوعة بواسطة المستعمر الاوروبي.
    دائماً ما نفاجأ نحن ابناء الهامش السوداني , الذين حباهم الله ببصيص ضوء متواضع من الوعي و المعرفة , بفجاجة كتاب ومثقفي المركز في تناولهم لازماتنا التي لا ينظرون اليها , الا من على سطح قشورها , فتأتي تحليلاتهم و تنظيراتهم فطيرة و مبتورة , ولا تلامس جذور هذه الازمات , لقد كان وما يزال الكتاب الاسود بمثابة السفر الذي اهتدى اليه الكثيرون من ابناء الهامش التائهين , فهو الملهم للثوار الذين ما زالوا متمسكين بالطريق الذي اختطه لهم الراحلون والشهداء الاوائل , من امثال يوسف كوة مكي و داؤود يحي بولاد و خليل ابراهيم محمد.
    اسماعيل عبد الله
    [email protected]

  2. ياسلام عليك يايروف روعة مابعدها روعة فعلا الشبأب محتاج لجرعات زى دى عشان يعي ماضيه ويتسلح بيهو لمستقبلو
    لكن ارجو ان تطعم مقالاتك الدسمة دى بشى من قصصك واحلامك الايروتكية وال wet dreams

  3. تعليق على الذين إجتمعوا:

    يا سلام على الصورة طرفاها عبد الله علي إبراهيم وخالد المبارك وتجسد،في النهاية، المصير الذي آل إليه تجمع مثقفي البرجوازية الصغيرة (أبو دُمُكْ)

  4. من محن الدكتور عبدالله ان هذا المنفستو فيه كثير من المعاني التي يقول بها عثمان ميرغني ومن يشاركونه الراي ولكن الدكتور ينعيها عليهم.
    نامل من الدكتور من التركيز علي الماضي وان يهتم بالحاضر السوداني ويسهم في الكتابة عن اسلم الطرق للنهوض بالوطن من الواقع الحالي الذي لا يسر صديقا ولا عدو.
    اشبعتهم سبا وساروا بالابل.

  5. جمعيه من مؤسسيها عبد الله علي إبراهيم وخالد المبارك في “صورة باهتة” من صحيفة قديمة!! ما أصدق النهايات!!

