في النضال اللاعنفي: الاستراتيجية والحملات (1)

في النضال اللاعنفي:
الاستراتيجية والحملات (1)

علاء الدين أبومدين
[email][email protected][/email]

الاستراتيجية هي الخطة التي لديك لكي تكسب. فهي تعني اختيار الأساس الذي سوف تقاتل العدو لأجله.
إذن الإستراتيجية تعني:
? النظر إلى الصورة الكبرى.
? معرفة من الذي لديه السلطة لصناعة القرار.
? تركيز الموارد المناسبة على الأماكن المناسبة وفي الأوقات المناسبة.
ففي بلاد اليونان قديماً كانت للكلمتان التاليتان الدلالات التالية:
Strategos (ستراتيجوس) = الضابط العظيم (الجنرال)
Tacticos (تاكتيكوس) = جنود المشاة
فالحملات الإستراتيجية جزء رئيسي في بناء الحركات. لأن الحملات تعمل على تركيز جهودنا على القوى التي تحتاج إلى تغيير، وينتج عنها في الغالب نصرٌ ما (كبيراً كان أم صغيراً) أو على الأقل تخفيف للضرر. وتتطلب تلك الجهود المشاركة وروح الإبتكار. وبينما نبني السلطة عبر الحملات، فإننا في نفس الوقت نقدم عرضاً لما يُمكن ان يحدث عندما نعمل معاً، وهكذا نُلِّهم الآخرين ونشحذ الخيال الذي يُغذي قدرتنا على التنظيم أكثر فأكثر.
إن قوة الدفع الذاتي في النجاح تعمل على جذب الشعب الذي يميل بشكل عام للإصطفاف بجانب الذين يؤمن بأن بيدهم السلطة. وعندما ننظم الحملات فإننا نبني أيضاً كلاً من قوة الدفع الذاتي والسلطة.
عبر الأجيال، فإن الحركات التي تمثل سلطة الشعب قد استخدمت وبشكل فعال مفهوم “أعمدة الدعم” لفهم المؤسسات / القوى، التي تُساند الأنظمة الظالمة وهياكل السلطة. ومن وجهة نظر استراتيجية، إذا كان باستطاعتك مسح أو إزالة تلك الأعمدة، فإن أولئك الحكام الظالمين / أو الدول الظالمة لن يكون بمقدورها الاستمرار.
إن سلطة الشعب تفهم في إطار أن السلطة هي علاقة هشة تعتمد على طاعة الشعب. لذلك فنحن لدينا السلطة لتغيير تلك العلاقة في أي وقت. إن مهارة وفن هذه العملية إنما يكمن في نزع الدعم عن تلك الأعمدة / أو العمود، الأمر الذي يعني إقناع الناس بداخل المؤسسة / أو تحت العمود، بالمغادرة، أو التوقف عما يفعلون أو تغيير السلوك. هذا يعني البحث عن استراتيجيات لعدم التعاون ذات صبغة جماعية، كالحملات الجماعية، والفعاليات المباشرة المبتكرة وتنظيم المجتمع.
بعض العناصر المفتاحية التي تُمكِّن الإستراتيجية الشعبية من النجاح:
? وضوح ألـ (ماذا؟) وألـ (لماذا؟) أي المنطق:
إغلاق المنطقة المالية لتكون تكلفة الحرب ليست فقط لمنع الغزو بل لمنع الغزوات القادمة أيضاً.
? التعميم المُوسع:
تبوء صفحات الأخبار الأولى، القيام بفعاليات ومؤتمرات صحفية بشكل مُتكرر، ملصقات في الشوارع، عشرات الآلاف من المنشورات، النشر في الموقع الإلكتروني الأوسع انتشاراً والتعبئة الواسعة للمجتمع… كل ذلك يجعل جزءاً كبيراً من المدينة مدركاً لما هو (مخطط له) و (لماذا).
? التدريب الجماعي والتنظيم الجماعي:
يوجد بضعة آلاف من الناس ممن تلقوا تدريبات في المدارس او الكنائس والندوات. وبشكل معقول فإن آلاف الناس قد انخرطوا بشكل مباشر في التنظيم: كجماعات المصالح جماعات العمل (النقابات والاتحادات) والندوات الجماهيرية.
? اللامركزية:
التنظيم الجماعي لا يعني أن تلك الجماعات ينبغي أن تكون من تنظيمٍ أو شبكةٍ واحدة. فالمتحالفين يمكن أن يدعموا الاستراتيجية ويشاركوا في الفعل دون حضور اجتماع تنظيمي أو بذل جهد للتعريف بهم مثلما قد تفعل نواة أو قلب لتنظيم. ويمكن أن نعمل عبر مختلف القطاعات على تطوير علاقات الإحترام والتفاوض على الإتفاقات في الوقت المناسب في فضاء الفعاليات؛ كما نعمل على وضع الاستراتيجيات والتعاون كلما كان ذلك ممكناً في إطارٍ عامٍ للفعل.
