مقالات وآراء سياسية

جدل العلاقة مع إسرائيل

أسماء جمعة

ظل السودان على قطيعة مع إسرائيل منذ أن تأسست على أرض فلسطين وأصبحت واقعاً رغم أنف الجميع، وإسرائيل لم تصبح دولة على أرض الواقع إلا بسبب تخاذل العرب والمسلمين، ولسنا بمجال أن نحكي عن ظهور إسرائيل فتلك حقيقة انتهى أمرها و فرضت نفسها، ولكن يظل جدل التعامل معها هو هاجس كل الدول العربية والإسلامية ومنها السودان، مع إن هذا الأمر لم يمنع كثيراً من هذه الدول أن تبني علاقات معها حتى وإن لم تكن واضحة بما فيها فلسطين نفسها، إلا السودان فقد ظل الدولة الوحيدة التي ظلت علاقتها بإسرائيل مقطوعة رسمياً بالرغم من إنه سبق وأن قدم لها جميلاً لا ينسى وهو نقل الفلاشا

ما زال موضوع التطبيع مع إسرائيل يتسيَّد النقاشات منذ أن قابل رئيس المجلس السيادي الرئيس الإسرائيلي قبل حوالى أسبوعين وما زالت الصحف تخرج بالعناوين العريضة، وكثير من الجدل ما زال يدور بين مؤيد ومعارض أصوات تنادي بالتطبيع وأخرى ترفض ولكل مبرراته، وأعتقد إن هذا الجدل ما كان له أن يحدث إن كانت الحكومة الحالية ورثت دولة تتمتع بالديمقراطية ولها مؤسسات سياسية فاعلة، وبلا شك سيظل الجدل مستمراً حتى ترسو مؤسسات الدولة وتتحقق الديمقراطية وينفك السودان من كثير من العوارض.

الوضع الذي يعيشه السودان الآن غير طبيعي واستثنائي و لا يجب أن تفتح الحكومة باب الجدل حول العلاقة مع إسرائيل، فالقضية المهمة الآن هي كيف يمكن الخروج من ورطة اللا دولة التي يعيشها السودان، فهو الآن منهار اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً، تحول من وطن كبير ومأهول بشعب عظيم إلى وطن صغير يعاني الفقر والتخلف، وشعبه مفرق بين أصقاع الدنيا، فماذا سيستفيد من علاقته مع إسرائيل هذه الدويلة الظالمة المثيرة للجدل والمشاعر، وهو عاجز من أن يستفيد من وجوده كدولة لها وضع خاص وفريد تتوسط أفريقيا والعالم العربي ومعبر لكل العالم، ثم أن إسرائيل دولة تستغل ولا تعطي دون مقابل .

أعتقد إن الوقت الآن غير مناسب للحديث عن إقامة علاقة مع إسرائيل ولننتظر حتى يعود السودان وطناً محكوماً بأمر الشعب وينهض اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً ويصبح دولة لها وزنها في المنطقة حينها سيكون مثل هذا المطلب منطقياً لأن المصلحة القومية هي التي ستوجه دفة علاقاته الدولية، ولتركز الحكومة الآن في بناء علاقات مع دول الجوار التي هي جزء منا ونحن جزء منها أولاً.

أعتقد أن السودان في حاجة إلى تحقيق مطلب واحد فقط وهو كيف يمكن استعادة نفسه وشعبه ثم كيف يمكن إعادة بنائه على أسس قومية متينة يجتمع فيه كل السودانيين على أساس المواطنة فقط، أما العلاقة مع إسرائيل فهي ليست أولوية في الوقت الراهن فاتركونا منها وانتبهوا لما هو أهم محاربة الفساد الذي تركه النظام المخلوع ومحاربة التمكين وتحقيق أهداف الثورة الحرية والسلام والعدالة.

أسماء جمعة

التيار

تعليق واحد

  1. لك كل الاحترام استاذة اسماء . والله الحكومة دي حيرتنا بقت زي الورق الشايلوا الهواء مرة تلقاها جنبك ومرة تعاين ليها بعيد منك وفجاة تلقاها فوق راسك . هسع ده وكت تطبيع والناس اعيتها الصفوف؟

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..