  6. رداً على بروف عبد الله في انتقاده للكتاب الاسود .. بقلم: إسماعيل عبدالله
    في مقال بعنوان (الكتاب الاسود : سقف برجوازية دارفور الصغيرة للنهضة) , تحامل الدكتور عبد الله علي ابراهيم كثيراً على مقاصد هذا الكتاب الذي اثار جدلاً كبيراً , فقام بانتقاد النخبة الدارفورية و اطلق عليها اوصافاً من شاكلة برجوازية دارفور , و له في ذلك حق اصيل كاكاديمي ضليع ومراقب للشأن السوداني عامة , و للأزمة في دارفور بصفة خاصة , مثلما لنا من حق الرد على ما نراه غير متسق مع الطرح الشامل , الذي جاء به الكتاب المعني , فمحاولته تسفيه ما جاء به الكتاب الذي فضح منظومات الحكم المركزية المتعاقبة , وذلك بكشفه لاعتلال و اختلال ميزان العدالة في الدولة السودانية الحديثة , وبالارقام والاحصائيات الدقيقة , فهذا امر غير موفق من رجل باحث واكاديمي يرجى منه تقديم الحلول , و المعالجات النافعة لازمات الوطن السياسية و الفكرية, بحيادية لا يشوبها الميل العاطفي لذوي القربى و الاهل في الجهة , ان حساسية قضايا الهامش السوداني الذي اهملته النظم المركزية في التنمية , تتطلب الدقة وعدم الانسياق وراء إلهامات الترف الفكري , و اتباع الطريقة التقليدية للمثقف المركزي في نظرته لازمات الوطن الشاملة , فوصفه لقيادات حركات دارفور بالبرجوازية الصغيرة وصف جانبه فيه الصواب , فالبرجوازية بحسب تعريف الفكر الذي يعتنقه كاتب المقال , هي طبقة تمتلك رؤوس الاموال وتسيطر على مؤسسات الدولة و المجتمع , وتعيش هذه الطبقة على فائض قيمة عمل العمال , ومن طرافة هذا التعريف ان كل هذه الاوصاف التي حواها تنطبق على عصبة المؤتمر الوطني التي يداهنها الكاتب , في كثير من كتاباته و احاديثه المنقولة عبر تلفاز الحكومة , اكثر من تطابقها مع حال قادة الحراك الثوري في دارفور , فالشهيد خليل ابراهيم كان ابن اسرة بسيطة من قرية (الطينة) , التحق بالمدارس الحكومية مثله مثل ابن اي مزارع , او موظف دولة صغير في ذلك الزمان , و على ذات الطريق سار الشهيد المهندس داؤود يحي بولاد , ابن الاسرة المتواضعة التي لا علاقة لها باكتناز الاموال و التجارة , ولا يشغل اعمامه و ابناء عمومته وظائف عليا في الدولة.
    يقول عبد الله :(فرهن مثل هذه الثورة بقيادات غاب عنها البعد القومي , وايقظت فتنة النعرات الاثنية و الثقافية لمآربها ) , ولكأني بالبروفسور الشهير يحاول رمي قيادات الحراك الدارفوري بداء قومه وينسل , لانه من المعلوم بداهةً لنا جميعنا , ان البعد القومي قد غاب عن منظومات الحكم المركزية في السودان منذ الاستقلال , فاكثر ما يميز كل الانظمة الحاكمة التي تعاقبت على كرسي السلطة , هو نشاز التشكيلة المسيطرة على دفة الادارة , وبين ظهرانينا نظام الانقاذ و تمكينه للممارسة الجهوية في مفاصل مؤسسات السلطة , اما فتنة النعرات الاثنية يا عزيزنا عبد الله فقد أسس لها النظام القائم اليوم , وانشأ لها قسم متخصص في جهاز امنه ومخابراته , اطلق عليه مسمى شعبة القبائل , لكي يمدد رجليه ليخطط وينفذ اوامر إشعال الحروب القبلية و النزاعات العرقية في السودان , وفي سبيل هذا النشاط الاجرامي بُذلت الاموال و الميزانيات الضخمة , وفي ذات المقال الذي نحن بصدده اليوم سطر قلم الدكتور ما بين القوسين : (فاوسع تظلماتها انتشاراً كان الكتاب الاسود الذي انصرف بشكل رئيسي لبيان قلة حظ مثقفي دارفور) , وهنا افتقار للامانة العلمية و تبسيط مخل لما جاء في الكتاب الذي كشف عن خبايا الظلم المؤسس , الذي ظلت تمارسه انظمة الحكم المركزي عبر جميع حقبها , حيث ان الكتاب ابان بشكل رئيسي اختلال ميزان العدالة في جميع اقاليم السودان , وكانت الجدولة شاملة , و لم تترك اقليم الا واحصت ما له من عدد من السكان , مقابل ما يستحوذ عليه من نفوذ اداري في هرم سلطة الدولة , فرؤية الكتاب يجب ان لا تُختزل في المحور الدارفوري , لان محتوى الكتاب بمجمله يعبر عن رؤية شاملة , يمكن ان تكون قاعدة بيانات يعتمد عليها في إحقاق الحق , وحل الازمة الوطنية المستحكمة بشكل جذري , كما اعيب على الدكتور عبد الله هذه العبارة الغير دقيقة و المزيفة للحقيقة (قلة حظ مثقفي دارفور) , فحصر حقوق اهل دارفور ومثقفيهم في قدرية الحظ و معادلة القسمة والنصيب , يمثل عينة و نموذج من الكتابات المستهترة والصادرة من المثقفين المركزيين , تجاه القضايا المصيرية لسكان هامش البلاد , والتي تتعلق بالهجرة و النزوح و مواجهة الموت والتقتيل بآلة النظام , فايداع مسودة حقوق الناس في سلة الحظ و القدر و النصيب , ليس بالرأي السديد الذي يجب ان يصدر ممن يريد ان يقدم نقداً علمياً بناءً للقضية , وهي ذات النزعة السيكلوجية المحركة لحكام المركز تجاه قضايا المهمشين , والتي ادت الى استمرار المأساة زمناً طويلاً دون حل , والسبب هو هذا الشعور الخفي و الاحساس الضمني بعدم الاعتراف بالآخر و بحق هذا الآخر في ان يكون آخراً , وفي ذات سياق المقال أتانا البروف بهذه الجملة : (من ابرز عيوب الكتاب المنهجية انه لم يعتبر العاصمة كاقليم مستقل تجري عليه قسمة الوظائف و الخدمات في حد ذاته) , وانا اقول له ان العاصمة المثلثة لا يمكن النظر اليها بمعزل عن اقاليم السودان الاخرى , ولا يمكن استثنائها من شمول رؤية الكتاب المعالج لازمة اختلال ميزان العدالة في السودان , فبرغم غلبة كثافة سكان العاصمة من ذوي الاصول الكردفانية والدارفورية و الشرقاوية , الا ان ظاهرة الجعللة و الشقشقة و الدنقلة التي اشار اليها الكتاب , تجدها طاغية على وظائف مؤسسات هذه العاصمة , وهذه حقيقة واجب على كل صادق يؤمن بضرورة اعادة هيكلة مؤسسات الدولة , بما يتوافق مع التمييز الايجابي لسكان السودان ان يتبعها , اما المقاربة في صراع السلطة في ولاية الخرطوم بين بدر الدين طه والراحل مجذوب الخليفة , فهي مثل عملية ازاحة علي عثمان و تنصيب بكري حسن صالح , وهي مقاربة تثبت الحقيقة الراسخة في اطروحة جدلية المركز والهامش , وهي السيطرة الجهوية على مفاصل السلطة والوظائف العليا للدولة المركزية , وهو عكس ما اراد ان يوصله الدكتور عبد الله الى وعي القاريء.
    اخيراً يستغرب البروفسور عبد الله في مقاله هذا , في لماذا جعل الكتاب الاسود الاقليم كوحدة للقياس في تحليل ازمة الحكم و الادارة في البلاد , واستغرابه هذا ينم عن نظرة تقليدية معتادة من قبل كتاب المركز الذين يعتبر هو واحد منهم تجاه الاقاليم السودانية , فكثير منهم لا يستصحبون تاريخ هذه الاقاليم الغابر , عندما كانت ممالك وسلطنات و دول لها وجود سابق لكينونة و وجود الدولة السودانية الحديثة , فهذه الاقاليم عبارة عن كتل بشرية ذات سبق حضاري وموروث خاص بها في شئون الحكم و الادارة , ومن الصعوبة بمكان ان تتماهى مع نظام مركزي متسلط , فهب ان هذه الاقاليم السودانية كانت تحت مظلة نظام ادراي فدرالي حقيقي , لكانت حينئذ هي المساهم الاكبر في بناء دولة سودانية عظمى في المنطقة , وما تفجر الصراع في كردفان ودارفور والنيل الازرق و شرق السودان , الا لأن هذه الشعوب لها بنيان حضاري يمتاز بالاستقلالية , ويرفض عمليات الادماج القسري في الانظمة و الحكومات المصنوعة بواسطة المستعمر الاوروبي.
    دائماً ما نفاجأ نحن ابناء الهامش السوداني , الذين حباهم الله ببصيص ضوء متواضع من الوعي و المعرفة , بفجاجة كتاب ومثقفي المركز في تناولهم لازماتنا التي لا ينظرون اليها , الا من على سطح قشورها , فتأتي تحليلاتهم و تنظيراتهم فطيرة و مبتورة , ولا تلامس جذور هذه الازمات , لقد كان وما يزال الكتاب الاسود بمثابة السفر الذي اهتدى اليه الكثيرون من ابناء الهامش التائهين , فهو الملهم للثوار الذين ما زالوا متمسكين بالطريق الذي اختطه لهم الراحلون والشهداء الاوائل , من امثال يوسف كوة مكي و داؤود يحي بولاد و خليل ابراهيم محمد.
    اسماعيل عبد الله
    [email protected]

  7. ياسلام عليك يايروف روعة مابعدها روعة فعلا الشبأب محتاج لجرعات زى دى عشان يعي ماضيه ويتسلح بيهو لمستقبلو
    لكن ارجو ان تطعم مقالاتك الدسمة دى بشى من قصصك واحلامك الايروتكية وال wet dreams

  8. تعليق على الذين إجتمعوا:

    يا سلام على الصورة طرفاها عبد الله علي إبراهيم وخالد المبارك وتجسد،في النهاية، المصير الذي آل إليه تجمع مثقفي البرجوازية الصغيرة (أبو دُمُكْ)

  9. من محن الدكتور عبدالله ان هذا المنفستو فيه كثير من المعاني التي يقول بها عثمان ميرغني ومن يشاركونه الراي ولكن الدكتور ينعيها عليهم.
    نامل من الدكتور من التركيز علي الماضي وان يهتم بالحاضر السوداني ويسهم في الكتابة عن اسلم الطرق للنهوض بالوطن من الواقع الحالي الذي لا يسر صديقا ولا عدو.
    اشبعتهم سبا وساروا بالابل.

  10. جمعيه من مؤسسيها عبد الله علي إبراهيم وخالد المبارك في “صورة باهتة” من صحيفة قديمة!! ما أصدق النهايات!!

  11. كثير من شباب اليوم وحتى التقدميين منهم لا يعرفون شيئا عن تلك الحقبة الزاهية كيف كنا وكيف صرنا.
    بروف هل نطمع في المزيد؟

  12. كثير من شباب اليوم وحتى التقدميين منهم لا يعرفون شيئا عن تلك الحقبة الزاهية كيف كنا وكيف صرنا.
    بروف هل نطمع في المزيد؟

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..