وهل البشير هو (رئيس) السودان أم (مالك) أرضه؟!ا

وهل البشير هو (رئيس) السودان أم (مالك) أرضه؟!!

صلاح عووضة

ـ مهاتفتان تلقيتهما صباح الخميس الماضي من مُحمَّدين؛ يهنئانني فيهما بالنجاح الباهر لابنتي لينة في إمتحان الشهادة الثانوية..

ـ الأول هو محمد زكي السكرتير الخاص للإمام الصادق المهدي..

ـ والثاني محمد غريب الملحق الإعلامي بسفارة الشقيقة مصر بالسودان..

ـ والأخير هذا سألني إن كان هنالك خطأ مطبعي في اسم البنت فأجبته بأنه صحيح ويعني الشتلة الصغيرة لثمرة النخيل كما ورد في الآية الكريمة (وما قطعتم من لينة…)..

ـ أو كما يقول مطربنا الكبير وردي في أغنية (القمر بوبا): (يا شتيلة المشرق النيّ)..

ـ ومحمد زكي هذا يحرص ـ بدأب شديد ـ على أن تكون جسور التواصل الإجتماعي ممتدة رغم ما يضطرب تحتها من مياه، أحياناً، بفعل الخلافات السياسية..

ـ أما محمد غريب فلا مانع (بدني) لديه ـ ولا (نفسي) ـ من أن يشق أنفاقاً في باطن الأرض ليصل عبر (مترو المودَّة) إلى من يرى أنه (واخد على خاطرو شوية) جراء تفاعلات سياسية بين شطري الوادي..

ـ وإذا كان غريب قد قال لي مداعباً ـ خلال مهاتفته تلك ـ أن بداخلي (شوية) مصري فإن هنالك (شويتين) سوداني بداخلي هذا أيضاً..

ـ والمداعبة هذه كانت على خلفية موقفي من قضية حلايب..

ـ ولم يغضب محمد غريب من موقفي المشار إليه وما ينبغي له..

ـ فمن بين زملائنا الصحفيين والمفكرين والمثقفين ـ بشمال الوادي ـ من يجهر بموقف (عكس) دون أن يتساءل إن كنا نحن السودانيين سنغضب أم لا..

ـ بل إن منهم من كتب يقول إن قضية حلايب هذه (محسومة) ولا يجب على حكومة مصر أن تفتح نقاشاً حولها..

ـ والكلمة هذه كانت بعد يوم واحد فقط من تبشير البشير لأهل السودان بأن حدود بلادنا الشمالية هي حتى الأسكندرية تجاوزاً لأزمة حلايب..

ـ والتجاوز هذا أُختزِل في فكرة أن تكون حلايب منطقة تكامل بين البلدين..

ـ ولكن نفراً من زملائنا الصحفيين بشمال الوادي لم تعجبهم حتى الفكرة الإنهزامية هذه من جانب حكومتنا (المنبرشة) دوماً أمام التحديات الخارجية..

ـ فهي حكومة لا تستأسد إلا تجاه الداخل..

ـ وعنترياتها مُدَّخرة على الدوام لبنيِّ جنسها..

ـ وقوتها تستعرضها فقط أمام شعبها..

ـ كتب النفر أولئك من الزملاء المصريين يقولون أن على السودانيين أن ينسوا شيئاً اسمه حلايب..

ـ فحلايب ـ حسب زعمهم ـ مصرية و(خلاص بأَى نفِضَّها سيرة)..

ـ وعضو لجنة العلاقات الخارجية بحزب الوفد أدلى بتصريحات للزميلة (الرأي العام) قبل أيام أبرزت منها عنواناً نصُّه: (كفاية كلام عن حلايب وشلاتين)..

ـ ثم يأبى محمد عبد النعيم إلا أن (تنفقع) مرارة كل سوداني ـ لا أن (توجعه) فقط ـ حين يؤكد في سياق التصريحات هذه نفسها حكاية تبرع حكومتنا (الحاتمية) بمساحة مليون فدان للمصريين من أراضينا الزراعية..

ـ كل اللبس الذي أزاله محمد (عبنعيم) هذا ـ جزاه الله خيراً ـ هو نفيه أن تكون المساحة المذكورة قد مُنِحت لحزب الوفد وإنما للمصريين كافة..

ـ وقال بالحرف الواحد: (هي هدية من فخامة الرئيس البشير لكل الشعب المصري)..

ـ وما نعلمه نحن أن البشير هو (حاكم) السودان وليس (مالك) أرض السودان..

ـ وما نريده من حكومة البشير ـ كشعب سوداني ـ أن تسترجع لنا حلايب وشلاتين وأبو رماد لا أن (تفرِّط) في المزيد من ارض بلادنا..

ـ ولا أظن الأخ العزيز محمد غريب (يخلِّصو) أن يتحدث محمد عبد النعيم ـ وآخرون بشمال الوادي ـ على النحو هذا في مقابل أن (نخرس) نحن (خالص) مراعاة للـ(علائق الأزلية بين البلدين)..

ـ ومفردة (النعيم) هذه ـ للعلم ـ ليست من أسماء الله الحسنى التي تجوز في حقها العبودية إلا أن يكون النعيم الذي عضو حزب الوفد (عبد) له هو من شاكلة المليون فدان التي يتحدث عنها وهو (مزغطط) من الفرح..

ـ ونقول لصديقنا محمد غريب في خاتمة هذه الكلمة ـ بإعتباره حريصاً جداً على علاقات (معافاة) بين شعبي وادي النيل ـ إن السودانيين لا مانع لديهم من أن تكون حلايب منطقة تكامل..

ـ لا مانع لديهم إطلاقاً ـ حسب ظني ـ ولكن بعد أن يكون هنالك جبر للخواطر أولاً..

ـ بعد أن تعود حلايب إلى حضن الوطن..

ـ بعد أن يرفرف العلم السوداني هناك ـ عوضاً عن المصري ـ كما كان الوضع سابقاً..

ـ بعد أن يزول الشعور بالحقارة ـ لدى السودانيين ـ الذي تسببت فيه الإنقاذ (الحِمشة!!)..

ـ بعد أن (تبطِّل) حكومة مصر (تعمل الشويتين بتوعها!!) على حكومتنا (الطيِّبة!!!)..

ـ عند ذاك فإن (الشويتين) السوداني بداخلي على (الشوية) المصري تمتزج في إنسان واحد غير مشتت الوجدان..

ـ إنه إنسان وادي النيل..

ـ وكذا الأمر بالنسبة لكل سوداني.