السودان يصرخ : شان جيك شان، والكيزان لا يفهمون!!

تقول الطرفة إن مريضا صينيا في غرفة الإنعاش في حال يرثى لها، عليه جهاز التنفس الإصطناعي، قام أحد المدعين بالإنتماء له والذي لا يعرف حتى لغته بالدخول عليه، حيث جلس بجانبه يطبطب عليه. ولكن سرعان ما تململ المريض وهمهم بكلمات من خلف كمامة الأكسجين قائلا: “شان جيك شان”. لم يفهم صاحبنا الكلام مواصلا الطبطبة، وبدت على المريض علامات الإجهاد وهو يردد ثانية: “شان جيك شان”. وقام صاحبنا بالمسح على رأسه و المريض ما يزال يردد بصعوبة:” “شان جيك شان” وكأنه يخرج في الروح. فصار حينها يلقنه الشهادة ويقول: “لا إله إلا الله محمد رسول الله” والمريض يقول: :” “شان جيك شان”، وتكرر المشهد إلى أن فاضت روحه ومات.
عندما أتى الطبيب وسأل ما الذي حدث، قال: “كنت جالسا بجانبه فقط وبدأت أطبطب عليه وحينها بدأ يردد: شان جيك شان، شان جيك شان وكأنه يخرج في الروح. فقمت بتلقينه الشهادة إلى أن مات. فقال له الطبيب: ” آه منك يا بليد، المريض كان بقول ليك: قوم من وصلة الأكسجين يا غبي”!!!.
أليس السودان الآن يشبه حال هذا المريض الصيني الذي أمرضته الطغمة الحاكمة وأدخلته في غرفة الإنعاش. فهو ينتظر الشفاء ولكن في كل مرة يفاجأ بمن يدعي يقف بجانبه يجلس في وصلة الأكسجين. والأدهى والأمر إنهم يحسبون إن بكلمات مثل رفع راية لا إله إلا الله والشهادة، والتهليل وحدها سيتعافى هذا الوطن ويشفى من دون تقديم العلاج!!.
إن الحال يغني عن السؤوال. وبما أن الطرفة عن الصينين دعني أحكي لك عن طرفة ثانية. يقال ان هناك معارضا صينيا متخصص في توزيع المنشورات!! والأمن يتربص به، ودائما ما يقبض عليه بتهمة توزيع تلك المنشورات. في أواخر الأيام قبل سقوط النظام المستبد وهو يوزع منشوراته طب عليه رجال الأمن وعندما رأوا المنشورات تفاجأوا بأن الأوراق كلها بيضاء وليس فيها أي كتابة. إلتفتوا عليه بإستغراب: سو وي سو:” وين الكتابة؟”. رد عليهم: نو واي لاي. يعني: “وهي محتاجة كتابة أصلا!!”.
فالحال أصبح لا يحتاج كتابة هذا إن ظل السودان صامدا ومقاوما لم يمت برغم إنقطاع النفس منه. فنحن للأسف لا نفهم من الصيني غير نيهاو.. وأخشى أن يأتي يوما ويصير على السودان يومئذ نيهاو.
ويستمر الدرس الصيني..
إن إستمرار هذه الطغمة في الحكم يزيد من الإحتقان الشعبي الذي قد يولد ثورة غير موجهة الأهداف، ثورة غوغاء، لا تبقي ولا تذر تسيل فيها الكثير من الدماء لا سيما والمعارضة تتقاعس عن دورها الحقيقي في تفعيل الحراك الشعبي البناء بقيادة ثورة موجهة تحدث التغيير المطلوب الذي يقوم بإسقاط هذا النظام الغاشم الظالم أولا.
نتمنى للسودان التعافي من كل الأمراض وأن يخرج من غرفة الإنعاش وأن يكون تعافيه مثل تعافي الصين من التخلف والإنهيار كما حدث في منتصف القرن الماضي. فتاريخ الصين القريب عام 1951 يحكي ظهور حركة شعبية أطلق عليها إسم “سن فن وو فن”. فبعد أن إستقرت الأوضاع بعد الحرب العالمية الثانية وإلتفت الصينيون إلى بناء دولتهم قامت تلك الحركة بغرض تطهير البلاد من الخونة ومفسدي نظام الحكم الذين تسببوا في خراب الإقتصاد وتردي البلاد.
