مقالات سياسية

ومتى خرجت المساجد من السياسة؟

اضطر الداعية المعروف عبد الحي يوسف لإصدار بيان مصوّر أشبه بالاعتذار عن ما حدث عقب صلاة الجمعة بمسجد سيد المرسلين الذي يؤم فيه المصلين بحي جبرة، والمقاطع المصورة من داخل المسجد وخارجه ليست فيها شك أو ريبة، الهتاف الذي علا داخل المسجد كان هو الأعنف منذ تفجر الاحتجاجات، هتاف كاد أن يهز أركان المبنى، وهذا لا تكذبه عين أو أذن.

منذ قبل تفجر الاحتجاجات في عطبرة وقبلها بورتسودان والدمازين، كانت صفحة عبد الحي في موقعي “فيسبووك” و “تويتر” تنشط باستمرار منتقدة الوضع الاقتصادي والسياسي، كانت الصفحات تنشر مقاطع مصورة لعبد الحي يوسف وهو يتحدث عن الاستبداد والحاكم الظالم والحرية.. الخ.

وحينما انفجرت عطبرة في التاسع عشر من ديسمبر كان عبد الحي من الأوئل الذين تحدثوا بصوت جهير ضد القمع وسفك الدماء داعماً تنشيط “الهاشتاق” الأكبر “مدن السودان تنتفض”، بل وخطب في الناس حول هذه المفاهيم والمعاني، لكن يبدو أن ما حدث عقب صلاة الجمعة الأخيرة فاجأ عبد الحي نفسه وربما لم يتوقعه البتة، فجاء ببيان كذَب كل ما رآه الناس بأم أعينهم، وكان بالإمكان أن يخلي مسؤوليته فقط مما حدث لأن الأمر صدر من المصلين وليس منه. ولا أحد يعلم ما السر في بيان تكذيب ما حدث، لكن المهم هو الحديث عن أن المساجد ليست ساحة لتأييد مواقف سياسية أو غيره.

متى خرجت مساجد السودان من السياسة، منابر المساجد في هذا العهد، تحولت لأحزاب وكتل سياسية ومجموعات ضغط، تُجهض اتفاقيات وتمرر أخرى، تضرب هذا وتحتضن ذاك، وفقاً لخارطة الحكومة، وهذا لا يحتاج كثير حشد من الحجج والدلائل، هي ذات المساجد التي تنطلق منها حملات الكراهية والتخوين ضد الذين تُصنفهم الحكومة وفقاً لمعاييرها.

قبل نحو عامين،  في المغرب، اهتزت الأرض هناك بما يُعرف بـ “حراك الريف” وهو حراك مطلبي يرفع شعارات التوزيع العادل للتنمية، ولأن الحكومة لا تريد مخاطبة أزمتها، حاولت شيطنة قادة هذا الحراك، ووظفت خُطب بعض المساجد للعمل ضده. ناصر الزفزافي أحد قادة هذا الحراك، حينما وصف خطيب المسجد مطالب المواطنين في الريف بـ “الفتنة” لم يكن أمام الزفزافي إلا مهاجمة الإمام ووصفه بالدجال والكذاب، الزفزافي تلا خطبة ملتهبة داخل المسجد، واعتقل بعدها ولا يزال خلف القضبان.

القضية ليست سياسة، هي معركة حق وباطل، ظالم ومظلوم، قاتل ومقتول.

التيار

تعليق واحد

  1. اوكى تمام ..نلتزم بأن لا تكون في المساجد سياسة ..فهل هم يلتزمون ؟ فاليسأل الكارورى ، وليسأل عصام وبقية ائمتهم في المساجد التي يوظفونها منذ أيام حرب الجنوب حتى خلاف الترابى ، حتى معارضة اليسار ونداء السودان والتجمع ، كانت كل المساجد تعبأ ضد المعارضين والآن لأن المعارضين هتفوا من داخل المسجد ضد الحكومة تخرجون لنا وتقولون ( ما دايرين سياسة في المساجد ) ما هذا الكيل بمكيالين ، هل انا قلت مكيالين ، بل الصحيح بألف مكيال .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..