العناصر الأساسية للتنظيم الاستراتيجي
? الكفاح لأجل السلطة
? استخدام منظور أو رؤية السوق أو رؤية الصناعة، وليس رؤية قائمة على كل موقعٍ على حدة.
? خطة للتعامل مع اقتصاديات المصنع أو المؤسسة، بما في ذلك “التعريف للسوق”، ومقاربة لاحتواء إزدياد العمالة وتكاليف العمل التجاري.
? أن نضع معاً سلسلة واسعة من التكتيكات، متضمنةً الفعل المُباشر من قبل العمال والمقاربات القانونية والإجرائية والبحوث المكثفة والمداخل التضامنية والحملات السياسية والمجتمعية التي يجب أن تكون ذات جدوى.
? التركيز على اتفاقات الصناعة الواسعة حسب معرفة كل موقع.
? خطة طويلة المدى للهيمنة على الصناعة / جغرافيتها؛ وتعريف قصير المدى للأهداف بُغية تقسيم خطة السيطرة على الصناعة أو المؤسسة لعدة خطوات.
? تحديد الحوافز الإيجابية للتسويات حيثما كان ذلك ممكناً.
منهجيات التخطيط الاستراتيجي
? تحديد المشكلة ? الافتراضات، الحقائق، الجذور، المصادر والروايات يجب أن تكون واضحة.
? تأسيس هدف استراتيجي ? ويعرف بإسم “الحل” أو “المعالجة للمشكلة”.
? تقييم الموارد والوضع ? النظر لكل العوامل في عالمك وعالم خصومك.
? معرفة الخصم ? نقاط القوة، نقاط الضعف، التاريخ، المصالح، الموارد، الخطط والثغرات.
? معرفة المؤيدين ? نقاط القوة، نقاط الضعف، التاريخ، المصالح، الموارد والخطط.
? وضع خريطة لحلفاءك والمناخ السياسي ? الثغرات
? التحليل الشبكي للخصم ? انظر للفرص مُستهدفاً السلطة، لأن ما يُمكن أن نأتي به كجديد فيما يتصل بالوضع أو العلاقات إما أن يكون جزرة أو عصا. فيجب أن نركز هنا على ما هو مُمكِّن أكثر من تركيزنا على المقاصد. لأن المقاصد تتغير.
? المشاركة الجماهيرية ? اجعل الناس يشاركون عبر خطوات بسيطة وسهلة؛ لأن ذلك يبني النجاح والثقة ويجعل الناس في حالة حراك.
? فعاليات الأزمة ? لا سيما، الفعاليات التي تجعل شكل الخصم يبدو سيئاً إذا ما حاول منعك من القيام بها، فهنا إما أن يسمحوا باستمرار الفعالية، أو يقوموا بتلبية المطالب، أو يتصرفوا بطريقة تجعلهم يفقدون حلفاءهم أو مصداقيتهم.
? الإحتواء ? يجب أن نكون واعين بمشاكلنا الداخلية: نقاط الضعف، والثغرات، نزعة اختلاق الاضطهادات، الفساد، العنف في مستوى القيادة… إلخ. إن بعض مستويات العنف المؤكدة، أو الفساد والقمع، تعمل على تدمير الحركات داخلياً وخارجياً.
تطوير الخطة
بمجرد ان تفهم عالم خصمك، يُمكِّنك أن تقوم بتطوير خُطتك بشكلٍ فعالٍ. كما يُمكِّنك أن تبدأ بتحديد الجهة التي تملك سلطة القرار (شخص أو مستوى قيادي معين) وإذا ما كنت تُريد التركيز عليها أم على المؤسسات التي يمثلونها؟ إذ يجب ان تُركِّز في البداية على السلوك والسياسة وليس على الأشخاص. ومع مرور الوقت إذا لم يحدث تحول في الأشياء المطروحة، يُمكنك أن تُركِّز حينها على الأشخاص. فإذا ما قررت التحول للتركيز على الأشخاص، فإن الوصول لتسوية يصبح أكثر صعوبة. الطريق الأعلى هو الخيار الأفضل دائماً، لكن بمرور الوقت إذا لم يحدث تغيير، فالتطور تجاه مرحلة من الضغط والأزمات مهم للغاية.

ترجمة وإعداد المدرب: علاء الدين أبومدين

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..