ولكن ما كان يميز حملة “سن فن وو فن” إنها كانت سلمية بحيث يتجمهر عدد من الناس أمام كل من تلك الوزارات أو الهيئات الحكومية والشركات الخاصة الفاسدة ويضعون على واجهتها إعلانا بتهمة معينة. ولا يبرح المتجمهرون المكان أبدا حتى يخرج لهم الوزير أو المسؤول الكبير مطأطأ رأسه وجاثيا على الأرض. ثم يقتاد للمحكمة وهو محاط بهم بحيث يقومون بإهانته بتهم الفساد والخيانة وبرشقه بالطماطم والبيض الفاسد.
واعتقد إن لهذه الحركة دور كبير في تنظيم إنفعال الشعب الثائر وتنفيس غضبه. فهذه الحركة لا تسمح للجمهور بتعدي تلك الإهانة لتصل للكمه أوطعنه أوضربه بالساطور. فتحثهم على أهمية الحكم بالقانون لتأخذ العدالة مجراها وليعاقب بمثل ما عوقب. فإن ثبتت عليه التهمة يمكن أن يطالبوا بتشديد العقوبة عليه أو حتى إعدامه.
هذا يعكس أهمية إنتشار ثقافة الرقابة والمراقبة والمتابعة الشعبية التي غالباً مايكون لها الأثر الأقوى مقارنة بالرقابة الحكومية أو الذاتية لأي حكومة قادمة. ويعكس هذا أيضا أهمية التوثيق لتسهيل وتسريع عملية معاقبة الفاسدين.
أما المحاكمات العلنية لحرامية الحكم ومجرمي النظام تدل على إحترام الناس ولإرسال إشارة إلى أن العدالة تتحقق وأن يد القانون فوق الجميع لكي لا ينفرط عقد الفوضى بالإنتقام.
وهذه دعوة لرصد وتوثيق وحصر جرائم الإسلاميين الحاكمين في السودان، وتبني نهج القانون والعدالة. فحتما سيأتي يوم يحاسب فيه كل من سرق وقتل وشرد وبغى وتكبر وتبجح وتجبر وخدع بإسم الدين و إغترف غرفة ظلم بيده، أو إرتكب مثقال ذرة من أذى لهذا الوطن والشعب.
ليتنا نتعلم من التاريخ. فهذا يساعد في إقامة العدالة الإنتقالية وعدم الإنجرار وراء الحماسة الثورية المغلفة بالحقد والثأر والتي قد تقود البلاد إلى ساحات إنتقام ينسى فيها الإلتفات لرأب الصدع والتركيز في بناء الدولة التي دمرت والتي تكون خارجة لتوها من غرفة الإنعاش.
* أنا محتار فعلا: فلا يزال عدد التوقيعات على مذكرة لإطلاق سراح محمد صلاح وكافة المعتقلين السياسيين أقل من 1500 توقيع!!! والعدد المطلوب 10000 والآن أكثر من 10 أيام!!. وقد كتبت عن هذا الموضوع [url]http://www.alrakoba.net/articles-action-show-id-51057.htm[/url] وستجد رابط الموقع وكيفية التوقيع داخله.
– هذا من أرقى أنواع المقاومة المدنية والتي يمكن أن نبدأ بها.
فإذا لم نفلح في هذا الإختبار البسيط، فمتى سننجح كسودانيين أن نكون يد واحدة أصلا وكيف لنا أن نسقط نظام عصابة الإسلاميين إذن؟
السودان يريد كالجاينيز يفهمونه وليس جنايز يغطسون حجره ويقتلونه كمدا.
[email][email protected][/email]
والله انا كمان من الانقاذ شين ميش شانك ماش (مرضوني مرض شديد)