مقالات وآراء

(حمدوك) …. الذي صبأ

الرشيد العطا 

كان لتوقيع الدكتور عبدالله حمدوك على الاتفاق مع البرهان والكتيبة الانقلابية بمثابة عصىً من الفولاذ في دولاب تقدم ثورة الشباب المدهشة . وخطوة ماحقة وبقعة حالكة السواد في إرث (حمدوك) السياسي . الإرث الذي مات في سن مبكرة جدأ ، على سؤ الخاتمة .
بعد انقلاب ٢٥ أكتوبر الذي لم يكن محسوب العواقب .. وبعد أن بدأ السحر ينقلب على الساحر . وبعد أن أصبح الشارع  أشد فوراناً وثورةً وعنفواناً .. وأقوى تماسكاً .. من ما كان عليه قبل الخامس والعشرين من أكتوبر ، كما ثبت ذلك من خلال المليونيات التي تنادت وتدافعت حتى فاضت بها الشوارع والطرقات في المركز وفي الأطراف .
حين أضحت صور (حمدوك) أيقونةً على رؤوس الشباب الهاتفين بحياة (المؤسس!!!).
وبعد أن كان العالم الحر… متمثلا في الاتحاد الأوروبي ودول (الترويكا).. وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية. وحتى الاتحاد الافريقي قد مارس ضغوطاً عنيفةً مضنيةً ضد الإنقلابيين . حتى أصبحوا لا يدرون ما هم فاعلون. وبدا الندم بائناً عليهم لما قاموا به من فعل زعموه إصلاحاً.
فجأة يخرج علينا حمدوك الحالم .. يده على كتف الرجل الذي طرده من منصبه .. وسجنه .. كفيله الذي أنهى خدماته تعسفياً.. العسكري الذي أنهى خدمات وزراء السيد رئيس الوزراء الذي كان!.. وألغى حكومته .. رجاااله كده . عاد بعد أن تكرم عليه الكفيل بإعادته للخدمة !! وحده دون رفاقه !! فكان ثمن كل تلك الاهانات الاتفاق مع الذي قد أهانه مكافأة له على ما فعل.. فأي (ماسوشيةٍ) تلك؟!! .. راح (المؤسس) يبرر بأنه إرتكب تلك (الكبيرة) حقناً لدماء السودانيين . تلك الدماء التي ما انفكت تهرق ، والأرواح التي ما برحت تزهق بعد الاتفاق المشؤوم كما كانت قبله . وربما بوتيرة أعلى .
سقط المبرر الوحيد الذي اعتمد عليه (تمويهاً) السيد (حمدوك) في إقترافه جريرة الاتفاق.
مكثنا ننتظر بياناً من (المؤسس!).. يدين إستمرار إراقة الدماء … وذلك بفض الاتفاق مع العسكر الذين استمروا في قتل الشباب . فبالمنطق البسيط . حمدوك اتفق مع العسكر لايقاف القتل .. كسبب وحيد للإتفاق .. لم يتوقف القتل . سقط المبرر .. وبسقوطه يسقط الفعل المُبَرَّر .. يُفض الإتفاق .
وما فض حمدوك الاتفاق ..

سقط حمدوك إذاً .. وسقطت صوره عن المواكب التي هتفت (خائن يا حمدوك).
مات إرث (المؤسس) في سن مبكرة على سؤ الخاتمة .. والمؤسف أنه بدلاً من أن يستقيل حين أريق دم الشباب .. استقال  لاحقاً .. وفي خطاب الوداع .. ساوى بين الضحية والجلاد .. ألقى باللائمة على جميع الجهات السياسية.. بما فيها شباب الثورة بالطبع .. أنهم لم يجتمعوا على كلمة سواء!!
فذهب من غير بواكيٍ عليه .. تتبعه دعوات (قطر عجيب) الشهيرة.

اتفاق حمدوك مع الانقلابيين أفرغ الزخم العالمي المساند للثوار من فاعليته .. أصبح العالم يبحث عن المصالحة بين العسكر والمدنيين .. وانقلبت القضية الى الحث على تكوين حكومة مدنية تشارك العسكر .. وانقلب الضغط على المقتول والقاتل بالتساوي . ويا (حمدوك) لا يزال القتل مستمراً .. بل أصبح باصرار أقوى .. وقد كان الضغط الدولي جُنّةً للثوار .. وأنت يا (حمدوك) .. أنت الذي كسرت الزخم الدولي الضاغط على العسكر  “وازهاق الأرواح” الذي سقته سبباً زاد من قسوة القتل نتيجةً لاتفاقك مع من انقلب عليك.
وأني والله أشك .. في أن ميوعة الموقف الدولي الماثلة بين أيدينا الأن .. الى الدرجة التي نتج عنها تعيين وسيط أممي .. هو في حقيقة الأمر منقذ للانقلابيين .. وما نتج عنه من تداعيات .. تذكرنا بالسيناريو السوري .. حين كان سقوط الطاغية بشار قاب قوسين أو أدنى .. قفز الوسيط الأممي الى المشهد .. انعقد مؤتمر أصدقاء سوريا .. مثل ما نعقد مؤتمر أصدقاء السودان مؤخراً .. فتشتت الثوار في بقاع الأرض .. ومكث بشار يمارس القتل حتى هذه اللحظة .. أشك  وليس كل الشك إثمٌ ، ما ذلك  الا مبنيٌّ على تصور السيد (المؤسس) للحل في السودان .. فلا بد أنهم جلسوا اليه .. وطلبوا منه تقريراً .. وتصوراً للمخرج من المأذق .. فاستمعوا له. فهو لديهم مسموع الكلمة.. يستأنسون برأيه.
شكي يتكيء الى حقيقة أن ما ينادي به المجتمع الدولي الان .. هو ذات ما كان ينادي به السيد حمدوك .. وهو ذات التعليل الذي ساقه .. وسوق له كمسوغ لتوقيع الاتفاق الكارثه ، من بين مسوغات ما أنزل الله بها من سلطان.
السيد الدكتور (عبد الله حمدوك) .. جبناك فزعه بقيت لينا وجعه .. يا ليت أنا ما عرفناك .

[email protected]

‫3 تعليقات

  1. من اكثر ما كان يؤرق العسكر هو وجود حمدوك وشعبيته ورمزيته.الرجل كان تحت الااعتقال والضغط الرهيب من العسكر والقوي الدوليه وقد اخطأ واساء التقدير وندم واستقال. تخوينه وحرقه هو الهدفف الذي سعي له العسكر وداعميهم وقد انجزوه بامتياز. لم نتسامي علي جراحنا ونسامح الرجل ونحفظ له مكانته حتي لا نفقد كرتا رابحا في صف الثوره ولكن للاسف فشلنا نحن ايضا في الامتحان وخسرنا وربح العسكر بمنطق صاحب المقال.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..