
أنت يا سيدي مكلف فيما تعقل، ولست مكلفاً فيما تحفظ بلا وعي او ادراك حتى لا تكون مصداقاً لقوله تعالى (كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا).
روى الإمام أحمد، والترمذي، وابن ماجة، والطبراني، وأبو نعيم في “الحلية”، وصححه الالباني، أن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لَا تُؤْذِي امْرَأَةٌ زَوْجَهَا فِي الدُّنْيَا إِلَّا قَالَتْ زَوْجَتُهُ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ: لَا تُؤْذِيهِ قَاتَلَكِ اللهُ؛ فَإِنَّمَا هُوَ عِنْدَكِ دَخِيلٌ يُوشِكُ أَنْ يُفَارِقَكِ إِلَيْنَا).
لسنا بصدد الدخول في علوم الحديث، فهو فن يهتم بالسند، وانت أيها المكلف يهمك المتن أي “محتوى الرواية” لتعمل بموجبه، فإذا كان متن الرواية يتنافي مع روح الدين الذي تجده في المصحف، أو مخالفاً تلك الروح المبثوثة في سيرة كامل الخُلُق عليه الصلاة والسلام، فاعلم أنه ليس من الدين، وإنما هو قول صاحب الرواية، ونحن لا نكذبه ولكن نقول له عفواَ فإننا لا نقبل قولك لأنه يعارض فهمنا للدين، ونحن عقلاء تأبى عقولنا التناقض بين ما نؤمن به وبين ما نمارسه.
فهذا قول بيئة فيها المرأة مجرد متاع، تُباع وتُشترى وتُسبى، وهذا ما جاء القرءان تحديداً لاجتثاثه (وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ، بِأيّ ذَنْبٍ قُتلَتْ)، الوأد ليس فقط القتل الحسي، وإنما هو كل فعل يُزهق قيمة النفس التي كرمها الله تعالى!
من يقرأ القرءان لا يجد فارقاَ في التكاليف بين رجلٍ وامرأة، فالخطاب في القرءان للنفس، بصرف النظر عن جنسها (يا أيتها النفس المطمئنة)، (يا أيها الذين آمنوا…)! ولا تسقط التكليف إلا بغياب العقل، أو رجوع النفس إلى ربها!
حتى المرض لا يُسقط التكاليف الشرعية، ناهيك عن أن تُسقطها “حيضة أو نُفاس”، فالعمل بالرخص هو عين التكاليف الشرعية! فلا يستقيم أن نقول يسقط الصيام عن المرأة لأنها حائض، بل نقول لقد تعبدت الله بما أمرها الله تعالى، بحسب وضعها!
فما بال الرجل الذي يضرب زوجته ويهينها ويعذبها ويرمي باطفالها ولا يتكفل بنفقتهم، ما بال الرجل الذي يعيش على راتب زوجته ويمنعها التصرف فيه، ما بال الرجل الذي ينام قرير العين وزوجته وأهلها ينفقون عليه وعلى أولاده!
ألا يوجد في الجنة من يجبر بخاطر هذه المسكينة، ويقول لهذا الزوج المعتوه (لَا تُؤْذِيهِا قَاتَلَكِ اللهُ؛ فَإِنَّمَا هُي عِنْدَكِ دَخِيلٌة تُوشِكُ أَنْ تُفَارِقَكِ)!
أخيراً أنظر بعقلك وبقلب للخطاب الموجهة للنفس بدون تصنيف (فَالْيَوْمَ لَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَلَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ)
صديق النعمة الطيب
[email protected]



