ترامب والإمارات استثمار وتأثير

✍️ محمد هاشم محمد الحسن.
في محطة فارقة ضمن جولته الشرق أوسطية، لم تكن زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إلى الإمارات مجرد لقاء عابر، بل كانت تجسيداً لشراكة استراتيجية عميقة تتجاوز الأطر التقليدية، وتضع لبنات لمستقبل يحركه الذكاء الاصطناعي والاستثمار الضخم. هذه الزيارة كشفت عن مكانة خاصة لدولة الإمارات، ولقائدها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، في حسابات ترامب، مكانة بدت تتشكل حتى قبل وصوله إلى البيت الأبيض، حيث تشير تقارير إلى دعم إماراتي لترامب منذ حملته الانتخابية الأولى، على عكس ما قيل عن ميل السعودية وقطر لدعم كامالا هاريس في أوقات سابقة، مما يضيف عمقاً استثنائياً للعلاقة.
جوهر الزيارة تمثل في الإعلان المذهل عن عزم الإمارات استثمار 1.4 تريليون دولار في الولايات المتحدة خلال العقد المقبل. هذا الرقم الفلكي ليس مجرد التزام مالي، بل هو شهادة على رؤية الإمارات الطموحة للانتقال من اقتصاد يعتمد على النفط إلى اقتصاد المعرفة والذكاء الاصطناعي. تضمنت الصفقات المبرمة، استثمارات ضخمة في قطاعات حساسة واستراتيجية. ولعل أبرزها اتفاقية إطار العمل التكنولوجي التي قد تمنح أبوظبي وصولاً موسعاً إلى رقائق الذكاء الاصطناعي المتقدمة من الولايات المتحدة، مع خطط لاستيراد 500 ألف رقاقة Nvidia سنوياً. هذا التوجه يؤكد أن الإمارات لا تسعى فقط لجذب الاستثمار، بل لتكون مركزاً عالمياً للتكنولوجيا المستقبلية، وتحول الصحراء إلى وادي سيليكون جديد.
ما ميز هذه الزيارة، هو الكيمياء الشخصية والتقدير الواضح الذي أظهره ترامب للشيخ محمد بن زايد. تجاوزت تصريحات ترامب مجرد المجاملات الدبلوماسية، لتصف الشيخ محمد بـ (الصديق الجيد)، و (المحارب العظيم)، و (الرجل القوي جداً واللامع، صاحب الرؤية). هذه الأوصاف، إلى جانب الإشارة إلى العلاقة الخاصة بين البلدين، تبرز عمق الثقة المتبادلة وتؤكد أن هناك تفاهمًا شخصيًا يتجاوز العلاقات البروتوكولية.
منح الشيخ محمد بن زايد لترامب وسام الشيخ زايد، أرفع الأوسمة في الإمارات، لم يكن مجرد تكريم، بل كان اعترافاً بالدور الذي لعبه ترامب في تعزيز هذه الشراكة الاستراتيجية.
على الرغم من أن البيان الرسمي للزيارة لم يبرز ملف السودان بشكل مباشر، إلا أن الأطراف الفاعلة في السياسة الأمريكية والشرق أوسطية تدرك جيداً نفوذ الإمارات في هذا الملف الشائك. فكما تُعتبر السعودية لاعباً محورياً في الملف السوري وقطر وسيطاً لا غنى عنه في ملف غزة، يمكن القول إن ملف السودان يقع ضمن دائرة اهتمام ونفوذ الإمارات. فالتقارير المتواترة حول دعم الإمارات لأحد الأطراف المتصارعة في السودان، إلى جانب مصالحها الاقتصادية والاستراتيجية في القرن الأفريقي، تجعلها لاعباً حاسماً في أي معادلة سلام مستقبلية هناك. هذا النفوذ يؤهلها، بحكم الواقع، لتكون المفتاح لحل الأزمة، حتى لو لم تعلن ذلك صراحة.
زيارة ترامب للإمارات كانت بمثابة تأكيد على أن العلاقة بين البلدين تتعدى صفقات الأسلحة التقليدية أو التحالفات الأمنية المعتادة. إنها شراكة تتطلع إلى المستقبل، حيث تستثمر الإمارات بشكل غير مسبوق في أسس الاقتصاد الأمريكي الجديد (الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا)، مدعومة بثقة سياسية وعلاقة شخصية قوية مع قادة مؤثرين. هذه الشراكة ليست مجرد مصلحة اقتصادية، بل هي رؤية استراتيجية لدولة تسعى لترسيخ مكانتها كقوة إقليمية وعالمية في عصر ما بعد النفط، مستفيدة من نفوذها الاقتصادي والدبلوماسي لتعزيز مصالحها وتحقيق رؤيتها الطموحة.
احسنت . دور الامارات هو اخراج السودان من عنق الزجاجة .و عند الانتصار ستسهم الإمارات في بناء السودان الجديد
وهل تعتقد أن هذه الدولة بمثل هذه النزعة الموغلة في العدوانية والشغف المسعور بتحطيم وتدمير وتقسيم الدول العربية والإسلامية منعا لثورات شعوبها وتطلعها الى الحرية والديمقراطية (اليمن والصومال وليبيا وحتى ما فعاته في مصر وتونس نموذجا) وسعارها في الإستيلاء على ثروات الشعوب الضعيفة، هل ستكون ثروتها وقوتها إضافة أو خصما على البشرية؟
هذا هو المنحى المهم للحديث فيه وليس المطلوب هو التغزل في ثروة يتم تحصيلها غلابا ونهبا من تحطيم الدول، وقوة يتم توظيفها في العدوان على الشعوب والدول الضعيفة لتمزيق دولها ونهب ثرواتها امراكمة مزيد من المال والقوة للأضرار بالناس وأهلاك الحرث والنسل!
{ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون}